من الواضح أن المفاوضات مع حكومة آبى أحمد فى أديس أبابا حول السد لا تؤدى إلى شيء، سواء كانت بين الدول الثلاث.. مصر والسودان وإثيوبيا.. بشكل مباشر فى البداية، أو كانت فى واشنطن برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي في مرحلة تالية، أو كانت هنا على أرض القارة السمراء برعاية الاتحاد الأفريقى في مرحلة ثالثة هي المرحلة الحالية!
فالطبيعي في أي مفاوضات أن تقود إلى نتيجة مهما طالت.. إلا المفاوضات مع الجانب الإثيوبي.. فإنها تحولت، مع مرور الوقت، ليس إلى مشروع اتفاق بين أطرافها، ولكن إلى عملية عبثية لا طائل من ورائها، بل تحولت لدى الطرف الإثيوبى إلى هدف في حد ذاتها!
فما العمل؟!.. يرى المهندس شريف عفت، فى رسالة منه، أن العمل إزاء وضع عبثي من هذا النوع هو أن تعلن القاهرة عن وقف المفاوضات تماما مع إثيوبيا، وأن تتوجه بعدها إلى مجلس الأمن فى الأمم المتحدة بهدف محدد هذه المرة، وأن يقترن ذلك كله بغضب ظاهر لعل العالم ينتبه إلى خطورة الموقف!
ويشرح فكرته أكثر فيقول إن وقف التفاوض سوف يجعل إثيوبيا تشعر بأنها أمام موقف خطر، وسوف تستشعر خطورة اتخاذ خطوة كهذه من جانب المفاوض المصرى طويل البال، وسوف يستشعر الاتحاد الأفريقى معها نفس الشيء، ومعهما سوف يرى المجتمع الدولي أن الصلف الإثيوبي يهدد السلم والأمن في شرق أفريقيا كله، وأن السكوت من جانبه على التعنت الإثيوبى خطأ وخطر!
وأما الذهاب إلى مجلس الأمن، فالهدف منه أن نطلب تطبيق الباب السابع فى ميثاق الأمم المتحدة على الحكومة الإثيوبية، وهو باب يسمح باستخدام القوة فى الحالات التى ترى فيها الأمم المتحدة تهديدا للسلم والأمن الدوليين!.. لقد ذهبنا إلى المجلس من قبل، ولم نطلب هذا الطلب لأننا كنا نتصور أن حكومة آبى أحمد ستكون على قدر المسؤولية!
وهل سيجد المجلس تهديدا للسلم والأمن الدوليين أكثر من تهديد 150 مليون إنسان فى مصر والسودان معا بخطر الموت عطشا؟!.. ثم إن طرح مثل هذا الطلب أمام المجلس فى نيويورك سوف يعطينا فرصة نضع فيها أعضاءه.. وبالذات الأعضاء الخمسة الدائمين.. أمام مسؤولياتهم الدولية والإنسانية على السواء!
هذا هو ملخص الرسالة، وهي لا تخلو من وجاهة ولا من منطق، ونحن أحوج ما نكون الآن إلى مخاطبة الطرف الإثيوبي بهذه اللهجة الخشنة، بعد أن أخذت اللهجة الناعمة حيزها واستغرقت وقتها!