حكمت الملكة كليوباترا السابعة مصر القديمة لمدة 3 عقود كوصي مشترك؛ أولاً مع والدها، ثم مع شقيقها الأصغر، وأخيراً مع ابنها. واستطاعت بفضل تعليمها الجيد وذكائها أن تتحدث لغات مختلفة، وتحكم مصر من خلال تحالفاتها العسكرية والعاطفية مع القائدين الرومانيين يوليوس قيصر ومارك أنتوني.
بالإضافة إلى جمالها الغريب والشهير اكتسبت كليوباترا مكانة لا منافس لها في التاريخ والأساطير الشعبية.
نتطرق في هذا التقرير إلى جوانب من شخصية وحياة الملكة المصرية الشهيرة، والتي تختلف قليلاً عما يتم تداوله في المخيلة الأدبية والفنية لسيرة كليوباترا.
إليك 10 حقائق غير معروفة عن كليوباترا
1- كليوباترا لم تكن مصرية
رغم أن كليوباترا وُلدت في مصر، فإن أصول عائلتها ترجع إلى اليونان المقدونية، وبطليموس الأول سوتير، أحد جنرالات الإسكندر الأكبر.
تولَّى بطليموس زمام الحكم في مصر بعد موت الإسكندر عام 323 قبل الميلاد، ودشَّنَ سلالةً من الحكَّام المُتحدِّثين باليونانية، استمرَّت لقرابة ثلاثة قرون.
ورغم أنها لم تكن مصريةً عرقياً فإن كليوباترا تبنَّت الكثير من العادات القديمة في بلادها، وكانت أول فردٍ في السلالة البطلمية يتعلَّم اللغة المصرية.
2- وُلِدَت من زواج إخوة
مثل العديد من السلالات الملكية، كثيراً ما تزوَّجَ أفراد السلالة البطلمية من بعضهم من أجل الحفاظ على نقاء سلالة الدم.
تزوَّج أكثر من عشرة من أجداد كليوباترا من بنات عمومتهم وشقيقاتهم، ومن المُرجَّح أن أبويها كانا أخاً وأختاً، بحسب ما نشر موقع History.
وللحفاظ على هذا التقليد، تزوَّجَت كليوباترا في نهاية المطاف من أخويها المُراهِقَين، وكان كلٌّ منهما بمثابة الزوج وصاحب الوصاية المشارك في أوقاتٍ مختلفة خلال فترة حكمها.
3- لم يكن جمال كليوباترا أهم ما لديها
صوَّرَت الدعاية الرومانية كليوباترا باعتبارها امرأةً مُغرِيةً فاشلة، استخدمت جاذبيتها الجنسية كسلاحٍ سياسي، لكنها تشتهر بذكائها أكثر من مظهرها.
فقد تحدَّثَت 12 لغة، وكانت على دراية بالرياضيات والفلسفة والخطابة وعلم الفلك، ووصفتها المصادر المصرية لاحقاً بأنها حاكمةٌ “قدَّرَت قيمة الدارسين واستمتعت بصحبتهم”.
وهناك دليلٌ أيضاً على أن كليوباترا لم تكن تتمتَّع بجسدٍ مُدهِش كما اعتُقِدَ من قبل. إذ تُظهِرها العملات المعدنية التي تحمل صورتها بملامح رجولية وأنفٍ كبيرٍ ومعقوف، مع أن بعض المؤرِّخين يؤكِّدون أنها صوَّرَت نفسَها بهذا الشكل الرجولي عن عمدٍ لاستعراض قوتها.
ومن جانبه، يدَّعي الكاتب القديم بلوتارخ، أن جمال كليوباترا “لم يكن فريداً على الإطلاق”، وأن صوتها المعسول و”سحرها الذي لا يُقاوَم” هما ما جعلاها مرغوبة.
4- تسببت في موت 3 من أشقائها
كان الاستيلاء على السلطة ومؤامرات القتل أشبه بتقليدٍ بطلميٍّ، مثل الزواج من أفراد الأسرة، ولم تكن كليوباترا وإخوانها وأخواتها استثناءً لهذه القاعدة.
طردها شقيقها وزوجها الأول، بطليموس الثالث عشر، خارج مصر، بعدما حاوَلَت الاستحواذ على العرش، وتواجها في حربٍ أهلية.
استعادت كليوباترا اليد العليا من خلال التعاون مع يوليوس قيصر، وغرق بطليموس في نهر النيل بعد هزيمته في المعركة.
وبعد الحرب، تزوَّجَت كليوباترا مرةً أخرى أخاها الأصغر بطليموس الرابع عشر، ولكن يُعتَقَد أنها أمرت بقتله في محاولةٍ منها لتمهيد الطريق لابنها.
وفي العام 41 قبل الميلاد، خطَّطَت أيضاً لإعدام أختها، أرسينوى الرابعة، التي كانت تُعتَبَر مُنافِسةً على العرش.
5- عرفت كليوباترا كيف تقنع الآخرين
اعتقدت كليوباترا أنها إلهة حيَّة، وكثيراً ما استخدَمَت خيالها المسرحي الذكي لجذب الحلفاء المُحتَمَلين وتعزيز مكانتها الإلهية.
مثالٌ شهيرٌ على ميلها لاستخدام الخيال المسرحي كان في العام 48 قبل الميلاد، حين وَصَلَ يوليوس قيصر إلى الإسكندرية خلال نزاعها مع أخيها بطليموس الثالث عشر.
ومع علمها بأن قوات بطليموس تسعى لإحباط محاولاتها للالتقاء بالجنرال الروماني، لفَّت كليوباترا نفسها في سجَّادةٍ -بعض المصادر تقول في كيسٍ حريري- وهُرِّبَت إلى مقرِّه الشخصي.
ذُهِلَ القيصر برؤية الملكة الشابة في زيِّها الملكي، وسرعان ما أصبح الاثنان حليفين وعاشقين. استخدَمَت كليوباترا في وقتٍ لاحق أيضاً بعضاً من الخيال المسرحي المشابه في لقائها عام 41 قبل الميلاد بماركوس أنطونيوس.
حين استُدعِيَت للقاء الحاكم الروماني في طرسوس، قيل إنها وصلت في بارجةٍ ذهبيةٍ مُزيَّنةٍ بأشرعةٍ أرجوانية ومجاديف من الفضة. تهيَّأت كليوباترا لتبدو وكأنها الإلهة أفروديت، وجلست تحت مظلةٍ ذهبية بينما التفَّ حولها الحاضرون الذين ارتدوا زيَّ كيوبيد وحرقوا بخوراً ذا رائحة زكية.
وقد سُحِرَ أنطونيوس، الذي كان يعتبر نفسه تجسيداً للإله اليوناني ديونيسوس، على الفور.
6- كانت تعيش في روما في وقت اغتيال القيصر
انضمَّت كليوباترا إلى يوليوس قيصر في روما بدايةً من العام 46 قبل الميلاد، وبدأ وجودها يتسبَّب في بعض الأزمات.
لم يُخفِ قيصر أنها كانت عشيقته -حتى إنها جاءت إلى المدينة بصحبة ابنهما المحبوب قيصريون- وصُدِمَ الكثير من الرومان حين أقام قيصر لها تمثالاً مذهباً في معبد فينوس جينيتريكس.
أُجبِرَت كليوباترا على الرحيل عن روما بعدما قُتِلَ قيصر طعناً حتى الموت في مجلس الشيوخ، عام 44 قبل الميلاد، لكن بحلول ذلك الوقت كانت قد وضعت بالفعل بصمتها على المدينة.
أصبحت تسريحة شعرها الغريبة ومجوهراتها اللؤلؤية من صيحات الموضة، ووفقاً للمؤرِّخة وعالمة المصريات جوان فليتشر، فإن “الكثير من الرومانيات تبنّين مظهر كليوباترا، إلى درجة أنه كان يُظنّ خطأً أنهن كليوباترا نفسها”.
7- كليوباترا وماركوس أنطونيوس أسَّسا نادياً للشراب
بدأت كليوباترا قصة حبها الأسطورية مع الجنرال الروماني ماركوس أنطونيوس في العام 41 قبل الميلاد، وكان لعلاقتهما مُكوِّنٌ سياسي، إذ كانت كليوباترا بحاجةٍ إلى أنطونيوس لحماية تاجها وللحفاظ على استقلال مصر، بينما كان أنطونيوس بحاجةٍ إلى الوصول إلى موارد مصر الغنية، لكنهما اشتهرا بقصة غرامهما.
ووفقاً لمصادر قديمة، فقد قضيا شتاء 41-40 قبل الميلاد بترف في مصر، حتى إنهما أسَّسا ناديهما الخاص للشراب.
كان هذا المجتمع الصغير يقضي الاحتفالات ليلاً في شرب النبيذ، وشارك أعضاء النادي أحياناً في ألعابٍ ومسابقاتٍ مُعقَّدة.
ويُفتَرَض أن أحد الأنشطة المُفضَّلة لدى كليوباترا وأنطونيوس كان التجوُّل في شوارع الإسكندرية خفيةً وتدبير المقالب لسكَّانها.
8- قادت أسطولاً في معركةٍ بحرية
تزوَّجَت كليوباترا في نهاية المطاف من ماركوس أنطونيوس، وأنجبا ثلاثة أطفال، لكن علاقتهما ولَّدَت فضيحةً كبرى في روما.
استخدَمَ أوكتافيوس، منافس أنطونيوس، دعايةً تُصوِّره خائناً وَقَعَ تحت سيطرة إغراءٍ مُخطَّط، وفي العام 32 قبل الميلاد أعلن مجلس الشيوخ الروماني الحرب على كليوباترا.
بَلَغَ الصراع ذروته في العام التالي في معركةٍ بحريةٍ شهيرة في أكتيوم. وقادت كليوباترا بنفسها عشرات السفن الحربية المصرية في المعركة، إلى جانب أسطول أنطونيوس، لكنهما لم يتمكنا من مجابهة أسطول أوكتافيوس.
وسرعان ما آلت المعركة إلى هزيمةٍ، واضطرَّت كليوباترا وأنطونيوس إلى الفرار إلى مصر.
9- لم تمُت من لدغة أفعى سامة
من المعروف أن كليوباترا وأنطونيوس انتحرا عام 30 قبل الميلاد، بعدما لاحقتهما قوات أوكتافيوس حتى الإسكندرية.
وبينما قيل إن أنطونيوس طَعَنَ نفسه في المعدة، كان أسلوب انتحار كليوباترا أقل تأكيداً.
تقول الأسطورة إنها ماتت بعمر 39 عاماً، بعد أن جلبت أفعى سامة -والأرجح أنها كانت كوبرا مصرية- لتلدغها في ذراعها، لكن المؤرِّخ بلوتارخ يقِرُّ بأن “ما حدث بالفعل ليس معروفاً لأحد”.
ويوضح أن كليوباترا كانت تخفي سماً في مشط شعرها، ويلاحظ المؤرِّخ سترابو أنها ربما استخدمت “مرهماً” ساماً.
لذا يشكَّ الكثير من الباحثين في أنها استخدَمَت دبوساً مغموساً في سمٍّ قوي.
10- الفيلم الذي عُرِضَ عنها عام 1963 كان أحد أكثر الأفلام تكلفةً في التاريخ
يُعَدُّ فيلم Cleopatra الملحمي، الذي لعبت إليزابيث تايلور دور البطولة فيه عام 1963، أشهر الأفلام عن الملكة المصرية.
اصطدم الفيلم بمشكلاتٍ في الإنتاج وكتابة السيناريو، وتصاعدت ميزانيته من 2 مليون إلى 44 مليون دولار، بما في ذلك 200 ألف دولار لتغطية نفقات ملابس تايلور وحدها.
كان ذلك أعلى الأفلام تكلفةً في وقت عرضه، ما كاد يتسبَّب في إفلاس الاستوديو الذي قام بتصويره، رغم ما راكَمَه من ثروةٍ في شباك التذاكر.
وبوضع التضخُّم في الاعتبار، يظلُّ فيلم Cleopatra أحد أكثر الأفلام تكلفةً في التاريخ حتى يومنا هذا.