فريق العمل —–
يعتقد البعض أن الفيبروميالجيا (المرض العضلي الليفي) مرض غير حقيقي. وذلك لأنه مرض صعب التشخيص، لا يوجد اختبار معملي لتشخيصه، حتى إنه يطلق عليه «المرض الخفي». فالمريض يبدو ظاهريًّا طبيعيًّا، بينما يكمن الأمر في الداخل، لكن المجتمع الطبي أصبح يقرُّ بالفيبروميالجيا على أنه مرض حقيقي. ويعاني 3 إلى 6% من سكان العالم من الإصابة به، ويمكن أن يصيب هذا المرض أي شخص، حتى الأطفال، لكنه أكثر شيوعًا في البالغين، وما يزيد على 75% من المصابين به؛ نساء.
والفيبروميالجيا مرض يطلق على الألم الذي يجتاح العضلات الهيكلية، ويسبب الإحساس العام بالتعب والقلق، واضطرابات النوم وصعوبة الحركة، ويكون مصحوبًا باضطراب القولون، والاكتئاب.
ويؤثر الفيبروميالجيا في عدة أجهزة، وما يميزه عن غيره من الأمراض؛ هو الألم الذي ينتاب المريض في مناطق متفرقة من الجسد، عندما يضغط الشخص على مناطق الألم. وتتشابه أعراضه مع أمراض المناعة الذاتية، تلك التي تحدث عندما يهاجم الجسم نفسه بالخطأ.
ويصاب المرضى بالخشونة الصباحية (تيبس العظام في الصباح)، والإحساس بالألم عند المصافحة، أما ثاني الأعراض الواضحة فهو الإحساس بالتعب والإرهاق الذي لا يشبه ذلك الذي ينتابنا بعد يوم عمل مرهق، بل هو تعب يمتد حتى بعد الاستيقاظ من النوم ونيل قسط من الراحة. ويزداد الإحساس بالإرهاق بعد العمل، أو بعد الأنشطة البدنية، كما يصاب بعض المرضى بحالة تشوش، وضبابية في التفكير.
آلام متفرقة لا نعرف سببها!
تصاب النساء أكثر من الرجال بالمرض بنسبة تصل إلى 10 مرات، خاصةً في الفترة بين سن الخامسة والعشرين والستين. ولا يعرف الأطباء سبب الإصابة بالمرض، فسببه غير معروف كليًّا. لكن بعض الأبحاث تقول إنه ربما يكون خطأً في الكيفية التي يُدرك بها الجسم الألم. فيعتقد بعض الباحثين أن سبب المرض هو اضطراب كيميائي يؤثر في كيفية استقبال الأعصاب للألم، ويعتقد آخرون أن السبب هو صدمة جسدية، أو عدوى، أو أسباب جينية، لكن لم تُحدد جينات بعينها. فيما تقول أبحاث أخرى إنه مرض يخضع لعدد من الأسباب المتداخلة.
تاريخ من الألم غير المفهوم
والفيبروميالجيا ليس مرضًا جديدًا بل كان موجودًا منذ قرون، لكنه كان يعد مرضًا نفسيًّا. ففي بدايات القرن الثامن عشر، اعتبر من الأمراض الروماتيزمية، التي تسبب الألم، والتعب الجسدي، واضطرابات النوم، لكنه لم يعد يتبع الأمراض الروماتيزمية؛ فهو لا يسبب التهاب المفاصل أو الأنسجة، وأطلق عليه اسم فيبروميالجيا عام 1976.
في عام 2019 وُصفت المعايير التي يمكن على أساسها تشخيص المرض، وهي ألم مستمر لمدة ثلاث شهور في مناطق متفرقة، بالإضافة إلى اضطرابات في النوم، والتعب، وأصبح له أطباء متخصصون فيه.
كيف تؤثر الفيبروميالجيا في الحياة الجنسية للمصاب؟
يؤثر المرض العضلي الليفي من ضمن ما يؤثر في الحياة الجنسية للمريض، من ناحية أنه يسبب فقدان المريض للطاقة، وكذلك فقدان الرغبة وصعوبة الاستثارة، علاوة على آلام في الجهاز التناسلي، وعادةً ما يعاني المرضى من ألم أثناء العلاقة الجنسية، وصعوبة في الوصول إلى النشوة.
ولتفادي تلك الآلام يُنصح باستخدام مزلقات طبية، وتجريب أوضاع جنسية أخرى يقل فيها الألم، واللجوء إلى التدليك لتقليل الألم. وقد يصف لك الطبيب علاجًا هرمونيًّا لعلاج فقدان الرغبة، وينصح الأطباء المريض بالتحدث مع شريكه عن المرض ليتفهم الأمر.
مسكنات ونشاط بدني.. كيف يتعايش مريض الفيبروميالجيا معه؟
هذا الألم يذهب ويجيء، ولا يوجد له علاج واحد، لكن العلاجات المتوفرة تهدف إلى تقليل الألم، وتُستخدم لذلك المسكنات لتخفيف الآلام المتوسطة، وأشباه الأفيونات مثل الترامادول، وبعض مضادات الاكتئاب. وذلك لأن ثلث مرضى الفيبروميالجيا مصابون بالاكتئاب. وكذلك مضادات التشنجات، مثل البريجابلين، وهو أول دواء صرحت به منظمة الغذاء والدواء، لعلاج الفيبروميالجيا، ومنع الخلايا العصبية من إرسال علامات الألم.
ويضطر المصاب بهذه الحالة إلى التعايش معها بممارسة الرياضة، ثلاث مرات أسبوعيًّا، والمشي، والسباحة أيضًا، وتمارين المقاومة، واليوجا، والتدليك. ومن اللازم لتحسين حالة المريض التعرف إلى العوامل التي تزيد الحالة سوءًا، مثل البرد والرطوبة، والنشاط البدني الزائد عن الحد أو الضئيل جدًّا. وكذلك قلة ساعات النوم.
ويرى بعض الباحثين أن مكونات بعض الأطعمة تزيد الحالة سوءًا، مثل سكر الأسبارتام، والطماطم، والكافيين، وجلوتامات أحادي الصوديوم، وينصح الأطباء مريض الفيبروميالجيا بزيادة فترات الراحة أثناء العمل، ومحاربة التوتر والاسترخاء، وتأجيل الأعمال غير الضرورية، وتوفير طاقته للمهام التي تحتاجها فعلًا.