نشر موقع «أوبينيو جوريس» مقالًا لمحمد هلال، الأستاذ المساعد في القانون في كلية موريتز، ومركز «ميرشون لدراسات الأمن الدولي» في جامعة ولاية أوهايو، والمستشار القانوني لوزارة الخارجية المصرية، سرد فيه تفاصيل المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، من وجهة نظر خبير ومطلع على ما خلف الكواليس.
منذ قرابة 10 سنوات، انخرطت مصر، وإثيوبيا، والسودان، في مفاوضات حول «سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)». كان الغرض الأساسي من هذه المفاوضات هو: التوصل إلى اتفاق يضبط عملية ملء خزان السد وتشغيله.
يقول هلال في مقاله الذي نشر مطلع مايو (أيار) الماضي: لم أشهد قط، طيلة مسيرتي المهنية، عملية كانت جوانبها التقنية والعملية أكثر تعقيدًا أو أعلى في مخاطرها السياسية، أو كان ثقلها التاريخي أثقل وطأة مما هي عليه الحال في هذه المفاوضات.
في مقالٍ مكونٍ من ثلاثة أجزاء، يشارك الكاتب القراء أفكاره حول هذه المفاوضات؛ إذ يقدم هذا الجزء الأول لمحة عامة عن المفاوضات التي استمرت لمدة عقد من الزمان حول سد النهضة. ويركز الجزء الثاني على الجولة الأخيرة من المفاوضات التي تمخضت عن صياغة اتفاقية نهائية بشأن السد، بتسهيلات أمريكية وبمساهمة تقنية من البنك الدولي، وقعتها مصر، ورفضتها إثيوبيا. وأخيرًا يناقش الجزء الثالث الإطار القانوني الذي يحكم هذه المحادثات مع التركيز خاصة على اتفاقية إعلان المبادئ عام 2015. وهو يؤكد في البداية أن ما يكتبه هنا لا يُعبر عن الحكومة المصرية، وإنما هي أفكاره الشخصية.
ما الذي يقود هذه المفاوضات حقيقة؟
يتابع هلال: بينما أتفكر في هذه المفاوضات شديدة التعقيد حول سد النهضة، أشعر بألم لأن ما يتكشّف أمامنا هو خيبة أمل مأساوية (على حد قول وودرو ويلسون). فلو كانت هذه المفاوضات تسترشد بالعلم والقانون، لكنا توصلنا إلى اتفاق قبل سنوات؛ لأن طريق الحل المربح للطرفين واضح. فالسد يهدف إلى تعزيز التنمية الإثيوبية، والحد من الفقر، ومن ناحية أخرى يخدم مصر البلد الفقير مائيًا، والذي يسكنه حوالي 100 مليون نسمة ويعتمد كليًا على النيل.
فإذا كانت المفاوضات تهدف إلى تشييد سد النهضة لتمكين إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية بسرعة واستدامة، دون الإضرار بالدول المشاطئة؛ فعندئذٍ يمكن التوصل إلى اتفاق. وكما سيناقش الكاتب في الجزء الثاني، فهناك اتفاقية عادلة ومتوازنة بوساطة جهات محايدة مطروحة بالفعل على الطاولة.
يستدرك الكاتب: المأساة هنا أن المفاوضات لا يقودها العلم ولا القانون في المقام الأول، وساهمت الاضطرابات السياسية أيضًا في إعاقة المفاوضات (شهدت البلدان الثلاثة شكلًا ما من أشكال تغيير النظام في السنوات العشرة الأخيرة). إضافة إلى أن الاعتبارات السياسية المحلية والانتخابية، خاصة في إثيوبيا التي تجري انتخاباتها هذا العام، جعلت التوصل إلى تسوية ملائمة أكثر صعوبة.
كما أن الشعور (المتخيَّل تمامًا) بالظلم التاريخي والشعور (المتوهم أيضًا) بالاستحقاق، والتصورات الشعبية والمفاهيم الخاطئة اجتمعت جميعها لتجعل من المفاوضات لعبة محصلتها النهائية صفر.
فضلًا عن ذلك، وعلى الرغم من أن المفاوضات ركزت على سد النهضة، أصبح من الواضح، بالنسبة لإثيوبيا، أن سد النهضة لم يكن سدًا لتوليد الطاقة الكهرومائية فقط، ولكن أيضًا وسيلة لوضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بالحق غير المنظم لاستغلال ثروات النيل الأزرق وبناء مشاريع المنبع.
يتابع الكاتب: أدرك الجميع عند الدخول في المفاوضات أن هذه العوامل ستجذب أطرافًا وتدفع آخرين وتؤثر على مواقفهم. ومع ذلك، كنت آمل أن تكون هناك إرادة سياسية أكبر من ذلك – خاصة من جانب إثيوبيا – للتوصل إلى اتفاق، واستعدادًا أكبر لاتخاذ موقف تعاوني.
ولكن ما رأيناه بدلًا عن ذلك هو: أحادية متعنتة؛ إذ بدأ بناء السد دون إبلاغ الدول المشاطئة أو استشارتها، ولم تُجرَ تقييمات الأثر البيئي والدراسات الاجتماعية والاقتصادية التي يطلبها القانون الدولي لتحديد آثار السد العابرة للحدود.
إضافة إلى أنه لا توجد أية تدابير لتفادي الآثار السلبية للسد، ولا توجد ضمانات بأن السد آمن من الناحية الإنشائية. ومع ذلك فمن المتوقع الآن أن يبدأ ملء خزان السد في غضون 100 يوم «وقت كتابة المقال. وأعلنت إثيوبيا بدء ملء السد في يوليو (تموز) المقبل»، في ظل غياب قواعد متفق عليها حول ملء السد وتشغيله.
وفي هذه الحالة، نحن قريبون جدًا من الحل، ولكننا بعيدون عنه في الوقت ذاته؛ فهناك اتفاق على الطاولة وقابل للتنفيذ، ولكن الإرادة السياسية لاغتنام هذه الفرصة مفقودة. ومع ذلك، لا يزال الكاتب متفائلًا بأن انفراجة لا زالت ممكنة.
ولكن قبل المضي قدمًا، دعونا نستعرض بإيجاز ما حصل على مدى 10 سنوات من المفاوضات حول سد النهضة:
بناء السد في الخفاء
كان سد النهضة سرًا خفيًا، فبعيدًا عن التسريب العرضي في وسائل الإعلام المحلية، لم يكن لدى دول المصب أي معرفة تقريبًا بخطط إثيوبيا لبناء سد النهضة، ولا بمواصفات هذا السد وتصميمه.
كان مفهومًا على مدى عقود أن إثيوبيا تفكر في بناء منشأة للطاقة الكهرومائية في مكان ما بالقرب من منطقة السد، ولكن سرعان ما اتضح – خاصة مع إتاحة معلومات إضافية حول الأمر – أن هذا السد سيكون أكبر بكثير مما كان متصورًا من قبل.
ففي عام 1964، اقترح مكتب الاستصلاح الأمريكي بناء سد في تلك المنطقة يخزن من 11 إلى 16 مليار متر مكعب من الماء. وبالمثل، أصدر المكتب الإقليمي للنيل الشرقي (ENTRO)، الذي يعد جزءًا من مبادرة حوض النيل، تقريرًا في عام 2007 حول جدوى بناء ما أسمته إثيوبيا حينها «مشروع الطاقة المائية على الحدود» والذي صُمم ليستوعب نحو 14 مليار متر مكعب من الماء.
وسد النهضة مشروع أكبر بكثير، فمع سعة تخزينيه قصوى تصل إلى 74 مليار متر مكعب وقدرة إنتاج طاقة تبلغ 6450 ميجاوات، يصبح سد النهضة أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا. ولكي تتضح الأمور أكثر، يوضح الكاتب أن سد النهضة يبلغ حجمه ضعف حجم السدين الأكبر والأكثر شهرة في أمريكا؛ هوفر وروبرت موسيس. إضافة إلى قدرة التخزين المبهرة البالغة 74 مليار متر مكعب، وبذلك سيخزن السد 150% من متوسط التدفق السنوي للنيل الأزرق البالغ 49 مليار متر مكعب، وسيكون خزانه أكبر من بحيرة ميد الأمريكية، أكبر بحيرة صناعية في العالم.
تقرير هيئة الخبراء الدولية يدق جرس الإنذار
ردًا على المخاوف التي أعربت عنها الدول المشاطئة حول إخفاء أمر سد النهضة عنهم، وافقت إثيوبيا على تشكيل لجنة تتألف من 10 خبراء (اثنين من كل من البلدان الثلاثة، وأربعة خبراء محايدين).
انتُدبت هيئة الخبراء الدولية لمراجعة وثائق تصميم السد، وتقديم المعلومات بشفافية وإيضاح الفوائد والتكاليف المترتبة على البلدان الثلاثة، إضافة إلى تأثيرات السد – إن وجدت – على دولتي المصب.
وبعد عام كامل اجتمعت خلاله ست مرات، وأجرت أربع زيارات ميدانية لسد النهضة، أصدرت اللجنة تقريرها في 31 مايو 2013 وكانت النتائج الموثقة في هذا التقرير مقلقة للغاية، على حد قول الكاتب.
وصفت لجنة الخبراء «دراسة محاكاة النظم الهيدرولوجية وملء الخزان» التي أجريت لتقييم تداعيات السد على دول المصب بأنها «أولية للغاية، وليست على مستوى التفصيل والتطور والموثوقية التي تتناسب مع مشروع بهذا الحجم وأهميته وتأثيره الإقليمي».
وسلط التقرير الضوء أيضًا على أن «قواعد التشغيل في السدود ومعدات الطاقة الكهرومائية الموجودة حاليًا غير معروفة، ولا يوجد سوى تفاصيل قليلة جدًا حول العملية المخطط إجراؤها». ولذا، أوصت اللجنة «بإجراء تقييم أكثر شمولًا للتداعيات المترتبة على دول المصب؛ استنادًا إلى نموذج محاكاة متطور لموارد المياه/النظام الهيدرولوجي».
وبالمثل، اعتُبر تقييم الأثر البيئي العابر للحدود «فضفاضًا جدًا لدرجة أنه لا يوفر أي أساس فعّال لتقييم الأثر الكمي». وعبرت اللجنة عن قلقها من أن «أهم قضية تتعلق بجودة المياه، أي: انخفاض الأكسجين المذاب، لم تحظ بما تستحقه من الدراسة».
وأشار التقرير أيضًا إلى أن «التأثير السلبي المحتمل على ركود الزراعة والغابات النهرية وكذلك التأثير المتوقع على التجديد الموسمي للمياه الجوفية على طول النيل الأزرق والنيل الرئيس لم يُتطرق إليه».
إضافة إلى ذلك، وجدت اللجنة أنه لم يُجرَ «تقييم اقتصادي لمشروع سد النهضة من منظور إقليمي؛ يأخذ بالاعتبار تكاليف المشروع وفوائده على دول المصب». ولذلك أوصت اللجنة «بإجراء تقييم للتأثير العابر للحدود على المناطق المتأثرة في دول المصب، داخل مصر والسودان».
يكمل الكاتب: كان مثيرًا للقلق بالدرجة نفسها ما وجدته اللجنة من عيوب خطيرة في مواصفات تصميم السد، الأمر الذي يثير الشكوك حول السلامة الهيكلية للسد واستقراره. وأشارت اللجنة إلى أنه «قد تكون هناك حاجة لتدابير هيكلية لتثبيت أساسات السد لتتوافق ومعايير السلامة المطلوبة ضد الانزلاق».
عكست هذه التوصية حقيقة ما وجدته اللجنة من كون «معايير قوة القص المستخدمة في التحليل مفرطة في التفاؤل». ودعت إلى «زيادة التحفظ» فيما يخص «قوة القص التصميمية» لضمان الاستقرار الهيكلي للسد «في ضوء حجم المشروع وأهميته».
مطاردة الوهم.. تنفيذ الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء الدولية
لمدة خمس سنوات تلت صدور تقرير اللجنة الدولية، انخرطت الدول الثلاث في مفاوضات لا نهاية لها، وغالبا لا جدوى من ورائها، حول استكمال الدراسات الموصى بها. وخلال تلك الفترة، عُقدت عشرات الاجتماعات على كل المستويات بين الحكومات، وبكل شكل يمكن تخيله.
عُقدت عدة مؤتمرات قمة لرؤساء الدول والحكومات، واجتماعات ثلاثية لا حصر لها بين وزراء الخارجية أو وزراء شؤون المياه. كما عقدت محادثات سداسية ضمت وزراء خارجية ووزارة المياه، وكانت هناك جولتان من المحادثات التسعة، انضم خلالها مديرو أجهزة المخابرات إلى وزراء الخارجية ووزراء المياه. وأجريت أيضًا طوال تلك الفترة مناقشات مستمرة على مستوى خبراء اللجنة الوطنية الثلاثية التي كانت تشرف على الدراسات التي أوصت بها اللجنة الدولية، وجرى التعاقد مع مستشار دولي، وهي الشركة الفرنسية BRLi، لإجراء هذه الدراسات. وأُبرمت اتفاقية لإعلان المبادئ (DoP) عام 2015 لتقود هذه العملية.
وكما سيوضح الكاتب في الجزء الثالث، اشترطت اتفاقية إعلان المبادئ أن تُستخدم الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء للاتفاق على القواعد التي تحكم ملء سد النهضة وتشغيله، وشددت على ضرورة أن تتم العملية كلها في غضون 15 شهرًا.
يعلق الكاتب قائلًا: لسوء الحظ، ذهبت جميع الجهود التي بذلها الرؤساء، ورؤساء الوزراء، وعلماء المياه، والمهندسون، والمستشار الفرنسي سُدى. وبما أنني لا أستطيع التحدث نيابة عن زملائي الإثيوبيين، فافتراضي هو أن مصدر قلق إثيوبيا كان يتمثل في أن اعتماد السيناريو الأساسي، الذي يتضمن الاستخدامات الحالية، سيكون بمثابة اعتراف منها باتفاقات تقاسم المياه السابقة التي لم تكن طرفًا فيها.
ويوضح الكاتب أن هذه المشكلة كانت لها أربعة أبعاد:
سياسيًا، كان هذا غير مستساغ البتة، إذ كانت إثيوبيا تسعى لإرساء نقطة صفرية هيدرولوجية؛ عن طريق إعادة ترتيب الواقع وإلغاء الاستخدامات الحالية للمصب.
علميًا، كان الأمر ببساطة غير منطقي؛ إذ كانت إثيوبيا تقترح في الأساس قياس تأثير سد النهضة دون وجود معيار للقياس. فكيف يمكن تحديد التأثيرات الهيدرولوجية والبيئية لسد النهضة دون الأخذ في الاعتبار متغيرات مثل: التدفق الطبيعي للنيل الأزرق، والسجل التاريخي، والمستويات الحالية لتصريف النهر، وحالة النظام البيئي في المناطق المشاطئة ومواطن ضعفه، وحالة طبقات المياة الجوفية المتصلة بنهر النيل… إلخ.
إضافة إلى أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن حسابها دون الأخذ في الاعتبار عمليات السحب والاستخدام والمشاريع الحالية وأعمال المياه ونسبة الاعتماد على المياه والكثافة السكانية والتوقعات الديموغرافية ومستويات إنتاج الطاقة الكهرومائية… إلخ.
واقعيًا، لم تتحدث مصر خلال العشر سنوات عن اتفاقية تقسيم المياه السابقة، ولم تسع للحصول على موافقة إثيوبيا على اتفاقية لم تكن طرفًا فيها، إذ فهمت مصر أن هذا غير وارد بالنسبة لإثيوبيا. وبدلًا عن ذلك، كما هو موضح في اتفاقية إعلان المبادئ 2015، سعت مصر للتوصل لاتفاق حول سد النهضة في ضوء المبادئ الراسخة للقانون الدولي، دون التأثير على حقوق والتزامات المناطق المشاطئة الموجودة حاليًا أو المستقبلية لجميع الأطراف أو المساس بها.
قانونيًا، فإن المبدأين الأساسيين لقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، الذي يكفل أولهما مبدأ الانتفاع العادل والمعقول، ويضمن الثاني عدم التسبب بضرر كبير، لا يمكن إنفاذهما دون سيناريو أساسي قائم على الاستخدامات الحالية.
فقياس العدالة والمعقولية وتجنب الضرر مستحيل دون النظر في الاستخدامات الحالية. والموازنة الدقيقة والمنضبطة غير قابلة للتطبيق ما لم تحسب تكلفة الضرر وفقًا للاستخدامات الحالية، ومقارنته بالمردود المحتمل من المشاريع المخطط لها. والنتيجة النهائية، أن الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء لم تُجر أبدًا.
يقول هلال: يكاد يكون بناء أكبر سدود الطاقة الكهرومائية في العالم اكتمل دون وجود سجل شامل لآثاره المحتملة. ولا يشكل هذا فقط انتهاكًا من مالك السد ومشغله للقانون الدولي، بل هو أيضًا خرق لمسؤوليتنا الجماعية المتمثلة في حماية النيل ونظامه البيئي في الدول المشاطئة وحفظه للأجيال القادمة.
مشاركة علماء المياه المجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي (NISRG)
يواصل المقال: مع استمرار محاولات إجراء الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء، أنشئت المجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي (NISRG) في منتصف عام 2018، لصياغة الطرق التقنية لملء سد النهضة وتشغيله.
كانت هذه المجموعة قوامها 15 من علماء المياه المستقلين من الدول الثلاث. وعلى الرغم من أن المجموعة أخفقت في نهاية المطاف في تنفيذ ما أوكل إليها، إلا أنها أثبتت أنها الأكثر إنتاجية من بين جميع المنتديات التي عقدت فيها مفاوضات حول سد النهضة. وجرى الاتفاق على أربعة مبادئ كمعايير أساسية لاتفاقية سد النهضة:
المبدأ الأول: تطبيق مبدأ تكيفي وتعاوني بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، بما يضمن التنسيق الوثيق بين سد النهضة والسد العالي في مصر، ويؤمن آليات لكلا السدين من أجل التكيف مع الظروف الهيدرولوجية المتغيرة للنيل الأزرق، وتقاسم عبء التكيف مع فترات الجفاف المتوقعة مستقبلًا.
المبدأ الثاني: بمجرد وصول مستوى المياه في سد النهضة إلى الحد الذي يمكنها من توليد الطاقة الكهرومائية، ستطلق إثيوبيا الحد الأدنى من المياه التي تضمن بقاء خزان السد العالي عند مستويات مستدامة.
المبدأ الثالث: تحديد «المستويات الحرجة» في خزان سد النهضة والسد العالي، وهي نقطة محددة في خزاني السدين، تصنف المياه تحت مستواها بأنها «احتياطي استراتيجي» يستخدم للتخفيف من آثار الجفاف.
المبدأ الرابع: إنشاء آلية تنسيق مشتركة.
بناء على هذه المبادئ، قدمت مصر عرضًا شاملًا بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، ويكفي أن نقول إنه كان نهجًا عادلًا ومتوازنًا يلبي أهداف إثيوبيا التنموية، ويحمي مصر من الجفاف في المستقبل. ولكن إثيوبيا رفضت المقترح المصري.
في الواقع، عُقد اجتماع وزاري عديم الفائدة – على حد وصف الكاتب – لمدة يومين في القاهرة يومي 15 – 16 سبتمبر (أيلول) 2019، لكنه فشل حتى في تبني جدول أعمال؛ لأن إثيوبيا رفضت الاعتراف بتقديم مصر مقترحًا.
وبعد ذلك بأسبوعين، عقد الاجتماع الختامي للمجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي في الخرطوم، وخلاله قدمت إثيوبيا مقترحًا جديدًا، وجد فيه علماء المياه المصريون العديد من العيوب التقنية. والأكثر إثارة للقلق – بحسب المقال – أن هذا المقترح كشف عدم استعداد إثيوبيا للاتفاق على القواعد التنفيذية لاتفاقية سد النهضة.
بدلًا عن ذلك، اقترحت أديس أبابا إعادة التفاوض بشأن القواعد التشغيلية سنويًا؛ الأمر الذي أضعف الاتفاق. يختم الكاتب الجزء الأول من مقاله بالقول: نتيجة لذلك، ظهر أن المجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي وصلت إلى طريق مسدود، وأصبحنا بحاجة لعملية جديدة لتحقيق انفراجة.
النهاية بمشاركة أمريكا والبنك الدولي
في الجزء الثاني من المقال، يناقش الكاتب المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي الكبير (سد النهضة) التي عُقدت خلال الأشهر الأخيرة، والتي حضرتها الولايات المتحدة والبنك الدولي، كما يقدِّم وصفًا شاملًا للاتفاقية التي أبرمت في ختام هذه العملية.
يشير الكاتب إلى أنه بحلول أواخر عام 2019، أصبح من الواضح للجميع في مصر أن المحادثات الثلاثية حول سد النهضة كانت غير مثمرة. واستُنفِدت جميع منتديات المفاوضات وأشكالها، وخلال الاجتماع الأخير للمجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي (NISRG)، كان من الواضح تمامًا أن هوة الخلافات بين البلدان الثلاثة آخذة في الازدياد.
يضيف هلال: كان الوقت يمضي أيضًا من بين أيدينا. وكانت إثيوبيا قد أعلنت أنها ستبدأ في ملء سد النهضة خلال موسم الأمطار القادم لعام 2020، وهو الوقت الذي تتسبب فيه الأمطار الغزيرة التي تسقط فوق المرتفعات الإثيوبية في حدوث الفيضان السنوي للنيل، على نحوِ وصفه المؤرخ الإغريقي هيرودوت ابن مدينة هاليكارناسوس وصفًا جميلًا (ولكن على نحو غير دقيق) في كتابه تاريخ هيرودوتس.
لذلك، وبناءً على المادة رقم 10 من اتفاقية 2015 في إعلان المبادئ (DoP)، والتي تسمح للدول الأطراف بتسوية النزاعات المتعلقة بتنفيذ إعلان المبادئ من خلال جملة أمور، من بينها الوساطة، دعت مصر الولايات المتحدة والبنك الدولي للانضمام إلى المفاوضات من أجل مساعدة الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة.
قبلت الولايات المتحدة والبنك الدولي الدعوة التي تقدمت بها مصر، مما أدى إلى إطلاق مفاوضات مكثفة تضمَّنت 12 اجتماعًا استمرت من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 حتى فبراير (شبّاط) 2020.
وخلال الاجتماعات الخمسة التي عقدت في المنطقة، مثَّل الولايات المتحدة فريق متميز من وزارة الخزانة – على حد قول الكاتب – بينما ترأس الاجتماعات المتبقية في واشنطن العاصمة وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين.
وكانت مواعيد هذه الاجتماعات وأماكنها على النحو التالي:
1- 6 نوفمبر 2019: اجتماع وزراء الخارجية وشؤون المياه – واشنطن العاصمة.
2- 15-16 نوفمبر 2019: اجتماع وزراء شؤون المياه – العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
3- 2-3 ديسمبر 2019: اجتماع وزراء شؤون المياه – العاصمة المصرية القاهرة.
4- 9 ديسمبر 2019: اجتماع وزراء الخارجية وشؤون المياه – واشنطن العاصمة.
5- 21-22 ديسمبر 2019: اجتماع وزراء شؤون المياه – العاصمة السودانية الخرطوم.
6- 8-9 يناير 2020: اجتماع وزراء شؤون المياه – العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
7 – 13 – 15 يناير 2020: اجتماع وزراء الخارجية وشؤون المياه – واشنطن العاصمة.
8- 22-23 يناير 2020: اجتماع مجموعة العمل القانونية والفنية – العاصمة السودانية الخرطوم.
9 – 28 -31 يناير 2020: اجتماع وزراء الخارجية وشؤون المياه – واشنطن العاصمة.
10 – 3 – 10 فبراير 2020: اجتماع مجموعات العمل القانونية والفنية – واشنطن العاصمة.
11 – 12 – 13 فبراير 2020: اجتماع وزراء الخارجية وشؤون المياه – واشنطن العاصمة.
12- 27-28 فبراير 2020: اجتماع وزراء الخارجية وشؤون المياه – واشنطن العاصمة
أفكار عامة
نظرًا لأن التقلبات والمنعطفات التي شهدتها جولات المفاوضات المرهقة كانت كثيرة جدًّا لدرجة أنه لا يمكن سردها بالتفصيل في هذه السطور، اختار الكاتب أن يستعرض بعض الأفكار العامة.
أولًا وقبل كل شيء، كان لكل من مصر وإثيوبيا أهداف متباينة تباينًا جوهريًّا. من جانبها، سعت مصر للتوصل إلى معاهدة شاملة بشأن سد النهضة. هذه المعاهدة يجب أن تنص على حقوق وواجبات جوهرية واضحة تحمي المصالح الأساسية للدول الثلاث، إلى جانب توفير ضمانات إجرائية لضمان التنفيذ الفعّال للاتفاقية.
ومع ذلك، بدت إثيوبيا غير متجاوبة لإبرام اتفاقية تنص على التزامات واضحة لا لبس فيها. وسَعَت إلى التوصل إلى نصٍ هلامي وغامض وغير فعَّال، وبالتالي لا يمكن اللجوء إليه عند غياب التوافق على الشرعية.
يضيف الكاتب: في الواقع، أطلق زملائي الإثيوبيون مرارًا وتكرارًا على الوثيقة التي كنا نتفاوض عليها وصف «تفاهمات» وليس اتفاقية، وأصروا على أن هذه الوثيقة ستحدد «المبادئ التوجيهية»، بدلًا عن وضع القواعد.
ثانيًا، دعت مصر إلى اتفاقية تشمل ملء سد النهضة وتشغيله، وتتضمن تدابير مفصلة للتخفيف من حدة الجفاف لحماية دول المصب. وهذا لا يتوافق فحسب مع المادة الخامسة من اتفاقية المبادئ لعام 2015، والتي تُلزِم الدول الثلاث بالموافقة على «التعبئة الأولى» و«التشغيل السنوي» للسد، ولكنه اقتراح منطقي أيضًا. ويجب أن يعمل مشروع ضخم بحجم سد النهضة وفقًا لقواعد محددة تتسم بوضوح ودقة كافيين لضمان استمرارية تدفق النهر وتحديد كمية المياه التي ستمرّ عبر السد في جميع الظروف الهيدرولوجية.
ولفت الكاتب إلى أنه على الجانب الآخر، فضَّلت إثيوبيا الموافقة على ملء سد النهضة، مع الاحتفاظ بحرية عمل غير محدودة فيما يتعلق بتشغيله. وخلال الاجتماع الأخير لوزراء شؤون المياه في أديس أبابا يومي ثمانية و9 يناير 2020، قدَّمت إثيوبيا ما يمكن وصفه فقط بأنه مقترح بشأن تشغيل سد النهضة. وذكرت ما يلي: «في نهاية موسم الأمطار، سنضع قاعدة التشغيل السنوية، وسنعلن عنها». وبالمثل، في القسم الخاص بتدابير التخفيف من الجفاف، ذكرت إثيوبيا أن «النسبة المئوية للمياه وشروط إطلاق المياه ستحددهما مؤسسات شؤون المياه في البلدان الثلاثة على أساس الظروف السائدة».
يقول الكاتب: من الناحية العملية، يعني هذا أن البلدان الثلاثة ستغرق في مفاوضات دائمة حول القواعد التشغيلية المتغيرة باستمرار، والتي ستجعلهم خاضعين لإرادة دولة المنبع وأهوائها.
ثالثًا، تحلَّت مصر بمرونة كبيرة طوال فترة المفاوضات. واتضح ذلك بجلاء عندما غيَّرت مصر، بناء على إصرار إثيوبيا وتشجيع من أمريكا، مقترحاتها تغييرًا جوهريًّا بشأن ملء سد النهضة وتشغيله.
وكما ناقش الكاتب في الجزء الأول من هذا المقال، وافقت المجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي على أن يكون ملء سد النهضة وتشغيله مسألة قابلة للتكيف وتعاونية.
بالنسبة لمصر، التي سعت للتوصل إلى اتفاق يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، فإن هذا يعني أن سد النهضة والسد العالي في أسوان يجب أن يعملا كجزء من «عملية منسقة متعددة الخزانات». ومع ذلك، رفضت إثيوبيا دمج سد النهضة في عملية متعددة الخزانات وأصرت على أن المناقشة يجب أن ترتكز حصريًّا على سد النهضة.
ولاستيعاب ذلك تغيرت فلسفة الاتفاقية بأكملها. وتركزت المفاوضات على تنظيم مستويات إطلاق المياه من سد النهضة خلال الظروف الهيدرولوجية العادية (أي المستويات المتوسطة وفوق المتوسطة) وتحديد حجم المياه التي ستنطلق من سد النهضة خلال فترات الجفاف.
وبعد التوصل إلى اتفاق تقني بشأن هذه الأمور، تغير موقف إثيوبيا بالكلية. وعلى الرغم من أن الاتفاقية كانت، بناءً على إصرار إثيوبيا، مصممة لإدارة سد النهضة فقط، بدأت إثيوبيا تجادل في أن تدابير التخفيف من الجفاف لا ينبغي أن تقتصر على سد النهضة، ولكن يجب أن تكون أيضًا مسؤولية خزانات دول المصب.
يعلق الكاتب: باختصار، أرادت إثيوبيا أن تحصل على كعكتها، والاستمتاع بتناولها أيضًا (كل شيء). وسعت إلى تفصيل كل جزء من الاتفاقية بما يتناسب مع مصالحها. وستحتفظ إثيوبيا بجميع حقوق الاتفاقية وامتيازاتها، لكنها أرادت أن يتحمل المشتركون في مجرى النهر أعباء الاتفاقية والتزاماتها.
رابعًا، وربما الأهم على الإطلاق، كانت هذه الاتفاقية بالنسبة لمصر خاصة بسد النهضة. وهي ليست نظامًا شاملًا لاستخدام النيل الأزرق، ولا هي ترتيب لتوزيع المياه. ومع ذلك، كانت إثيوبيا تعتزم استخدام هذه الاتفاقية لإرساء حق غير مقيد لإنشاء محطات مياه أعلى سد النهضة في المستقبل.
يقول الكاتب: لطالما كان موقف مصر هو أنه لا جدال في أن إثيوبيا، بصفتها دولة شريكة، تتمتع بالمساواة في الحقوق مع الدول الأخرى المشتركة في حوض النيل، لها الحق في التمتع بمزايا النيل الأزرق، لكن هذا الحق يجب أن يخضع للقانون الدولي. ومن ناحية أخرى، أرادت إثيوبيا تكريس حق غير منظم في مياه النهر. وفي الحقيقة، سعت إلى أن تصبح المتحكم في نهر النيل بلا منازع.
في الأساس، كان من المقرر أن تنتهي المفاوضات بحلول منتصف يناير. ومع ذلك، اتُّفِق على تمديد المحادثات لشهر إضافي، وبحلول منتصف فبراير تقرر أن تتولى الولايات المتحدة، على أساس الاتفاقات الفنية والقانونية التي توصل إليها الطرفان، صياغة النص النهائي للاتفاقية.
اطَّلعت الأطراف على الاتفاقية النهائية، والتي صِيغت وأضاف إليها البنك الدولي مدخلات فنية. وفي 22 فبراير 2020، وبعد مراجعة الاتفاقية، أعلنت مصر أنها قبلتها، وقررت التوقيع عليها مبدئيًّا في 28 فبراير 2020. ولكن على الجانب الآخر، رفضت إثيوبيا الاتفاقية.
يوضح المقال أن هذه الاتفاقية ليست نصًا أمريكيًّا فُرِض على الطرفين، ولكنها اتفاقية مبنية بالكامل على مواقف الدول الثلاث. إنها صيغة عادلة ومتوازنة تحافظ على مصالحهم الأساسية. وبينما لم يفصح الكاتب عن النص، فإنه أطلع القراء على الخطوط العريضة للاتفاقية.
خطوط عريضة
بيَّن الكاتب أن هذه الاتفاقية تستند إلى حل وسط يتمثل في أن تتمكن إثيوبيا من ملء السد بالسرعة التي تسمح بها الظروف الهيدرولوجية، وعلى المدى الطويل، ستضمن القدرة على توليد الطاقة الكهرومائية من سد النهضة على نحو مستدام. ومن ناحية أخرى، ستتوفر الحماية لمصر والسودان من ويلات الجفاف أو فترات الجفاف الطويلة التي قد تتزامن مع ملء سد النهضة أو التي قد تحدث أثناء تشغيل السد.
حققت هذه الاتفاقية ذلك من خلال النقاط التالية
1- الملء على أساس المرحلة: وافقت مصر على خطة الملء على أساس المرحلة التي اقترحتها إثيوبيا. ويعتمد تنفيذ كل مرحلة على الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق، إذ تجري عملية الملء في السنوات المتوسطة وفقًا للجدول الزمني، بينما ستُسَّرع عملية الملء في السنوات فوق المتوسطة وستتباطأ في السنوات الأقل من المتوسطة.
- إجراءات التخفيف من الجفاف أثناء عملية ملء الخزان: اتفقت الدول الثلاث على أن إثيوبيا ستعرض بيانات جميع توربينات الطاقة المائية لسد النهضة عبر الإنترنت في غضون عامين. والقيد الوحيد على فترة الملء الأولية، التي تمتد لمدة عامين، هو أنه في حالة حدوث جفاف شديد استثنائي (هذا النوع من الجفاف لا يزيد احتمال حدوثه عن 2 – 3%)، فسوف تُمدَّد هذه المرحلة الأولية قليلًا. وفي حالة حدوث جفاف بعد السنتين الأوليين، تنص الاتفاقية على أن سد النهضة سيطلق، وفقًا لصيغة مفصلة وعلى مدى سنوات طويلة، نسبة مئوية محددة من المياه المخزنة وراء السد والتي تزيد عن 603 متر.
ولتفادي ملل القراء من التعقيدات الهندسية والتقنيات، يكتفي الكاتب بالقول إنه عندما يصل مستوى المياه إلى 603 متر (لا يمكن الوصول إلى ذلك إلا في أسوأ حالات الجفاف)، سيحتفظ سد النهضة بحوالي 25 مليار متر مكعب، وستعمل توربيناته بالكامل وستولد الكهرباء بمعدل كفاءة يقارب 80% من قدرتها.
- القاعدة التشغيلية: هذا الجانب من الاتفاقية، الذي يؤكد الكاتب أن البلدان الثلاثة وافقت عليه، بسيط للغاية. فبمجرد وصول مستوى المياه في سد النهضة إلى 625 مترًا، والذي تطلق عليه إثيوبيا «مستوى التشغيل الأمثل»، سيطلق سد النهضة إجمالي حجم المياه التي تدخل إلى خزان السد.
- تدابير التخفيف من الجفاف أثناء التشغيل: تشبه هذه الأحكام تدابير التخفيف من الجفاف أثناء فترة ملء الخزان. وفي حالة حدوث جفاف أثناء العملية، يتعين أن يطلق سد النهضة المياه المخزنة فوق 603 متر وفقًا لصيغة تفصيلية وعلى مدى سنوات طويلة.
- آلية تسوية المنازعات والتنسيق: تتضمن الاتفاقية آلية مختلطة لتسوية المنازعات، تجمع بين الحلول القائمة على التفاوض لفض النزاعات مع خيار إحالة القضية إلى التحكيم الملزم (يستدرك الكاتب: ومن نافلة القول أن نشير إلى أن إثيوبيا ترفض التحكيم الملزم). وتتضمن الاتفاقية أيضًا آلية تنسيق تسمح بتبادل البيانات على نحو مبسط وعقد اجتماعات منتظمة لضمان تنفيذ الاتفاقية.
الكرة الآن في ملعب إثيوبيا
وشدد الكاتب على أنه من الطبيعي أن يكون أي نص توفيقي غير مثالي. وفي حين أنه يحافظ على المصالح الأساسية للأطراف، فإنه يوازن أيضًا بين المدفوعات ويوزع التكاليف توزيعًا منصفًا. ويمنح كل طرف بعض الانتصارات التي تبرر خسائره ويقدم صيغة متوازنة بما يكفي لضمان استمرار الاتفاقية. والاتفاقية التي أعدَّتها الولايات المتحدة بالتنسيق مع البنك الدولي تحقق ذلك بالضبط، بحسب الكاتب. إذ ستولد إثيوبيا بموجبها كل الكهرباء التي تحتاجها، وستتوفر الحماية لمصر من تقلبات الظروف الهيدرولوجية المتغيرة للنيل الأزرق.
علاوةً على ذلك، هذه الاتفاقية لا ترهن المستقبل، بحسب المقال. بيد أن سلسلة المقالات التي كتبها مسؤولون ومعلقون إثيوبيون، تدَّعي أن رفض الاتفاقية يرجع جزئيًّا إلى أنها اتفاقية لتقاسم المياه، وأنها تسعى لفرض ما يسمى الاتفاقات الاستعمارية بشأن إثيوبيا. يقول الكاتب: هذا غير صحيح. إذ صِيغت الاتفاقية لتنظيم ملء سد النهضة وتشغيله، دون المساس بحقوق الدول الواقعة على ضفاف النهر والتزاماتها وحقوقها.
إنها ليست اتفاقية لتخصيص المياه ويؤكد الكاتب أنها تنص على ذلك صراحة، كما أنها لا تشير بأي إشارة صريحة إلى الاتفاقات الموجودة مسبقًا ولا تؤسس لأي علاقة ضمنية معها. وفي حين قد يكون من الملائم سياسيًّا، لا سيما في عام الانتخابات، الادعاء بأن الاتفاقية التي صاغتها الولايات المتحدة والبنك الدولي تسعى إلى إيقاع إثيوبيا في شرك ترتيبات لتخصيص المياه، فإن العائد السياسي قصير المدى من هذا التكتيك لا يفوق، في رأي الكاتب، الفوائد الهائلة التي ستجنيها الدول الثلاث من هذه الاتفاقية.
واختتم الكاتب الجزء الثاني من مقاله مؤكدًا على أن الكرة الآن في ملعب إثيوبيا، إذ توجد اتفاقية عادلة ومتوازنة على الطاولة. وكل ما نحتاجه هو نوع من الإرادة السياسية والقيادة البصيرة التي يمكنها الاستفادة من هذه الفرصة ورسم مسار جديد للمنطقة بأسرها.
قانون السد
في الجزء الثالث والأخير من هذا المقال، يناقش الكاتب قواعد القانون الدولي التي تحكم سد النهضة الإثيوبي، ويعني بها القواعد التي تُطبق بين الدول المشاطئة الثلاث (مصر، وإثيوبيا، والسودان) بوجه عام والمُتعلقة باستخدامها لنهر النيل، وبوجه خاص المُتعلقة بسد النهضة.
على غرار أية قضية أو خلاف في القانون الدولي، فإن سد النهضة تحكمه مجموعة من القوانين العامة والخاصة. وأهم هذه القوانين اتفاق إعلان المبادئ، الذي أبرمته الدول الثلاثة في 23 مارس (آذار) عام 2015. بالإضافة إلى ذلك، هناك سلسلة من الإعلانات، والوثائق، والبيانات المشتركة والأحادية التي إما تُنشئ مزيدًا من الالتزامات القانونية أو توضح نطاق ومحتوى الالتزامات الثابتة التي تلتزم بها الأطراف.
ويشمل القانون العام المعمول به القواعد المنبثقة عن القانون الدولي التقليدي والعرفي. وتوفر المعاهدات الثنائية القائمة بين مصر وإثيوبيا، وبين مصر والسودان، قواعد خلفية واسعة النطاق لا تزال تحكم علاقاتهم المشاطئة، في حين أن القواعد العرفية الخاصة بالقانون البيئي الدولي، وقانون حقوق الإنسان الدولي، وبالطبع، قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لا تزال ذات صلة وسارية.
يحجم الكاتب في مقاله الأخير عن الخوض في جدل فقهي حول التداخل بين القانون العام والقانون الخاص. ويكتفي بالقول إن كلًا من القانون العام والقانون الخاص غالبًا ما يكونا حبيسَيْ علاقة عضوية من الاعتماد المتبادل التكاملي (التكافلي). وفي حين توفر القوانين الخاصة القواعد المطبقة بصورة أساسية، تتدخل القوانين العامة غالبًا لملء الفجوات التي لم تعالجها القوانين الخاصة. وعلى هذا النحو، عند النظر في قانون سد النهضة الإثيوبي، يشدد الكاتب على ضرورة فحص القانون الخاص القابل للتطبيق في ضوء القانون العام المعمول به، وتطبيق الأول دون التخلي عن الأخير.
اتفاق 2015 الخاص بإعلان المبادئ
يتكون إعلان المبادئ من 10 بنود (مواد). ويحدد الإعلان أن «الغرض من سد النهضة الإثيوبي العظيم هو توليد الطاقة»، ويؤكد التزام جميع البلدان الثلاثة بالمبدأين الأساسيين لقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية: مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب والالتزام بعدم التسبب في ضرر ذى شأن. ويؤكد من جديد المبادئ العامة، المُشجعة للغاية – بحسب الكاتب – مثل السيادة المتساوية، ووحدة إقليم الدولة، وبناء الثقة، ويؤكد على واجب التعاون بما يحقق المنفعة المتبادلة. كما ينص على أن إثيوبيا «ستواصل التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية».
يضيف الكاتب: يُعد البند الأساسي لاتفاق إعلان المبادئ، في الواقع، العمود الفقري لها، وهو البند الخامس. ويُلزم هذا البند البلدان الثلاثة بــ«تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام النتائج النهائية للتقرير النهائي للجنة الوطنية الثلاثية بشأن الدراسات المشتركة التي أوصى بها التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال مختلف مراحل مشروع». وينص أيضًا على أن «تستخدم الدول الثلاث، بروح التعاون، المُخرجات النهائية للدراسات المشتركة، الموصي بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والتي توافقت عليها اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض:
أ. الاتفاق على إرشادات وقواعد الملء الأول لسد النهضة، والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد.
ب. الاتفاق على الإرشادات وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر.
ج. إخطار دولتي المصب بأية ظروف غير متوقعة أو ملحة تستدعي إدخال تعديلات على عملية تشغيل السد.
– لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول التشغيل السنوي لسد النهضة مع خزانات دولتي المصب، سوف تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم.
– الإطار الزمني لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه سوف يستغرق 15 شهرًا منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية».
من أجل الوضوح، يمكن تلخيص الالتزامات الناشئة عن المادة الخامسة، والتي تعكس هدف إعلان المبادئ وغرضه، في ما يلي:
أولًا: إعادة التأكيد على الالتزام بتنفيذ الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء الدولية.
ثانيًا: الاستفادة من دراسات لجنة الخبراء الدولية في المفاوضات الخاصة بملء السد وتشغيله.
ثالثًا: الاتفاق على «إرشادات وقواعد» تنظيم الملء الأول والتشغيل السنوي للسد.
رابعًا: السماح ببناء سد النهضة أثناء إجراء المفاوضات حول «الإرشادات والقواعد» التي تحكم ملء السد وتشغيله.
خامسًا: تحديد جدول زمني مدته 15 شهرًا للعملية برمتها.
هل يلغي إعلان المبادئ الاتفاقيات السابقة؟
في ضوء ما سبق، فإن دور لجنة الخبراء الدولية محدود إلى حد ما – بحسب الكاتب – من حيث نطاقها وتأثيرها على القانون العام الذي يحكم استخدام نهر النيل. ورأى بعض الكتاب أن إعلان المبادئ حل محل جميع الاتفاقيات السابقة المتعلقة باستخدام مياه النيل. فعلى سبيل المثال، كتب سلمان م. أ. سلمان، وهو شخص ذو باع في هذا المجال، أن إعلان المبادئ شكل ظهورًا لـ«نظام قانوني جديد… حل تمامًا محل جميع الأهداف العملية والقانونية، التي أرستها معاهدة 1902 واتفاقية عام 1959 الخاصة بمياه النيل».
لكن كاتب المقال يستدرك قائلًا: في رأيي، هذا غير صحيح. فإعلان المبادئ عبارة عن معاهدة محدودة على نحوٍ استثنائي. إذ إنها تنطبق على مشروع واحد تنفذه دولة مشاطئة على رافد واحد لنهر النيل. فهي لا علاقة لها بالنيل الأبيض أو بنهر عطبرة أو بنهر السوباط. إنها ليست اتفاقية توزيع مياه، ولا تنظم استخراج إثيوبيا، والسودان، ومصر للمياه الأخرى. إنها مجرد اتفاقية مؤقتة تلزم الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق بشأن ملء السد وتشغيله على أساس مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب، والالتزام بعدم التسبب في ضرر كبير، وفي ضوء تقرير لجنة الخبراء الدولية ومحتوى الدراسات التي أوصت بها.
لذلك، عندما تدخل اتفاقية شاملة حول ملء السد وتشغيله حيز التنفيذ، فإن إعلان المبادئ سيكون استنفذ هدفه والغرض منه، وسيتحول إلى مجرد قطعة قانونية أثرية.
وعلى هذا النحو، سيستمر العمل بالمعاهدات الثنائية الأقدم والأوسع التي أبرمت بين الدول الثلاث لتنظيم استخدامها لمياه النيل. فعلى سبيل المثال، سيظل إطار عام 1993 للتعاون العام بين مصر وإثيوبيا واتفاقية مياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان ساريًا وملزمًا في العلاقات الثنائية بين الدول الثلاث. فإذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، فسوف تسري اتفاقيات القانون العام القديمة طالما لم يحل محلها اتفاقية بشأن ملء وتشغيل السد، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق بشأن السد، ستظل تلك القوانين العامة سارية وقابلة للتطبيق بين البلدان الثلاثة في حد ذاتها.
شبح التصرف المنفرد
أعلنت إثيوبيا أنها ستبدأ في ملء سد النهضة في وقت ما خلال صيف عام 2020. وأكدت أنها يحق لها البدء في ملء السد دون اتفاق مع شركائها من دول المصب المشاطئة، واحتجت بأن إعلان المبادئ يسمح لها بملء السد من جانب واحد أو على الأقل لا يحظر عليها ذلك
وتحتج أيضًا، كما أفاد باحث إثيوبي بأن «إعلان المبادئ ينص فقط على أن الدول الثلاث ستستخدم الدراسات للاتفاق على الملء الأول للسد والتشغيل السنوي له. وهذا هو السبب في أنهم يتفاوضون منذ عام 2015. ولكن ماذا لو فشلوا في الاتفاق على الدراسات؟ يقول الكاتب: «إن إعلان المبادئ التزم الصمت في هذه النقطة ولم يعالج هذا السيناريو». بعبارة أخرى: «لا يوجد شيء في إعلان المبادئ يمنع إثيوبيا من ملء سد النهضة واختباره».
التفسير الضيق لإعلان المبادئ يخرجه من مضمونه
أولًا: لتبرير الملء المنفرد للسد من خلال الاحتجاج بأن إعلان المبادئ لا يحظر صراحةً مثل هذا التصرف، ينقل الكاتب عن رئيسة محكمة العدل الدولية السيدة روزالين هيجينز قولها: «إن هذه شكلية جائرة». فمثل هذه الحجة تطيح بالهدف من وراء إعلان المبادئ وتفرغه من مضمونه تمامًا.
فإعلان المبادئ يتضمن فئتين من الالتزامات: التزام بالوسائل والتزام بالنتيجة. والأخير هو الالتزام بالموافقة على «إرشادات وقواعد» تنظم ملء وتشغيل السد، بينما الأول – التزام الوسائل – يُقصد به استخدام الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء الدولية أثناء المفاوضات بشأن «إرشادات وقواعد» ملء السد وتشغيله. وعلى الرغم من أن هذين الالتزامين مترابطين، إلا أنهما منفصلان ومتميزان في النهاية. إن عملية استكمال دراسات لجنة الخبراء الدولية هي مسعى متمايز عن عملية الموافقة على «الإرشادات والقواعد» التي تحكم ملء وتشغيل السد.
وتؤكد تصرفات الدول الثلاث هذا الأمر. ففي 15 مايو عام 2018، تبنت الدول الثلاث وثيقة بعنوان «نتائج الاجتماع الثاني الذي ضم تسعة وزراء للخارجية والمياه ورؤساء المخابرات في مصر، وإثيوبيا، والسودان». وتضمنت هذه الوثيقة تعليمات لشركة بيرلي الفرنسية، التي اختيرت لإجراء الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء الدولية. بموازاة ذلك، حددت هذه الوثيقة المجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي (NISRG)، التي كُلفت بصياغة قواعد ملء السد وتشغيله. ولم يرد ذكر دراسات لجنة الخبراء الدولية في التفويض الممنوح للمجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي. باختصار، ظلت العمليتان منفصلتين تمامًا، كما يقول الكاتب.
ثانيًا: بعد الإقرار بأن الموافقة على «إرشادات وقواعد» ملء السد وتشغيله لا تعتمد على استكمال دراسات لجنة الخبراء الدولية، يصبح من الواضح على الفور أن إعلان المبادئ يتطلب من الأطراف التوصل إلى اتفاق بشأن ملء السد وتشغيل، وأن ملء السد من خلال تصرف منفرد (أحادي الجانب) غير مسموح به.
وفي هذا الصدد، ينصح الكاتب بضرورة قراءة دقيقة للفقرتين (أ) و(ب) من البند الخامس من اتفاق إعلان المبادى ويعد ذلك أمرًا حيويًا. إذ يحدد هذان البندان التزامات واضحة للاتفاق على «الإرشادات والقواعد» لكل من «الملء الأول» و«التشغيل السنوي» للسد. وهذه الالتزامات منفصلة تمامًا عن الالتزام بالوسائل لاستكمال دراسات لجنة الخبراء الدولية والاستفادة منها، والمُضمنة في مقدمة الفقرتين (أ) و(ب). وعلى هذا النحو، جعل إعلان المبادئ «الملء الأول» و«التشغيل السنوي» للسد يعتمد على التوصل إلى اتفاق بين الأطراف على «الإرشادات والقواعد» التي تحكم هاتين العمليتين.
وهناك ملمح مهم على نحو خاص في إعلان المبادئ يؤكد هذا الاستنتاج: الفقرة (أ) من البند الخامس تحدد النشاط الوحيد الذي يمكن أن يستمر من جانب واحد دون دراسات لجنة الخبراء الدولية وبغض النظر عن حالة المفاوضات الخاصة بـ«إرشادات وقواعد» الملء والتشغيل. وهذا النشاط هو بناء السد. فوفقًا للبند الخامس، يُسمح لإثيوبيا ببناء سد النهضة بالتوازي مع الانتهاء من دراسات لجنة الخبراء الدولية، وبينما تتفاوض الدول الثلاث على «إرشادات وقواعد» ملء السد وتشغيله.
ومن خلال النص صراحة على أن بناء سد النهضة يمكن أن يستمر من جانب واحد، وإخضاع «ملء السد الأول» و«التشغيل السنوي» للسد إلى اتفاق يُبرَم بين الطرفين؛ جعل إعلان المبادئ بدء الملء مشروطًا بالتوصل إلى اتفاق بشأن «إرشادات وقواعد» الملء والتشغيل. ويشكل ملء السد في غياب مثل هذا الاتفاق خرقًا جوهريًا لإعلان المبادئ، على حد قول الكاتب.
رابعًا (وأخيرًا)، يُشكل حكم محكمة العدل الدولية لعام 1997 في قضية جابشيكوفو – ناجيماروس مثالًا طيبًا في هذا الشأن. ففي هذه القضية، نفذت تشيكوسلوفاكيا (ومن ثم سلوفاكيا) من جانب واحد مشروعًا حول مسار مياه نهر الدانوب. وخلصت المحكمة إلى أن هذا المشروع انتهك اتفاق 1977 مع المجر.
وفي حين أن سد النهضة ليس ملكية مشتركة ولا يُدار بطريقة مشتركة، فإن الوضع مشابه لقضية جابشيكوفو – ناجيماروس، في رأي الكاتب. وفي تلك الحالة، لاحظت محكمة العدل الدولية أنه «(من الصحيح) أن المجر، عند إبرامها معاهدة 1977، وافقت على سد نهر الدانوب وعلى تحويل مياهه إلى القناة الالتفافية. ولكن هذا جرى فقط في سياق عملية مشتركة وتقاسم لفوائدها، ما حدى بالمجر أن توافق عليها».
يتابع المقال: مثل المجر، وقعت مصر على إعلان المبادئ فقط في سياق أن ملء السد وتشغيله سيجري وفقا للقواعد المتفق عليها. وعلى العكس من ذلك، ومثل تشيكوسلوفاكيا (وسلوفاكيا)، ومن خلال التوقيع على إعلان المبادئ، حدت إثيوبيا من حرية عملها وتعهدت بالالتزام بملء السد وتشغيله وفقًا للقواعد المتفق عليها. ومن شأن ملء السد من جانب واحد أن يضع إثيوبيا في وضع مشابه لتشيكوسلوفاكيا، التي أشارت المحكمة إلى أنها انتهكت القانون الدولي من خلال «تولي السيطرة من جانب واحد على مورد مشترك، وبالتالي حرمان المجر من حقها في حصة عادلة ومناسبة من موارد الدانوب الطبيعية».
ويختم الكاتب قائلًا: إن الحالة الوحيدة التي يمكن فيها لإثيوبيا أن تحتج بأنه مسموح لها بملء سد النهضة من جانب واحد هي إذا رفضت مصر الدخول في مفاوضات حول «إرشادات وقواعد» الملء والتشغيل، أو إذا تصرفت بسوء نية وسعت إلى وقف هذه المفاوضات لمنع إثيوبيا من ملء السد.
والواقع، كما سبق للكاتب الإشارة في الجزئين الأول والثاني من هذا المقال، يقول: «إن العكس هو الصحيح. فلم تنخرط مصر فحسب في هذه المفاوضات بلا كلل ولا ملل، بل إنها قبلت وأبرمت اتفاقًا بشأن ملء السد وتشغيله أعده وسطاء محايدون. ومع ذلك، أوقفت إثيوبيا عملية إكمال دراسات لجنة الخبراء الدولية، ورفضت الاتفاقية التي أعدتها أطراف محايدة، وتستعد لبدء عملية ملء السد من جانب واحد».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «شبكة رمضان الإخبارية».