جرعة البلازما في مصر بـ50 ألف جنيه، ومئات المحتالين يدّعون الإصابة بالكورنا

لم تكن السيدة سميحة المصابة بكورونا التي تقطن في مركز مباشر تابع لمحافظة الشرقية تتوقع أن يمتنع ابن سلفها “شقيق زوجها” المتعافي عن التبرع لها ببلازما الدم بعد تدهور حالتها. 

آلام سميحة الأكبر كانت بعدما سمعت ما قاله “الولد” لأبناء عمومته، إنه مستعد للقيام بذلك مقابل مبلغ من المال أو أن تتنازل له عن قيراط أرض، متفاخراً بأنه بذلك “بيعملها تخفيض”، خصوصاً أنه تلقى عروضاً للتبرع بدمه أكثر مما يطلبه منها بكثير.

أمام تدهور الحالة قبلت السيدة المسكينة بشروط ابن شقيق زوجها وتم الاتفاق مع أحد أقاربها، ويعمل فنياً بمعمل تحاليل بمدينة الزقازيق على سحب دماء الشاب وفصل البلازما لحقن السيدة، لكن السيدة الخمسينية توفيت قبل إتمام العملية.

لا يشعر الشاب بأي نوع من تأنيب الضمير بل يشعر بأنه ضحية مثلها تماماً، مفسراً موقفه بأنه عندما أصيب بالمرض لم يجد من يقف بجانبه، ونفر الجميع منه بل إن الأطفال كانوا يرمون منزله بالطوب هاتفين “كورونا كورونا”.

ثم عانى الأمرين بمستشفى ديرب نجم لكي يجد مكاناً أو علاجاً له وجلس ليالي على الرصيف المقابل للمستشفى عسى أن يرحموه ويقبلوا معالجته، لكنهم نصحوه أخيراً بالعزل المنزلي، فضلاً عن أن حقيبة الدواء كان ينقصها نوع معين لم يجده بالصيدلية واضطر لشرائه من السوق السوداء بـ 750 جنيهاً رغم أن سعره الأصلي 85 جنيهاً فقط.

كان من المحتمل أن ينسى الشاب المتعافي المأساة التي مر بها غير أن “وصمة كورونا” لازمته واستغن عنه صاحب مصنع الألبان الذي يعمل به، خوفاً من انصراف الناس عن محله بسبب تشغيل مصاب بـ”الكورونا” ولم يجد الرجل عملاً ولم يدخل بيته جنيه من وقت إصابته، وكان يعيش على المال الذي يحصل عليه من بيع “عفش” بيته بسعر بخس.

45 متعافياً فقط هم من عرضوا التبرع بالبلازما في معامل وزارة الصحة

بعد أن روى الشاب الذي رفض بإصرار شديد ذكر اسمه حتى لا تزيد معاناته مع الجيران والمحيطين به، حكايته الغريبة التي تختلط فيها المأساة بالأكشن على طريقة الأفلام الهندية، أطلق زفرة جمعت بين الارتياح والغضب في آن قائلاً: “بعد كل ده حد له عين يقولي اتبرع واتعاطف مع الناس المريضة؟! هو مين كان اتعاطف معايا وأنا عيان.. ده سلو بلدنا اللي عنده حاجة محتاجاها الناس يركب ويتشرط، واللي محتاج يقف في طابور الذل لغاية ما ييجي دوره”.

كانت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان قد أطلقت حملة لتشجيع المتعافين من فيروس كورونا المستجد على التبرع ببلازما الدم للمساهمة في علاج الحالات الحرجة من مصابي فيروس كورونا، ويمكن للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-65 عاماً في مصر التسجيل كمتبرعين بالدم على (فيسبوك) من خلال خاصية “تبرّع بالدم” الموجودة على الملف الشخصي أو من خلال الضغط على الرابط التالي:

وسيتم إرسال رسائل للمسجلين كمتبرعين عن إمكانية الحصول على طلبات وفرص التبرع من خلال خاصية “تبرّع بالدم على فيسبوك” على هواتفهم المحمولة، وذلك من خلال 28 فرعاً للمراكز القومية لخدمات نقل الدم بمصر. 

لكن مصدراً بوزارة الصحة أكد أن أعداد المتبرعين ببلازما الدم حتى الآن 45 متبرعاً مشيراً إلى أن ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي عن تصريح وزيرة الصحة بأن هناك 600 ألف متبرع بالبلازما من المتعافين من الفيروس غير صحيح، متحدياً من يتداولونه أن يأتوا بدليل على صحته.

المتعافون من فيروس كورونا المستجد تحولوا إلى رجال أعمال انتهازيين

لا يختلف رد فعل عامل الألبان عن الكثيرين الذين عانوا بعد إصابتهم بالفيروس المستجد، وعبر عنهم النشطاء على مواقع التواصل كما يتضح في المنشور التالي

https://twitter.com/Mohamed914a/status/1270574985480978433

لكن بين حالات المتعافين الحانقين تسلل انتهازيون مثل هؤلاء الذين تكتظ بهم أبنية وشوارع المحافظات المصرية، الذين لا يرون في أي كارثة سوى فرصة مواتية للتربح، حيث بات الواحد منهم خصوصاً ممن يملكون فصائل دم نادرة مطلوباً في السوق بشدة مثل لاعبي الكرة الموهوبين، ووصلت المبالغ التي يتقاضاها أي منهم مقابل التبرع بدمه لمرة واحدة الى 40 و50 ألف جنيه مصري، حسب ندرة فصيلة دمه، والحالة الاقتصادية والاجتماعية للمحتاج للتبرع ومدى حرج حالته الصحية.

ومثّل إعلان وزارة الصحة عن نجاح تجربة استخدام بلازما المتعافين من الفيروس لعلاج الحالات الحرجة، فرصة ذهبية لظهور السوق السوداء لبيعها وتناقلَت مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً عن طلبات وعروض، استغلالاً لحاجة المرضى الذين يتوقون إلى العلاج والشفاء من هذا الفيروس سريع الانتشار.

وتمارس ذلك النشاط عصابات منظمة داخل محافظات مصر المختلفة، يقسم أفرادها الأدوار فيما بينهم، فالبعض مسئول عن الاتفاق مع “الزبون” داخل مجموعات سرية فى منصات التواصل الاجتماعي، خاصة “فيسبوك” سواء كان مشترياً أو بائعاً، ومهمته إجراء الاتصالات الهاتفية للتنسيق بين الطرفين، وهناك جناح ثالث يتولى تحصيل الأموال ومنح المتبرع جزءاً منها.

 السرية التامة شعار سماسرة البلازما للتعامل مع المتبرع والمحتاج

تدور المفاوضات بين الأطراف الثلاثة حول المبلغ الذي سيدفعه المصاب بالفيروس، ومكان وموعد الحصول على عربون كـ “ربط كلام” كما يقولون والتحاليل الخاصة بالمصاب، والاتفاق مع أحد المتعافين على المبلغ الذي سيحصل عليه مقابل البلازما الخاصة به، وصولاً إلى توفير المكان المخصص لإجراء عملية نقل الدم وفصل البلازما عنه، بعيداً بالطبع عن المعامل المركزية لوزارة الصحة التي تشترط احتفاظها بالبلازما المتبرع بها وأن تتم العملية برمتها تحت مباشرتها، وأخيراً تأتي عملية نقلها للمصاب.

ويشدد جميع “السماسرة” الذين يتاجرون في بلازما المتعافين بالسوق السوداء على السرية التامة، كونهم يعلمون جيداً مدى خطورة الأمر، وما الذي قد يحدث لهم إذا كُشف أمرهم أمام الجهات المعنية.

وفي الوقت الذي يرفض فيه السائقون حمل جثمان مصاب بكورونا رصد “عربي بوست” أن هناك سماسرة يمكنهم توفير سيارة لنقل الحالة المصابة من منزلها إلى مكان العيادة التي ستتم بداخلها عملية نقل البلازما، وذلك بعد الذهاب إلى أحد المعامل الخاصة لفصل البلازما عن الدم، وتكلفة خدمة النقل تعتمد على قرب أو بعد الحالة من المكان المنشود.

لكن الغريب والمقزز أن يستغل القليلون تعلق المصابين أو ذويهم بأمل الشفاء للنصب عليهم مثلما ذكرت الدكتورة إيناس وهي طبيبة بأحد المراكز المغمورة بالتجمع الثالث، حيث جاء إليها قبل أيام شخص لا يبدو أنه يعاني من أية أعراض للإصابة بكورونا، وطلب منها تقريراً بأنه من المتعافين.

وتضيف “انفعل الرجل بشدة عندما رفضت وعرض علي مبلغاً من المال على سبيل الرشوة، مما أثار استغرابي أكثر من غضبي، لأن الرجل لا يبدو من هيئته الرثة، إنه يملك مثل هذا المبلغ، وبسبب الفضول قمت بمجاراته لمعرفة الهدف من وراء طلبه.

وبعد حديث قصير سألته فيه عن الهدف من التقرير حتى تكتب له واحداً “لا يتسرب منه الماء” لأن لكل جهة في الدولة صيغة معينة في كتابة التقرير، أخبرها الرجل بكل بساطة أن له عماً ثرياً أصيب بالفيروس، وأن أبناءه يبحثون له عن متبرع وسيدفعون له كل ما يريد، ففكر في استغلال الموقف خصوصاً أن فصيلة دمه مطابقة لفصيلة دم عمه لكنه ليس معه ما يثبت أنه من المتعافين وتلك الشهادة ستكون بمثابة طوق النجاة له، واعترف أيضاً أنه لم يصب بكورونا من قبل ولم يجر أي تحاليل أو أشعة أو مسحات، كما لم يعان من أي أية أعراض تشبه تلك التي قالوا إنها مؤشر على الإصابة بالفيروس، وعند هذا الحد استدعت أمن المركز ليقوموا بطرده.

وتقول الطبيبة لـ”عربي بوست” إن الأيام القادمة ستشهد محاولات متنوعة للتحايل والنصب في حال تم اعتماد بلازما دم المتعافين في علاج المصابين بكورونا، مشيرة إلى أن المصريين سيضعون “التاتش المصري” كما فعلوا مع أشياء كثيرة.

وحذرت الطبيبة من السوداء لدماء المتعافين من الفيروس، بسبب خطورتها الكبيرة على صحة المصابين، مشيرة إلى أن هناك 3 أشخاص لقوا حتفهم بعد نقل البلازما إليهم.

وشددت على خطورة تداول البلازما في السوق السوداء دون إشراف طبي كامل في مستشفيات العزل وبنوك الدم، وإجراء تحاليل الدم المطلوبة والفحوصات الشاملة للمتبرع والمستقبل، وذلك بسبب وجود فيروسات خطيرة مثل “فيروس سي وبي” داخل البلازما المنتقلة عبر الأشخاص، “يعني يخف من كورونا ويعيش بقية حياته يعاني من أمراض تانية”.

سماسرة على الإنترنت يستغلون حاجة المصابين وذويهم للنصب عليهم

نوع آخر من النصب يمارسه من يقدمون أنفسهم سماسرة البلازما المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يدخلون على التعليقات على أي منشور لشخص يستغيث طالباً التبرع بالبلازما لقريب له يعاني من درجات متقدمة من أعراض كوفيد 19، حيث يدخل هذا السمسار ويكتب تعليقاً يطلب فيه من صاحب المنشور التواصل معه على الخاص.

“عربي بوست” تواصل مع السمسار برسالة على الماسنجر الخاص به، لتروي قصة وهمية عن مريض في حالة حرجة يحتاج لبلازما الدم بسرعة وفصيلة دمه O نيغاتيف، وسرعان ما رد الرجل مؤكداً قدرته على توفير تلك الفصيلة النادرة، لكنه أردف قائلاً إن الأمر سيتكلف نحو 50 ألف جنيه مصري لأن تلك الفصيلة من المتعافين على حد قوله نادرة، وعندما حاولنا “الفصال” معه في السعر قال إنه مجرد وسيط وأن هناك من سيتواصل معنا خلال ساعات.

لم تمر ساعات قليلة حتى تواصل شخص آخر هاتفياً، ليستفسر من جديد عن نوع فصيلة الدم وبعض البيانات عن المريض ووظيفته ومكان سكنه، وبعد ان عرف ما يسأل عنه وكلها كانت بيانات “مضروبة” أبلغنا أنه سيبحث عن متعافٍ من الفيروس داخل مدينة أشمون التي زعمنا أننا نقطن فيها، وقال إن مكان ملاقاة المتبرع سيكون داخل مستشفى أشمون، مؤكداً أن هناك طبيباً بالمستشفى سوف يستقبلنا ويعرفنا على المتبرع كما سيقوم بإنهاء جميع إجراءات نقل البلازما من المتعافى إلى المصاب، لكن علينا أن ننتظر مكالمة جديدة منه في خلال دقائق.

بالفعل بعد مرور أقل من ربع ساعة عاود الرجل الاتصال قائلاً بصوت متهلل إنه وجد الشخص المناسب للتبرع، وسأل عما إذا كنا نحمل ورقة وقلماً لتسجيل اسم الرجل وموعد ملاقاته في مستشفى أشمون، وعندما اطمأن على اقتناعنا باقتراب بلوغ الأمل في الشفاء للمريضة المزعومة، فاجأنا بطلب غريب وهو رقم بطاقة ائتمانية ضماناً لحقه في حالة عدم الدفع له في المستشفى، مؤكداً أنه لن يستخدمها إلا في حالة تهربنا من الدفع.

حاولنا إفهامه بأن ما يطلبه ليس ضرورياً ويمكن للمتبرع أن ينسحب من العملية كلها إذا لم ندفع له قبل دخول غرفة سحب الدم، لكنه أصر على طلبه أو علينا أن ننسى موضوع التبرع، و”الله يرحمها بقى المريضة بتاعتكم”، ما دفعنا لإغلاق الهاتف وإنهاء الاتصال.

لاحقاً عرفنا من صاحب المنشور الذي تعرفنا على السمسار من خلاله أن نفس الخطوات تمت معه، ولأن والدته كانت مريضة بالفعل وفي مرحلة حرجة من المعاناة من الفيروس، استجاب له وأعطاه رقم بطاقة الائتمان وكذلك رقم الـ CVV الموجود على ظهر البطاقة، والذي يستخدم في حالات الشراء عبر الإنترنت، وانتظر دقائق حتى تأكد الرجل على الهاتف أن البطاقة لديها رصيد نشط يسمح بالسحب، ثم طلب منه الكود الذي يرسله البنك للعميل للتأكد من رغبته في إتمام العملية وأن البطاقة بحوزته وليست مسروقة وهو ما فعله، وعندما عاد له أعطاه اسم المتبرع المزعوم واسم الطبيب الذي سيقوم بتسهيل العملية في مستشفى خاص بمحافظة الجيزة حيث يقطن الرجل، على أن يكون موعد اللقاء في العاشرة صباح اليوم التالي.

لكن خلال دقائق معدودة فوجئ الرجل برسالة من البنك تبلغه أنه تم خصم ما قيمته 300 دولار من حساب بطاقته الائتمانية لتمويل شراء بضائع من أون لاين ستور.

حتى ذلك الوقت لم يشعر الرجل بالسوء وإن وجد الأمر مشبوهاً، لكن همه الأول كما قال لـ”عربي بوست” هو مقابلة المتبرع والحصول على بلازما الدم لوالدته لإنقاذ حياتها، لكنه اكتشف عملية النصب عندما ذهب في الموعد المقرر ليجد أنه لا يوجد طبيب يحمل الاسم الذي أعطاه له السمسار النصاب، وطبعاً لم يجد المتبرع المزعوم.

بلازما المتعافين من كورونا مفيدة فقط للمصابين في مراحل متأخرة

مفارقة مثيرة للاهتمام توصل إليها “عربي بوست” وهي تبحث في الموضوع تتعلق بمدى فائدة بلازما الدم للمصاب بفيروس كورونا، وهي ملاحظة كفيلة بتغيير نظرة المصريين للأمر بشكل عام، وتساهم في تقليل الاندفاع الأعمى للبعض للحصول على البلازما دون النظر لحالة المصاب وما إذا كان يحتاجها أم لا.

فقد بَين الدكتور محمد وهو طبيب رعاية بمستشفى الباجور بمحافظة المنوفية أن بلازما المتعافين مفيدة جداً، لكن فقط بالنسبة للمصابين في مراحل متأخرة من المعاناة مع الفيروس، وتحديداً الذين يدخلون في نوبات ضيق التنفس لدرجة الحاجة إلى جهاز التنفس الصناعي، حيث يكون الجهاز المناعي لهؤلاء بلغ مرحلة الاستسلام الكامل أمام الفيروس، وبالتالي تساهم بلازما المتعافي أو “مصل النقاهة” كما يطلقون عليه في ضخ أجسام مضادة لمقاومة الفيروس ريثما يستعيد الجهاز المناعي للمريض وظيفته الطبيعية.

وأضاف قائلاً إن البلازما هي جزء من العلاج وليست “الحل السحري” الذي يشفي المصاب دون أي مجهود، لافتاً إلى أن استخدام بلازما المتعافين يحول الحالات الحرجة إلى متوسطة، ولا يشفيها بشكل كامل إلا بعد الاستمرار على بروتوكول العلاج الموضوع من قبل وزارة الصحة.

وقال أيضاً إن أي مريض يتم علاجه من الفيروسات أو الميكروبات المختلفة تتكون تلقائياً لديه أجسام مضادة، يوجد منها نوعان، الأول يخرج مع ظهور المرض في المرة الأولى لمحاربة الفيروس، ثم ينتج الجسم، بعد أسبوع أو أسبوعين من الإصابة، أجساماً مضادة أخرى تدوم مدى الحياة، وتساعد على عدم الإصابة بالعدوى مرة أخرى.

وحول كيفية استخلاص البلازما من الدم قال “كما تعلمون فإن الدم مكون من كرات بيضاء وحمراء، وصفائح دموية، إلى جانب البلازما التي تحتوي على بروتينات وأجسام مضادة ومواد ذائبة في الدم، ويتم فصلها عن طريق جهاز مخصص شبيه بجهاز غسيل الكلى، حيث يتم توصيله بوريد المتبرع، وسحب الدم الذي يخضع لعملية فلترة فورية للحصول على البلازما، ثم يعود للوريد مرة أخرى.

وزارة الصحة ترفض التبرع بين الأقارب تفادياً لتشجيع السوق السوداء

يقدم فادي وهو طبيب تحاليل بالمركز القومي للدم لـ”عربي بوست”، مزيداً من التفاصيل حول الموضوع فيقول إن بلازما الدم الخاصة بالمتبرع المتعافي من فيروس كورونا لها علاقة بفصيلة دم المريض الذي يتلقاها، ولكن لا تشترط الـ RH، بمعنى أن الأشخاص أصحاب فصيلة O سيحتاج لنقل بلازما بنفس الفصيلة سواء أكانت موجبة أو سالبة”.

ويشير الطبيب إلى أن الموضوع كان محدداً في البداية فالتبرع كان عن طريق الـ5 مراكز القومية وتم نشر بيان ومنشورات على صفحات فيسبوك بالعناوين وأرقام تليفونات تلك المراكز، كما أن الصورة كانت واضحة أيضاً بالنسبة لصرف وحدات البلازما.

لكن المشكلة ظهرت لاحقاً حين أحجم المتعافون عن التبرع بشكل واضح دون أسباب ظاهرة كما قال، مضيفاً “كان بييجي لنا أهالي مريض معاهم حد من المتبرعين بيقولوا لنا أنه متعافي ويحمل نفس فصيلة المصاب وعايز يتبرع له بالبلازما، فكنا نرد عليه بالتعليمات التي لدينا بأن التبرع عملية اختيارية لكن ليس من حق المتبرع توجيه دمه أو البلازما المستخرجة منه لمصاب بعينه، وعليه أن يترك التصرف في البلازما لوزارة الصحة التي توجهه للمصابين حسب درجة حرج الحالة واحتياجها، وفي 99% من الحالات كان الناس يسمعون ذلك فينصرفون دون تبرع”. 

وعندما سألنا الطبيب الشاب عن سبب هذا التصرف من الوزارة الذي يبدو متعنتاً قال إن الهدف هو عدم مشاركة الوزارة في تقنين السوق السوداء، التي تقوم في الأساس على فكرة أن المتبرع يحدد من يعطيه دمه، خصوصاً إنه لا توجد وسيلة متوفرة لدى الأطباء وفنيي المعامل للتأكد مما إذا كان بين المتبرع والمتبرع له صلة قرابة من عدمها، وأنه ربما يكون هناك اتفاق على مبالغ مالية وهو ما تتجنب الوزارة الوقوع فيه أو التشجيع عليه.

الأزهر يحرّم المتاجرة بالبلازما والقانون المصري يجرمها

يشير محمد مصطفى ( محام) أن نقل البلازما خارج المنشآت الطبية المرخصة يعتبر جريمة نص عليها المشرع في المادة 18 من القانون 142 لسنة 2017، يعاقب مرتكبها بالسجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، كما أن أي شخص يساعد في القيام بعملية خارج المنشآت الطبية المرخصة وفي حالة وفاة المتبرع أو المتلقي تكون العقوبة هي السجن المؤبد.

وفي حالة الحصول على البلازما من شخص ما عن طريق التحايل أو الإكراه فهذه جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن المؤبد حسب المادة 19 من القانون 142 لسنة 2017، وفي حالة ثبوت الحصول على مقابل مادي تعتبر جريمة متاجرة بالأعضاء البشرية.

كذلك أصدر مركز الأزهر العالمي فتوى بعدم جواز بيع المتعافي من كورونا بلازما دمه مستغلاً الجائحة باعتبار إن جسد الإنسان ملك للخالق سبحانه وليس للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك.

وأوضح أن بيع المتعافي بلازما دمه يعد اتجاراً محرماً متفقاً على تحريمه، والأشد منه حرمة أن يتاجِر المتعافي بآلام الناس فيبالغ في ثمن دمه، ويعقد عليه مزاداً سرياً أو علنياً، وأن يستغل حاجة الناس ومرضهم وفاقتهم.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …