بعد 14 شهرا من إطلاق هجومه على العاصمة الليبية طرابلس، وقف المشير خليفة حفتر أمام الصحفيين يوم السبت الماضي في القاهرة، وإلى جانبه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، للإعلان عن استعداده للقبول بوقف إطلاق نار برعاية مصرية، إلى جانب مبادرة للعودة إلى المحادثات السياسية بين الفرقاء الليبيين.
ويقول موقع “مدى مصر” إن هذه المبادرة الجديدة تمثل تغيرا في طريقة إدارة الأزمة الليبية، حيث إن موسكو والقاهرة بدأتا بلورة مخطط للاستغناء عن دور خليفة حفتر، وذلك بعد انهيار جيشه في الغرب.
ويضيف الموقع أن حفتر الذي كان حليفا لمصر، جاء إلى القاهرة يوم الأربعاء في محاولة يائسة لطلب الدعم العسكري في المعارك ضد حكومة الوفاق الوطني، من أجل السيطرة على الغرب الليبي تحت شعار “محاربة الإرهاب المدعوم تركيًا”.
ونقل الموقع عن مصدر مطلع في القاهرة أن حفتر فشل في عقد لقاء ثنائي وجها لوجه مع السيسي، وذلك بسبب امتعاض كبار المسؤولين المصريين منه، حيث إنهم كانوا منذ البداية مترددين بشأن هجوم قواته على طرابلس في أبريل/نيسان 2019، رغم أن هذه الخطوة كانت تحظى بدعم فرنسا والإمارات والأردن وروسيا.
ويشير الموقع إلى أن السهولة النسبية التي رافقت استعادة السيطرة على مدينة ترهونة، والانسحاب المنظم الذي قامت به قوات حفتر، كانت أمورا غير متوقعة حتى بعد سقوط قاعدة الوطية الجوية الإستراتيجية في منتصف مايو/أيار الماضي، عندما كانت مصر والإمارات قد شرعتا فعليا في إجراء ترتيبات لخروج حفتر من موقعه في قلب الساحة الليبية.
وبحسب المحلل الليبي في معهد كليجندايل للعلاقات الدولية في هولندا جلال حرشاوي، فإن المسؤولين في مصر كانوا يدركون أن القاهرة لم تعد هي المسيطرة على مجريات الأمور، إذ إنه إلى جانب تدخل تركيا في الغرب، برزت روسيا كداعم أجنبي قوي في برقة.
ونقل الموقع عن مصدر مصري آخر، أن هنالك توقعات في الوقت الحالي بحدوث اتفاق تركي روسي، وهو ما يعني أن القاهرة يجب عليها أن تنتظر لترى التطورات المقبلة، حيث يعتقد هذا المصدر أنه سيكون هنالك اتفاق بين تركيا وروسيا حتى لا تنتقل قوات حكومة الوفاق إلى الشرق الليبي، بينما تواصلت مصر مع الولايات المتحدة لطلب ضمانات برسم خط لا يمكن لقوات الوفاق تجاوزه.
ويشير الموقع إلى أن مصر وروسيا تسعيان لوضع خطة لتجاوز الأزمة الليبية، ترتكز أساسا إلى خارطة الطريق السياسية التي قدمها عقيلة صالح الذي كان في السابق مساندا قويا لحفتر، ولكنه بات الآن يسعى وراء دور سياسي أكبر لنفسه، وبدأ يتحرك ضد الجنرال.
وتتمحور خارطة الطريق التي قدمها عقيلة صالح حول انتخاب مجلس رئاسي جديد مكون من ثلاثة أعضاء، يمثلون المناطق التاريخية الليبية الثلاث، وهؤلاء يقومون بتشكيل حكومة جديدة.
مغادرة حفتر
وبحسب مصدر مصري، فإن كل أنصار حفتر باتوا يدركون أن هذا الجنرال لم يعد زعيما عسكريا وسياسيا قويا، إلا أن حفتر لن يتم إخراجه قبل خروج السراج، أي أن الرجلين قد يغادران المشهد السياسي مع بعضهما.
وينقل الموقع عن مصدر ليبي مقرب من حفتر قوله “إذا وجد الأتراك أن من الضروري الطلب من السراج الانسحاب في إطار اتفاق سياسي للتخلص من حفتر، فإنهم سيفعلون ذلك والسراج لن يمانع بالضرورة”.
ويذكر الموقع أن حفتر لن يتم إخراجه من المشهد بشكل كامل وفوري، بل سيقبع حاليا في القاهرة إلى أجل غير محدد، ويخضع لمراقبة لصيقة في أثناء تنفيذه للخطة القاضية بتشكيل هيكل سياسي يقود الشرق، وذلك بحسب ما أكده مسؤول عسكري ليبي رفيع المستوى ومقرب من حفتر.
كما يذكر مصدر مصري آخر أن حفتر سيبقى في القاهرة بضعة أسابيع على الأقل، وبعد ذلك سيحتاج لإيجاد مكان يتقاعد فيه.
ونقل الموقع عن مصدر ليبي قوله إنه في غياب حفتر يمكن أن يكون هنالك اتفاق حول الشخص الذي سوف يحل محله في قيادة الجيش الوطني الليبي في الشرق.
وبحسب مصدر في هذا الجيش، فإن اللواء فرج بوغالية -وهو من أنصار نظام معمر القذافي سابقا- من الأسماء المرشحة لهذه المهمة، وذلك خوفا من فقدان دعم رجال النظام السابق الذين يدينون بالولاء لحفتر وروسيا.
وهنالك أسماء أخرى أيضا مرشحة، مثل عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان جيش حفتر، والعميد صقر الجروشي رئيس أركان القوات الجوية.