تحرص ديردري تايلور، وهي تستعد لمغادرة منزلها الكائن في ولاية فيرجينيا لمحاربة فيروس كورونا بنيويورك في الخطوط الأمامية، على أن تأخذ معها أحد الأشياء التي احتفظت بها لأكثر من ثلاثة عقود، الأمر يتعلق بمقال صحفي منشور في الصفحة الأولى لإحدى الصحف، لكن الأمر ليس مجرد مقال صحفي عادي، بل إنه لحظة ولادة جديدة، عندما تم إنقاذها من شقة مشتعلة، كادت تقضي على حياتها.
لقد حدث ذلك عام 1983، في شقة بمدينة نيويورك، حينها كانت ديردري تبلغ من العمر 4 سنوات فقط. تُظهر الصورة في المقال المنشور بالصفحة الأولى ديردري وهي طفلة مع يوجين بوغليس، الرجل الذي أنقذها.
قالت ديردري لشبكة CNN: “لطالما علمت أنني كنت قد شارفت أن أفقد حياتي في ذلك اليوم. لولاه، ما كنت هنا. بفضله، أصبح لديَّ فرصة ثانية في الحياة”.
رحلة البحث عن المنقذ: اليوم تبلغ ديردري من العمر 40 عاماً، وتعمل ممرضة في غرفة الطوارئ، وتعيش مع زوجها وطفليها في مقاطعة الإسكندرية بولاية فرجينيا، ومنذ الحادثة، تتساءل ديردري عما قد حلّ بالإطفائي الذي أنقذها، غير أن بحثها عنه عبر الإنترنت لم يسفر عن شيء. وبينما كانت تستعد لقضاء شهرين للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا بمستشفى جامعة نيويورك لانجون في مقاطعة بروكلين، رأت ديردري في ذلك فرصة للعثور عليه أخيراً.
قصّت ديردري حكايتها على رجل إطفاء خلال إحدى مناوبات عملها. اتصل بدوره بالقائد الحالي لمركز إطفاء مدينة نيويورك FDNY Ladder 20 في مانهاتن، الذي علِم عمّن تبحث ديردري بالتحديد.
اتصلت ديردري ببوغليس بعد نوبة عملها مباشرة والذي سُرَّ للغاية لسماعه صوتها.
تقول ديردري: “تساءلت عن مصيره خلال أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وأملت أن تتسنى لي الفرصة كي أشكره، وها أنا فعلت في النهاية”.
كان بوغليس، البالغ من العمر الآن 75 عاماً، “في غاية السعادة” عندما تلقى مكالمة من ديردري يوم الجمعة.
علّق بوغليس، المقيم في مقاطعة سبرينغ ليك بولاية نيوجيرسي، لشبكة CNN: “انخرط كلانا في وصلة بكاء عبر الهاتف”، مضيفاً أنه يملك المقالة نفسها محاطة بإطار ومعلَّقة على جداره لـ 25 عاماً الآن. تابع: “كبرت لتصبح امرأة مميزة تتمتع بحياة رائعة”.
يوم شتاء بارد: في الوقت الذي لا تتذكر فيه ديردري سوى أجزاء وبعض مما حدث في ذلك اليوم من شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1983، إلا أن بوغليس، الذي تقاعد قبل 24 عاماً، يتذكره بوضوح.
كان بوغليس بحي سوهو في مانهاتن يفحص أنابيب المياه عندما اقترب منه رجل، قال إن هناك حريقاً في نهاية المربع السكني. تبع بوغليس الرجل إلى مبنى للشقق العلوية، حيث لاحظ الدخان الخارج من وحدة في الطابق السادس.
عند دخوله الشقة المعبأة بالأدخنة، لاحظ بوغليس وجود امرأة، وبعد أن أنقذها قالت إن طفلتها كانت لا تزال داخل الشقة.
قال بوغليس: “واصلت الصراخ: طفلتي! لذا عدت ووجدت فتاة صغيرة فاقدةً الوعي”. بعد ذلك قام بإجراء تنفس اصطناعي لها من الفم حتى استردَّت وعيها.
تابع بوغليس، الذي حصل على وسام والتر سكوت للشجاعة؛ لإنقاذه ديردري: “لم أرها مرة أخرى بعد ذلك، لكنني تساءلت دائماً عما حلّ بها”.
لمُّ شمل: اكتشف بوغليس وديردري أن هناك كثيراً من الأمور المشتركة بينهما عندما جددا التواصل.
جُندت ديردري بالجيش الأمريكي في عيد ميلادها السابع عشر، وعملت بنهاية المطاف في الحرس الوطني قائدة مروحية قبل مغادرتها الجيش لتأسيس عائلة والدراسة لتصبح ممرضة. أما بوغليس، فشغل منصب رقيب في سلاح مشاة البحرية، قبل أن يصبح إطفائياً، حيث قاتل في حرب فيتنام.
تعقّب ديردري: “علاوة على ذلك، كلانا من مشجعي فريق اليانكيز!”.
تحدَّث بوغليس وديردري مرتين منذ أن أعادا التواصل يوم الجمعة، ويأمل كل منهما الالتقاء بمجرد أن تكون الأوضاع آمنة، ويفضّل أن يكون ذلك في مباراة لفريق اليانكيز.
قال بوغليس: “آمل أن ألتقيها قريباً، ربما في وقت لاحق، هذا الصيف. أحب مقابلة طفليها والذهاب معاً إلى مباراة لفريق اليانكيز”