قال رامي مخلوف، قطب الأعمال السوري المعاقب دوليا بتهم تتعلق بالفساد والتربح غير المشروع على حساب قوت السوريين، اليوم الأحد، إن قوات الأمن بدأت في اعتقال موظفين في شركاته المختلفة فيما وصفها بأنها زيادة للضغوط عليه بعد أيام من مطالبة السلطات السورية له بدفع ضرائب ضخمة.
وقال مخلوف في تسجيل فيديو جديد بثه عبر فيسبوك: “اليوم بلشت الضغوطات بطريقة غير مقبولة وغير إنسانية، وبلشت الأجهزة الأمنية تعتقل موظفينا”.
وموجها كلامه للأسد في الفيديو قال مخلوف إنه طُلب منه التنحي عن الشركات التي يديرها، ومن بينها “سيريتل”، وهي المشغل الأساسي في البلاد لخدمات الهاتف المحمول ومصدر رئيسي للعائدات للحكومة المتضررة من العقوبات المفروضة عليها.
وقال مخلوف: “هل أحد يتوقع الأجهزة الأمنية تأتي على شركات رامي مخلوف اللي هي أكبر داعم للأجهزة الأمنية وأكتر راعٍ لهم أثناء الحرب؟”.
ومخلوف هو ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد ويعتبر بشكل كبير جزءا من الدائرة الداخلية للرئيس. ولدى مخلوف امبراطورية أعمال تتنوع من الاتصالات وحتى العقارات والمقاولات وتجارة النفط. ويقول مسؤولون غربيون إنه لعب دورا كبيرا في تمويل الأسد خلال الحرب.
وكان رامي مخلوف قد وجه رسالة أخرى قبل أيام لرئيس النظام، حينما وصف جميع المحيطين به، بأنهم ليسوا أهلا للثقة.
وظهر رامي فجرا في فيديو نشر على صفحة تحمل اسمه، غيّر فيها صورته، ووضع مكانها أخرى، إنما بلحية، للرد على مطالبات من مؤسسات النظام المالية، بدفع مبلغ كبير لخزينة الدولة، بعدما أنذرت الهيئة الناظمة للاتصالات، شركتي “سيرياتل” و”إم تي إن” اللتين يسيطر عليهما مخلوف، بدفع أكثر من 230 مليار ليرة سورية، لخزينة الدولة، مرفقة بتهديد في حال عدم الدفع، باتخاذ إجراءات قانونية.
وكان سبق تلك الإجراءات، وضع يد مؤسسة رئاسة النظام السوري، على مجمل شركات مخلوف، في شهر آب/ أغسطس الماضي، وحلّ ميليشيات “البستان” التابعة له، وسط تكهنات لم يتم التحقق منها، بوضع مخلوف تحت إقامة جبرية، حسب ما تناقلته وسائل إعلام، في أواخر العام الماضي.
غير قادر على التواصل معه
وبحسب مراقبين، فإن ظهور رامي مخلوف، عبر فيديو، مخاطبا الأسد وطالبا منه بعض الأمور، يؤكد، أولاً، أن الرجل غير قادر على التواصل مع الأسد، مباشرة، وأن خطوط الاتصال بينهما مقطوعة، وما ظهور مخلوف مخاطبا قريبه الأسد، ومتوسلا، سوى دليل على ما أقلّه “تجميد” العلاقة بين الرجلين.
وطالب مخلوف الأسد بأن يقوم هو شخصيا بالإشراف على إنفاق ما سيدفعه لخزينة الدولة، على الفقراء، لأنه “لا توجد ثقة بكل هؤلاء الناس، أرجوك!” كما قال. وهي رسالة تعني اتهاماً مباشرا وصريحاً لجميع من حول الأسد بأنهم ليسوا أهلا للثقة. مما حدا بالبعض للتعليق: إذا كان ابن خال الأسد لا يثق بكل من حول رئيس النظام، فمن سيثق إذن؟
وسعى مخلوف من خلال الفيديو المشار إليه، لاستمالة من وصفهم كثيرا بالفقراء في سوريا، مطالبا الأسد أن يكون “مؤتمنا” عليهم، حتى بدا الفيديو كما لو أن البلاد لا يوجد فيها سوى الأسد وابن خاله، بحسب تعليقات تساءلت عن سرّ طعن مخلوف “الخطير” بالمؤسسات وبجميع من حول الأسد.
متعب من الطاقم!
وأشار بعبارات ملتبسة الدلالة، متوجهاً باتهام آخر لمن حول رئيس النظام السوري، فقال له: “أنا تعبتُ كثيراً من الطاقم الموجود” دون أن يصرّح عن أي طاقم يتحدث، خاصة أن تحليلات صحافية، وأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت زعمت وجود ما يعرف بصراع ما بين فريقين اقتصاديين، في البلاد
وكان مخلوف قد كتب على حسابه الفيسبوكي في العشرين من الشهر الماضي، نافيا علاقة شركته بشحنة المخدرات التي تم ضبطها في جمهورية مصر العربية، إلا أنه أكد في الوقت نفسه، أن الشحنة المخدرة كانت معبأة في زجاجات حليب يتم إنتاجها من شركة تتبع له، متسائلا: هل الهدف من ذلك الإساءة إلى سمعته وسمعة شركته.
يذكر أن العقوبات طالت مخلوف، لاتهامه بالفساد والتربح غير المشروع، عندما أعلنت الخزانة الأميركية حزمة عقوبات بحقه، في 21 شباط/ فبراير 2008، حملت الرقم التنفيذي 13460، ذكرت فيها أن مخلوف أثرى بالفساد، وبأنه استعمل تخويف خصومه التجاريين للحصول على مزايا إضافية. فأمرت الخزانة الأميركية بتجميد أصوله المالية كافة في الولايات المتحدة الأميركية، ومنع الأفراد والمؤسسات من إجراء أي تعاملات مالية مع شركاته.
وتوالت العقوبات الدولية بحقه، تباعاً، ثم جمدت سويسرا أموال مخلوف لذات التهم بالفساد، وسعى كثيرا لفك تجميدها، إلا أن المحكمة السويسرية العليا أصدرت قرارها النهائي عام 2018، بالإبقاء على تجميد أمواله.
ولا يزال الغموض يسيطر على حقيقة ما يجري بين الرجلين، الأسد ومخلوف، بحسب متابعين للشأن السوري، وما سبب عجز مخلوف عن مقابلة بشار وشرح موقفه له، خاصة وهو من القلة القليلة الباقية من قريبي الأسد شديدي الارتباط بتاريخ العائلة.