عام بعد آخر صارت إعلانات رمضان جزءًا لا يتجزأ من المادة الإعلامية التي يتم التنافس من خلالها، حتى أنها باتت تُحقق نسب مشاهدات مرتفعة أحيانًا أكثر من المسلسلات نفسها لفرط تكرارها خلال الفواصل الإعلانية الطويلة جدًا؛ مما يجعلها تعلق بأذهان المتفرجين بسهولة كبارًا وصغارًا.
ولمّا كان العالم بأكمله يشهد ظرفًا استثنائيًا بعد أن تفشَّى فيروس كورونا واضطرار الغالبية العظمي للمكوث بين أربعة جدران، بات الجميع ينتظرون مادة إعلامية مختلفة تتماشى مع الوضع، فهل تحقق ذلك؟ هذا ما سنتعرف إليه عبر استكشاف أشهر الإعلانات الرمضانية التي صدرت خلال اليومين السابقين.
1. «فودافون».. عزوتنا بملايين الجنيهات
تمامًا كالسنوات الماضية تلعب «فودافون» على ثيمة المشاهير الذين لديهم شعبية كبيرة في قلوب الجمهور لجذب المشاهدين، الفارق هذه المرة أن قصة الإعلان تعكس التباعد الاجتماعي الذي صار حتميًا؛ إذ نشهد النجوم في بيوتهم يقضون أوقاتًا حميمية مع عائلاتهم، أو يُحادثون المقربين منهم عبر الشاشات مُستخدمين خاصية «الفيديو كول».
الإعلان ضم أسماء ذات شعبية فعلًا، مثل اللاعب العالمي محمد صلاح وابنته، والنجمة منى ذكي التي ظهرت مع ولديها، والثلاثي أحمد فهمي، وشيكو، وهشام ماجد الذين جاء تجمعهم معًا ولو على شاشة مُثلجًا للصدور ومُحببًا إلى النفس، بالإضافة إلى إسعاد يونس ومحمد هنيدي وغيرهم.
وبالرغم من الفكرة التي طرحها الإعلان، والتي جاءت متوافقة مع ما نعيشه كلنا، إلا أن الإعلان استفز الكثيرين بسبب نمط حياة المشاهير التي عكسها الإعلان، وكيف يعيشون في «كومباوندات» فاخرة وفيلل شاهقة؛ مما يجعل حياة الحظر والمكوث في المنزل التي يدعون إليها تناسبهم ولا تُعكِّر عليهم صفو حياتهم، على عكس المواطنين الذين تؤرقهم لقمة العيش.
وهو ما دفع الجميع إلى طرح التساؤل المُعتاد حول قدر أجور هؤلاء النجوم نظير ظهورهم لثوان على الشاشة، بل الجدوى من الإعلان نفسه بدلًا عن استغلال تلك الأموال، سواء في حل مشاكل العملاء وتحسين جودة الخدمة التي تقدمها الشركة أو حتى فِعل الخير.
2. «أورانج».. وحشتنا اللمة
«مين قال إن التلاقي لُقا وسلام بالإيد
فيه قلوب بتحس بينا لو حتى من بعيد»
أما شركة «أورانج» فاختارت اللعب على وتر اللمة القديم، ولكن بشكل معكوس؛ فجاءت أغنية الإعلان «سُنة الحياة» والتي شدى بها المطرب الإماراتي حسين الجسمي مُثيرة للشجن وخاصة للمغتربين. وهو ما ضاعفه كون أبطال الإعلان مجموعة من الشباب المجهولين الذين يُشبهوننا؛ إذ تناول الإعلان فكرة الغربة وغياب العديدين عن أهلهم وأصدقائهم؛ ما نتج عنه افتقادهم اللمة على الإفطار والسحور.
وهي الثيمة التي جاءت مناسبة أيضًا لفكرة التزام المواطنين في بيوتهم وعدم قدرتهم على التجمُّع مع أحبائهم، ونجح الجسمي بصوته الدافئ في التعبير عنها بكلمات مؤثرة كتبها أيمن بهجت قمر ولحنها محمود العسيلي.
3. «We».. فقر إنتاج أم تعمُّد التشابه؟
بخفة ظل لا جدال عليها قدّم النجم مصطفى خاطر إعلان شبكة «وي (We)» الذي جاء مُشابهًا إلى حدٍ كبير حياة أبناء الطبقة المتوسطة ممن يقضون ساعات الحظر في عمل الكيكات والوصفات، وحضور «الهاوس بارتي» والدخول في تحديات مع الأصدقاء، سواء عبر «فيسبوك» أو «تيك توك» وغيرهما، خاصةً وأن الإخراج جعل اللقطات تظهر كما لو كانت مُصوَّرة بكاميرا هاتف محمول، وهو ما جاء مقصودًا لإضفاء المزيد من الحميمية.
الأمر الذي جعل الإعلان ينجح في الوصول للمشاهدين بسرعة، ويتفاعلون معه باعتبارهم كان من الممكن أن يكونوا هم أنفسهم أبطال هذا الفيديو. الشيء السلبي الوحيد الذي في الإعلان كونه معنيًا بالترويج عن زيادة سرعة خدمة الإنترنت التي تقدمها الشركة، وهو ما وجده مستخدموها مُثيرًا للضحك والحنق في آنٍ واحد لشدة سوء الخدمة
4. «زين».. المنحة داخل المحنة
لم يكن غريبًا أن يأتي إعلان شبكة «زين» للاتصالات مُختلفًا ومميزًا وربما الأفضل، فكل عام نُفاجأ بفريقه يُغرِّد خارج السرب ويقدم أفكارًا خارج الصندوق ومُبتَكَرة وهو ما تكرر هذا العام أيضًا، لكنه ذلك التكرار المُلهم والمُشبِع للروح. اختار الفريق التسويقي للشبكة طمأنة المشاهدين وتذكيرهم بضرورة مشاهدة المنحة داخل المحنة، مؤكدين: الله لن ينسانا، ولن يلبث أن يُزيح عنا الوباء لتعود الحياة إلى مجراها، والصلاة إلى بيوت الله، ونسترجع كل ما فقدناه وافتقدناه.
5. «بنك مصر».. إعلان «استثنائي»
«أنت استثنائي، مش زي الباقي شايف بكرة وباصص لبعيد
أنت مش حاجة عادية، النسخة الأصلية، مفيش منها وضد التقليد.»
بعد الإعلان الذي قدمه «بنك مصر» رمضان الماضي ونجح في لفت الانتباه بكلمات أغنيته «أنا ابن مصر.. أنا ضد الكسر» التي تغنَّى بها كل من محمود العسيلي، ومدحت صالح، ومصطفى حجاج، من جديد استطاع فريق «بنك مصر» تقديم إعلان «استثنائي» هذا العام.
من جهة: لكلمات الأغنية شديدة الإيجابية والحماس، ومن أخرى: لاشتراك المطرب بهاء سلطان بالإعلان – مع العسيلي – بعد غياب طويل ليعود للجمهور بحِسه الشجي والدافئ؛ فيُضفي على الكلمات بُعدًا أكثر إنسانية وصدقًا، وهو ما جعل الإعلان يحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة للغاية، ويصبح حديث «السوشيال ميديا».
6. صيدليات 19011.. «نوستالجيا» التسعينات لا تُطبق التباعد الاجتماعي
بالرغم من أن ثيمة «النوستالجيا» فكرة قديمة تكررت لسنوات طويلة خاصةً برمضان، حتى بات الجمهور يزدريها، ومَلَّ منها، ولعل أشهر من ظل يقدمها لسنوات هي شركة «بيبسي»، لكن يبدو أنها لم تفقد بريقها بالكامل؛ إذ تفاعل الجمهور بشدة مع إعلان سلسلة صيدليات «19011».
فالإعلان جاء من بطولة مطربين طالما أمتعونا بالتسعينات، وهم: حميد الشاعري، وهشام عباس، وإيهاب توفيق، ومصطفى قمر، هكذا أثار الإعلان حالة من «النوستالجيا» لدى الجميع، حتى من لم يحبوا هؤلاء النجوم في الماضي.
وإن كان ذلك لم يمنع من وجود بعض السلبيات، فجاء المأخذ الأول على الإعلان عدم وجود أي علاقة بين محتواه والمنتَج الذي يروج له، حتى أن الكثيرين قد تفاجأوا في النهاية أن الإعلان عن صيدلية! أما الثاني فهو عدم التزام أبطال الإعلان بالتباعد الاجتماعي، بالرغم من أنه صدر عن جهة طبية في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد.
7.«قطونيل».. الأسوأ في إعلانات رمضان
من سيئ لأسوأ، هذا هو حال إعلانات «قطونيل» التي تنجح في استفزاز الجمهور عامًا بعد آخر؛ سواء لفقر محتواها، أو للزماتها السخيفة، أو حتى لاختيارهم نجومًا يتعمدون ثقل الظل في الإعلان.
هذا العام يفوز إعلان «قطونيل» بلقب الأسوأ بين سلسلة الإعلانات التي قدمت حتى الآن، بدايةً من كونه بطولة ميس حمدان التي لا تلقى قبول قطاع عريض من المشاهدين، مرورًا بكلماته التي أثارت الاستهجان لفجاجتها وعدم ملائمتها لمعايير الأخلاق العادية بعد أن تغنت بطلة الإعلان بالملابس الداخلية لابن الجيران! ووصولًا للحركات الاستفزازية والرقصات غير اللائقة.
وهو ما أدى بدوره لسلسلة من الشكاوى التي صدرت عن أعضاء مجلس النواب الذين طالبوا بوقف الإعلان لخدشه الحياء العام، تبعها تأكيد مسئول بلجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام – قبل ساعات – النية لاتخاذ قرارًا بإيقاف الإعلان لحين إزالة المشاهد غير المناسبة، فيما أعلنت الشركة المنتجة وقف بث الإعلان قبل ساعات