شهادات إخوانية تزلزل كيان الجماعة – أسرار تكشف لأول عن فترة حكم الإخوان

تليمة: الجماعة لم تراجع قواعدها فى الترشح للرئاسة وحصلت على ضوء أخضر أمريكى

عبدالفتاح: مكى وجاب الله لم يعرفا شيئًا عن الإعلان الدستورى والفصل بين الرئاسة ومكتب الإرشاد لم يستمر 4 أشهر

«عبدالماجد»: لو كان البرنامج تناول «آلهة قريش» ما فعل المشركون ما فعلته لجان الإخوان الإلكترونية

«عيد»: ظهور الشهادات فى هذا التوقيت يثير علامات استفهام.. و«صادق»: أهداف دعائية

فجرت الشهادات التي أدلى بها عدد من الشخصيات المحسوبة على جماعة “الإخوان المسلمين” حول العام الذي حكمت فيه الجماعة مصر، موجة واسعة من الجدل، لم يتوقف صداها حتى الآن، بعد أن كشفت عن أسرار وكواليس تلك المرحلة التي حفلت بالأحداث والمواقف، وكان هناك شهود عيان عليها، سواءً بصفتهم التنظيمية، أو لكونهم مقربين من الجماعة، ومطلعين على خفايا وتفاصيل صناعة القرار بداخلها.

وجاءت تلك الشهادات في سياق برنامج “الشهادة”، الذي يقدمه الصحفي المقرب من الجماعة سليم عزوز، على قناة “الجزيرة” القطرية، والذي يعمل على توثيق شهادات مسئولين ومقربين من الرئيس الراحل محمد مرسى ومكتب الإرشاد حول فترة حكم الجماعة لمصر، الأمر الذي كان سببًا في موجة عاصفة داخل الجماعة.

ضوء أخضر أمريكى

أولى الشهادات جاءت على لسان عصام تليمة، مدير مكتب الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” سابقًا، الذى كشف عن كواليس اتخاذ قرار ترشيح مرسى للرئاسة، وموقف بعض القيادات التاريخية من القرار.

وخلال شهادته، قال “تليمة” إن الجماعة لم تستشر أعضاءها فى القرار، وتعاملا معهم بتجاهل تام، “القيادات لا تقدم لهم شيئًا ولكن الأعضاء ملزمون بتقديم كل شيء للجماعة، وتنفيذ الأوامر دون مناقشة أو اعتراض”.

وبحسب “تليمة”، فإن القرضاوى كان رافضًا لفكرة ترشح “الإخوان” للرئاسة، خشية عدم كفاءتهم للموقع، وهو الموقف الذي شاطره فيه أيضًا مهدى عاكف المرشد السابق، كاشفًا عن أن الأول لم يكن يعرف مرسى نهائيًا قبل ترشحه.

وأشار إلى أن هناك شخصية عربية معروفة أبلغت “الإخوان” بأن الولايات المتحدة موافقة على ترشحهم للانتخابات، وذلك بعد تساؤلهم عن موقفها من  القرار، وكان ذلك “مقابل بعض التنازلات والمصالح المطلوبة”.

وأوضح أن “مرسى كان يعمل مشرفًا على المواد التى تنشر فى موقع إخوان أونلاين”، لافتًا إلى أنه فوجئ عام 2006 عندما ألح عليه “الإخوان” لكتابة مقال وأرسله لهم للنشر بأن المقال تم رفع أجزاء منه دون الرجوع إليه.

وواصل: “عندما سألت عن المسئول عن ذلك قالوا إنه محمد مرسي، فهو كان بمثابة رقيب على إعلام الإخوان ينقح أى مادة من الجزئيات التى تتعارض مع فكر ومنهج الجماعة”، مستكملًا: “مرسى الذى لم يكن معروفًا وقتها حذف أجزاء فى المقال تقارن بين تعاليم حسن البنا وواقع الجماعة”.

مستشارون “ديكورات”

فيما جاءت الشهادة الثانية على لسان الدكتور سيف عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية والمستشار السابق لـ “مرسي”، الذي كشف عن تفاصيل جديدة حول طريقة إدارة حكم مصر، وتدخل مكتب الإرشاد بشكل مباشر فى القرارات السيادية والمهمة التى كان يصدرها الرئيس الأسبق إبان وجوده في السلطة.  

وقال “عبدالفتاح”، إن مستشارى المعزول لم يكن لهم أى دور وأن مناصبهم كانت رمزية لا يؤخذ برأيهم، متابعًا: “مرسى اجتمع بنا بعدما أصدر قرارات بتعيين المستشارين، وقال مستشار يعنى يقول الرأى لكن أنا مش ملزم به وكنا مجرد ديكور”.

وأوضح أن نائب الرئيس وقتذاك، المستشار محمود مكى ومستشار الرئيس القانونى محمد فؤاد جاب الله لم يكن لديهما أى فكرة عن الإعلان الدستوري، كاشفًا عن أن الأول أقسم له أنه لا يعرف شيئًا عنه وأنه جاء من داخل الجماعة مباشرة.

وخلال اللقاء، أكد عبدالفتاح أن “مرسى خلال الأشهر الأربعة الأولى من حكمه وضع مسافة بينه وبين الجماعة، لكن سرعان ما ذابت تلك المسافة وبدأوا فى التدخل”، لافتًا إلى امتلاك جماعة الإخوان “لجانًا إلكترونية، مهمتها التربص بكل من يخالفها الرأي، أو يحيد عن الخط الذى ترسمه الجماعة”.

وقال عبدالفتاح، إن جبهة “فيرمونت” رشّحت الدكتور محمد البرادعى لشغل منصب رئيس مجلس الوزراء وقتها، غير أن الرئيس والإخوان رفضا.

وأضاف أن مرسى عرض على أحمد ماهر، منسق حركة شباب “6أبريل” أن يكون مساعده للشباب لكنه رفض، وعرض الإعلامى حمدى قنديل أن يكون وزيرًا للإعلام لكنه تحفظ.

وبحسب عبدالفتاح، فإنه لم يستقل بسبب الإعلان الدستورى كما يعتقد البعض، ولكن كانت الاستقالة لسببين؛ “أولهما، سقوط ضحايا فى أحداث محمد محمود الثانية نوفمبر 2012، والآخر أنه اقترح على الرئيس 3 مشاريع ستكون له ظهيرًا شعبيًا وهى انتخابات محليات، وانتخابات مراكز شباب، ومركز بحثى تابع لرئاسة الجمهورية، لكن قوبلت بالرفض من قبل الرئيس الذى طالبه بالانتظار بعض الوقت”.

كما أدلى آخرون بشهاداتهم وهم: الكاتب الصحفي قطب العربي، الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة، ورضا فهمي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان سابقًا، وحمزة زوبع لقيادى فى حزب الحرية والعدالة وأمير بسام، عضو مجلس شورى الجماعة، وقد أدلى كل منهم بشهادته، وفقًا لما يتوفر لديهم من معلومات.

“حملة مسعورة”

من جانبه، شن عاصم عبدالماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، هجومًا شرسًا على جماعة “الإخوان” وقادتها؛ بسبب الهجوم على برنامج “الشهادة”.

وقال: “هذه الحملة المسعورة على برنامج الشهادة ستفشل دون شك.. ولن يكف الشهود عن تدوين ما رأوه وما سمعوه فى فترة حكم مرسى هى فقط نجحت فى بيان المبادئ الجاهلية.. والأفعال الجاهلية.. والأخلاق الجاهلية…التى ترسخت جميعها بصورة مقززة فى قطاع من قيادات وأفراد جماعة معينة”.

وأضاف: “إذا لم تبادر القيادات الأعلى وبسرعة للتبرؤ من هذه الحملة ومن القائمين عليها فهم يؤكدون للجميع أن الجماعة (على الأقل) تحت قيادتهم المظفرة المنصورة أصبحت اقتربت كثيرًا من الجاهلية الأولى”.

واستطرد: “فلو كان برنامج الشهادة قد تناول آلهة قريش وقت هزيمتها وانكسار شوكتها لما فعل المشركون بصاحب البرنامج وشهوده ربع ما فعلته لجان الإخوان الإلكترونية، وكأن هذه اللجان هى (غرابا عك)”.

علامة استفهام

سامح عيد، الباحث فى الحركات الإسلامية قال إن “توقيت ظهور هذه الشهادات غريب، ويطرح علامات استفهام كثيرة، لا سيما أن بعضها مسجل منذ فترة وربما أثناء وجود محمد مرسى فى السجن”.

وتابع: “الشهادات مسجلة منذ فترة لأن بعضهم يتحدث عن مرسى المسجون أو الأسير كما يقولون، كما أن حديث بعضهم لا يشير إلى أنه مات، فضلًا عن الفواصل الزمنية بين كل تسجيل، ما يرجح أنها مسجلة منذ فترة”.

وأضاف لـ”المصريون”، أن “ظهور الشهادات في هذا التوقيت يشير إلى أن هناك أغراضًا وأهدافًا معينة يسعى البعض لتحقيقها، لكونها تتضمن انتقادات لاذعة للجماعة، فضلًا عن الأسرار والكواليس التى تكشفها”.

واعتبر الباحث في الحركات الإسلامية، أن تلك الشهادات “تؤكد وجود حالة انقسام حادة داخل الجماعة، كما تشير إلى حجم الأزمات التي تعانى منها، فالجماعة منذ القدم تحاول دائمًا عدم إظهار تلك الكواليس والأسرار على الساحة هكذا؛ لأنها تعلم أنها ستظهر الخلافات داخلها، ما يعنى أن ظهورها سيؤدى لمزيد من الخلافات والانشقاقات”.

وأردف: “الشيخ عصام تليمة تحدث عن هذا الأمر، قائلاً إن القيادات من قبل قالوا إنه يجب عدم التحدث عن الأمور التى تخص الجماعة الآن، وأثناء وجودهم فى الحكم قالوا نفس الكلام، ثم كرروا الكلام بعد الإطاحة بهم، إذن متى سيكون الكلام والحديث؟ هم لا يريدون الحديث نهائيًا”.

وبرأى “عيد”، فإن “تلك الشهادات قدمت ملاحظات وأمورًا مهمة كثيرة، لا سيما ما تم قبل الرئاسة، إذ أن “تليمة” كشف عن معلومة مهمة، وهى أن هناك شخصية عربية أبلغت قيادات الإخوان فى مصر بأن الولايات المتحدة وافقت على ترشحهم للرئاسة، بعد سؤالهم عن موقفها وما إذا كانت راضية أم لا، ما يعنى أن أمريكا لعبت دورًا في الدفع بمرشح للجماعة آنذاك”.

وقال إن “سيف عبدالفتاح ذكر فى شهادته أمورًا وكواليس كثيرة مهمة ما كانت تظهر لولا قدمها هو”.

وتكهن عيد بأن الحديث عن المصالحة مع السعودية ربما يكون أحد أسباب ظهورها لإبعاد الإخوان عن قطر، أو ربما هناك رغبة في تغيير المشهد لغرض ما، غير أن “هناك شيئًا ما غير مفهوم أو غامض”.

ولفت إلى أن “الشهادات الجديدة أظهرت أن الجماعة لا تتحمل النقد أو الخلاف، وخير دليل على ذلك هجومها الضارى على أصحاب هذه الشهادات والتشنيع عليهم بطريقة غير أخلاقية فى جميع المنابر المتاحة لها”.

واستكمل: “سيف عبدالفتاح عبّر عن ذلك خلال مداخلة هاتفية له، حيث قال إنه يتعرض لهجمة شرسة من الذباب الإلكترونى للجماعة، كما أبدى استياءه من التعرض لأسرته بالسباب والشتائم غير اللائقة”.

ورجح أن تشهد الأيام المقبلة شهادات وكواليس جديدة، قائلاً: “أتوقع أن تقوم شخصيات أخرى بتقديم شهاداتها عن تلك الفترة، فالبرنامج سيفتح الباب أمام كثيرين، وأعتقد أن ذلك سيزيد حدة الخلافات والانشقاقات داخل التنظيم، لكنها فى النهاية خطوة جيدة”.

“قبلة الحياة”

بدوره، علّق الدكتور سعيد صادق، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قائلًا: “الجزيرة من المعروف أنها قناة إخوانية تابعة للجماعة، والبرنامج الذى عرض مؤخرًا يهدف إلى الدفاع عن أخطاء التى ارتكبها “الإخوان” خلال فترة حكمهم، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى توصيل رسالة إعلامية بعينها”.

وأضاف: “نهاية الجماعة كانت في عام 2013 عندما قامت ثورة 30 يونيو، لكن تركيا والجزيرة وغيرهما من قنوات الإخوان أعطتهم قبلة الحياة وبثت فيهم الروح”، مشيرًا إلى أنهم “موهومون بنضالهم ضد النظام وآمالهم فى الرجوع للحكم مرة أخرى”.

وتابع: “مصر منذ زمن تحارب إرهابيين ولا تحارب الإرهاب نفسه”، موضحًا أن “النظام المصرى منذ فترة حكم عبدالناصر والسادات، لم يعمل على محاربة فكر الجماعة، وتبنى مبدأ الإسلام السياسي”، وفق قوله.

وأكمل: “من بين الشعارات التي رفعتها الجماعة: “الإسلام هو الحل”، وهو ما يعد دمجًا للدين في السياسة، وتأكيدهم مبدأ تطبيق الحدود، ومحاربة أصحاب الأديان الأخرى”.

وأشار إلى أن “تجربة الإسلام السياسى فى العالم كله كانت سيئة للغاية، فعملت على إضعاف دول وتدمير أخرى، وأشعلت حروبًا أهلية”، مشددًا على أن “الشعب المصري يجب أن يكون محصنًا بالوعى ضد هذه الأفكار، لدحر أى تأثيرات قد تنتج عن مثل هذه البرامج والقنوات”.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …