للمرة الثانية خلال خمسة أشهر ، وبلا تحذير أو سابق إنذار قرر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تعطيل حسابي بدعوى عدم التزامي بشروط الاستخدام. في بداية الأمر، اعتقدت أن في الأمر خطأ ما فتواصلت مع المسؤولين وأرفقت صورة من هويتي الشخصية يقينا مني ببراءة ساحتي، لكن سرعان ما جاءني الرد بأنني أنا المعني وأن القرار نهائي لا رجعة فيه وأن حسابي قد حذف بصورة نهائية ولن أتمكن من استعادته مرة أخرى.
هكذا إذن وبدون مقدمات، قرر فيسبوك إلغاء مسيرتي “الفيسبوكية” الممتدة لقرابة 11 عاما وحذف كل ذكرياتي وكتاباتي وصوري وفيديوهاتي ومحادثاتي وقطع علاقتي بـ الأف الأصدقاء الذين لا أعرف أي وسيلة أخرى للتواصل معهم.
وباسترجاع تفاصيل ما حدث، حاولت في مساء يوم 27 من نوفمبر 2019 الدخول إلى حسابي إلا أنني فوجئت برسالة نصها: “تم تعطيل حسابك. لمزيد من المعلومات وإذا كنت تعتقد أن تعطيل حسابك تم عن طريق الخطأ، رجاء قم بزيارة مركز المساعدة”.
بالرغم من وجود قائمة طويلة بحسابات جهادية وعنصرية مخالفة لشروط الخدمة لا تزال تنشط على منصة فيسبوك
وعند الضغط على زر “مركز المساعدة” انتقلت إلى صفحة أخرى تحتوي على النص الآتي: “لقد تم تعطيل حسابك بسبب انتهاكه شروط خدمة فيسبوك. إن قائمة الأمور التي لا يُسمح بها على فيسبوك هي: دعم أية منظمة أو مجموعة عنيفة أو إجرامية، التهديدات الجدية بإيذاء الآخرين أو الترويج لسلوك يهلك النفس، استهداف أفراد آخرين على الموقع، الخطاب الذي يحض على الكراهية أو التمييز ضد أشخاص بناء على العرق أو السلالة أو الأصل القومي أو الدين أو الجنس أو النوع أو توجهاتهم الجنسية أو الإعاقة أو المرض، المحتويات الرسومية التي تحتوي على عروض عنف سادية ضد الأشخاص أو الحيوانات والرسومات التي تجسد الاعتداءات الجنسية وبيع مستحضرات دوائية أو ترفيهية”.
ولم تكتف إدارة فيسبوك بحذف حسابي على موقعها فقط بل ألغت أيضا صفحتي الخاصة بشبكة رمضان الإخبارية التي يتبعها الألأف على الفيس بوك أيضاّ الأمر الذي زاد من دهشتي واستيائي من القرار ومن رفض المسؤولين الإشارة إلى المشاركة التي يتم معاقبتي بسببها مع أن ذلك أمر بديهي فحتى أكثر الأنظمة دكتاتورية وانتهاكا لحقوق الإنسان في العالم تخبر من تعتقلهم بسبب الاعتقال سواء أكان مقالا أو لقاء تلفزيونيا أو حتى تغريدة أو مجرد رأى في صحيفة أو جريدة يومية أو حتى أسبوعية أو شهرية.
من المؤسف تنحدر منصة إعلامية بحجم فيسبوك إلى هذا المستوى وتتخلى عن مبادئ الشفافية والعدالة والإنصاف بحجة الحرص على حماية المستخدمين.
ومع إصرار فيسبوك على عدم ذكر السبب المباشر لتعطيل الحساب، لم أستطع التوقف عن التفكير ومحاولة إيجاد تفسير لهذا القرار التعسفي فتارة أرجع الأمر إلى أبدأ رأى من خلال البوسطات ضد الظلم مهما كان مصدرة دينى أو سياسيى أو أقتصادى أو تتبع ما ينشر من أنصار الجماعات الإرهابية والإبلاغ عنها كجزء من عملي اليومي.
وتارة أعيد الأمر إلى بوسطاتى المتعلقة بحقوق الخارجين من الإسلام وآرائي ومواقفي من بعض ما هو موجود فى التراث الإسلامي التي عادة ما تثير حفيظة المسلمين التقليديين الذين يرون فيها تحريضا ضد المسلمين وتشجيعا لدعاة الكراهية وانتقاصا من الإسلام ورموزه.
ومن المحتمل أيضا أن تكون بعض السلطات الدكتاتورية الحكومية قد تواصلت مع لجانها الألكترونية وطلبت منهم الإبلاغ عن حسابي لدى إدارة فيسبوك من أجل منعي من انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان ومن التعبير عن مطالب المواطنين واللأجئين ومعاناة الأجانب والمواليد في إحدى أهم منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
ومما يرجح هذا الاحتمال هو أن جهود السلطات الدكتاتورية لإخراس الأصوات المعارضة لسياسات الأنظمة خاصة بعد موجة الربيع العربى الثانية في لبنان والعراق واليمن باتت من الأمور التي لا تخفى على أحد.
وبغض النظر عن صحة هذه الاحتمالات يبقى قرار إدارة فيسبوك قرارا تعسفيا وغير مبرر ولا يتماشى مع أساسيات العدالة والشفافية والإنصاف ويعد تهديدا خطيرا لحرية التعبير وسلاحا فعالا بأيدي قوى الرجعية والتخلف والأنظمة الدكتاتورية وأجهزتها لاستهداف الأصوات الحرة.