نجح علماء في كلية الطب بجامعة فيرجينا الأمريكية، في تطوير طريقة قالوا إنها باتت أفضل لتحديد سلوكيات جينات البشر ما يسهل عليهم كشف الأسباب الحقيقية للأمراض بدقة كبيرة بالإضافة إلى تحديد أفضل أنواع الأدوية لعلاج الأمراض المستهدفة.
علماء يتوصلون لطرقٍ أفضل لتحديد سلوكيات الجينات البشرية
ويعتقد الباحثون وفق ما نقله موقع Sciencedaily الأمريكي أنَّ هذه الأداة الجديدة ستُحدِث ثورة في دراسة الأجهزة البيولوجية من خلال توفير القدرة على فصل التأثيرات المباشرة للجينات من بين سلسلة التفاعلات المعقدة المتعاقبة.
وللوصول لهذه التقنية المتطورة، احتاج الباحثون لمكون مفقود، عثروا عليه في النباتات.
وحسب الموقع الأمريكي، المتخصص في الشأن العلمي، فإن فهم وظيفة جين يعتبر تحدياً كبيراً؛ إذ يمكن أن يكون للجين الواحد أدوارٌ عديدة في الحفاظ على الخلية أو العضو حياً؛ لذا عادةً ما يُعطِل العلماء وظيفة الجينات لمعرفة ما التأثيرات الناتجة.
وقال الموقع، فإن تحديد الدور الحقيقي للجين في الخلية، يشبه معرفة كيف تعمل السيارة من خلال صنع واحدة ينقصها جزء، ثم مراقبة أداء السيارة بعد أن يكون قد أصابها ضرر غير قابل للإصلاح.
وقد عمل باحثان اثنان على هذه التجربة ووصلا إلى نتائج جيدة
مايكل غيرتن، الحاصل على الدكتوراه من قسم الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئي بجامعة فيرجينيا قال: «في علم الأحياء، إذا أردنا معرفة كيفية عمل نظام ما، فإننا نُجزئه ونرى ما سيحدث. لكن المشكلة في هذا النهج هي أنه إذا أحدثت تشوهاً في جين ما، أو حذفته؛ فسيؤدي ذلك إلى حدوث خلل في النظام بأكمله قد يستمر لساعات أو أيام، أو في بعض الأحيان مدى الحياة».
يرافق هذا النهج بعض السلبيات الفادحة. إذ إنَّ بعض الجينات حيوية؛ ومن ثم لا يمكن ببساطة وقف عملها، حتى في أجساد فئران التجارب. وهذا يجعل من الصعب دراسة بعض الأمراض. لكن حتى عندما يكون ذلك ممكناً، فمن الصعب تحديد ما يفعله الجين بدقة من خلال النظر في التغييرات العديدة الناتجة عن تعطيل عمل ذلك الجين.
لذا أراد مايكل غيرتن وكيزاكي ماتادا ساثيان، عالم أبحاث وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة فيرجينيا، البحث عن طريقة أفضل. ومن هنا، طوَّر الاثنان تقنيتهما الجديدة، التي تتمثل في إدخال تحسينات إلى النظام شائع الاستخدام؛ مما يتيح للعلماء سرعة تفتيت البروتينات التي يصنعها الجين، وبالتالي وقف عمل الجين. ويشبه هذا إزالة مشعاع السيارة (الردياتير) أثناء القيادة بسرعة 60 ميلاً (96.5 كم) في الساعة، ثم مراقبة النتائج الفورية عن قرب. ويمكن أن يستخلص المرء بوضوح أنَّ الردياتير يحافظ على السيارة من فرط السخونة.
وقد لجأوا إلى النباتات للوصول إلى نتائج مشروعهم البحثي
الموقع الأمريكي، قال إن الباحثين كانا على دراية جيدة بالنظام التقليدي وقصوره. فعلى سبيل المثال، عرف ساثيان أنه يستند في الأصل إلى عملية تحدث بشكل طبيعي في النباتات. لذا راوده شعور -أو «حدس» على حد تعبيره- بأنَّ النباتات لديها مفتاح تحسين هذا النظام.
وهو ما تبينت صحته بالفعل. إذ وجد ساثيان أنَّ إضافة قطعة صغيرة من البروتين النباتي يمنح العلماء المزيد من الدقة والتحكم. ومن ثم، يمكنهم تفتيت البروتينات التي يصنعها الجين في دقائق معدودة فقط مع تجنب حدوث العديد من التأثيرات النهائية المُصاحِبة للعملية التقليدية. ويمكنهم كذلك فصل التأثيرات الفورية عن الآثار اللاحقة. وقال ساثيان: «اختبر الناس عدة طرق أخرى لحل هذه الإشكالية، لكن لم ينجح أي منها. لذلك كان هذا رائعاً حقاً».
من مميزات هذه التقنية الجديدة أنها بتكلفة رخيصة
تأتي هذه التقنية المُحسّنة مقابل تكلفة لا تُذكَر، وقد اجتذبت بالفعل اهتماماً كبيراً من المعامل الأخرى التي تجري أبحاثاً مماثلة حيث قال مايكل غيرتن، الحاصل على الدكتوراه من قسم الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئي بجامعة فيرجينيا: «يستطيع أي مختبر مؤهل للبيولوجيا الجزيئية أن يستخدم ببساطة الأدوات التي قدمناها ويتبنى هذه التقنية في برامجه البحثية. نعتقد أن ذلك سيعود بمنافع هائلة عليه».
وواحدة من هذه المنافع تتمثل في تركيب أدوية متطورة. إذ تسهم التقنية الجديدة في تسهيل إمكانية تحديد ما إذا كان الدواء يعمل حقاً على النحو المرغوب، بمعنى آخر ما إذا كان سيكون له نفس تأثير تعطيل عمل الجين في المختبر. وهذه خطوة مهمة في الوصول لعلاجات جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، لفت كيزاكي ماتادا ساثيان، عالم أبحاث وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة فيرجينيا إلى أنَّ هذا العمل يلقي الضوء على نحو غير متوقع على بيولوجيا النباتات غير المفهومة جيداً، وهو ما قد يكون له استخدام مفيد. وقال: «الشيء الجيد الآخر في هذا الأمر هو أنَّ الأكسينات (الهرمونات النباتية) هي من أنواع المواد المستخدمة لقتل الأعشاب الضارة في الحديقة؛ لاحتوائه على درجة من السمية، لذلك يمكنك استخدام هذه المعلومات الجديدة في عالم النباتات لتطوير مواد أفضل وأأمن للقضاء على الحشائش الضارة».