سجل أبطال حرب أكتوبر، ملحمة بطولية للشعب المصرى وللعالم أجمع، فكل واحد من الأبطال سواء كان حيًا أو استشهد ساهم بلا شك فى صناعة هذا النصر، وكتابة هذا التاريخ، الذى شرّف مصر وشرّف قادتها على مر الأجيال.
“المصريون” التقت بطلاً من أبطال حرب أكتوبر المجيدة “محمد رفيع” من محافظة البحر الأحمر، مدينة رأس غارب، حيث سرد الأحداث التى عاصرها فى حرب أكتوبر قائلًا: رغم مرور46 عامًا على انتصار أكتوبر إلا أن الأحداث التى شهدتها مرت وكأنها بالأمس القريب.
وأضاف: كانت مهمة الكتيبة 626 إشارة التابعة للجيش الثالث الميدانى، تأمين المواصلات السلكية بين قيادة الجيش والفرقة 19 والـ 7 التى ستعبر قناة السويس فى حدود الجيش الثالث الميدانى.
وأوضح، أننا بدأنا تلك المهمة بالفعل وقبل المعركة بعدة أشهر، حيث شاركت مع زملائى فى مد كابلات الخطوط من مركز القيادة المتقدم للجيش الثالث وكان اسمه الرمزى (هارلم) وحتى خط القناة.
وتابع البطل رفيع قائلاً: كنا نعرف مسبقًا بالحرب التى يجرى الاستعداد لها، حيث تم شرح الخطة لنا فى قيادة الجيش وكان يطلق عليها جرانيت 200 المعدلة.
وقبل أكتوبر1973، بدأت أرتال الدبابات تتجه صوب الجانب الغربى لقناة السويس، وكان يشاع وقتها أن الجيش سوف يقوم بعمل مناورات فى المنطقة، مضيفًا كنا متأكدين أكثر من غيرنا أن الحرب على الأبواب لأن كتيبة الاتصالات على صلة مباشرة بالقيادة.
واستطرد فى حديثه عن ملحمة أكتوبر: تقدمت مجموعتى قبل المعركة، حيث كنا نقوم بمد الكابلات على جانب المحاور التى سوف يبدأ العبور منها ونحاول بقدر الإمكان إبعادها عن طريق سير الدبابات حتى لا تسحق تحت الجنازير.
وأضاف: أكملت القوات استعدادها وفى صباح يوم 6 أكتوبر العاشر من رمضان، جاء لتفقد المجموعة المقدم حسام مندور قائد الكتيبة فى تمام الساعة 9 صباحًا، وأبلغنا أن ساعة الصفر ستكون الثانية بعد الظهر.
وفى الموعد المحدد، انطلقت فوقنا مجموعة من الطائرات الحربية، لتدك حصون خط بارليف ومواقع العدو شرق القناة وكان موقعى تحديدًا شرق قرية عامر بالجناين.
وفى حديثه عن معركة النصر المجيدة: كانت المياه صافية والجو هادئ وانطلقت آلاف القوارب المطاطية تمتلئ بآلاف الجنود تملؤهم الحماسة ويتحلون بالشجاعة الفائقة.
وتقدمت مجموعات المهندسين، لتزيل الألغام وتفتح الطرق للقوات العابرة ثم القوات الخاصة والمشاة وتم إنشاء الكبارى التى سوف تعبر عليها الدبابات والعربات.
وأضاف البطل فى حديثه: انطلق الجنود فى الصحراء الواسعة أمامهم وتوقفت مجموعات أمام بعض النقاط الحصينة لخط بارليف كانت إحداها فى منطقة بور توفيق .
كانت الخطة جرانيت 200 المعدلة، تعتمد على تطهير 15 كم شرق القناة وقبل ممرات سيناء الشهيرة والتى تحتاج الى تكتيك آخر بمرحلة أخرى يتم تطوير الهجوم فيها.
وتابع قائلاً: ومن أهم الممرات فى جنوب سيناء ممر متلا، وطوله 32 كم ويقع بين سلاسل جبال شمال وجنوب سيناء واحتله اللواء 202 الإسرائيلى بقيادة أريل شارون فى معركة 1956، والقوات المصرية قتلت 38 جنديًا إسرائيليًا منهم .
وفى حديثه عن ثغرة الدفرسوار يقول رفيع: استطاعت قوة إسرائيلية التسلل إلى غرب القناة مستغلة بذلك ثغرة بين الجيشين الثانى والثالث وهو ما سمى بثغرة الدفرسوار، رصدتها طائرات استطلاع أمريكية وقد اتجهت القوة إلى الجنوب ناحية السويس بعد أن فشلت فى الاتجاه شمالاً إلى الإسماعيلية.
وأضاف، أننا فوجئنا يوم 24 أكتوبر، بهذه القوات التى حاولت احتلال المدينة إلا أنها فشلت وتم تدميرها والتى دخلت السويس وكانت أكثر من 32 دبابة وعربة مدرعة وتمكن أكثر من عشرة آلاف جندى فى السويس من تدميرها وإحراق من فيها.
واستطرد فى روايته عن ملحمة أكتوبر: وأمام هذه المقاومة الشرسة توقفت قواتهم شمال ديوان عام محافظة السويس وتم تشكيل قوات المقاومة بقيادة العميد الكنزى حيث تم تقسيم السويس إلى مناطق تقوم القوات المصرية بحمايتها وكلهم من جنود مؤخرة للقوات الشرقية، والتى عبرت الفرقة الرابعة والفرقة و21 غرب القناة إلى الشرق تمهيدًا لتطوير الهجوم ولكن إخلاء غرب القناة من هذه القوات سمح بوجود الثغرة التى رصدتها الطائرات الأمريكية والتى لم تستطع وحدات الدفاع الجوى إسقاطها بسبب سرعتها الهائلة، والتى بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق.
ويمضى البطل فى حديثه عن هذا الحصار: إن الطائرات الإسرائيلية ألقت برئاسة الميجر جنرال شى نحونين قائد المنطقة الجنوبية لجيش الدفاع الإسرائيلى، منشورات على قواتنا فى شرق القناة وكنت وقتها فى أحد مواقع الكتيبة فى الشرق تدعو إلى الاستسلام وتنشر الإحباط بين الجنود إلا أن المعنويات كانت عالية وكنا نقوم بجمع هذه المنشورات ونحرقها.
وأضاف، أن الفرقة 19 مشاة بالجيش الثالث الميدانى، تحت قيادة البطل الفريق يوسف عفيفي، أثناء حرب أكتوبر عام 1973، شكلت معركة الاستيلاء على الموقع الحصين، فى لسان بور توفيق، ومعركة نقطة عيون موسى الحصينة، ومعركة النقطة القوية رقم 149، ومعركة جبل المر، وأخيرًا معركة الدفاع عن مدينة السويس بعد أن أدوا مهامهم القتالية شرق القناة بكفاءة عالية شهد لها العالم.
وأشار أيضًا، إلى وقوع قتال شرس خارج المدينة وداخلها، كان هذا النوع من القتال الذى يطلق عليه العسكريون قتال ما قبل النهاية أو هو القتال الذى يلقى فيه الطرف المهزوم بكل ثقله فى آخر محاولة لإنقاذ سمعته أو بهدف تحقيق أى كسب، وهذا ما فعلته القوات الإسرائيلية واستخدمت فيه كل الوسائل القتالية والحرب النفسية حينما أعلنت على للعالم كذبًا أنها استولت على مدينة السويس، ثم لجأت لأسلوب المنشورات الذى ادعت فيه أنها أحكمت القبضة على قوات الجيش الثالث ودعت المقاتلين المصريين البواسل للاستسلام.
وأضاف، أن إسرائيل فشلت فى القتال، وفشلت فى حربها النفسية أمام صمود وإيمان المقاتل المصري، لم تكن معركة السويس فقط يوم 24 أكتوبر بل سبقتها ولحقتها معارك ضارية عندما حاولت القوات الإسرائيلية تكرار هجماتها على مدينة السويس بمختلف الأساليب حتى تأكد لها أن المدينة حصن حصين لن تستطيع أن تقترب منه وإلا كان الفناء لقواتها.
وأكد، أنه خلال المعارك تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر فادحة، بلغت 43 دبابة، بخلاف عدد لا حصر له من العربات المدرعة والمجنزرات.
وقد تبين بعد ذلك من الكشوف الإسرائيلية، التى قدمت لهيئة الصليب الأحمر بضحاياها التى لم يعثر على جثثهم وقد بلغوا 68 ضابطًا و23 طيارًا و373 جنديًا خلال القتال غرب القناة.
وأشار رفيع، إلى أن الطوارئ أبلغت حينها اللواء محمد بدوى الخولى محافظ السويس، أن العدو أغلق ترعه المياه بالسويس والمياه تكفى لمدة 5 أيام وهى المصدر الوحيد للمياه ويقترح العدو الاجتماع مع المحافظ لبحث هذه المشكلة لكن الفرقة 19 قامت بالتعامل مع قوات العدو ودحرته وخسر خسائر فادحة.