أعدَّ شاي إتياس، الرئيس السابق لإدارة الدبلوماسية العامة بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ورقة بحثية نشرها مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية بعنوان: «عرب إسرائيل موضع ترحيب في المملكة العربية السعودية.. تطور مفاجئ أم حيلة ساخرة؟».
وخلصت الورقة إلى ما يلي: قد تكون مساعي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدعوة عرب إسرائيل للعيش والعمل في المملكة العربية السعودية انفراجة دبلوماسية أو حيلة ساخرة. وإذا كان التفسير الأول هو الصحيح، فإن ذلك يشير إلى أن العالم العربي يستيقظ أخيرًا على إمكانية الدخول الكامل إلى العالم الحديث، وأنه يجب عليه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأوضحت الورقة البحثية أن ما أثار دهشة الكثيرين أن المملكة العربية السعودية أعلنت مؤخرًا أنها ستقدم تأشيرات عمل للمواطنين العرب في إسرائيل. وقد انقسمت ردود الأفعال تجاه ذلك إلى معسكرين رئيسيين: أولئك الذين يرون أن هذه فرصة دبلوماسية لإسرائيل والمملكة العربية السعودية والمنطقة بأسرها. وآخرون يرون أنها خطوة ساخرة وإغواء خطير لإسرائيل والولايات المتحدة.
ويضيف الكاتب: الاعتراض الرئيس على الخطة يتمثل في أنها تغض الطرف عن القضية الفلسطينية. ويرى 80% من الفلسطينيين أن الانفتاح السعودي على العرب الإسرائيليين بمثابة تخلٍ عن القضية الفلسطينية. وبتنحية أولوية القضية الفلسطينية، فإن ذلك يسمح لإسرائيل والسعودية بالعمل معًا على حل مشاكلهم «الحقيقية»، والتي تشمل تهديدات الأمن القومي مثل داعش وإيران.
زيادة التفاعل الاقتصادي بين السعودية وإسرائيل
ولفتت الورقة البحثية إلى أن المبادرة تفتح الباب أمام إمكانية زيادة التفاعل الاقتصادي بين الرياض وتل أبيب؛ مما قد يؤدي إلى فوائد اقتصادية تعود على كلا البلدين. وكما قال أحد كبار الصحفيين في المملكة: «أفضل طريقة لتحسين العلاقات بين إسرائيل والسعودية هي السماح للعرب الإسرائيليين بالعمل في الخليج، وبذلك نبني جسرًا بين الدولتين».
وأضافت الورقة: ليس من الواضح ما إذا كان تصوُّر محمد بن سلمان يرقى إلى مستوى التطبيع الكامل مع إسرائيل. فعلى المستوى الشعبي، ينخرط الفلسطينيون والسعوديون والإسرائيليون بالفعل معًا عبر قنوات التواصل الاجتماعي. وكانت هناك اتصالات هادئة بين المتحدثين الرسميين والمسؤولين الذين يمثلون الأطراف الثلاثة.
حلول «خارج الصندوق» لمحاربة «داعش»
وقد تكون المبادرة استمرارًا لمذهب ولي العهد الأمير محمد في مكافحة الإرهاب الإسلامي والتطرف في المملكة، وبخاصة داعش. فالمملكة العربية السعودية، مهد الإسلام، ستكون دائمًا هدفًا رئيسيًا لهذه الجماعة. التي تمثل التهديد الرئيس لسلامة شعب المملكة العربية السعودية واستقرار محمد باعتباره زعيمًا لها.
ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في ذلك فشل حرب واشنطن على الإرهاب، والتي قد تدفع إدارة ترامب، في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في عام 2020، إلى إيجاد حلول من «خارج الصندوق». وزعم تقرير حديث للبنتاجون أن داعش تجدد نفسها: على الرغم من التحالف العالمي ضد داعش، «لا يزال هناك ما بين 14.000 و18.000 من مقاتلي داعش في العراق وسوريا».
وتكمل الورقة: لا شك أن ترامب سيكون سعيدًا لرؤية المزيد من الشواهد على محاربة الدول العربية لداعش بفاعلية. وقد صرحت سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن بأن المملكة «تنفذ حملة على أصعدة متعددة لاجتثاث التطرف من جذوره الأيديولوجية باعتبار ذلك عنصرًا حاسمًا في استراتيجيتها لهزيمة الإرهاب»، وهي رسالة قوية لكل من ترامب وولي العهد.
وصرح وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية، في عام 2014 أن: «المملكة العربية السعودية هي بكل المقاييس واحدة من البلدان الأكثر أهمية في جهودنا العالمية لمكافحة الإرهاب … وأود أن أصف جودة هذه العلاقة بأنها علاقة شراكة فعَّالة تهدف إلى تحقيق التقدم في العديد من القضايا». وأفاد تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب بتاريخ 2 يونيو 2016 بأنه: «ليس هناك دولة تريد هزيمة الدولة الإسلامية أو القاعدة أكثر من [المملكة العربية السعودية]».
الاستفادة من الأصول البشرية الإسرائيلية
تتابع الورقة البحثية الإسرائيلية: قد تضع الرياض في اعتبارها أنها معتمدة اعتمادًا عميقًا على صناعة النفط وهي تحاول تجنيد الأصول البشرية العالية الجودة في إسرائيل. فقد أفاد أحد أعضاء مجلس الشورى بأن الهدف من المبادرة الإسرائيلية العربية هو «جذب المهنيين والمستثمرين إلى البلاد للمساعدة في التغييرات الاقتصادية التي يروج لها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان».
وعندما سُئِل ترامب عن دعمه لمحمد بن سلمان، الذي تَعدُّه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مسؤولًا شخصيًّا عن جريمة القتل الوحشية التي تعرض لها الصحفي جمال خاشقجي، أجاب: «أمريكا أولًا». وكان هدفه، كما أوضح، أن دعمه لولي العهد يعكس إنفاق المملكة مليارات الدولارات على الجيش الأمريكي وتوفير «مئات الآلاف من الوظائف» للأمريكيين والإبقاء على انخفاض أسعار النفط وتوفير الإمكانية للسيارات الأمريكية لتتحرك على الطريق.
بالنسبة لإسرائيل، لا تسمح علاقتها الخاصة مع الولايات المتحدة لها بالسعي ضد المصالح الوطنية الأمريكية، ويرى ترامب أن المملكة العربية السعودية حليفًا مهمًا. كما أنه ليس من الضرورة أن يحدث انتهاك للمصالح الإسرائيلية للرد على المبادرات السعودية. وبالتأكيد يعتقد ترامب أن ولي العهد عنصرًا حاسمًا في الجهود المبذولة للحد من العدوان الإيراني. فقد صرح قائلًا: «إذا نظرت إلى إسرائيل، تجد أنها في مشكلة خطيرة بدون المملكة العربية السعودية».
شكوك إسرائيلية تجاه ولي العهد السعودي
ويكمل الكاتب: يساور الشك الكثيرين من الإسرائيليين بشأن محمد بن سلمان ولا يَعدُّونه شريكًا موثوقًا به فيما يتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي. ولاحظوا أن المملكة لا تقدم لإسرائيل أي مساعدة في التعامل مع أكثر تهديداتها إلحاحًا: حماس وحزب الله. بينما يعتقد قليل من الإسرائيليين أن الرياض ستواجه طهران نيابةً عن إسرائيل والغرب.
من المفارقات إلى حد ما أن كبار مستشاري أوباما السابقين وكتَّاب الأعمدة في الصحف الشهيرة كذلك، مثل توماس فريدمان، الذين ما زالوا متحمسين «لربيع المملكة العربية السعودية المذهل»، قد بذلوا كل ما في وسعهم لتشويه صورة المملكة والترويج لإيران في نفس الوقت. ويجب أن تكون إسرائيل حذرة. وحتى لو كان ولي العهد جادًا في مبادراته، فهناك المئات من الأمراء الأقوياء في مهد الإسلام من الذين لا يهتمون بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.