فيينا – أفرام السيد : —
هناك علاقة غريبة بين النمساويين والطابور….. النمساويين منظمين جدا ، لديهم صبر وهدوء كبير ، يحبون النظام والمساواة ، يقول أحد المهاجرين في (تقرير إعلامي نمساوى) ، أنني كشخص قادم حديثا للنمسا ، فوجئت بمشاهدة العديد من الأشخاص الذين يصطفون بصبر في أماكن لا أتوقعها ! . ، ليس هذا كل شيئ ، ولكن سوف تلاحظ في كل المؤسسات والأماكن بالنمسا هناك انتظار رقمي ، واحترام للانتظار بكل ترحيب وبكل هدوء وصبر ، ودون تململ أو غضب من النمساويين ..ستجدهم هادئين جدا وصبورين جدا ..!
دائما ما أتساءل لماذا يرحب النمساويين بالمساواة في وقت الانتظار في الطابور الذي أغلبه غير نمساوىين !! . ربما لأنني من أصول شرقية ، أنا قادم من مجتمعات لا تجيد ولا ترحب بالانتظار في الصفوف ، بل يحاول الجميع القفز أمام الآخرين أو بالصف الأول أو يهرب من الطابور بالكوسة أو بالرشوة !
ونحن لا نتحلى بالصبر أو الهدوء مثل النمساويين ، بل نطلق نظرات الغضب والكلمات الغاضبة عندما نرى الطابور في بلادنا ، كما أن الموظفين في النمسا أكثر هدوء وصبر في التعامل مع الكم الهائل من الأشخاص ، وهذا يختلف عن الموظفين في مجتمعي الشرقي الذي يتحول الموظف غالبا لوحش هائج !.
في نفس الوقت، هناك الكثير من الأماكن في النمسا ، ليس عليك الانتظار في الصف لوجود جهاز التذاكر المرقّمة Number-automat. نجد مكينات موزعات الأرقام في كل مكان، من المتاجر إلى العيادات الصحية والمصالح الحكومية.
القاعدة الأساسية أن النمساويين لا يرغبون بالقفز للأمام ، أو الحصول على معاملة تفضيلية ، أو عبور حقوق الآخرين ، يرغبون ويحترمون المساواة ، .
إذا سألت أي شخص شرقي من المجتمعات التي انأ قادم منها ، سيقول لك ” بكل تأكيد أنا احترم الطابور والنظام ، ولكنه كلام نظري يختلف عند التطبيق ، فهو لن يترك فرصة تتاح له للحصول على خطوة للأمام يعبر فيها شخص أخر ! غالبا وليس دائما !
. في بعض الأحيان، يبدو الأمر صعبًا بعض الشيء، ولكن أعتقد أنه نظام عادل. لا يمكن لأحد أن يتجاوزك في الصف ، ولا في الحقوق . فأنت في النمسا ، ويمكنك الحصول على إمكانية التجول أو الجلوس عند انتظارك لدورك. أنت فقط بحاجة إلى أن تكون على علم بهذه الأجهزة والنظام المتبع . إذا لم تحصل على رقم وأشخاص بعدك ينتظرون ، فإنهم لن يفسحوا لك المجال قبلهم. على الأقل هذا حدث لي عدة مرات بالفعل
يبدو أن الإعجاب بصفوف الانتظار يرتبط بالعقلانية وحفظ النظام في النمسا. ومن ثم بالطبع الاجتماعي النمساوى الهادئ ، هناك “Intelligent” ، مما يعني أن الجميع متساوون ولا تعتقد أنك أفضل من أي شخص آخر. لذا يجب على الجميع الانتظار بنفس القدر من الوقت.
يقول كاتب نمساوى في مقال صحفي ” عند العيش في دولة الإمارات العربية المتحدة رأينا فن مختلف تماما من الطابور. لا يعيش العرب من خلال ال “Intelligent” ، لا يحبون المساواة، يحبون أن يكونوا مميزين بالعلاقات أو ” الواسطة ” ، أو معرفة شخص يسهل لك الخدمات ! أو دفع المال “الرشوة” ، انهم يبحثون عن طرق أخرى غير النظام والمساواة للقفز للأمام ، ويبدو أن القفز في الصفوف مقبول من جميع النواحي ، والجميع يبحث عن تجاوز الآخرين لكي ينهي معاملاته .
ويضيف الكاتب النمساوى الذي زار دولة عربية ” الأمارات العربية المتحدة ” ذهبنا إلى عيادة لفحص صحتنا من أجل الحصول على تأشيرة الإقامة طويلة الأمد . كانت غرفة الانتظار في العيادة الإماراتية مليئة بالمهاجرين (غير الأوروبيين) ، مهاجرين وافدين من دول عربية وأسيوية وأفريقية ، وغرقت قلوبنا بالحزن عندما دخلنا ورأينا فوضى الطابور والنظام .
ولكن بطريقة غامضة ، كان موظفين يعلمون أننا نمساوىين وبريطانيين فــ يوجهونا عبر الحشد لعبور الطابور والأرقام ، وقد قاموا بخدمتنا على الفور وإنهاء الفحص
ويضيف الكاتب النمساوى ” شعرت بعدم الارتياح ،،، فهذا تمييز ! لماذا يتم خدمتنا أولا وهناك من قبلنا ؟ ..ويضيف الكاتب النمساوى يكفي أن أقول إنني كنت محظوظ بعدم الانتظار طوال اليوم في هذه الفوضى !،
ويعلق الكاتب النمساوى في تقرير صحفي ” لكن كشخص قادم من مجتمع نمساوى يؤمن بالمساواة ، شعرنا بعدم الارتياح. لقد تلقينا هذه المعاملة الخاصة تقريبًا في كل مكان ذهبنا إليه في الإمارات من وصولنا للمطار للفندق لمؤسسات الدولة ، لإننا من جنسية نمساوىة وبريطانية .
ولكن كان من المثير للاهتمام عندما كنا من المغتربين الغربيين يتم إلغاء أولويتنا ، مقابل مواطني دولة الإمارات…..يتلقى مواطني الأمارات معاملة تفضيلية على أي شخص ، انه تصنيف اجتماعي مخيف للبشر والإنسان ..!
عودة إلى فن الطابور في النمسا، ماذا يحدث في محطة الحافلات؟ في انجلترا، من الرائع مشاهدة أشخاص يشكلون خطوط في محطات الحافلات ، لكن يبدو أن النمساويين اقل تنظيم قليل في الانتظار في محطة الباص ، لكنهم منظمين جدا للصعود للحافلة . في كل الأحوال النمساويين يتميزون بالصبر والهدء وحب النظام والمساواة ، وكــ مهاجر في النمسا اشعر بالارتياح أنني لا احتاج لواسطة أو محسوبية أو معرفة شخص مسئول أو ذو سلطة لكي احصل على الأفضلية ، فالجميع في مساواة .