بلومبرج : هل سنشهد المزيد من الخلافات بين أمريكا وإسرائيل بسبب هذه القضية؟

قال دينيس روس في مقال له على موقع شبكة «بلومبرج» إن التناغم ساد دومًا العلاقة بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، خاصة فيما يخص الشأن الإيراني. ولكن خلال الأيام القليلة الماضية، ظهر على السطح الاختلاف بينهما.

فقد أكد ترامب، في قمة مجموعة السبع في 26 أغسطس (آب) الماضي، أن «إيران ليست هي نفس الدولة التي كانت عليها قبل عامين ونصف عندما توليت منصبي. فلم تعد الدولة الأولى التي ترعى الإرهاب، لأنها لم تعد قادرة على الإنفاق كما في السابق». وهذا يعني أن حملة «الضغوط القصوى» الأمريكية للعقوبات قد ألحقت أضرارًا بالغة بالاقتصاد الإيراني بحيث إن سلوكها بات يتغير نحو الأفضل.

يأتي هذا بعكس ما صرح به نتنياهو في اليوم نفسه – يشير روس – حيث قال: «إن إيران تعمل على جبهة واسعة لتنفيذ هجمات إرهابية قاتلة ضد دولة إسرائيل. وستواصل إسرائيل الدفاع عن أمنها. وأدعو المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري حتى توقف إيران هذه الهجمات».

كان نتنياهو يتحدث مباشرة عن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل مؤخرًا لضمان أمنها: تدمير الصواريخ الإيرانية المخزنة في قواعد الميليشيات الشيعية في العراق؛ حيث تفيد التقارير بمهاجمة طائرات بدون طيار منشأة لتعزيز القدرة الصاروخية لحزب الله؛ وضرب القوات الإيرانية ونشطاء الحزب بالقرب من دمشق بشكل استباقي أثناء تحضيرهم لهجوم إرهابي على إسرائيل.

من وجهة نظر إسرائيل، فإن التهديد الإيراني ما يزال شديدًا. في الواقع، قبل بيان نتنياهو بفترة وجيزة، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي، وهي جماعة فلسطينية مقربة من إيران، أربعة صواريخ من غزة على إسرائيل – لإشعال الموقف أكثر على ما يبدو.

اللافت للنظر هنا هو أن نتنياهو ناشد «المجتمع الدولي» وليس أمريكا. يقول روس إنه خدم في خمس إدارات أمريكية مختلفة، وغالبًا ما كان المسؤول عن مقابلة الإسرائيليين، وأن رؤساء الوزراء الإسرائيليين، عندما كانوا يسعون لردع التهديدات الكبرى، كانوا يتوجهون دائمًا إلى الولايات المتحدة أولاً. لقد اعتمدوا على أمريكا للعمل أو لتعبئة الآخرين للمساعدة في مواجهة التهديدات المحتملة، وتوجيه تحذير شديد لأولئك الذين قد يفكرون في تنفيذها. لكن نتنياهو يدرك أن الولايات المتحدة لا تلعب هذا الدور بعد الآن، ولذا فهو يسعى مباشرة للحصول على مساعدة من بقية العالم.

يبدو أن نتنياهو يدرك أن إدارة ترامب ليس لديها سوى الجهود الدبلوماسية التي تجذب الآخرين لدعم الأهداف الأمريكية. إذ يشير بيانه إلى أنه ليس لديه ثقة في قدرة الولايات المتحدة على ردع إيران؛ وهذه ليست مفاجأة كبيرة – يؤكد روس – فقد فرضت إيران ضغوطًا على حلفاء أمريكا ومصالحهم في المنطقة، بعد أن ألغت الولايات المتحدة الإعفاءات التي سمحت لثماني دول بشراء النفط الإيراني.

لا شك أن هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ في مايو (أيار)، قد ضغط بالتأكيد على الإيرانيين. لكن ردهم عليه، بخلاف خفض التزاماتهم بالاتفاق النووي لعام 2016، كان بمهاجمة ناقلات النفط في الخليج العربي، وتصعيد عملائهم الحوثيون في اليمن الهجمات ضد المطارات والمنشآت النفطية السعودية، وتوسيع نطاق تهديداتهم لإسرائيل. كل هذا بعد أن أعلن جون بولتون، مستشار الأمن القومي، في 5 مايو أن أي تهديدات من هذا القبيل ستواجه «بقوة لا هوادة فيها».

لكن ترامب هو من يتخذ القرارات، وهو لا يريد صراعًا مع إيران. علاوة على ذلك، يؤمن ترامب أن التهديدات الإيرانية للأصدقاء الأمريكيين في المنطقة هي مسؤوليتهم الخاصة، ولا دخل لأمريكا بها. كما يطبق ترامب نفس المنطق على مضيق هرمز: لما كانت الدول الأخرى تعتمد عليه في نقل إمداداتها النفطية، فهي مسؤولة بشكل رئيسي عن حمايته.

ويرى روس أنه بعد التزام واشنطن الصمت إزاء إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار في وقت سابق من هذا الصيف، فإن هذا يعطي الإيرانيين سببًا للاعتقاد بأن الولايات المتحدة سترد فقط على الهجمات المباشرة ضد قواتها التي تؤدي إلى وفيات، وأنه لا داعي للخوف من رد فعل الولايات المتحدة على العدوان الإيراني ضد أصدقاء أمريكا.

وعلى الرغم من انتقاد ترامب الرئيس باراك أوباما بسبب ما أسماه ضعف الاتفاق النووي، لكنه يتحدث عن نفس الهدف الذي كان يسعى إليه أوباما – وهو عدم امتلاك طهران سلاحًا نوويًّا – ولا يكترث كثيرًا بسلوك إيران الإقليمي. علاوة على ذلك، اعترافًا بالنقطة التي أثارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهي أن الإيرانيين قد يحتاجون إلى تعويض للدخول في محادثات، فقد ذهب إلى حد القول إن الإيرانيين قد «يحتاجون إلى بعض المال لتجاوز مرحلة صعبة للغاية، وإذا حدث هذا، فسيجري تأمينه بالنفط، وهذا مناسب للغاية بالنسبة لي».

لا حرج في رغبة ترامب في التحدث إلى الإيرانيين – ينوه روس – لكن تصريحاته تشير إلى أن سياسة الضغوط القصوى لن تؤدي إلى هذه المحادثات – بل إن الضغط الإيراني الأقصى هو الذي يحرك الولايات المتحدة والأوروبيين. ربما لهذا السبب حاول نتنياهو إقناع ترامب بعدم الاجتماع بوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف. فهو يخشى بوضوح ما يمكن التنازل عنه في هذه المرحلة.

أجل، الاقتصاد الإيراني في حالة سيئة، ومن المحتمل أن يذهب الإيرانيون لإجراء محادثات في نهاية المطاف. لكن مطالبة الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن تتخلى الولايات المتحدة أولاً عن العقوبات – وهو أمر يعرف أنه من غير المرجح أن يفعله ترامب الآن – تشير إلى أنها ليست في عجلة من أمرها. في هذه الأثناء، سوف يزيد الإيرانيون من ضغوطهم، معتقدين أن ذلك سيعطيهم المزيد من النفوذ – يبدو أنهم يقلدون ترامب: اضغط أكثر، وسيأتي الجانب الآخر إلى الطاولة.

في الوقت الحالي – يقول روس ختامًا – يعني الموقف الإيراني أنه لن يكون هناك احتمال لصفقة بين الولايات المتحدة وإيران. ولعل هذا يخفف من مخاوف نتنياهو حول شكل الصفقة الآن. لكن المفارقة هي أنه نظرًا لأن الإيرانيين يحاولون زيادة نفوذهم، فمن المرجح أن تواجه إسرائيل سلوكًا عدوانيًا متزايدًا من جانب وكلاء طهران. وبينما ستدعم إدارة ترامب حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، فإنها ستترك إسرائيل لوحدها لمواجهة عواقب سياسة أمريكية جديدة.

أقراء الخبر باللغة الإنجليزية بالضغط هنا

شاهد أيضاً

خطة مضادة من الدعم السريع لمنع تصدير السلع إلى مصر.. لماذا تم إغلاق الحدود الغربية للسودان؟

كشف الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، الرائد أحمد حسين أدروب، أنهم قرروا …