نشرت كارولين توماس، الناشطة الاجتماعية الأمريكية والمعالجة الأسرية التي تخرجت في جامعة واشنطن، مقالًا على موقع «سايكولوجي توداي» يقدم مجموعة من الخطوات العملية لمساعدة الأطفال على العودة للمدارس دون قلق.
تنطلق كارولين من محاولة لفهم القلق باعتباره قوة لا يستهان بها، تدفعنا لتجنب الأشياء التي نقلق منها، فمثلًا إذا كنت قلقًا من الطيران، فقد يكون خيار الرحلات البرية الطويلة جذابًا للغاية بالنسبة لك لتفادي الطيران.
ليس هناك ما يسر حيال القلق، فتجنب المواجهة يسمح لنا بالهروب من عدم الارتياح الجسدي والعاطفي الناتج عن القلق، إلا أنه للأسف يعزز المخاوف، ويضفي عليها قناعًا من المنطقية، فمثلًا إذا كنت لا تسافر سوى بالسيارة، فمن الآمن الافتراض بأن الطريقة الوحيدة التي جعلتك على قيد الحياة حتى الآن هي أنك لم تسافر على متن الطائرة، لذلك فنحن نعزز هذا الخوف دون قصد.
وتلفت الكاتبة إلى أن المقابل لهذا التجنب القائم على الخوف هو التحكُّم في ناصية الأمور، وتوضح: «نحن نعزز هذا التحكم عندما نواجه الشيء الذي نخشاه مرة وننجو، هذا ما يسميه المعالجون «التعرض»، ومفتاح النجاح هو التعرض المتدرج للمخاوف لتعزيز التحكم».
هذا التعرض التدريجي هو النمط المستخدم في العلاج السلوكي المعرفي لمعالجة القلق والرهاب، والذي يعمل بشكل جيد، حتى لو كان الشخص مصابًا برهاب شامل.
في البداية يتعلم الشخص كيفية تهدئة نفسه وإدارة الشعور بعدم الارتياح، ثم نسير خطوات متمهلة تجاه هذه التجربة المثيرة للقلق، ومع كل خطوة ناجحة يصبح قلقنا أكثر قابلية للإدارة حتى نتمكن من مواجهة ما بدت مواجهته مستحيلة وجهًا لوجه.
وتصبح هذه التجربة جزءًا من كينونتنا، نحن الذين تمتعنا بالشجاعة وتغلبنا على الخوف، ويا للعجب، لم تقتلنا المواجهة، وربما يمكننا أن نعيد الكرة مرة أخرى بنجاح.
لهذا؛ تقترح الكاتبة أن نتبع أربع خطوات تساعدنا في تعليم أطفالنا كيف يتخطون القلق الذي يصيبه قبل بداية العام الدراسي، فيما يلي:
1. تطبيع العواطف
أولًا، يجب أن نتحدث مع أطفالنا عن هذه العملية؛ لنجعلهم يدركون أن هذا القلق أمر طبيعي ويحدث للجميع.
2. حدد خطوات صغيرة
بعد الحديث، يجب أن نتخذ خطوات محددة حتى تتصاغر لديهم الفكرة المخيفة من الذهاب إلى المدرسة وتنقسم إلى خطوات يمكن السيطرة عليها.
بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا فعادة تكون المخاوف متعلقة بالذهاب إلى محطة الحافلة، والتعرف على زملاء في الملعب، ومقابلة المعلم لأول مرة، والانفصال عن الوالدين لمدة يوم كامل.
أما الطلاب الأكبر سنًا فقد يكون التعامل مع أقفال الخزانات محيرًا بالنسبة لهم، والتجول في مدرسة جديدة، وإيجاد صديق جديد يجلس معه في الكافيتريا أمرين مرعبين.
3. ترتيب الخطوات بحسب الندرة
بمجرد تحديد الأمور المخيفة، نرتبها من الأقل إثارة للخوف إلى الأكثر إثارة للخوف.
وتحبذ توماس أن يقوم الطلاب بكتابة تلك المخاوف على ملصقات حتى يمكن إعادة ترتيبها بصريًا، وهذا ما يسميه المعالجون سلم المخاوف، ليتغلب الطالب على أحد المخاوف في كل مرة، ويستطيع من خلاله أن يصل إلى ما كنا نعتبره غير ممكن من قبل.
ولا يحتاج كل الطلاب إلى هذا السلم، فحدسك كمُرَبٍّ سيدلك على أكثر ما يحتاجه طفلك لزيادة الثقة فيما يتعلق ببدء الدراسة.
4. تدرب على مهارات التهدئة ومواجهة المخاوف
حان وقت الممارسة الآن، يجب أن نكمل كل خطوة حتى نتجرد من الخوف المصاحب للأمر، ونحتفل بشجاعتنا، ثم نمضي قدمًا نحو الخطوة التالية.
ويجب أن نتذكر أن تكون تجربة إيجابية وداعمة نفسيًا، لا يجب أن نعزز المخاوف هنا، بل نشجع الأطفال على ممارسة التهدئة الذاتية أثناء التعرض المصغر للمخاوف.
وفيما يلي بعض النصائح التي تقدمها الكاتبة في هذا الخصوص:
1. التأقلم المعرفي
تحدثنا عن كيفية استخدام التأقلم المعرفي كآباء، لكننا الآن نحتاج إلى أن يمارس أطفالنا أيضًا هذا النوع من التأقلم!
يجب أن نعلمهم كيف يراقبون أفكارهم وأن يدركوا أن أفكارًا مثل؛ «لن أستطيع القيام بهذا» أو «الجميع ينظرون إلي» ليست مفيدة ولا دقيقة.
لنحاول تغييرها إلى صيغ أخرى مفيدة مثل: «يمكنني أن أكون أكثر شجاعة» أو «أعلم أنني أستطيع فعل هذا حتى الثالثة». يمكنك حتى تدوين ذلك، أو الاحتفاظ بعنصر خاص لتذكيرهم بعباراتهم.
2. التنفس العميق
عندما نبطئ أنظمتنا التنفسية والعصبية من خلال التنفس بعمق، نتيح للمخ أن يوقف إشارات الذعر التي تخلق أحاسيس القلق الجسدية.
3. عرض الخيارات
يشعرنا الخوف أننا لسنا متحكمين في أي شيء.
اسمح لأطفالك بالتحكم في العناصر الصغيرة، كأن تسأل الطفل، هل تحب أن تذهب للمدرسة في اليوم الأول عن طريق الحافلة المدرسية أم أنك تفضل أن أذهب معك بالسيارة؟ هل تشعر بالارتياح حيال اصطحاب غداءك معك إلى المدرسة أم تفضل الحصول على وجبة ساخنة؟
4. حشد الدعم
اللجوء لأحد المدرسين أو الأخصائيين الاجتماعيين في المدرسة من شأنه أن يحل الكثير من المشكلات كأن يوفر مكانًا للطالب مثلًا أو شيئًا من هذا القبيل، ومن الممكن أن تنسق مع أحدهم.
5. مخرج الطوارئ
التفكير في مخرج إذا ما حدث القلق، من شأنه أن يمنع حدوث القلق في المقام الأول، فيجب أن تعرف إذا ما كان هناك مكتب لممرضة في المدرسة حيث يستطيع طفلك أن يحظى ببعض الراحة وأن يكون لديهم رقم هاتفك حتى يتمكنوا من الوصول إليك إذا ما احتاج الأمر.
الآن بعد أن أصبح الطفل يتمتع بمهارة أو اثنتين، تقترح الكاتبة بعض الخطوات العملية التي يمكن اتباعها مع طفلك قبل بداية العام الدراسي لتجنب القلق، مع التأكيد على عدم إغفال الاحتفال بالانتصارات الصغيرة والكبيرة، فالتغلب على مشاعر القلق هو إنجاز كبير!
- التدريب على المشي حتى محطة الحافلة.
- رسم خريطة للطرقات بين الفصول واجتيازها بصحبة الأصدقاء أو أحد الوالدين مع ضمان بألا تكون التجربة محرجة.
- وضع خطة مع صديق لقضاء بعض الوقت سويًا خلال اليوم الدراسي.
- التدرب على قفل وفتح الخزانات مرات عديدة.
- مقابلة المعلمين وهيئة المدرسة قبل بداية العام الدراسي.
- اللعب في فناء المدرسة حتى يشعر بالراحة ويعتاد جو المدرسة.
والأهم من ذلك كله أن نخطط كيف نحتفل بالنجاح في كل خطوة، فالتغلب على مشاعر القلق إنجاز كبير يستحق الإشادة والاحتفاء به، وقضاء اليوم الدراسي الأول كاملًا يستحق مكافأة من الآيس كريم، خاصة إذا استطعت اجتياز يومك الأول في المدرسة الإعدادية.