حالة من الترقب سادت الشارع المصري السبت الماضي، استعدادًا لمشاهدة مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره الجنوب أفريقي ضمن منافسات كأس الأمم، فيما كان فريق آخر منهكًا لـ 15 ساعة، في سبيل إنقاذ حياة مريض.
حيث كان الدكتور محمود طلعت، منسق فريق زراعة الكبد بالمعهد القومي للكبد في القاهرة، منتشيًا بنجاح تدخل جراحي دقيق بدأ من الـ 8 صباحًا، وانتهى في الـ 11 مساءً، أي وقت نهاية المباراة.
يروي «طلعت» عبر “الفيس بوك” أن أفراد الطاقم الطبي منقسمين حول متابعة وتشجيع كرة القدم، فبعضهم يفضل مشاهدتها إلى حد تأجيل مهامه لتتوافق مع توقيتات اللقاءات، والآخرين لا يلقون لها بالًا من الأساس، إلا أن حالة السبت كانت مختلفة، وأجبرت كلا الجانبين على أداء واجباتهم لإنقاذ حياة المريض.
وجد أفراد الفريق الطبي أنفسهم أمام حالة صعبة، خاصةً وأن المريض يعاني من تليف في الكبد نتيجة إصابته بفيروس «سي»، ما أدى إلى تلف كامل للعضو وتطلب استئصاله وزراعة فص صالح.
يقول «طلعت» إن سوء حالة المريض، البالغ من العمر 63 عامًا، وصلت إلى حد إصابته باستسقاء والصفراء وغيبوبة كبدية، حتى وجد ملاذه في متبرع شاب، 33 عامًا، يمده بفص سليم، ليقرر الفريق إجراء العمليتين، الاستئصال والزرع، سويًا.
في الـ 8 صباحًا دخل المتبرع إلى غرفة العمليات، وأجرى الأطباء له فحوصات سريعة للاطمئنان على حالة كبده، إلى جانب الإطلاع على الأشعة والتحاليل السابقة، ومن ثم دخل المريض المُستقبِل إلى جواره في الـ 10.
ومن هذه اللحظة بدأت رحلة جراحية طويلة تعرض فيها الأطباء لمجهود نفسي وبدني كبير، بدءًا من استئصال الفص من المتبرع، وأخذت 8 ساعات، ثم إزالة الكبد المتليف وزرع الآخر، وهو ما ينتهي كليًا خلال 15 ساعة على الأكثر.
ومع انتهاء التدخل الجراحي بنجاح في الـ 11 مساءً، تزامنًا مع هزيمة المنتخب، وضع الأطباء المريض في غرفة العناية المركزة، حتى يتعافى من آثار العملية «الأصعب على الإطلاق» وفق رؤية «طلعت»، مرجعًا ذلك إلى نسبة فشلها التي تصل إلى 25%، وتحمل مسؤولية روحين، خاصةً وأن المتبرع لابد أن «يخرج ماشي على رجله» حسب تعبيره.
ليحقق بذلك هذا الطاقم الطبي انجازًا كبيرًا تمثل في إنقاذ حياة مواطن في ظل فشل المنتخب الأول لكرة القدم.