في خطوة مثلت مفاجئة لكثيرين، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، أنها قامت بمراجعات رصدت خلالها «أخطاء وقعت فيها في مرحلة ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها وكذلك في مرحلة توليها حكم البلاد».
وقالت الجماعة، المصنفة إرهابيًا في مصر، في بيان لها: «إننا قد قمنا بمراجعات داخلية متعددة، وقفنا خلالها على أخطاء قد قمنا بها في مرحلة الثورة ومرحلة الحكم، كما وقفنا على أخطاء وقع فيها الحلفاء والمنافسين من مكونات الثورة».
وتابعت: «لذا فإننا نعلنُ أنَّ جماعة الإخوان المسلمين تقفُ الآن على التفريق بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة، ونؤمن بأن مساحة العمل السياسي العام على القضايا الوطنية والحقوق العامة للشعب المصري، والقيم الوطنية العامة وقضايا الأمة الكلية، هي مساحة أرحب للجماعة من العمل الحزبي الضيق والمنافسة على السلطة».
ووفقًا للبيان، أضافت «ندعم كل الفصائل الوطنية التي تتقاطع مع رؤيتنا في نهضة هذا الوطن في تجاربها الحزبية، ونسمح لأعضاء الإخوان المسلمين والمتخصصين والعلماء من أبناءها بالانخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع معنا في رؤيتنا لنهضة هذه الأمة».
يأتي هذا عشية إحياء الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو لعام 2013 والتي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم.
ويعد ذلك أول إعلان رسمي من الجماعة بهذا المضمون منذ خروجها من السلطة إثر احتجاجات حاشدة أيدها الجيش في يوليو عام 2013.
الدكتور خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، والقيادي السابق بالجماعة، قال إن الجماعة تقصد بهذا أنها أجرت مراجعات سياسية وليست فكرية، مضيفًا أنها تقم بذلك بهدف الحفاظ على الجماعة، حيث إن أهم شيء عندها الآن المحافظة على التنظيم.
وخلال حديثه لـ«المصريون»، أضاف «الزعفراني»، أن هذا البيان موجهة للمعارضة في مصر، حيث تحاول الجماعة بعث رسالة لهم مفادها أنها تريد فتح صفحة جديدة معهم، خاصة أنه بموت مرسي تخلت عن شرط الشرعية وعودته للحكم الذي كانت تتشبث به من قبل.
وتابع: «الجماعة تحاول تغيير نغمتها مع المعارضة كذلك تحاول أن تقول أنها تراجع نفسها في النقاط التي كانت تعناد فيها المعارضة ويقع بسببها خلافات ومشكلات».
وأشار القيادي السابق بالجماعة, إلى أن الجماعة في أضعف حالاتها، كذلك المعارضة في مصر نفس الأمر، ما يعني أن قيام تحالف بينهما لن يثمر عنه جديد ولن يكون له أي أثر في تحريك أي شيء.
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، نوه بأنه من الصعب حدوث أي تحالف بين الطرفين، إذ إن كلاهما لا يثق في الأخر فضلا عن وجود خلافات نفسية بين الطرفين يصعب معها تحقيق أي شيء.
أما، سامح عيد، القيادي السابق بالجماعة، والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، قال إن خروج بيان عن الجماعة بهذا الشكل يشير إلى وجود خلافات وصراع شديدة داخلها، مشيرًا إلى أن حديثها محاولة لكسب القوى الوطنية ولإقامة تحالفات مع المعارضة.
واعتبر أنها محاولة بائسة من جانب الجماعة، لا سيما أنها لم تحدد الأخطاء بشكل واضح، فضلًا عن أن ما تعتبره هي أخطاء قد لا يعتبره آخرون ليس بخطًأ والعكس صحيح، متابعًا: «كلام مايع وغير محدد كذلك كلامها مرسل».
وأضاف «عيد»، لـ«المصريون»، أن حالة الاستقطاب الحاد التي تزيد من الكراهية للجماعة، إضافة إلى أنه يعمق المشكلة ويبعدهم عن الشعب، مؤكدًا أنه لن يقع أي توافق بين الطرفين.
القيادي السابق بالجماعة، لفت إلى أنه سبب خروج هذا الكلام، الانقسامات التي تشهدها الجماعة، حيث إنها تريد لملمة الهيكل التنظيمي الذب ينهار حاليًا.
ومنذ الإطاحة بمرسي، وجماعته من الحكم، في صيف عام 2013، بعد عام واحد من وصولهم إليه، طالب كثيرون الجماعة والقائمين عليها بإجراء مراجعات على غرار ما قامت به الجماعة الإسلامية في التسعينيات، غير أن تلك المطالب لم تلق آذانًا صاغية، غير أنها تجددت عقب وفاة الرئيس المعزول.