مؤتمر بلا مؤتمِرين، هكذا يمكن أن توصف ورشة المنامة التي تهدف إلى إطلاق ما يُعرف بصفقة القرن التي انطلقت أمس بالبحرين، تحت اسم «ورشة الازدهار من أجل السلام«.
ولم يكن اللافت فقط هو انخفاض مستوى الحضور باستثناء السعودية، ولكن أيضاً الطابع الاعتذاري الذي صاحَبَ إعلان كثير من الدول عن قرارها بحضور المؤتمر.
كأن لسان حالهم يقول إننا حضرنا لرفع العتب مع الأمريكيين والسعوديين، ولكن لا تخشوا شيئاً إننا لن نشارك في بيع فلسطين.
فكثيرٌ من الدول أكَّدت أنَّ هدف مشاركتها هو المتابعة وليس الموافقة، وأنها لن تقبل شيئاً يرفضه الفلسطينيون.
والأهم أنَّ قائمة المعتذرين ضمَّت دولاً شديدة القرب من الولايات المتحدة والسعودية.
فمستوى الحضور وطريقته، وكذلك قائمة الغائبين يمكن أن تعطينا مؤشراً على المصاعب التي تواجه صفقة القرن قبل أن تبدأ.
الإمارات.. هل باعت حلفاءها في اللحظة الحاسمة؟
الموقف الإماراتي كان هو الأغرب ، فأبوظبي هي حليفة السعودية وترامب المقربة، ويعتقد أنه طرف أساسي في كل خططها، إذ يعتقد أن رجلها القوى الشيخ محمد زايد هو الضلع الثالث في المثلث الذي يحيك كل الأطروحات التي تهبط على المنطقة، بالإضافة إلى كوشنر- بن سلمان.
ولذا يفترض أنها طرف أصيل في ورشة المنامة، وخاصة أن لها باعاً طويلاً في التطبيع مع إسرائيل.
وأعلن أن وزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير هو الذي سيقود الوفد«.
ولكن فجأة تداعت الأخبار عن مواقف شخصيات محسوبة على الدولة الإماراتية تهاجم ورشة المنامة بطريقة لافتة، واعتذار رجال الأعمال الإماراتيين عن المشاركةبالورشة.
إذ شنَّ ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي هجومًا شرسا على المسؤولين المشاركين في ورشة البحرين التي حضرها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، تمهيداً لما يُسمَّى «صفقة القرن».
وقال خلفان: لن يرحمكم التاريخ إذا مرَّرتم صفقة القرن
كما استنكر الأكاديمي الإماراتي «عبدالخالق عبدالله» المستشار السابق لـ «بن زايد» استضافة البحرين الندوة الاقتصادية لصفقة القرن، معتبراً أن هدفها «تصفية القضية الفلسطينية».
تصريحات «عبدالله» المستشار السابق لـ «بن زايد» والتي جاءت متناقضة لموقف الإمارات كتَبَها في تغريدة له عبر «تويتر»، وقال فيها «لماذا تقبل البحرين أو أي دولة خليجية أخرى استضافة ندوة هدفها تصفية القضية الفلسطينية العادلة؟».
وكشف «عبدالله» في تغريدة له على «تويتر»، الإثنين، عن اعتذار عدد من رجال الأعمال الإماراتيين عن الحضور، قائلاً: «ليعلم سعادة المستشار كوشنر والمشاركون في ورشة المنامة، أنَّ فلسطين ليست للبيع بـ50 مليار دولار ولا حتى بـ500 مليار دولار، شكراً لرجال الأعمال في الإمارات الذين اعتذروا عن المشاركة في ورشة المنامة، التي ليس لأحد فيها لا ناقة ولا جمل».
التبرير سيد المشاركة
دول عدة شاركت في المؤتمر، بطريقة بدت خجولة، وتحمل قدراً من الاعتذار والتبرير مع انخفاض مستوى التمثيل بشكل لافت.
فمصر والأردن، وهما الشريكتان التقليديّتان لأمريكا في المنطقة، انتظرتا حتى يوم السبت الماضي، قبل أن تعلنا أن كلاً منهما سترسل نائباً لوزير المالية، كما أن الأردن أعلن أنه سيبعث برسالةٍ خلال المؤتمر تشدد على تمسكه بالسيادة الفلسطينية.
الأردن: نشارك لنعرف ما يدور بالغرف المغلقة
ومثل الأردن بالورشة أمين عام وزارة المالية، عبدالحكيم شبلي.
وجاءت مشاركة الأردن رغم الاعتراضات الفلسطينية التي ترى في تلك المشاركة «رسالة خاطئة للولايات المتحدة» بشأن الموقف العربي من خطتها للسلام في الشرق الأوسط.
ولكن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أكد أمس الثلاثاء، خلال لقاء مع جمع من الشخصيات السياسية والإعلامية على ضرورة وجود الأردن في المؤتمرات الدولية حول القضية الفلسطينية، سواء كان مؤتمر البحرين أو غيره «حتى نستمع ونبقى على معرفة بما يجري ولا نكون خارج الغرفة».
وتعتبر المملكة الهاشمية أن «الأردن سيتعامل مع أي طرح اقتصادي أو سياسي وفق مواقفه الراسخة، فيقبل ما ينسجم معها ويرفض أي طرح لا ينسجم مع ثوابته، وسيستمر في العمل والتواصل مع المجتمع الدولي وتكريس كل علاقاته وإمكاناته لحشد الدعم لمواقفه ولدعم الحق الفلسطيني».
ومصر تحاول عدم إغضاب أي طرف، ولذا تشارك لمراقبة الموقف
المشاركة المصرية بدورها جاءت على مستوى منخفض، حيث ترأس وفدها للورشة نائب وزير المالية، وتزامن الإعلان عنها مع إعلان مصر موقفها من الورشة والقضايا الإشكالية التي تطرحها.
فقد جاء إعلان مصر مشاركتها في المؤتمر متأخراً. وفي تعليل من القاهرة لهذه المشاركة، قال وزير الخارجية سامح شكري: «إن منتدى البحرين يأتي في إطار طرح من الولايات المتحدة، للجهود المبذولة للتوصل لحلٍّ نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونتوقع أن يصدر بعده المكون السياسي».
وقال سامح شكري، الإثنين 24 يونيو/حزيران، إن بلاده لن تتنازل عن حبة رمل واحدة في سيناء، في أول تعليق من القاهرة على تخصيص مشاريع في سيناء ضمن الشقِّ الاقتصادي من المبادرة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط المسماة بـ «صفقة القرن».
وأوضح شكري، في مقابلة مع تلفزيون «روسيا اليوم»، أن مشاركة بلاده في مؤتمر المنامة بشأن الشق الاقتصادي «للتقييم وليس للإقرار (…)، خاصة في ظل اتصال دائم لمصر بالقضية الفلسطينية وإطار حلها».
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، إنَّ مصر ستشارك في «الورشة» مع التزامها الثابت بحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة الدولة المستقلة على حدود 4 يونيو/حزيران عام 1967، وتطبيق مقررات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام.
وأوضح أن المشاركة المصرية تهدف لمتابعة الأفكار التي سيتم عرضها خلال الورشة، وتقييم مدى توافقها مع رؤية السلطة الفلسطينية للحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، من خلال إطار سياسي، لافتاً إلى أن التمثيل المصري سيكون عبر وفد يترأسه نائب وزير المالية، وهو تمثيل ضعيف، بحسب مراقبين تحدَّثوا لـ «عربي21».
وأثار حضور مصر تلك الورشة تساؤلات حول دوافع هذه المشاركة ودلالات التمثيل الرمزي للوفد المصري.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة حلوان، أحمد البيومي، في تصريحات لموقع «عربي21» أن «مصر لا يمكنها ترك الساحة الفلسطينية خالية باعتبارها امتداداً للأمن القومي المصري، ولا بد أن تكون حاضرة في أي ملتقى يخصّ القضية الفلسطينية.
ورأى أن النظام المصري يجد نفسه في بين خيارين أحلاهما مرّ، فهو إن قاطع الورشة التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل شخصي ويديرها صهره جاريد كوشنر، فإنَّ هذا الموقف سيُغضب الإدارة الأمريكية التي منحت الرئيس عبدالفتاح السيسي الكثير والكثير من الدعم السياسي طوال الأعوام الثلاثة الماضية».
وتابع: «ولا ننسى أن الورشة تُعقد أيضاً بدعم واضح من السعودية والإمارات، أكبر الداعمين سياسياً واقتصادياً للسيسي منذ وصوله للسلطة، ولا يريد السيسي أي خلافات مع الرياض وأبوظبي في هذا التوقيت، فضلاً عن عدم رغبة النظام في إغضاب إسرائيل في ظلّ التناغم الواضح والتعاون الأمني والسياسي مع تل أبيب منذ ست سنوات.
المغرب.. مشاركة اللحظة الأخيرة ومستوى تمثيل يقارب الغياب
قرر المغرب رسمياً، المشاركة في ورشة البحرين بتمثيل ضعيف للغاية، وجاء الإعلان عن المشاركة في وقت متأخر.
فقد أعلنت وزارة الخارجية المغربية أن إطاراً (مسؤولاً) من وزارة الاقتصاد والماليةيمثل المغرب في الورشة المذكورة، بعدما سبق أن أعلنت الرباط عن عدم علمها بأي خطة أمريكية جديدة للسلام من أجل تسوية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرة إلى أنها ستعلن موقفها «عندما تعرف الخطوط العريضة ومضمون وتفاصيل هذه الخطة».
وقال المتحدث باسم الخارجية المغربية إن هذه المشاركة تأتي انطلاقاً من الموقف الثابت للمغرب «من أجل حل دولتين، تتعايشان جنباً إلى جنب في سلام واستقرار، يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة على حدود 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وجاءت هذه المشاركة رغم التظاهرات في المملكة ضد الورشة.
إذ تظاهر آلاف المغاربة بالعاصمة الرباط، الأحد الماضي، في مسيرة شعبية رافضة للخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط المعروفة باسم «صفقة القرن».
ودعا المتظاهرون إلى رفض «صفقة العار» ومقاطعة «ورشة الخيانة» بالمنامة، منبِّهين إلى أن المراد منهما الإجهاز على فلسطين ومحو تاريخها ومعالمها، وتثبيت السطو على خيرات ومقدرات وشعوب المنطقة.
المقاطِعون حلفاء وأصدقاء مقربون للولايات المتحدة والسعودية
لم تشارك أي دولة أوروبية في المؤتمر باستثناء بولندا.
ولم ينشر البيت الأبيض قائمةً كاملة بأسماء من سيحضر ورشة عمل كوشنر.
لكن مسؤولاً بولندياً بارزاً رفض الدعوة، قال إن بولندا، التي يدعم ترامب حكومتها اليمينية، قد تكون الدولة الأوروبية الوحيدة التي سترسل وفداً رفيع المستوى.
وجدير بالذكر أن دول أوروبا الغربية تدعم فكرة حل الدولتين وتعارض قرار ترامب بشأن القدس.
وأصحاب الشأن غائبون
كما أن المؤتمرافتقد رجال الأعمال المهمين في المنطقة، وهم المقصودون أساساً برسالة كوشنر القائلة إن التمكين الاقتصادي يمكن أن يفيد الفلسطينيين أكثر مما يراه كوشنر «قيادةً سياسيةً محتضرة متمسكة بأفكارٍ عفى عليها الزمن ومطالبَ غير واقعية».
ويرفض الفلسطينيون الذين يقاطعون هذا المؤتمر التحدث مع إدارة ترامب منذ اعترافها بالقدس… وقال رجال أعمال في مدينة رام الله بالضفة الغربية لـ «رويترز»، إن الغالبية العظمى من أوساط رجال الأعمال الفلسطينيين لن تحضر الورشة.
وقال البيت الأبيض إنه قرر عدم دعوة الحكومة الإسرائيلية؛ نظراً إلى عدم وجود السلطة الفلسطينية في المؤتمر، ليشارك بدلاً من ذلك وفد صغير من قطاع الأعمال الإسرائيلي.
الكويت.. مقاطَعة رسمية بعد رفض شعبي عارم
رغم قوة علاقتها بالولايات المتحدة والسعودية على السواء، ورغم حرج موقفها الجغرافي السياسي في منطقة ملتهبة، فإن الكويت لم تشارك في ورشة البحرين.
الورشة التي يُنظر إليها بوصفها جزءاً من الرؤية الأمريكية لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، والمعروفة إعلامياً باسم «صفقة القرن»- كانت محل رفض شعبي ورسمي واسع المدى في الكويت، بدأت أصداؤه قبل نحو أسبوع، من خلال إصدار القوى السياسية الكويتية -على اختلاف مشاربها- بياناً مشتركاً طالبت فيه الحكومة بموقف واضح من المشاركة في الورشة.
بيان القوى شدد أيضاً على رفض محاولات ابتزاز وجرّ الدول العربية إلى المشاركة بدعوى تنمية وازدهار الأراضي الفلسطينية المحتلة، في حين أن الورشة في حقيقتها منبر لتسويق التطبيع مع إسرائيل والترويج لـ «صفقة القرن».
المواقف الشعبية سرعان ما تلقفها نواب مجلس الأمة، الذين دعوا -في بيان تلاه رئيس المجلس مرزوق الغانم خلال جلسة الإثنين 24 يونيو/حزيران 2019- الحكومة إلى مقاطعة أعمال ورشة المنامة، ورفض كل ما تسفر عنه من نتائج من شأنها أن تسهم في تضييع الحقوق العربية والإسلامية التاريخية بفلسطين.
حكومياً وخلال الجلسة نفسها، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ صباح خالد الصباح، تمسُّك الكويت بالثوابت الأساسية في سياستها الخارجية القائمة على دعم القضية الفلسطينية والقبول بما يقبله الفلسطينيون.
وأضاف صباح الخالد أن «الكويت لن تقبل ما لم يقبل به الفلسطينيون»، وهو الرد الذي اعتبر إشارة واضحة إلى عدم المشاركة في المؤتمر، بالنظر إلى إعلان السلطة الفلسطينية مقاطعتها له.
وحتى البحرين تقلل من دور الورشة
وقال مسؤول حكومي بحريني بارز -طلب عدم الكشف عن اسمه، لكي يناقش المسائل الدبلوماسية بِحُرية- لصحيفة Washington Post الأمريكية، إنه يجب ألا يُفهم المؤتمر على أنه تصديق بحريني لرؤية كوشنر.
وأضاف أن «هذا يتعلق فقط بالأعمال وليس بالسياسة. مسألة أن الورشة ستُعقد في البحرين لن تغير أياً من سياساتنا أو موقفنا من القضية الفلسطينية. ما زلنا ندعم خطة السلام التي اقترحها الملك عبدالله، وفكرة أن القدس الشرقية ستكون عاصمةً للدولة الفلسطينية».
وكوشنر يهاجم مبادرة السلام التي أطلقها العاهل السعودي الراحل
وكان كوشنر قد هاجم المبادرة العربية للسلام التي أطلقها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله عندما كان ولياً للعهد، وتدعو إلى إقامة علاقات طبيعية بين العرب وإسرائيل بعد إعادة الحقوق العربية، ومن ضمنها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة عام 67 عاصمتها القدس الشرقية، وكذلك حل مشكلة اللاجئين بناء على القرار الأممي 194.
وألمح كوشنر إلى احتمال التخلي عن المبادرة قائلاً» «أعتقد أنه لابد من أن نعترف بأنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فلن يكون متمشيا مع مبادرة السلام العربية، بل سيكون حلا وسطا بين المبادرة العربية والموقف الإسرائيلي.»
ويعنى ذلك أن كوشنر يحطم المساهمة التاريخية والرئيسية للسعودية في جهود تسوية النزاع العربي والإسرائيلي وهي المبادرة التي أُطلقت بالقمة العربية في بيروت عام 2002، وتحولت إلى أحد الثوابت العربية التي تؤكدها القمة العربية كل عام.
وقال مسؤول شرق أوسطي بارز رفض الكشف عن اسمه، لأنه يبدي شكَّه في المؤتمر، إنه خلال زيارة كوشنر للمنطقة لم يبدُ كأنه «منفتحٌ على الإصغاء إلى الناس الذين لديهم آراء مختلفة، أو الذين شرحوا له أن خطته تتجاهل الحقائق التاريخية ومشاعر الفلسطينيين والعرب».
وأضاف المسؤول: «تخيَّل أن نقوم نحن العرب بإخبار الأمريكان والإسرائيليين بأننا سننظم مؤتمراً ونجمع 3 تريليونات دولار، هل ستعيدون لنا القدس؟ هل سيعجبهم ذلك؟».
وسلطنة عُمان تفجّر مفاجأة
ساد الغموض حول المشاركة العمانية في ورشة البحرين، إذ أفادت تقارير بأنها لم تشارك فيها.
ولكن اللافت أن الدولة الخليجية التي اشتهرت بسياساتها الهادئة وخبرتها في الوساطة، أعلنت بالتزامن مع الورشة فتح سفارة لها في رام الله، مقر السلطة الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أن عُمان تُعتبر بين الدول العربية القليلة التي تقيم اتصالات علنية مع إسرائيل، وكان عاهلها السلطان قابوس بن سعيد قد استقبل رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بمسقط في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
والسعودية بقيت وحدها
النتيجة أن أعلى مستوى تمثيل في الورشة كان للسعودية، حيث أُعلن أنه ترأَّس الوفد السعودي وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إضافة إلى البحرين البلد المضيف، والولايات المتحدة صاحبة الدعوة.
وفي ظل ندرة التصريحات عن الورشة من قِبل المشاركين فيها، كان لافتاً أن وزير الدولة السعودي، محمد آل الشيخ، قال إن الخطة الاقتصادية لصفقة ترامب، والتي طرحها غاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، في البحرين، يمكن أن تنجح «إذا آمن الناس بها».
والمفارقة أن التصريح السعودي جاء في وقت يهاجم فيه كوشنر مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبدالله، وفي وقت يحاول أن يخفف حلفاء السعودية من وطأة مشاركتهم في الورشة.
وإذا كانت المشاركة الفاترة والمتواضعة من قِبل مصر والأردن والمغرب قد تكون مفهومة، في ظل محاولة هذه الدول عدم إغضاب الولايات المتحدة والسعودية، مع النأي بأنفسهم عن تهمة بيع القضية الفلسطينية، فإن الأمر اللافت هو الموقف الإماراتي الذي انقلب على الورشة.
فهل شعر الإماراتيون بأن «صفقة القرن» مصيرها الفشل فقرروا النأي بأنفسهم عن حلفائهم الداعين إليها؟
في كل الأحوال يشير خليط الرفض والفتور تجاه ورشة البحرين من قِبل حتى حلفاء أمريكا والسعودية المقربين وكذلك القوى الدولية المعنيَّة بالقضية الفلسطينية، إلى أن «صفقة القرن» ترتبط بصاحبيها كوشنر وبن سلمان، وأن استمرار طرحها على الساحة مرتبط في الأغلب باستمرار هذه العلاقة الوثيقة بين الرجلين، أما تمريرها فهو أصعب من طرحها، في ظل رفض الفلسطينيين أصحاب الشأن الحقيقي الحازم لها.