صفحة على «فيسبوك» باسم «صاحب للإيجار» تعرض خدمات فى كافة التخصصات: لو عندك فرح ومش فاضى.. لو عاوز يحد يكلمك.. ابعت ونجيلك على العنوان
رواد الصفحة: نؤيدها فى الجوانب الإيجابية.. وبلاغ للنائب العام يتهم الصفحة بـ «إفساد مبادئ المجتمع المصرى»
قانونيون: لا يمكن التعامل مع القائمين عليها جنائيًا إلا إذا ثبتت واقعة مخالفة للقانون
خبير اجتماعى: علينا الحذر من هذه الصفحات فأغلبها تلجأ للابتزاز
هل سمعت من قبل عن فتيات يتم استئجارهن في مصر؟، بعيدًا عما قد يسرح إليه خيالك للوهلة الأولى، إذا كنت لم تسمع من قبل، فقد أصبح الآن واقعًا، ويمكنك أن تخوض التجربة بنفسك على مواقع التواصل الاجتماعي، فإذا كنت شغوفًا بعالم “السوشيال ميديا”، ستصل إلى هدفك بسهولة، بعدما بات هناك العديد من الصفحات المتخصصة في ذلك، باسم: “صاحب للإيجار”، وحتى لا تراودك التساؤلات والاستفسارات الشكوك، خاصة وأن الأمر يرتبط بمهنة تحتكرها الفتيات، فإن السطور التالية تكشف لك طبيعة هذه المهنة الوليدة.
بتواصلنا مع أحد المسئولين عن الصفحة، ويدعى بلال عزت، والذي شرح فكرة الصفحة قائلاً: “الفكرة هو أنك تستأجر “صاحبًا” لتقديم خدمة معينة نظير أجر، في الوقت الذي يكون فيه من الصعب عليك أن تنجز كل شيء بنفسك، خاصة وإذا كان الأمر يرتبط بيوم عرسك على سبيل المثال، وأنت بحاجة لمن يتولى قضاء بعض مصالحك، وإنهاء “مشاويرك الكثيرة”، حتى لا يتشتت انتباهك وتفقد تركيزك، وتستطيع أن تستمتع بأجواء الفرح بعيدًا عن الضغوط المعتادة في هذا اليوم.
الأمر لا يقتصر على ذلك – كما يقول “عزت” – فقد تكون بحاجة إلى فتاة للتسوق وشراء ملابس مثلًا، خاصة إذا كانت لا تجيد تنسيق الألوان والموضة وترغب في متخصص، لديه خبرة تسويقية، ويعلم المحال والأسواق التجارية التي توفر عروضًا.
أما إذا ذهب بك خيالك واحتجت إلى شخص يجلس معك، ويستمع إليك، حتى لو كان لكلام تعتقد أنه يضحك، ولا أحد يضحك عليه فستجد من يستمع إليك ويبادلك الحديث على سبيل الدردشة، وفق أدمن صفحة “صاحب للإيجار”.
وتلبي الصفحة احتياجات كبار السن ممن لا تساعدهم ظروفهم الصحية على العيش بمفردهم، أو في حاجة إلى الرعاية الصحية، ومن يملك مهارات التمريض، وكذا من يبحثون عن تعليم اللغات للوصول إلى مستوى الاحترافية، فضلاً عن تنظيم الاجتماعات والعمل والمقابلات لأصحاب الشركات.
وأضاف: “كل ذلك يتم مع مراعاة كافة إجراءات الأمان والثقة، والهدف الأساسي من الفكرة، هو توفير وظائف لكثير ممن يمتلكون المواهب، ولا يجدون من يساعدهم على استغلالها، وخلق طرق لمساعدة من يحتاج إلى مساندة حقيقية، ولا يستطيع الوصول إلى من يساعده”.
وتابع: “فى البداية كانت المشكلة فى طرح الفكرة لأنها بلا منافس فى مصر والوطن العربى، لذلك خضنا تجارب واختبارات كثيرة لتطبيقها، وكانت أولى خطواتنا من خلال الصفحة على “السوشيال ميديا” وبالأخص “فيسبوك” وكانت النتائج مبهرة، فخلال عشرة أيام حصلنا على 115 ألف متابع و5 ملايين مشاهدة، وتم تجميع حوالى 80 ألف رسالة، 70% منها تطلب الخدمة بشكل جاد”.
غير أن البعض – وكما يقول – “تشكك في محتوى الصفحة أو اعتبرها ساخرة، وآخرون يتهموننا بتسهيل الإيقاع بالفتيات، عبر الخدمة الخاصة بتوفير صديقة، لكننا نؤكد أن خطتنا لإطلاق منصتنا الإلكترونية ستكون آمنة تمامًا”.
واستدرك أدمن الصفحة قائلاً: “واجهنا انتقادات عديدة، لكن كنا على استعداد لها، ونستطيع أن نتأكد من جدية العملاء من خلال صفحاتهم الشخصية، فالجادون صفحاتهم محترمة ويظهر من خلالها وظيفة الشخص وصورته وتعليقاته، بالتالي يمكن معرفة جدية الشخص من خلال تتبع حسابه، فضلًا عن البيانات الأخرى التي يتعين توفيرها من قبل من يريد الحصول على الخدمة”.
وأكد “عزت”، أن “العمل يعتمد على الفتيات بشكل أكبر من الشباب، لسهولة التواصل معهن، وبما يملكن من قدرة على التفاهم أكثر من غيرهن، وما يرفضه العميل من رجل قد لا يرفضه إذا قدمته له فتاة، وهذه القاعدة ليست في مصر فقط بل في العالم أجمع”.
وتابع: “أجور تأجير الشباب والفتيات، لا يمكن الإفصاح عنها إلا في حالة التواجد الفعلي مع العميل المتواصل معهم، وفى تلك الحالة يتم الاتفاق على السعر”.
رواد الصفحة
وعلى عكس ما يعتقد البعض من أن الفكرة قد لا تلقى رواجًا في مجتمع مثل مصر، إلا أن هناك تفاعلاً كبيرًا يبدو في أعداد المتابعين للصفحة وتعليقاتهم على الخدمات المقدمة.
وقال “آدم عامر”: “صديق تؤجره أفضل من صديق يتفنن فى مبالغة تعامله معك، فأنا تعاملت مع الكثير والأغلب كانت صداقات تقوم على تحقيق المنافع، حتى تحولت الصداقة لشيء مزيف”.
أما “محمد عاشور” فيقول: “الفكرة جيدة وأنا أؤيدها بالشكل الذى لا يتعدى على حقوق أو يتنافى مع واجبات، كما أن الصداقة الحقيقية أصبحت آخر أولويات الكثير من الناس وتحقيق الحاجة والمصلحة فى المقام الأول”.
وقالت منة أشرف، إحدى المتفاعلات على الصفحة: “البنت التي وصلت لسن يسمح لها بالعمل الإيجابي الذي تستفيد منه وينمى قدراتها، فلتفعل”.
وأضافت: “الإيجار ليس عيبًا ولكن إذا خالطته شبهات أو خدمات قد تضر بالسمعة فلا يصح”.
وحول سبب انتشار مثل تلك الصفحات، قال “سمير عامر”: “الفراغ لدى الشباب والبطالة والحاجة للعمل والدخل هو السبب وراء لجوء بعض الشباب والفتيات لعرض أنفسهم مثل أي سلعة للإيجار، واختاروا “فيسبوك” لكونه الأكثر انتشارًا”.
تحذير قانونى
الدكتور محمود سامي، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، الخبير في القانون الجنائي، قال إن “الصفحات التي تسخر نفسها لخدمة رواد “السوشيال ميديا” تحمل احتمالين، الأول: إيجابي؛ مثل إقامة أعياد الميلاد وتقديم المساعدة للآخرين عند تعرضهم لأي محنة، لكن الاحتمال الثاني المتمثل في أعمال غير شرعية كالبلطجة والسطو، أو الإيجار للحصول على الحقوق لمن لا يستطيعون الحصول على حقوقهم بالطرق التقليدية، كما أن تأجير الفتيات لإقامة حفلات غير مشروعة بكازينوهات ليلية أو ما شابه ذلك، فإن هذا أمر خارج عن القانون”.
وأضاف لـ”المصريون”: “عقوبة البلطجة فى القانون الجنائى الحبس الوجوبى لمدة تتراوح ما بين 5 إلى 15 عامًا، لذلك لابد من التفرقة بين الخدمات المشروعة وغير المشروعة”.
وتابع: “هوية العمل المقدم، هى التى تحدد مشروعيته، إيجابيته من سلبيته، والقانون ينظم العمل على مواقع السوشيال ميديا، والأجهزة الأمنية تراقب وبشدة الصفحات المخالفة التى تنتهك القانون”.
وحذر من الصفحات التي تقدم خدمات “غير مشروعة”، مثل استقطاب البنات والشباب بشكل غير قانونى لمخالفة الآداب، مناشدًا البرلمان التحرك لمواجهة تلك الظواهر على صفحات “السوشيال ميديا”؛ وتفعيل القوانين ذات الصلة.
وشدد على أن “الحفاظ على مساحة الحرية الشخصية للأفراد رواد مواقع التواصل يجب أن توضع على رأس أولويات”، موضحًا في الوقت ذاته، أن “الظروف الاقتصادية هي التي دفعت الشباب إلى عرض نفسهم للإيجار، وكلما تفاقمت الأوضاع المعيشية زاد نسبة ظهور هذه المجموعات والصفحات”.
وتابع: “لذلك على علماء الاجتماع البحث عن حلول لمثل تلك المشاكل؛ لأن القانون لا يعالج المشكلة، فقط يتناولها بعد حدوثها وهذا عرف القوانين”.
وقال الدكتور هشام البدري، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إن “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يتضمن ضوابط وعقوبات تجرم نشر وبث الشائعات والصفحات المزورة عبر المواقع الإلكترونية و”السوشيال ميديا”، وهناك ضرورة لتفعيله في مواجهته”.
وأوضح، أنه “بشكل عام لا توجد قوانين رادعة بشكل كافٍ، فمنظومة القوانين المرتبطة بجرائم السب والقذف والتشهير وترويج الشائعات تتطلب مراجعة من وزارة العدل والبرلمان، ووضع ضوابط جديدة تتعلق بمنصات “السوشيال الميديا” التي أصبحت وسيلة يستخدمها المزيفون لهدم المجتمع”.
وتابع “البدرى”، قائلًا: “يجب أن تكون هناك تشريعية رادعة تفرض رقابة صارمة على المواقع والصفحات التى تنشأ بشكل عشوائى، ولا يعرف القائمون عليها، ويجب تنقية الإيجابى منها حتى لا تتعرض للظلم”.
واستدرك: “في ظل سهولة إنشاء الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي نجد من يحض على نشر الفسوق ويثير المواطنين، كما أن الجهات التي تتولى مراقبة هذه المواقع تحتاج إلى دعم تكنولوجي بتوفير وسائل تكنولوجية حديثة وأفراد مدربين لإنجاز القضايا المتعلقة بها، مع ضرورة تشديد عقوبة جرائم السب والقذف فى قانون العقوبات”.
تدمير للروابط الاجتماعية
وقالت الدكتورة رضوى عبد العظيم، استشارى الطب النفسى بكلية طب قصر العينى، إن “مواقع التواصل الاجتماعى على الرغم من فوائدها في حال تم استخدامها بشكل سليم، لكن أغلب روادها استخدموها بشكل سلبي دمر العلاقات والروابط على مستوى الأسرة والأصدقاء، فالكثير من مستخدميها يلجأون إلى العزلة، ويقضون معظم الوقت داخل المنزل مع “الموبايل” يتفاعلون مع “السوشيال ميديا” بدلًا من التواصل مع أفراد الأسرة.
وأضافت لـ”المصريون”: “خلال السنوات الأخيرة غاب التآلف والتعاون الأسرى والمجتمعي، وانعدمت الجوانب الإنسانية المساندة في المحن واجتماع الأسرة والزيارات العائلية، وذلك بسبب مواقع التواصل، حيث ظهرت صحف غريبة خارجة عن المألوف والموروث المجتمعى تدعى أنها قادرة على فعل كل شيء، وتستطيع قضاء كافة احتياجات الأسرة المصرية، وأصبحنا نلجأ إليها دون معرفة شرعية هذا الأمر، أو جدية هؤلاء المسئولين عن الصحف الإلكترونية”.
وتابعت: “الصفحات العشوائية لا توفر أى سبيل للأمان النفسى، فقط قد يلجأ إليها أى شخص بمثابة النجدة من شيء ما، أو الخلاص من مشكلة معينة تعرض إليها ويحتاج إلى حل جازم، ولكن فى نهاية الأمر نحن نعرض أنفسنا لأخطار حقيقية إذا لجأنا لها، وذلك يؤدى إلى احتمالية كبيرة للخطر ناهيك عن فقدان لغة الحوار والحديث، والمسئولية هنا قد تكون وهمية”.
وقال الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، إن “هناك بعض الصفحات تجارية بشكل محض، مثل التي تدشن حملة تسويقية لسلعة ما، وتتخذ الطابع الاجتماعي، فيما يتعين على جهاز حماية المستهلك والمسئولين عن الإعلام رقابتها بكل شدة”.
وأضاف لـ”المصريون”: “علينا النظر إلى هذه الأمور بشكل أكثر حيطة وحذر، حتى لا نتعرض لعمليات سرقة أو ابتزاز عن طريق الخدمات التى تقدمها تلك هذه الصفحات، وحتى لا نجد أنفسنا أمام المساءلة القانونية”.
بلاغ إلى النائب العام
بينما تقدم اللواء رضا يعقوب، الخبير الأمني، ببلاغ عاجل للنائب العام ووزير الداخلية ووحدة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية ونيابة أمن الدولة العليا، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد صفحة “صاحب للإيجار”.
وقال في بلاغه: “نلتمس إصدار أمر سعادتكم بالتحقيق فى البلاغ التالي، فى مسلك غريب ولكنه معتاد ومتكرر ينشر المبلغ ضده منشورات على صفحته الرئيسية بموقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك والتى تحتوى مواد منافية للآداب، وبمثابة إرهاب يحاول إفساد أخلاقيات ومبادئ المجتمع المصرى التى تنص عليها الأديان السماوية، ويستهدف فتياتنا وشبابنا ليستقطبهم فى الوقوع فى شباك الجرائم الأخلاقية والعبث بشرفهم، وإن هذه الصفحات هى إرهاب تموله دول خارجية وجهات لا تريد لمصر خيرًا، وتستوجب المساءلة القانونية”.