سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الضوء على فض اعتصام الخرطوم، قبيل أول أيام عيد الفطر المبارك، كاشفة عن وقائع صادمة قامت بها القوات العسكرية في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، إذا أحرقوا الخيام واعتدوا جنسيًا على النساء، كما ألقوا بالجثث في نهر النيل، بحسب روايات شهود عيان.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أن طبيبا شابا، يدعي ضياء علي، كان شاهدًا على حملة القمع الذي مارسته، قوات الدعم السريع ضد المعتصمين يوم الإثنين في الخرطوم وعمل على معالجة الجرحى وأحصى بنفسه 118 ضحية، حيث أطلقت النار على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، وحرقوا الخيام والاعتداء الجنسي على النساء.
وشاهد “علي” الجنود وهم يحرقون الخيام ويعتدون جنسيًا على النساء ورمي 40 جثة في نهر النيل، ثم تعرض نفسيًا للاعتداء ويعيش اليوم متخفيًا في شقة زميل له لا يجرؤ على الخروج من البيت.
وتقول الصحيفة، إنه عقب موجة القمع الأسبوع الماضي، اضطر المحتجون بعد تحرك قوات الدعم السريع ضدهم للعمل من تحت الأرض وبسرية وعبر مجموعات مختلفة في داخل وخارج البلاد.
وحاولوا أمس الأحد أخذ السلطة من الجيش عبر الإعلان عن إضراب عام، وشل مرافق الحياة في العاصمة الخرطوم وبقية مدن السودان، وبدت الشوارع مهجورة والمحلات مقفلة، وأقام المحتجون حواجز في الضواحي فيما قتلت قوات الأمن ثلاثة من المحتجين.
وكشف التقرير عن أن قوات الدعم السريع، التي قادت هجوم الإثنين الدموي أحكمت السيطرة على العاصمة بيد من حديد، ففي الشوارع الرئيسية ظهرت القوات وهى متجمعة تحت شجرة أو حول بيكب محمل برشاشات.
وفي جنوب العاصمة اصطفت عشرات العربات داخل استاد رياضي، فيما توقفت عشرات أخرى منها إلى جانب متنزه.
ويعتبر محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات الدعم السريع أقوى رجل في العاصمة، مع أن المجلس العسكري الانتقالي هو بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان.
وعلقت الصحيفة أن حميدتي الذي عمل تاجر جمال قبل أن يصبح قائدًا للقوات المثيرة للرعب للمتظاهرين، والمتهمة بارتكاب الجرائم في دارفور بداية القرن الحالي، نقل الآن قوات إلى الخرطوم بعدما أغدقت بعض الدول المال والأسلحة والنصيحة.
في المقابل، وبسبب العنف الشديد اضطر المحتجون ومعظمهم شباب وأطباء للعمل من تحت الأرض، لكن تأثرت تحركاتهم بسبب قطع خدمة الإنترنت التي أعانتهم طوال الاحتجاج ضد البشير الذي استمر 11 أسبوعا، ولا تتوفر الخدمة إلا في بعض الفنادق والبيوت ما جعل حركة الاحتجاج محاصرة.
وتحدثت الصحيفة إلى طبيب الأسنان أحمد بابكر عبر الهاتف من بيته في منطقة بري التي شهدت احتجاجات ساخنة، والذي علق: “لا يريدون أن تكشف الحقيقة للعالم”.
وقال “بابكر” إن المرة الوحيدة التي غادر فيها بيته هي للحلاق لتجنب قوات الدعم السريع التي تتجول في الشوارع وتحلق رؤوس المشتبه بهم بالقوة، ولا تتوفر خدمة الإنترنت إلا لعدد قليل من المحتجين الذي شجعوا الآخرين على التجمع خارج بيوتهم للحصول على الخدمة فيما اضطر بقية المحتجين لمتابعة برامج تليفزيونية قديمة لا علاقة لها بالواقع”.