بعد مشاهدة مدرعات إماراتية تسير بشوارع الخرطوم هل لـ مصر والإمارات والسعودية دور في السودان

هل للإمارات ومصر والسعودية دور في انقلاب السودان؟ وهل للدول الثلاث علاقة بفض اعتصام القيادة العامة فى الخرطول ؟.

فقد تحوَّل الوضع بالسودان إلى فوضى دموية في الأيام الأخيرة، بوساطةٍ جزئية من جانب بعض الدول العربية التي تحاول ملء فراغ السُّلطة منذ سقوط عمر البشير، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.

وأدت هذه التطورات إلى ترك بعض المسؤولين الأمريكيين محبَطين من ردِّ الولايات المتحدة على المذبحة التي ارتكبتها قوات الأمن السودانية ضد المدنيين.

إذ قُتل أكثر من 100 شخص، الإثنين 3 يونيو/حزيران، حين هجمت قواتٌ عسكرية سودانية على موقع الاحتجاج في البلاد، واجتاحت العاصمة السودانية الخرطوم، وفقاً لما ذكرته منظماتٌ مدنية.

وأظهرت بعض مقاطع فيديو مدنيين كان يمشون في الشوارع ثم هاجمهم بعض الجنود. ووفقاً للجنة أطباء السودان المركزية، وهي جمعيةٌ مهنية تؤيد الاحتجاجات، فقد انتُشلت أربعين جثة من نهر النيل، بعد ورود تقارير تفيد بأنَّ جنوداً من وحدة قوات الدعم السريع السودانية شبه العسكرية ألقوا بهم في النهر.

وأظهر أحد مقاطع الفيديو وجود صخورٍ مربوطة بأقدام بعض الجثث، لإغراقها في النهر. جديرٌ بالذكر أنَّ خدمة الإنترنت ظلَّت غير متاحة بانتظام في الخرطوم الأربعاء 6 يونيو/حزيران، وهو ثالث أيام قطع الإنترنت.

مركبات عسكرية إماراتية الصُنع في شوارع الخرطوم

وبعد أسابيع من التفاؤل الجامح عقب إطاحة البشير في شهر أبريل/نيسان 2019، أصبح السودان الآن على وشك الانهيار كلياً، وسط نفوذٍ سعودي وإماراتي ومصري واضح تماماً.

إذ تعرَّف مراسل صحيفة The New York Times الأمريكية على مركباتٍ عسكرية إماراتية الصُنع في شوارع الخرطوم.

ويُذكَر أنَّ السعودية والإمارات تعهَّدتا بتقديم مساعداتٍ للسودان بقيمة 3 مليارات دولار، مع أنَّ مسؤولاً في البنك المركزي السوداني قال إنَّ الدُّفعة الإماراتية الأوَّلية، البالغة 250 مليون دولار، لم تصل حتى الأسبوع الماضي.

وفي السياق نفسه، زار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي»، وعبدالفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري السوداني بعض دول الخليج مؤخراً.

«تدخُّل الإمارات ازداد كثيراً بعد إطاحة البشير»، هذا ما قاله صلاح قوش، رئيس المخابرات السودانية سابقاً، لمجلة Foreign Policy الأمريكية يوم الثلاثاء 5 يونيو/حزيران 2019.

وقوش نفسُه عُيِّن رئيساً لجهاز المخابرات السوداني بدعمٍ من السعودية والإمارات، وفقاً لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، وبقي بالحكومة السودانية حتى استقال في الأيام التي تلت الانقلاب على البشير.

ما دور الإمارات ومصر والسعودية في انقلاب السودان؟

إنَّ السعودية ومصر غير متورطتين، «الإمارات دفعت (الانقلاب)، لكنَّها (ليست) الطرف الفاعل الرئيسي».

بهذه الكلمات أجاب قوش عندما سئل عبر تطبيق واتساب عن كيفية حدوث الانقلاب.

ولم يقدم قوش مزيداً من التفاصيل عند سؤاله، بخلاف القول: «لقد اتُّخِذَت عدة خطوات وجرت عديد من الأحداث». في حين لم يرُدَّ على عدة مكالمات أُجريت للاتصال به.

بيد أنَّ تصريح قوش بأنَّ الإمارات هي الوحيدة التي شاركت في الانقلاب يتعارض مع ما ذكره دبلوماسيٌّ سوداني، تحدث إلى مجلة Foreign Policy بشرط عدم الكشف عن هويته، وتقارير من وكالة Associated Press الأمريكية.

إذ أفاد ذلك الدبلوماسي وتلك التقارير بأنَّ الدول العربية الثلاث، مصر والإمارات والسعودية، شاركت في الانقلاب.

وقال قوش إنَّه لا يؤدي أي دور في الوضع العسكري أو السياسي بالسودان، لكنَّه توقع توقُّعاً مشؤوماً، إذ قال: «لا أعتقد أنَّ الوضع سيصل إلى ما وصل إليه في دارفور، لكن ستكون هناك خسائر».

جديرٌ بالذكر أنَّ قوش نفسه متهمٌ بالوقوف وراء كثير من هذه الخسائر التي حدثت في الماضي؛ نظراً إلى أنَّه كان مسؤولاً كبيراً في أثناء حملة السودان الوحشية على دارفور، حيث مات ما يُقدَّر بنحو 300 ألف شخصٍ فيما وصفته الحكومة الأمريكية بأنه إبادة جماعية.

رجال حميدتي يهاجمون الاعتصام

وبدأت انتفاضة السودان في ديسمبر/كانون الأول 2018، حين تحولَّت الاحتجاجات العفوية على الاقتصاد المتدهور وانخفاض مستويات المعيشة، إلى إضرابٍ في أنحاء البلاد، نظمته نقاباتٌ عمالية سودانية.

وقد مات أكثر من 100 مدني في الاحتجاجات التي استمرت عدة أشهر، والتي لم يكن هدفها يقتصر على إطاحة البشير، بل اجتثاث نظامه بالكامل. ثم أطيح بالبشير في انقلابٍ عسكري، لكن عديداً من عناصر نظامه ظلَّت قائمة.

وقال الجيش السوداني في البداية، إنَّه يريد تسليم السلطة إلى المدنيين الذين نظَّموا الاحتجاجات، لكنَّ بعض القادة العسكريين تثاقلوا في اتخاذ تلك الخطوة. ثم تحوَّلت الاحتجاجات في المنطقة المحيطة بمقر قيادة الجيش إلى اعتصامٍ، لإبقاء الضغط على المجلس العسكري من أجل تسليم السلطة. وتعرَّض الاعتصام لهجماتٍ متكررة من قوات حميدتي على مرِّ أسابيع، قبل أن يُفَضَّ أخيراً الإثنين الماضي. وما زال جزءٌ كبير من الخرطوم واقعاً تحت حظر تجوُّل، في حين يجول جنود حميدتي بالشوارع.

أما ترامب فليست لديه أي استراتيجية بشأن السودان

وقال بعض النقاد إنَّ زيادة تدخُّل دول الخليج في الوضع السوداني يقابلها موقفٌ أمريكي مُعاكس كلياً، إذ اشتكى عديد من المسؤولين الأمريكيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، من أنَّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يبدو أنَّ لديها استراتيجية محددة بشأن السودان باستثناء التصريحات شديدة اللهجة التي تدين العنف، ولا تعقد اجتماعاتٍ منتظمة كافية للتنسيق بين الهيئات الحكومية مثل وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بالإضافة إلى أنَّ المعلومات الاستخباراتية حول الوضع السياسي في السودان ضئيلة.

وقال البعض إنَّ الولايات المتحدة ليست لديها خطة دبلوماسية بشأن ما سيحدث في نهاية الشهر الجاري (يونيو/حزيران 2019)، وهو الموعد النهائي الذي حدَّده الاتحاد الإفريقي للجيش السوداني لتسليم السُّلطة.

فقد ترك الأمر إلى مصر والإمارات والسعودية

وقال مسؤولٌ أمريكي: «في غياب الولايات المتحدة، تملأ دول الخليج الفراغ. إنَّها تتحكم في الوضع كلياً».

ومن جهته، قال جوني كارسون، مساعد وزير الخارجية الأمريكي سابقاً، لمجلة Foreign Policy: «قادة دول السعودية والإمارات ومصر وحكوماتها لا يشاركوننا قِيَمنا الديمقراطية الأساسية، ووجهات نظرهم بشأن ما ينبغي أن يحدث في السودان تختلف إلى حدٍ كبيرٍ، عن السياسات التي ينبغي للولايات المتحدة اتباعها».

في حين كتب متحدثٌ باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في ردٍّ عبر رسالةٍ بريدية إلكترونية: «لقد أوضحت الولايات المتحدة اهتمامها برؤية حدوث انتقالٍ للسلطة إلى حكومةٍ مؤقتة بقيادة مدنية في السودان، يمكنها تحقيق الاستقرار بالوضع، والإشراف على فترة من الإصلاحات، والاستعداد لإجراء انتخاباتٍ حرة ونزيهة. لقد تحدثنا علناً ​​وفي محادثاتٍ دبلوماسية سرية، لضمان تكفُّل الجهات الدولية الفاعلة، وضمنها (الاتحاد الإفريقي) والأمم المتحدة، بتنسيق السياسات لتسليم السُّلطة إلى حكومة مؤقتة بقيادة مدنية في السودان».

ما أهداف الدول الثلاث من تدخُّلها؟

مصر تريد منع صعود الإسلام السياسي والديمقراطية في السودان، لأنَّ ذلك يُهدِّد القاهرة»، حسبما يقول مسؤولون وخبراء غربيون.

بيد أنَّ السعودية والإمارات مهتمتان بالحفاظ على شراكتهما العسكرية والمالية مع السودان، إذ زوَّدت قوات الدعم السريع السودانية، تحت قيادة حميدتي، الدولتين الخليجيتين بقواتٍ للقتال معهما في اليمن.

وقالت عائلات بعض المقاتلين في اليمن، لمجلة Foreign Policy، إنَّهم يحصلون على آلاف الدولارات شهرياً نظير القتال هناك. ويتراوح عدد أفراد الميليشيات السودانية الذين يقاتلون في اليمن بين 8 آلاف و14 ألفاً، وفقاً لتقديراتٍ نشرتها صحيفة The New York Times.

وتُعد مصالح السعودية في السودان حميمة جداً، لدرجة أنَّ طه عثمان الحسين، مدير مكتب الرئيس السوداني سابقاً، أصبح الآن مستشار السعودية للشؤون الإفريقية.

ويُقال إنَّ الحسين غادر السودان بعد توقيفه في المطار، وسط مخاوف من أنه كان مُقرَّباً بشدة من الحكومة السعودية. وفي شهر رمضان الكريم، تحدثت مجلة Foreign Policy إلى مبعوثٍ من العائلة الحاكمة الإماراتية، قال إنهم كانوا يوزعون الحلوى والمال على المواطنين السودانيين.

ولكن البعض ما زال يتوقع تحقيق الديمقراطية بالسودان

ورغم تنافُس دول الخليج الغنية على بسط نفوذها في السودان، والقمع الدموي القائم هناك، ما زال بعض الخبراء يرون بصيصاً من الأمل في تحقيق الديمقراطية بالسودان.

إذ ذكر سليمان بالدو، المستشار الأول في مؤسسة Enough Project، أنَّ العنف لن يردع المحتجين.

وقال: «تصميم الشعب السوداني على إنهاء ثلاثة عقود من القمع والفساد لن يضعف، بل يؤجج بالفعل حملة عصيان مدني سريعة الانتشار في جميع أنحاء البلاد».

هذا المحتوى نقلاّ عن مجلة فورجن بوليسى الإنجليزية

Check Also

النمسا ترسل 81 جندياً إلى مهمة الأمم المتحدة في لبنان

أرسلت النمسا 81 جندياً، من بينهم 10 سيدات، للانضمام إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في …