بدأت مجموعة بيلدربيرغ، التي قد تكون المنظمة السرية الأكثر إثارة للجدل في العالم، اجتماعاً مغلقاً لمدة أربعة أيام في منتجع فاخر في مدينة مونترو بسويسرا، أمس الخميس 30 مايو/أيّار 2019.
بحسب موقع BBC Mundo الإسباني، فإنالمدعوين لحضور الاجتماع حوالي 130 من قادة النخبة السياسية العالمية، بالإضافة إلى شخصيات من عالم الصناعة والمال والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام، اجتمع وسط جو من السرية التامة.
صهر ترامب من بين النخبة العالمية المدعوّة
كوشنر من بين المشاركين، من بين المدعوين الأمريكيين صهر الرئيس دونالد ترامب، جاريد كوشنر، وساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، وإيريك شميدت، الرئيس السابق لشركة Google، وبيتر ثيل المؤسس المشارك لـ Paypal، ووزير الخارجية السابق هنري كيسنجر.
لكن السياسيين ورجال الأعمال ليسوا الضيوف الوحيدين؛ هناك أيضاً مكان لبعض النجوم الصاعدين.
عندما حضر بيل كلينتون عام 1991، لم يكن من الواضح ما إذا كان سيفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في العام التالي.
شارك توني بلير في عام 1993، لكنه لم يتم انتخابه كرئيس وزراء المملكة المتحدة إلا بعد ثلاث سنوات.
شؤون دبلوماسية أم مؤامرة؟
لكن هل مجموعة بيلدربيرغ هي فقط فرصة لأعضاء النخبة العالمية للتحدث بشكل خاص بطريقة منفتحة ومريحة، أم أنها، كما يقول النقاد، زمرة تسعى إلى تقويض الديمقراطية العالمية؟
يتهم مؤيدو نظرية المؤامرة، الذين يفضلون الخيار الثاني، المجموعة بأشياء مثل التخطيط للأزمة المالية لعام 2008 أو حتى التخطيط لقتل 80٪ من سكان العالم.
ويصفهم منتقدوها الأكثر حدة بأنهم أشرار ويمتلكون سلطة غامضة.
فماذا نعرف عن تاريخ هذه المجموعة؟
عُقد الاجتماع الأول في عام 1954، بهدف تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، ومنع نشوب صراع دولي آخر بعد الحرب العالمية الثانية، ولطالما كانت وسائلها سرية.
لا يتم دعوة الصحفيين لتغطية الحدث، ولا يتم إرسال تقارير صحفية بعد اختتام الاجتماعات وتحتفظ المنظمة بموقع أساسي فقط على شبكة الإنترنت بتصميم خفي إلى حد ما.
هل هو مجرد مكان للحديث بهدوء؟
على الرغم من أن مجموعة بيلدربيرغ تشبه نادي الأشرار في جيمس بوند، إلا أن البعض يقولون إنها أقل شراً مما تبدو.
يقول ديفيد آرونوفيتش، كاتب عمود في صحيفة The Times البريطانية، إن الشكوك حول بيلدربيرغ سخيفة.
وقال آرونوفيتش: «إنه حقاً نادي عشاء عرَضي للأثرياء والأقوياء».
أخبر دينيس هيلي، المؤسس المشارك لهذه المجموعة والمستشار البريطاني في السبعينيات، الصحفي جون رونسون في كتابه Them، بأن الناس يتجاهلون الفوائد العملية لهذه الشبكات غير الرسمية.
وقال: «بيلدربيرغ هي أكثر المجموعات الدولية التي شاركت فيها نفعاً».
وأضاف: «السرية تتيح لنا التحدث بصدق دون خوف من التداعيات».
يقول الفريق الآخر إن سرية مجموعة بيلدربيرغ تجعل من السهل على أعضائها أن يقولوا الحقيقة بصراحة، دون الحاجة إلى القلق من التأثير السياسي لما سيقولونه أو كيف ستعرضه وسائل الإعلام.
قوتهم تتجاوز المنتدى الاقتصادي العالمي
يقول البروفيسور أندرو كاكبادسي، المؤلف المشارك في كتاب Bilderberg People، إن منظّري المؤامرة ربما يبالغون، لكنهم على شيء من الحق.
تملك المجموعة قوة حقيقية تتجاوز بكثير المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يجتمع في دافوس، كما يقول كاكابادسي.
غياب الشفافية يجعل من السهل أن نفهم سبب قلق الناس بشأن التأثير المحتمل لهذه المجموعة.
يقول البروفيسور: «يتعلق الأمر بالذكاء أكثر من المؤامرة».
وتابع: «هذا يشكل الطريقة التي يفكر بها الناس، بحيث يبدو أنه لا يوجد بديل عما يحدث».
تتمثل أجندة المجموعة في الجمع بين النخب السياسية اليمينية واليسارية، والسماح لهم بالاندماج في بيئة مريحة وفاخرة مع قادة الأعمال، والسماح للأفكار بالتدفق.
قد يبدو وكأنه عشاء بسيط مبالغ في تقديره، ولكن هذا لن يساعد في فهم ما يتعلق به الأمر.
ويقول كاكابادسي إن القضية في بيلدربيرغ هي تعزيز الإجماع على رأسمالية الاقتصاد الحر الغربي ومصالحه في جميع أنحاء العالم.
وتابع: «كل هذا يؤدي إلى فكرة الرغبة في السيطرة على العالم، وهذا صحيح بشكل ما؛ فهناك مبادرة قوية للغاية لتشكيل حكومة عالمية واحدة، تحت قالب رأسمالية الاقتصاد الحر الغربي».
تحاول تشكيل العالم
يقول جيمس ماكوناتشي، المؤلف المشارك في كتاب Rough Guide to Conspiracy Theories (الدليل المقرّب لنظريات المؤامرة)، إن الطبيعة السرية لمثل هذه المجموعات تسمح للمتظاهرين بإظهار مخاوفهم الخاصة.
في الولايات المتحدة، ترى المخاوف الأكثر تطرفاً من هذه المجموعة أن هناك زمرة خفية يقودها الاتحاد الأوروبي وأنها تمثل تهديداً للحريات الأمريكية.
في أوروبا، غالباً ما يُنظر إليها كنخبة من الاقتصاد الحر تحاول الدفع بأجندة يمينية.
وفقاً لماكوناتشي، تنطبق الطريقة التي يمكن أن تبدو عليها مؤامرة عالمية على مجموعة بيلدربيرغ؛ فهي مجموعة سرية تحاول تشكيل اتجاه العالم.
يقول: «الفرق الوحيد هو درجة الشر؛ فقد تميل إلى رؤية هذه المجموعة على أنها شر مطلق، في حين أن الأمور في الواقع تنطوي على بعض الفروق الدقيقة».
وفقاً لماكوناتشي، بغض النظر عن القصص المتطرفة حول الجماعات الغامضة التي تدير العالم، الحقيقة هي أننا جميعاً مدينون بديون صغيرة لبعض منظّري المؤامرة.
يقول: «من وقت لآخر، يجب أن نعترف بالفضل لمنظري المؤامرة الذين يثيرون مسائل تجاهلتها الصحافة التقليدية، ففي الآونة الأخيرة فقط اهتمت وسائل الإعلام ببيلدربيرغ.. هل كانت وسائل الإعلام ستنشر أخباراً إذا لم تكن هذه الاتهامات الجنونية موجودة؟».
لكن آرونوفيتش لا يوافق على ذلك، فالثقة بالمجموعات الغامضة يؤدي إلى أن البعض منهم يقع ضحية ويعيق رؤية عقلانية للعالم.
يقول: «الإيمان القوي بمجموعة بيلدربيرغ يعني تصديق الوهم والخيال».
وتابع: «يوحي ذلك بوجود أشخاص، مثل الله، يتصرفون كقوة عليا، وهو يحل محل التفكير الذي لا يُحتمل بأنه لا يوجد شيء يمكن عمله، وأن العالم فوضوي».
«قد تكون شكلاً من أشكال العلاج، لكن مؤيديها أشخاص يؤمنون بفكرة غير علمية».