نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، مقال رأي لهيئة تحرير الصحيفة، سلَّطت فيه الضوء على مجهودات رئيسة وزراء نيوزيلندا، “جيكيندا أرديرن” “العظيمة” في تعاملها مع الهجوم الإرهابي على المسجدين الذي راح ضحيته 50 شخصًا على الأقل.
وتحت عنوان “أمريكا تستحق قائدًا مثل “جيكيندا أرديرن”، رئيسة وزراء نيوزيلندا”، قالت الصحيفة، في مقالها، إن “الولايات المتحدة بتاريخها تستحق رئيسًا بشخصية ورؤية زعيمة نيوزيلندا قادرًا على جمع الشعب وليس تفريقه” .
وتابعت الصحيفة: أن عملية قتل 50 من المصلين المسلمين في نيوزيلندا، على يد أسترالي من المتطرفين البيض يبلغ من العمر 28 عامًا، سيتم التدقيق فيها لفترة طويلة، بحثًا عن الطريقة التي يتم بها نشر الكراهية العنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، ولكن يجب على العالم الآن أن يتعلم من الطريقة التي استجابت بها رئيسة وزراء نيوزيلندا “جاسيندا أرديرن” للرعب.
وأضافت أنه خلال أيام من واقعة هجوم الجمعة الإرهابي، استمعت رئيسة الوزراء إلى مطالب شعبها الغاضب، وأعلنت أن حكومتها ستقوم بتقديم قيود جديدة على الأسلحة ذات الطراز العسكري التي استخدمها منفذ هجوم “كرايستشيرش”، ويستخدمها كثيرٌ من منفذي الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة، وقامت بتنفيذ وعدها.
والخميس الماضي، أعلنت رئيسة الوزراء الحظر على جميع الأسلحة ذات الطراز العسكري الآلية ونصف الآلية، وكذلك أجزاء الأسلحة التي يمكن استخدامها لتحويل البنادق العادية لأسلحة فتّاكة، وقالت: “هذا الأمر يعنينا جميعًا، فهذا في مصلحة بلادنا ومن أجل أماننا”.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قالت “أرديرن” للبرلمان، إن “مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تتعامل مع السهولة التي تمكن بها المستخدم من بث صور الكراهية والعنف”، مضيفة: “لا يمكننا ببساطة أن نبقى جالسين ونتقبل حقيقة أن ما يُقال عبر هذه المنصات ليس من مسؤوليتهم”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن رئيسة الوزراء النيوزيلندية لم تقدم اقتراحات فورية للحد من انتشار “فيسبوك”، و”تويتر”، وغيرها من منصات النشر عبر الإنترنت، وليس من الواضح ما الذي يمكن فعله دون انتهاك حرية التعبير.
لكنها أوضحت أنها تعتقد أن برامج التواصل الاجتماعي هذه، مثل مصنعي الأسلحة وتجارها، تتحمل بعض المسئولية عن المذبحة التي ارتكبت في “كرايستشيرش” والعديد من المجتمعات في السنوات الأخيرة.
وأوضح المقال أن اقتراح السلاح الجديد سيتطلب تعريفين كبيرين قبل أن يصبح قانونًا ملزمًا، حيث إن قوانين نيوزيلندا الحالية متساهلة نسبيًا، وهناك نسبة كبيرة من بين 1.2 مليون إلى 1.5 مليون قطعة سلاح مملوكة لنحو 250 ألف شخص غير مسجلة.
وفي المقابل، يتعارض موقف نيوزيلندا، بشكل صارخ، مع الطريقة التي قاومت بها “الرابطة الوطنية للبنادق” وحلفاؤها السياسيين في الولايات المتحدة، أي قيود على الأسلحة مثل AR-15، البندقية شبه الآلية المستخدمة في العديد من عمليات القتل الجماعي.
وتابعت الصحيفة: أن “في نيوزيلندا، تطلب الأمر إطلاق نار جماعي واحد لإيقاظ الحكومة، ولكن في الولايات المتحدة، لم تكن سلسلة من عمليات القتل الجماعي، والتي شملت 26 قتيلاً في مدرسة في نيوتاون، 49 في ملهى ليلي في أورلاندو، 58 في حفل موسيقي في لاس فيجاس؛ 17 في مدرسة في باركلاند بولاية فلوريدا، كافية”.
حظر سلاح الإرهابيين المفضل (AR-15) لم يكن سوى أحد المجالات التي أظهرت فيها “أرديرن” كيف تبدو القيادة في وقت الأزمات، وبدلاً من رسائل مبتذلة، ارتدت وشاح رأس أسود وقادت مجموعة من السياسيين لزيارة أسر الشهداء؛ وحثت التلاميذ على “جعل نيوزيلندا مكانًا لا يوجد فيه تسامح مع العنصرية”.
كما قالت للأسر الحزينة: “لا يمكننا أن نشعر بأحزانكم، لكن يمكننا أن نكون معكم في كل مرحلة”.
واختتمت الصحيفة، مقالها، بأن بعد كل هذا، يجب على قادة العالم أن يتحدوا في إدانة العنصرية بشكل واضح، ومشاركة ضحاياها في أحزانهم، وتجريد الكارهين من أسلحتهم، بعد أن قادت “أرديرن” الطريق.