القاهرة – هالة الحلفاوي —
أُدميت قلوب مواطني مصر الشرفاء بفعل الكارثة المؤلمة التي وقعت صباح الأربعاء في محطة مصر برمسيس، حيث اصطدم جرار قطار بنهاية الرصيف رقم 6 بمحطة مصر، وهي الكارثة التي أدت إلي استشهاد 20 شخصًا و43 مصابًا.
لا جديد كما في كل حادث، حيث لا يختلف التعامل معه عن سابقيه، تصريحات مسئولين متشابهة إلى حد التطابق، مستهلكة إلى حد أن الناس اعتادوا سماعها في كل مرة، لا تنتهي صلاحيتها، حيث تُباع للمصريين، وتُساق لتبرير كل حادث أو كارثة تقع على أسماعهم.
ما أخشاه أن أجد فئة جديدة من التذاكر يتم طرحها من قبل سكك حديد مصر فتصبح (تذكرة عادية – تذكرة فاخرة – تذكرة أوبشن كامل بالكفن والتغسيل)، فهل من الممكن أن نرى مسئولًا خضع للمساءلة، وأن يتم اتخاذ إجراءات جادة وعاجلة، أم سيستمر مسلسل التصريحات الرنانة، ويبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر أخذ “الكفن” معه وكتابة وصيته قبل رحلة الموت، لنكون في النهاية أمام مسلسل لا ينتهي من الكوارث التي تحصد أرواح المصريين.
يقول المثل: “من أمن العقاب أساء الأدب”، وعلى ذات المنوال، فإن من أمن المُساءلة والمحاسبة، كرَّر الخطأ والكوارث مرارًا دون عقاب، وهذا يتجلى بوضوح في تلك التصريحات، التي دأب وزراء النقل المتعاقبون، وكذلك رؤساء هيئة السكك الحديدية على تكرارها، اعتمادًا على حقيقة أكثر رسوخًا تتمثل في النهاية في الاطمئنان إلى عدم مساءلة أي منهم مسئولية جنائية، ومدنية، وسياسية، وبرلمانية، فتضيع الحقيقة، وتذهب الدماء في كل مرة دون محاسبة المسئول المتسبب فيها، إهمالًا وتقاعسًا، ولا يتجاوز الأمر ردود فعل غاضبة سرعان ما يطويها النسيان.
فضلاً عن أن أقصى ما ينتظر وزير النقل، أو رئيس هيئة السكك الحديدية، هو أن يتقدم باستقالته كما فعل أمس الوزير هشام عرفات وليست المُساءلة، مع الاطمئنان على إمكان إعادة أي منهما مرة أخرى للوظيفة العامة سواء في ذات الموقع، أو في أي موقع آخر مماثل، أو أعلى منه.
وتكمن الإشكالية الحقيقية في السكك الحديدية في اعتمادها الكامل على التسيير اليومي، بذات النمط المعتاد، دون إصلاح حقيقي، مهما نجم عن ذلك من أخطاء، أو سلبيات، طالما أن الأمور تسير بشكل روتيني، لا يستوقف أحدًا، ولا يلفت الأنظار، لإصلاح المسار، وتطوير هذا القطاع الحيوي الذي يعتمد عليه ملايين المصريين يوميًا، خاصةً أن أصحاب القرار، لا يستقلون في العادة “قطارات الغلابة” التي تدهس ركابها، فهم من ركاب القطارات المكيفة، هذا إن ركبوا القطار من الأساس. وعدم القدرة على إحداث التطوير المأمول في خطط تشغيل السكك الحديدية؛ بسبب نقص الموارد من ناحية، وارتفاع التكاليف من ناحية أخرى، وعلى مدار سنوات خابت تطلعات المصريين في أن يتمتعوا بوسيلة نقل آمنة، وآدمية.
من هنا، يجب ضرورة البدء وعلى الفور في تشكيل لجنة عليا لحل مشكلات هيئة السكك الحديدية، على أن تكون تلك اللجنة برئاسة السيد رئيس الجمهورية شخصيًا، وعضوية كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الدفاع والنقل والمالية والإسكان، ومحافظ البنك المركزي، لإصدار قرارات ملزمة لكافة مؤسسات الدولة، وأجهزتها.