بدأ جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض، جولةً في الشرق الأوسط، تشمل خمس دول، قد يلتقي خلالها بوليّ العهد السعودي وجهاً لوجه، للمرة الأولى منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018.
وبحسب شبكة CNN الأمريكية، تهدف الجولة إلى إطلاع حلفاء الإدارة الأمريكية الخليجيين على الجانب الاقتصادي لمقترح «لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، الذي أشار كوشنر إليه الإثنين 25 فبراير/شباط بقوله إنه سيتجنَّب أي محاولة للتوصل إلى حل وسط بين الجانبين، وسيركز بدلاً من ذلك على السماح «للناس بأن يتمتعوا بحياة أفضل»، دون توضيح كيفية ذلك.
وقال كوشنر في مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، أُذيعت الإثنين: «لم نتمكن من إقناع الشعبين بتقديم تنازلات، لذلك لم نركز كثيراً على القضايا رغم تعمقنا فيها، بل على ما يمنع الشعب الفلسطيني من الاستفادة من قدراته الكاملة، وما يمنع الشعب الإسرائيلي من الاندماج بشكل ملائم في المنطقة بأكملها»، على حد تعبيره.
ويزور صهر الرئيس دونالد ترامب كلاً من الإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان والمملكة العربية السعودية وقطر، ولكنه لن يزور الأردن الذي يشترك في حدود مع إسرائيل.
ووفقاً لمصدر مطلع، من المتوقع أن يصل كوشنر إلى السعودية في وقتٍ لاحق من هذا الأسبوع، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان سيلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أم لا. ولم ترد سفارة السعودية على طلبات شبكة CNN للتعليق.
وقد أصبح كوشنر تحت المجهر على خلفية علاقته الوثيقة بولي العهد السعودي القوي، الذي استنتجت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أنه هو من أمر باغتيال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
تقول كريستين ديوان، وهي باحثة مقيمة أولى في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن تقدير الإدارة للعلاقة بين الشابين يظهر جلياً.
وتشير كريستين إلى أنه بات «من الواضح أن البيت الأبيض بقيادة كوشنر يشعر أن العلاقة بينهما هي مفتاح أولويّتين رئيسيتين لإدارة ترامب: هما الضغط على إيران وتأمين صفقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
مضيفة أن كوشنر وابن سلمان تربطهما على ما يبدو «علاقة فريدة ورابطة انتمائهما لنفس الجيل» بالإضافة إلى «رغبتيهما وحماسيهما» لتوصل إلى تسوية ما حول إسرائيل وإيران، خصم السعودية في المنطقة.
البحث عن ممول للصفقة الغامضة
وقالت ديوان إن «الملك أكثر حذراً إزاء ما تحاول الولايات المتحدة فعله بشأن اتفاق السلام الفلسطيني»، ولم يكن راضياً عن قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس، أو الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل. كانت كلتا الخطوتين مثيرتين للجدل إذ كانتا تتعارضان مع الإجماع الدولي على أن المسائل المحفوفة بالتحديات بين الإسرائيليين والفلسطينيين مثل مصير القدس، يجب أن تُناقش قبيل نهاية المفاوضات النهائية.
مضيفة: «أعتقد أننا يمكن أن نرى بعض الانفصال بين الملك ومحمد بن سلمان فيما يتعلق بهذه القضايا». ومن شأن هذا الوضع أن يجعل محمد بن سلمان حليفاً رئيسياً لكوشنر في جهوده، على حد تعبيرها.
وسوف يشارك كوشنر وجيسون غرينبلات، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية، ومحامي ترامب الخاص سابقاً، بعض تفاصيل الجزء الاقتصادي من خطتهما للسلام مع العديد من الدول العربية الغنية، فيما يبحثان تأمين الدعم المالي من حلفاء الخليج.
وسيُستخدم التمويل الخليجي لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني، إذا توصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى تسوية سياسية.
وقال المصدر لـCNN إن عروض كوشنر ستكون «الأهم» إلى أن يحين موعد خطة السلام المحاطة بسرية بالغة، ولكن ليس من المتوقع أن تحدد تفاصيل المقترح بأكمله، إذ يلتزمون الصمت، وهو ما أدى إلى شعور الدبلوماسيين في المنطقة وأوروبا بـ «الإحباط».
كوشنر لن يفصح عن الخطة لأحد قبل الانتخابات الإسرائيلية
وكان كوشنر قد قال لشبكة سكاي نيوز إنه من الأهمية أن تبقى تفاصيل خطة السلام «سرية»، مضيفاً أنه «في المفاوضات الأولى التي أجريناها وجدنا أن العديد من التفاصيل كانت تظهر قبل أوانها، مما يدفع الساسة» إلى التخلي عن الخطة والهرب منها.
وفي مؤتمر حول الشرق الأوسط شاركت في استضافته الولايات المتحدة وبولندا، وانعقد في العاصمة البولندية وارسو في وقت سابق من هذا الشهر، قال كوشنر للحضور إنه لن يفصح عن الخطة قبل الانتخابات الإسرائيلية في أبريل/نيسان المقبل، وفقاً لمسؤول كبير في الإدارة كان حاضراً.
ويأمل الحلفاء الرئيسيون للولايات المتحدة أن يعلموا تفاصيل الخطة مبكراً حتى يتمكنوا من تحديد العقبات أو حشد الدعم، لكنهم قوبلوا بصمت تام مما أثار إحباطهم. ويتوقع هؤلاء الحلفاء إلى تقديم مساعدتهم في العملية إذا استطاعوا ذلك، لكنهم يشعرون بالتجاهل وأعرب العديدون منهم عن شعورهم بالإحباط.
إذ تكمن مخاوف هؤلاء الحلفاء في أن معرفتهم بتفاصيل الخطة متأخراً جداً سيجعل من المستحيل عليهم التوافق مع التغيرات، وذاك يعني أنها قد تصبح شيئاً لا يمكنهم دعمه.
الدول العربية قلقة بسبب «افتقارها لرؤية واضحة» بشأن الخطة
وقال كوشنر لشبكة سكاي نيوز عربية يوم الإثنين، إنهم «حاولوا التوصل إلى حلول واقعية وعادلة لهذه القضايا في عام 2019، من شأنها أن تسمح للشعوب أن تعيش حياة أفضل»، وإنهم ركزوا على أربعة مبادئ أساسية لتنفيذ ذلك.
يضيف كوشنر: «وأولها هي الحرية، إذ نريد أن تنعم الشعوب بالحرية. حرية الفرص والدين والعبادة بغض النظر عن معتقداتهم، بالإضافة إلى الاحترام»، بحسب وصفه.
في السياق، قال مصدر على اطلاع بالمباحثات للشبكة الأمريكية، إن الدول العربية قلقة بشكل خاص من افتقارها لرؤية واضحة بشأن الجوانب غير الاقتصادية في مقترح كوشنر. وقال المصدر إن الدول العربية «يجب أن تشعر أنها شريك في هذه الخطة ويجب أن تكون على علم» بمضمونها.
وحذّر ذلك المصدر قائلاً إنه في حين أن تفاصيل الخطة «شبه مجهولة»، فإنه من المتوقع أن تميل بقوة لصالح إسرائيل ومن المتوقع أن تستخدم لغة غير قانونية، وليس اللغة المتفق عليها دولياً والمرتبطة بمقترحات السلام السابقة.
وقال المصدر إن الأسلوب واختيار اللغة هما محاولة للتحدث مباشرة مع الفلسطينيين على أمل أنه يمكن استخدامهم للضغط على القادة الفلسطينيين لقبول الخطة. وقال المصدر إنه من غير المتوقع أن تأتي الخطة على ذكر حل الدولتين، ولكنها تشرح الطريقة التي سيقرر بها الفلسطينيون مصيرهم، على حد تعبيره.