حتى وقت ليس ببعيد، كانت هناك خطوط حمراء لا يمكن بحال تجاوزها، وخاصة في جرائم الثأر، كانت تجعل دور العبادة بمنأى عن ترويع الآمنين فيها، لكن هذا الأمر بات من ذكريات الماضي، فلم تعد هناك قيود يتقيد بها الباحثون عن الثأر، فقاموا باستباحة بيوت الله، وانتهكوا حرماتها، وقاموا بترويع المصلين، وهو ما يعتبره مراقبون تجاوزًا غير مسبوق، يتنافى مع قدسية أماكن العبادة، التي هي بمثابة “حرم آمن”، يحفظ للمتواجدين فيه أمنهم وحياتهم، حتى لو لجأ إليه غير المسلم للاحتماء به فهو آمن.
ولعل الحادث الأبرز والأكبر من حيث عدد الضحايا، هو الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة في أواخر عام 2017.
فما أن أعلن إمام مسجد الروضة بمركز بئر العبد، غربي مدينة العريش، انتهاء صلاة الجمعة، المعروفة بأنها تكتظ بالمصلين، حتى شهد المسجد هجوما إرهابيًا مزدوجًا أسفر عن “مجزرة كبرى” أسقطت 310 قتلى، بينهم 27 طفلاً كانوا برفقة ذويهم، فضلاً عن إصابة 128 آخرين، وهو الحادث الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث.
ووفق شهود عيان، فقد تفاجئ المصلون بقيام إرهابيين يتراوح عددهم بين 25 إلى 30 يرفعون علم “داعش”، وقد اتخذوا مواقع لهم أمام باب المسجد ونوافذه البالغ عددها 12 نافذة يحملون الأسلحة الآلية بإطلاق الأعيرة النارية على المصلين.
وتبين أن المهاجمين حضروا مستقلين 5 سيارات دفع رباعي وقاموا بإحراق السيارات الخاصة بالمصلين وعددها 7 سيارات،
وقد فجع المصريون مؤخرًا بعد أن اقتحم مجهولان مسجدًا في أسيوط وفتحا النيران على المصلين، وقتلا شابًا وأصابا آخر توفى متأثرًا بجراحه بالمستشفى بسبب خلافات ثأرية بينهما.
ووقع الحادث بمنطقة غيط شعير بالبندر في أسيوط، عندما اقتحم شخصان مسجدًا بأسلحة آلية، أثناء تواجد المصلين داخل المسجد والإمام على المنبر يلقى خطبة الجمعة، وأطلقا أعيرة نارية في الهواء، قبل أن يصوبا سلاحهما نحو شخص أوقعاه قتيلًا، بينما قتل آخر عن طريق الخطأ.
وفي دمياط، تجرد نجار من مشاعر الرحمة وأقدم على اقتحام مسجد والاعتداء بالضرب على عامل بسبب خلافات بين طفل المتهم وطفل المجنى عليه.
التحريات أكدت أن سبب الجريمة وقوع مشاجرة بين طفلين في المنطقة، واقتحم والد أحدهما على أثرها المسجد واعتدى بالضرب على والد الطفل الآخر، وأثناء تدخل مؤذن المسجد لفض المشاجرة اعتدى عليه، بالسلاح الأبيض بحوزته، ما نتج عنه إصابتهما بإصابات بالغة أدت لوفاة المؤذن مجدى فودة (59 سنة).
وعلى عتبات أحد المساجد بمدينة تلا بالمنوفية، أقدم محامٍ على قتل منجد مستخدمًا سكينًا وتمكن الأهالى من الإمساك به وتسليمه إلى مركز الشرطة.
والمجني عليه “ع.إ.ا” 65 سنة، منجد، أبكم وقد عثرت على جثته مسجاة داخل المسجد مرتديًا ملابسه، وقد توفي متأثرًا بإصابته بجرح قطعي بالرقبة والبطن.
وتم ضبط المتهم “ع.م.ب.ا” 55 سنة، حاصل على ليسانس شريعة وقانون محامٍ ولا يمارس المهنة ويحمل كارنيه جدول عام صادر، مصابًا بجرح أعلى الأنف وبحوزته السكين المستخدم.
حادثة بشعة هزت مدينة الزقازيق الشرقية، عندما أقم عاطل على شق بطن عامل مسجد وطعنه على باب المسجد عقب صلاة المغرب، وفر هاربًا بإلقاء نفسه فى مياه بحر مويس.
وقال المحامى والحقوقي أسعد هيكل، إن “التصدي لاقتحام المساجد وترويع المصلين لا يمكن أن يكون بالقانون فقط، وإنما يجب أن يتم الأخذ في الاعتبار المعالجة الفكرية ونشر التوعية، بعدما طغت العادات السيئة على المواطنين”.
وأضاف هيكل ، أن “جرائم اقتحام دور العبادة تتحملها مؤسسات الدولة بأكملها وليس القانون فقط”، لافتًا إلى أن “الدستور المصرى به العديد من القوانين المشددة التى تردع أى مواطن عن الجريمة إلًا أن الجرائم فى معدل مرتفع”.
وطالب هيكل المؤسسات الإعلامية والدينية والاجتماعية، ببذل المزيد من الجهود لتوعية المواطنين بدينهم وتقديس أماكن دور العبادة ونبذ التعصب.
وأضاف هيكل أن عقوبة القتل هى الإعدام طبقًا للقانون، إلًا أنها ليست كفيلة بمنع الاعتداء على المساجد، وتقديس دور العبادات.
وقال الدكتور نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية الأسبق، إن “انتهاك حرمة المساجد جريمة وحشية خطيرة في الإسلام، فإذا كانت الشريعة الإسلامية تحرم وتجرم الكلام أثناء خطبة الجمعة فما بالك بانتهاك حرمة المسجد”.
وأضاف أن “الاعتداء على حرمة المساجد يتنافى مع أخلاقيات المسلم التى يجب أن يتمسك بها، فمن المعلوم أن بيوت الله فى الأرض هى المساجد، والجالس فيها ينبغى أن يكون فى ذكر وتسبيح وتحميد مع الله سبحانه وتعالى، خاصة وقت إلقاء خطبة الجمعة التى هى جزء من شعيرة هذه الصلاة المفروضة”.