«آه كنا بنتنصت على المكالمات وهو في جهاز أمني مبيعملش كده»، بهذه الكلمات وقف وزير الداخلية في عهد مبارك حبيب العادلي يدافع عن نفسه أثناء محاكمته، ليؤكد أن ابتزاز المعارضين المصريين بالتسريبات الجنسية يكاد يكون من ثوابت الأجهزة الأمنية.
«آنذاك قال العادلي أنه كان يشجع رجاله على إحضار أصحاب المكالمات لتجنيدهم».
هكذا بكل بساطة وقف وزير داخلية مبارك ليقول إن الأمن من حقه التنصت على حياة المصريين الخاصة بل واستخدامها ضدهم لتجنيد المواطنين بمن فيهم المشاهير بواسطة هذه التسجيلات».
وما أشبه الليلة بالبارحة
يبدو أن هذا السلاح قد تطور كثيراً خلال السنوات الماضية مقارنة بزمن العادلي.
ففي الأيام القليلة الماضية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تسريبات جنسية للنائبين البارزين بمجلس النواب المصري (خالد يوسف وهيثم الحريري) اللذين عارضا مشروع إجراء تعديلات الدستورية، التي تطيل فترة حكم الرئيس وتزيد صلاحياته.
ويتهم المعارضون المصريون ونشطاء التواصل الاجتماعي الأجهزة الأمنية بالمسؤولية عن التسريبات، التي لا يبدو توقيتها مصادفة على الإطلاق.
عربي بوست، اطلع من مصدر مسؤول عن الجهة التي تقف وراء هذه التسريبات، والضحايا المتوقعين لهذه الحملة خلال الفترة القادمة.
ارفعوا الحصانة عن هذين النائبين.. توقيت يثير أكثر من مجرد الريبة
البداية كانت بالمخرج خالد يوسف، الذي انتشر له فيديو جنسي مع فنانتين شابتين، وسرعان ما أمرت النيابة بالقبض عليهما، وتحركت على نفس الخط دعاوى تطالب برفع الحصانة عن النائب خالد يوسف.
وفي الأسبوع نفسه انتشر تسريب صوتي جنسي منسوب للنائب هيثم الحريري.
جاء ذلك بالتزامن مع بدء مناقشة مجلس النواب المصري لطلب تعديل الدستور لإطالة فترة حكم الرئيس وتوسيع صلاحيته، وسط معارضة محدودة أظهرها عدد من نواب البرلمان، بينهم الحريري وخالد يوسف.
فهل الأمر صدفة أن تتزامن التسريبات مع معارضتها النائبين للتعديلات
لم أهرب.. أنا خارج البلاد لزيارة أسرتي
ونفى النائب والمخرج الشهير خالد يوسف أن يكون هو صاحب الفديوهات، مؤكداً أنه لم يهرب خارج البلاد كما أشيع.
وقال إنه كان في فرنسا من أسبوع، ودلل على صحة كلامه بنشر صورة ختم جواز سفره، الذي يشير إلى أنه غادر مصر بعد تحرك النيابة للبحث في الأمر
أما النائب هيثم الحريري فقد تجاهل الموضوع تماماً ولم يعلق عليه نفياً أو تأكيداً.
ولكن اللافت هو التركيز من قبل وسائل إعلام مصرية كثيرة على الفيديو، والتلميح أو التصريح بأن خالد يوسف هو الذي دفع الفتاتين لمثل هذه الممارسات، وأن هناك نية لإسقاط الحصانة عنه.
وبدا للمتابعين أن الشكل الممنهج للتركيز على الإعلامي على التسريبات يشير إلى أن الأمر ما هو امتداد لنهج ابتزاز المعارضين المصريين بالتسريبات الجنسية.
والجهة التي تقف وراء التسريبات تتوعد المزيد من المشاهير
علم عربي بوست من مصدر مطلع بوزارة الداخلية أن تلك التسريبات تمت بمعرفة جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية.
وأكد المصدر أن الجهاز يمتلك فيديوهات اخرى للنائب خالد يوسف نفسه لم يتقرر استعمالها بعد، فضلاً عن تسجيلات لمكالمات شخصية لكثير من الإعلاميين والساسة، وأن كثيراً منهم يحتوي على أحاديث جنسية.
وقال إن قرار استخدام تلك المواد سواء عبر رجال الداخلية على الشاشات أو عبر تسريبها لصفحات تواصل اجتماعي موالية، يعتمد على طبيعة الشخصية وطبيعة الأزمة، لكنه في الأخير قرار سياسي على حد تعبير المصدر
ابتزاز المعارضين المصريين بالتسريبات تصاعد منذ 30 يونيو.. حتى أنه استهدف رئيس الأركان
ابتزاز المعارضين المصريين بالتسريبات الجنسية قديمة، ولكنها ازدادت بالتزامن مع مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 التي أعقبها الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي.
إذ بدأ كل من الإعلاميين المحسوبين على النظام «أحمد موسى» وعبد الرحيم علي» في إذاعة مكالمات شخصية لكثير من معارضة النظام، حتى وصلت الأمور لإذاعة مكالمة مسجلة بين محمد البرادعي والفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري وقتها!.
وقد أثارت تلك المكالمة بالذات أسئلة كثيرة حول من سجل لرئيس الأركان؟ رغم أنها لم تتضمن شيئاً مشيناً.
إذ تساءل كثيرون آنذاك، من سمح لأحمد موسى بإذاعتها؟، خصوصاً أن موسى من المذيعين المحسوبين على جهاز أمن الدولة، فهو رجلهم منذ أن عمل مندوباً لجريدة الأهرام في وزارة الداخلية.
وقد قيل حينها أن مكالمة رئيس الأركان سجلت في إطار مراقبة وتسجيل مكالمات البرادعي وليس العكس، لكن بالطبع إذاعة مثل هذا التسريب في برنامج أحمد موسى (رجل الأمن الوطني) يعني أن القيادة السياسية أعطت الضوء الأخضر للأمن الوطني للتعامل مع الرجلين «عنان» والبرادعي، وجدير بالذكر أن أحدهما خارج البلاد حالياً، والآخر في السجن.
ظهور سلاح التسريبات التي تمس الأعراض الذي شنته السلطة على المعارضين لتعديل الدستور أثار رعب الكثيرين من العودة لزمن صلاح نصر (مدير مخابرات جمال عبدالناصر) والمعروف عنه انتهاك أسرار غرف نوم معارضي النظام بل ومؤيديه أحياناً كثيرة، لإخضاعهم وابتزازهم.
وهؤلاء ينتظرهم مزيد من التسريبات
وكتب الخبير الدستوري الدكتور نور فرحات على صفحته الشخصية واصفاً المسؤولين الذين لا يرتدعون عن الفضيحة لتصفية حسابات بأنهم مسؤولون بلا خلق أو ضمير أو وفاء للقانون.
وعلم عربي بوست من المصدر ذاته، أن هناك نية مستقبلاً لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر التسريب المراد بثه ضد أي من المشاهير الذين يناوئون السلطة في القضايا الحساسة، مع البعد التام عن العودة لمذيعي السلطة.
«ستبدأ الأمور وتنتهي من الناس» وليس من الأمن على حد تعبير المصدر، الذي اختتم حديثه معنا قائلاً «هيثم مش هيكون الأخير».