اتضح أمس الخميس أن رجلاً وجدوه مساء الثلاثاء الماضي مضرجاً بدمه في أحد شوارع مدينة هامبورغ بالشمال الألماني، وتوفي بعدها في مستشفى نقلوه إليه، هو رجل الأعمال السوري الدكتور محمد عبد القادر جونة، المالك لعقارين وصيدليتين في هامبورغ المعروف فيها بمعارضته الشديدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وبنشاطه عبر “اتحاد السوريين في المهجر” الذي كان رئيسه سابقاً.
حرك الماوس إلى أسفل لمشاهدة الفيديو
جونة، الأب لابنتين بعمر المراهقة من زوجته الروسية، تعرض لهجمة شرسة من شخص أو أكثر مساء الثلاثاء، معظمها كانت بالفأس على رأسه، كما تم بتر أحد أصابعه، وفقاً لما نقلت وسائل إعلام ألمانية عن الشرطة، ومعظمها أبدت قلقها من أن يكون الأمر باغتياله جاء من دمشق، على حد ما يمكن استنتاجه من شاب سوري كان في المكان واتصلت به “العربية.نت” وزودها بفيديو التقطه بهاتفه المحمول لآثار الدماء التي نزفت من جونة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، إلا أن المصور طلب عدم ذكر اسمه، خشية الأسوأ عليه وعلى أسرته في سوريا.
ذكر المصور، ما ورد أيضاً في الإعلام الألماني، من أن الدكتور محمد جونة دخل إلى مبنى يملكه في هامبورغ، وإلى شقة فيه، وبعد ساعة ونصف الساعة، نزل من السلم نازفاً دماً إلى الشارع ليطلب النجدة، إلا أنه انهار على الأسفلت، فهرع إليه من كانوا في القرب ووجدوه غائباً عن الوعي متهالكاً، فاستدعوا الشرطة التي حاولت وهي تنقله إلى المستشفى معرفة ما حدث له ومن اعتدى عليه، إلا أن المولود قبل 48 سنة في مدينة حلب بالشمال السوري، والمهاجر في ألمانيا التي تخرج فيها منذ سنين طويلة، لم يتمكن من إفادتهم بشيء لأنه كان غائباً عن الوعي مما لحق به.
وبتروا إحدى أصابعه
ثم ذكر شهود عيان أنهم رأوه يدخل المبنى في السادسة مساء، وخرج منه في السابعة والنصف وهو يترنح وينزف دماً، لذلك اقتفى من بقي من رجال الشرطة في المكان آثار الدماء النازفة منه، فقادتهم إلى الشقة التي كان فيها وتعرض للاعتداء، واتضح أنه يملكها وجعلها مقراً لمركز ثقافي سوري، ومنه كان الدكتور جونة يمارس معارضته للنظام في سوريا بالوسائل المتاحة، إلى درجة أنه ألغى في إحدى المرات عقد إيجار تجاري مع شخص سوري، لأنه اكتشف عبر فيديو شاهده أن والده من جنود النظام.
الشرطة المزودة بكلاب مدربة مستمرة في المكان، ورجال التحري يجمعون الأدلة
في الشقة عثرت الشرطة على فأس، ومن تحقيق أولي اتضح أنها أداة الجريمة، وأنه تلقى أكثر من 20 ضربة بشكل وحشي، كما بتر المعتدون عليه إحدى أصابعه. وفي اليوم التالي، أي الأربعاء، عثرت الشرطة على ملابس وحذاء في سلة مهملات قرب مكان الجريمة، لكنها لم تؤكد بعد ما إذا كان لها علاقة بالجريمة أم أنها لشخص غير متورط.
تهديد من مناصر لحزب الله
إحدى معارف جونة، وهي سورية اسمها “ميسون بيرقدار” وتقيم في هامبورغ، أخبرت الشرطة أنها كانت جالسة معه في مكتب صيدليته بعد ظهر اليوم الذي اعتدوا عليه فيه، وتحدثت إليه عن تنظيم مظاهرة في هامبورغ لمناسبة الذكرى السنوية للثورة السورية، وأنه كان على موعد مع طبيب أسنان. كما قالت في مقابلة أجراها معها “تلفزيون سوريا” إن عدداً من المعارضين السوريين “وصلتهم رسائل تهديد، وإليها وصلت أيضاً رسالة تهديد صوتية من شخص قال إنه من حزب الله، وندد بمواقفها الرافضة لنظام الأسد”، وفق تعبيرها.
أما المصور، فذكر أن سيدة سورية ثانية، هي نهلة عثمان، تعرف الكثير عن الدكتور القتيل، إلا أنها لم ترد على رسالة تركتها لها “العربية.نت” في حساب لها بأحد مواقع التواصل، ربما لأن الوقت كان متأخراً ليل أمس الخميس، إلا أنه ذكر الوارد أيضاً في وسائل إعلام ألمانية من أن الأطباء حاولوا ما بإمكانهم لإنقاذ الدكتور جونة بعد نقله إلى المستشفى، لكنه لم يقو على جراحه في الرأس والوجه والنصف الأعلى من جسمه، فلفظ أنفاسه الأخيرة.