في بداية التسعينات عمل جيف بيزوس موظفًا في إحدى شركات الاستثمار في مدينة نيويورك، وفي أثناء عمله قرأ بيزوس إحصائية ربما تكون السبب في تغيير حياته؛ وهي أن استخدام الإنترنت ينمو بمعدل 2300% في كل عام. قرر بيزوس في عام 1994 – بعد تخطيه الثلاثين – أن ينشأ شركته الخاصة، وأن يتخلى عن حياته الوظيفية، وبدأ بمتجر إلكتروني لبيع الكتب من جراج منزله، وأسماه «أمازون» على اسم النهر الشهير في أمريكا الجنوبية، وأصبحت الشركة في 2018 ثاني شركة تريليونية في العالم بعد شركة «آبل»، وصار هو الرجل الأغنى في التاريخ بثروة فاقت 160 مليار دولار.
لم يكن بيزوس يتوقع هذا النجاح في بدايته، فعند تأسيس الشركة ومحاولة جذب المستثمرين، كان يتوقع فشل المشروع بنسبة 70%، لكن هذا لم يحدث. بعد ثلاث سنوات من تأسيس الشركة، طرحت أسهمها للبيع في البورصة الأمريكية؛ ليتوسع بيزوس في نشاطات الشركة، والتي كان قد خطط لها من قبل، لتشمل بيع شرائط الموسيقى والفيديو.
استمرت أمازون في النمو ببطء حتى عام 2000، حين مرت الشركة بأزمة مالية كادت تتسبب في إعلان إفلاسها، فاقترضت من البنوك الأمريكية نحو 2 مليار دولار. لم تكن القروض كافية؛ ليظهر بيزوس مثل أبطال الأفلام – بحسب تعبير «نيويورك تايمز» – وينقذ الشركة، فسرّح نحو 14% من العمالة، وأغلق بعض مراكز التوزيع.
لم يسلم بيزوس من الانتقادات، واعتبر بعض المحللين أن عليه البحث عن مدير تنفيذي محترف لشركته، خاصة أن مبيعات الشركة في بداية الألفية الجديدة لم تكن كما هو متوقع، لكنه لم يفعل، وظل بيزوس – حتى اللحظة الحالية – المدير التنفيذي لشركة أمازون، وأثبت بعد 24 عامًا من تأسيسها أنه الأنسب لهذا المنصب؛ إذ حققت الشركة أرباحًا تصل إلى 178 مليار دولار في العام الماضي فقط.
خلال العقد الماضي قدّمت أمازون جهاز «كيندل» اللوحي لقراءة الكتب، وأعلنت في 2010 أن مبيعات الكتب المخصصة له فاقت مبيعات الكتب التقليدية، كما استحوذت على شركات عديدة في قطاعات مختلفة، كان من ضمنها صفقة الاستحواذ على شركة «زابوس» لبيع الملابس على الإنترنت، بقيمة 850 مليون دولار، وصفقة أخرى للاستحواذ على شركة «لوف فيلم» لتأجير الأفلام والمسلسلات.
وفرت بعدها أمازون خدمات أخرى جديدة، مثل أمازون «برايم فيديو»، وهي الخدمة الخاصة بمشاهدة وتأجير الـ(DVD)، في وقت سابق، وأصبحت الآن منافسًا لشبكة «نتفلكس»، لها مكتبة خاصة من الأفلام والمسلسلات المتاحة لمشتركيها ليشاهدوها على الإنترنت، وتنتج أفلامًا خاصة بها تعرض في السينما وعلى خدمة «برايم».
بدأت أمازون أيضًا في افتتاح متاجر «جو»، والتي تقوم فكرتها على توفير تجربة التسوق لعملائها، دون الحاجة للوقوف في طوابير الدفع، لتأخذ مشترياتك من مكانها على الأرفف، وتُخصم أوتوماتيكًا من حسابك المصرفي عند خروجك من المتجر. بدأت التجربة بفرعين، وتخطط الشركة لافتتاح الثالث خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
ومع انتشار الطائرات المسيّرة، استخدمتها أمازون في التوصيل للمنازل؛ لتعتمد أكثر على التكنولوجيا، وتقلل من العامل البشري، فيما يبدو أنها جزء من خطة يريد بيزوس تحقيقها في المستقبل، الذي قد لا يكون بعيدًا.
قبل عامين من الآن كانت ثروة بيزوس 68.5 مليار دولار، وزادت إلى ضعف قيمتها اليوم؛ لتصل إلى 168 مليار دولار، وفق آخر تقدير لوكالة «بلومبرج». أصبح بيزوس الأغنى في العالم، متفوقًا على بيل جيتس، مؤسس شركة «مايكروسوفت»، وصار أيضًا أغنى شخص في تاريخ البشر الحديث، أو على الأقل منذ بدأت مجلة «فوربس» في تقدير ثروات رجال الأعمال في سبعينات القرن الماضي. كما تتوقع منظمة «أوكسفام» أن يصبح بيزوس أول «تريليونير» في العالم بحلول عام 2042.