ماذا تعرف عن “هيئة البيعة” السعودية؟

مع عودة الأمير السعودي أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، عضو هيئة البيعة، إلى بلاده مؤخرا بعد غياب لعدة أشهر، تعالت تساؤلات حول دور وصلاحيات هيئة البيعة في اختيار الملك وولي العهد.

وهذا التقرير يسلط الضوء على هيكلة هيئة البيعة، وصلاحياتها، ودورها في اختيار ولي العهد في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز (توفي في 2015 وعمره 90 عاما)، والملك الحالي سلمان بن عبد العزيز (83 عاما).

نشأة هيئة البيعة:

في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2006، أصدر العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، أمرا ملكيا باللائحة التنفيذية لـ “نظام هيئة البيعة”.

استند الأمر الملكي بإنشاء “هيئة البيعة” على تعديل الفقرة (جـ) من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم (الدستور).

كانت المادة الخامسة، في نظام الحكم الأساسي، تتضمن بندا ينص على أنه “يختار الملك ولي العهد ويعفيه بأمر ملكي”؛ إلا أنه مع صدور نظام “هيئة البيعة”، تم إلغاء هذا البند، واستبداله ببند آخر ينص على أنه “تتم الدعوة لمبايعة الملك، واختيار ولي العهد، وفقا لنظام هيئة البيعة”.

ممن تتكون هيئة البيعة:

وفقا لنظام “هيئة البيعة”؛ تسمى الهيئة على النحو الآتي:

– أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود.

– أحد أبناء كل متوفى، أو معتذر، أو عاجز بموجب تقرير طبي، يعينه الملك من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، على أن يكون مشهودا له بالصلاح والكفاية.

– اثنان يعينهما الملك، أحدهما من أبنائه، والآخر من أبناء ولي العهد، على أن يكونا مشهودا لهما بالصلاح والكفاية.

– وإذا خلا محل أي من أعضاء هيئة البيعة، يعين الملك بديلا عنه وفق الضوابط المشار إليها.

– يعين الملك عضو الهيئة ممن لا يقل عمره عن اثنين وعشرين عاما، وأن يكون مشهودا له بالصلاح والكفاية.

– تضم الهيئة 34 أميرا مختارين من جميع أفرع أبناء الملك عبد العزيز (36)، حيث تم استثناء الأمير فواز الذي توفي بدون أن ينجب، وكذلك الأمير حمود، والذي لم ينجب مولودا ذكرا، ومهمة الأعضاء الـ34 تأمين انتقال الحكم ضمن آل سعود.

– وفقا للمادة 15، من نظام “هيئة البيعة”؛ يرأس الهيئة أكبر الأعضاء سنا من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، وينوب عنه الذي يليه في السن من إخوته، وفي حال عدم وجود أي منهم، يرأس الاجتماع أكبر الأعضاء سنا من أبناء الأبناء في الهيئة.

** بماذا تلتزم هيئة البيعة؟:

وفق نظامها؛ تلتزم الهيئة بكتاب الله، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على كيان الدولة، وعلى وحدة الأسرة المالكة وتعاونها، وعدم تفرقها، وعلى الوحدة الوطنية، ومصالح الشعب.

وتعقد اجتماعاتها العادية بحضور ثلثي الأعضاء، وتتخذ قراراتها بالغالبية وعبر التصويت السري.

** آليات عمل الهيئة:

تسري أحكام نظام هيئة البيعة على الحالات المستقبلية، ولا تسري أحكامها على الملك وولي العهد بتاريخ إنشاء هيئة البيعة، أي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز آنذاك.

ينص نظام الهيئة، على أن “للملك في أي وقت أن يطلب من الهيئة ترشيح من تراه لولاية العهد. وفي حال عدم موافقة الملك على من رشحته الهيئة، فعلى الهيئة التصويت على من رشحته وواحد يختاره الملك، وتتم تسمية الحاصل على أكثر الأصوات وليا للعهد”.

** محطات تاريخية:

– 10 ديسمبر/ كانون الأول 2007، شكل الملك عبد الله (حكم من 2005 – 2015م)، هيئة البيعة برئاسة الأمير مشعل بن عبد العزيز، وهو الابن الرابع عشر للملك عبد العزيز، من الأبناء الذكور.

– ظل الأمير مشعل، رئيسا لهيئة البيعة حتى وفاته في 3 مايو/ أيار 2017، عن عمر ناهز 91 عاما.

– لأول مرة منذ تشكيل هيئة البيعة، وبناء على المادة الثالثة من نظامها، اختار الملك عبد الله، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، الأمير نايف بن عبد العزيز، وليا للعهد بعد وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز.

– على إثر ذلك استقال الأمير طلال بن عبد العزيز (والد الملياردير الوليد بن طلال)، من هيئة البيعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، احتجاجا على تجاوز ستة أمراء أكبر من نايف بن عبد العزيز؛ مما يعني استبعادهم للأبد، وبعد استقالة طلال، عين ابنه الوليد، عضوا في هيئة البيعة بديلا لوالده المستقيل.

– بتاريخ 18 يونيو/ حزيران 2012، أصدر الملك عبد الله، أمرا ملكيا باختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز، وليا للعهد.

– في 27 مارس/ آذار 2014، استحدث الملك عبد الله، منصب ولي ولي العهد، وأصدر أمرا ملكيا يقضي باختيار ولي لولي العهد، وأول من شغل هذا المنصب هو الأمير مقرن بن عبد العزيز، بمقتضى الأمر الملكي، على أن يبايع الأمير مقرن، وليا لولي العهد الأمير سلمان، ووليا للعهد في حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكا للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد؛ وبويع الأمير مقرن بن عبد العزيز، بعد موافقة ثلاثة أرباع أعضاء هيئة البيعة.

– في 23 يناير/ كانون الثاني 2015، توفي الملك عبد الله، وبويع من جانب هيئة البيعة ولي العهد، الأمير سلمان بن عبد العزيز، ملكا على المملكة العربية السعودية خلفا للملك عبد الله.

– في 29 أبريل/ نيسان 2015، أصدر الملك سلمان، عددا من الأوامر الملكية تضمنت إعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز، من ولاية العهد “بناء على طلبه”، وتعيين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وليا للعهد، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وليا لولي العهد.

– في 21 يونيو 2017، أصدر الملك سلمان، أمرا ملكيا بإعفاء الأمير محمد بن نايف، من منصبه كولي للعهد وجميع مناصبه الأخرى، واختيار الأمير محمد بن سلمان، وليا للعهد، نائبا لرئيس مجلس الوزراء، مع استمراره وزيرا للدفاع، “بعد موافقة 31 عضوا من أصل 34″، تتشكل منهم هيئة البيعة، كما ذكر البيان الرسمي وقتها، وأقيمت مراسم البيعة في قصر الصفا في مكة المكرمة. ولم يتم تعيين ولي لولي العهد.

– لكن لم يعلن حينها من ترأس هيئة البيعة بعد وفاة رئيسها الأمير مشعل، وعلى الأغلب بقي هذا المنصب شاغرا إذ لم يصدر قرار رسمي معلن للآن من الملك بتعيين رئيس لهيئة البيعة.

– يشار أنه بقي من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود 9 أبناء على قيد الحياة، هم بالترتيب: بندر (أكبر أبناء المؤسس 85 عاما)، وطلال (انسحب من هيئة البيعة)، ومتعب، وعبد الإله، وممدوح، ومشهور، وأحمد، ومقرن (أصغر أبناء المؤسس 73 عاما). فضلا عن الملك سلمان (83 عاما).

– غير أن تقارير لوسائل إعلام، خاصة الغربية منها، تتحدث عن إمكانية أن يلعب الأمير أحمد بن عبد العزيز، دورا ما في تفعيل هيئة البيعة في المستقبل القريب، بعد عودته من منفاه الاختياري في لندن، على إثر تداعيات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، مطلع الشهر الماضي.

** أدوار هيئة البيعة:

– سبق لهيئة البيعة، أن لعبت دورا حاسما في أمور تتعلق بتوطيد أركان الحكم داخل أسرة آل سعود؛ فقد أيدت الملك عبد الله بن عبد العزيز، في اختيار الأمير نايف بن عبد العزيز، لمنصب ولي العهد، بعد وفاة شقيقه الأمير سلطان بن عبد العزيز، في أكتوبر 2011.

– في 29 أبريل/ نيسان 2015، كان لهيئة البيعة الدور الأكبر في تعيين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وليا للعهد والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وليا لولي العهد، بدعم وتأييد أغلبية أعضاء الهيئة.

– في 21 يونيو 2017، قام ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بما اعتبره البعض “انقلابا أبيضا” على ابن عمه ولي العهد محمد بن نايف، بدعوى أن 31 عضوا في هيئة البيعة صوتوا له من أصل 34 عضوا، كولي للعهد بدلا منه.

– لتمرير ذلك، وفق مراقبين، تم تعديل الفقرة (ب) من المادة الخامسة، من النظام الأساسي للحكم، بإضافة جملة “لا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملك وولي للعهد من فرع واحد، من ذرية الملك المؤسس”، الأمر الذي قصد منه طمأنة بقية أحفاد الملك عبد العزيز، بأن الأمير محمد بن سلمان، حال توليه منصب الملك، فلن يقوم بتوريث المنصب لأحد من أبنائه، لأن التعديل يعني أن ملك السعودية إذا كان من أحفاد الملك عبد العزيز، فإن ولي العهد يجب أن يكون من فرع آخر من ذرية الملك عبد العزيز. 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …