ردت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف على ما يثار مؤخرًا بشأن أحكام المواريث الخاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة، مؤكدة أن تلك “الخيالات من شأنها أن تستفز مشاعر المسلمين”.
وقالت “كبار العلماء”، خلال بيان لها، “إن هذه الثوابت يحاول البعض التحقير من شأنها والاستخفاف بأحكامها، بينما يجتهد آخرون في التقليل من قيمتها، بإخراجها من إطار القطعيات المحكمات إلى فضاء الظنيات”.
وأوضحت أن من تلك القضايا التي زاد فيها تجاوز المضللين بغير علم في ثوابت قطعية معلومة من الدين بالضرورة، ومن تقسيم القرآن الكريم المحكم للمواريث، خصوصا فيما يتعلق بنصيب المرأة فيه، والذي ورد في ايتين محكمتين من كتاب الله المجيد في سورة النساء، وهو أمر تجاوزت فيه حملة التشنيع الجائرة على الشريعة كل حدود العقل والإنصاف.
وجاء في البيان:
“سولت لبعض الناس عقولهم القاصرة، وخيالاتهم البعيدة عن الشرع وأحكامه، أن الإسلام ظلم المرأة حين لم يسو بينها وبين الرجل في الميراث تسوية مطلقة، وأنه ينبغي أن تأخذ المرأة -المظلومة في زعمهم!- مثل ما يأخذ الرجل، لا يتميز عنها في شيء”.
و”بناء على تلك الخيالات المناقضة لقطعيات القران ثبوتا ودلالة، والتي يحسبها أصحابها انتصارا لحقوق المرأة؛ جهلا منهم بالتفاصيل الحكيمة لصور ميراث المرأة في الإسلام، والتي تأخذ في بعضها أكبر من نصيب الرجل، بل أحيانا ترث ولا يرث الرجل؛ فإنهم راحوا يطالبون هنا وهناك بسن قوانين تلزم بالتسوية المطلقة بين المرأة والرجل في الميراث، ضاربين بأحكام القران القطعية المحكمة عرض الحائط!”.
و”انطلاقا من المسئولية الدينية التي اضطلع بها الأزهر الشريف منذ أكثر من ألف عام إزاء قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وحرصا على بيان الحقائق الشرعية ناصعة أمام جماهير المسلمين في العالم كله؛ فإن الأزهر الشريف بما يحمله من واجب بيان دين الله تعالى وحراسة شريعته وأحكامه؛ فإنه لا يتوانى عن أداء دوره، ولا يتأخر عن واجب إظهار حكم الله -تعالى- للمسلمين في شتى بقاع العالم، والتعريف به في النوازل والوقائع التي تمس حياتهم الأسرية والاجتماعية”.
“ويؤكد الأزهر أن النصوص الشرعية منها ما يقبل الاجتهاد الصادر من أهل الاختصاص الدقيق في علوم الشريعة، ومنها ما لا يقبل ذلك، فالنصوص إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة معا فإنها لا تحتمل الاجتهاد ولا تقبل التغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وذلك مثل آيات المواريث الواردة في القران الكريم، والتي يحاول البعض الآن العبث بها وإعادة تقسيم ما ورد بها من تحديد أنصبة على ما يراه هو، لا على وفق ما جاءت به الشريعة من أحكام ثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة بلا ريب، فلا مجال فيها لإعمال الاجتهاد”.
و”يشدد الأزهر الشريف قبل ذلك مرات عديدة أن هذا النوع من الأحكام لا يقبل الخوض فيه بخيالات جامحة وأطروحات تصادم القواعد والمحكمات، ولا تستند إلى علم صحيح، فهذا الخوض بالباطل من شأنه أن يستفز الجماهير المسلمة المتمسكة بدينها، ويفتح الباب لضرب استقرار المجتمعات، وفي هذا من الفساد ما لا يخفى، ولا نتمناه لأحد أبدا”.
“أما النصوص الظنية الدلالة، فإنها تقبل الاجتهاد والنظر، غير أن الاجتهاد فيها مقصور على أهل الاختصاص المشهود لهم بسعة العلم وبالدين والورع”.
“اقرؤوا أيها المسلمون في الشرق والغرب في نهاية اية الميراث: ?فريضة من الله? ثم قوله تعالى بعد ذلك: “تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذ?لك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين”.
“هذا، والأزهر الشريف يحذر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من هذه الفتنة ومن دعاتها، ويرفض رفضا قاطعا أية محاولة للمساس –من قريب أو بعيد- بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم، أو العبث بها، وليعلم الجميع أن رسالة الأزهر الشريف، وبخاصة ما يتعلق منها بحراسة أحكام دين الله وبيانها للناس، هي رسالة عالمية لا تحدها حدود جغرافية، ولا توجهات عامة أو خاصة، يتحمل عبئها رجال من ?الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله?.حفظ الله الأزهر وأبقاه للعالمين الحافظ الأمين على دين الأمة وسلامتها من الفتن والشرور”.