سافِر ألف كيلومتر مجاناّ معرض الصناع في روما يقدم نظرة عن المعجزات التي تنتظرنا بالمستقبل القريب

منذ اللحظة الأولى لدخول معرض الصناع Maker Faire في العاصمة الإيطالية روما، يلحظ الزائر حجم التقدم التقني الذي تعيشه القارة العجوز، في محاولة من خلاله لسد الفجوة مع السوق الأميركية.

عموماً، يتجمع الأشخاص من جميع الأعمار والخلفيات للتعلم والمشاركة والإبداع والإلهام في معارض Maker Faires بجميع أنحاء العالم. استطاعت روما استحضار النسخة الأوروبية من هذا الحدث العالمي، وهو واحد من بين عدد من المعارض التي تقام في جميع أنحاء العالم، من خلال الصنّاع والشركات الناشئة والمبدعين الشباب، الذين جمعتهم في مجموعة من الأجنحة بلغت مساحتها 390 ألف متر مربع.

ولا يخفي القائمون على تنظيم النسخة الأوروبية هذا الأمر، فالمقارنة واضحة وموجودة مثل السيارة الإيطالية التي فازت في سباق أميركي كأسرع سيارة تعمل بالطاقة الشمسية في العالم، ولوحات الأردوينو المنتشرة في المعرض بأشكال متنوعة، لتمثل عصب الصناعة التكنولوجية وأباها الروحي.

ما هو الأردوينو؟

طائرات من دون طيار، وسيارات صغيرة وكبيرة، وطابعات ثلاثية الأبعاد، وغواصات، كلها تقنيات مذهلة يقوم عصبها الأساسي على الأردوينو، وتعتمد عليه اعتماداً كلياً. تقنيات رائعة أثارت انتباه جميع الزوار، والتي نذكرها في هذا التقرير.

لكن في البداية، دعونا نشرح سريعاً ما هو الأردوينو (Arduino).

هو لوح تطوير إلكتروني، يتكون من دارة إلكترونية مفتوحة المصدر مع متحكم دقيق يُبرمَج عن طريق الحاسب الآلي، وهو مصمَّم لتسهيل استخدام الإلكترونيات التفاعلية في المشاريع متعددة التخصصات. يُستخدم الأردوينو بصورة أساسية في تصميم المشاريع الإلكترونية التفاعلية، أو المشاريع التي تستهدف بناء حساسات بيئية مختلفة كدرجات الحرارة، والرياح، والضوء والضغط وغيرها.

استخدامات هذا اللوح الصغير غير محدودة، إذ عُرضَ في هذا المعرض أكثر من 500 منتج يعتمد على الأردوينو اعتماداً كليّاً كعصب حقيقي للبرمجيات الروبوتية، بعضها قادر على حمل طائرة مصنوعة من الصلب إلى السماء، أو الهبوط بها في أعماق المحيطات.

روبوت أومانويد

يتحدث فريق Tactigon عن التقدم المثير الذي أحرزه أعضاء الفريق في اختراعهم روبوت أومانويد (UMANOID ROBOT)، قائلين: «لقد أجرينا تطويراً شاملاً لمشروعنا الذي تم إنشاؤه سابقاً للتحكم في الروبوت، من خلال إضافة جهاز Tactigon Skin آخر للتحكم في ذراعي الروبوت. وذلك مع الاحتفاظ بالحركات التي ينفذها الروبوت سابقاً كالمشي والانحناء.

يتميز الــT-Skin بكونه جهازاً صغيراً قابلاً للبرمجة، وهو حلقة الوصل بين الإنسان والعالَم الآلي. هذا الجهاز الصغير ليس بقفاز أو سوار، بل يعتبر امتداداً طبيعياً لليد البشرية، فيدنا هي وَصلة بينيّةٌ هامة مع العالَم الحقيقي، ومع الـT-Skin ستصبح همزة الوصل بيننا وبين العالم الرقمي .

يحتوي T-SKIN على 4 مفاتيح قابلة للبرمجة لمجموعة مختلفة من حركات اليد والأصابع، الأمر الذي يُسهل عملية استخدامه، وذلك بفضل عامل التكيف (ergonomics)، إذ يمكنك تحميل التطبيق الخاص به، وسيتحول T-SKIN إلى واجهة كاملة للإنسان مع الآلة، أو جهاز تحكم في الروبوت أو جهاز تحكم لطائرة بلا طيار.

طابعات ثلاثية الأبعاد بواقع معزز

تعتمد هي الأخرى على الأردوينو في عصبها، إلا أنها تنبئ بثورة أكبر، فكل شيء يمكن أن يُطبَع ويتحول من مجرد فكرة إلى منتج حقيقي يمكن لمسه.

ولا يتطلب الأمر خبرات طويلة في هذا المجال، برامج بسيطة مثل برنامج Soled work، أو برامج أكثر بساطة باتت قادرة على التعامل مع هذه الطابعات بسهولة.

تتبلور فكرة الطابعات الثلاثية الأبعاد لتصبح أكثر تطوراً في معرض Maker Faire، الآن وباستخدام جهاز Tactigon Skin أو T-Skin أصبح بالإمكان التحكم في الطابعة الثلاثية الأبعاد من دون استخدام اليدين.

يأتي هذا الجهاز الرائع والمُبرمَج باستخدام لوح الأردوينو (Arduino IDE) من خلال إدماج 9DoF IMU (وهي أجهزة استشعار تتسم بأعلى مستوى من الجودة) مع مقياس التسارع (accelerometer) والجيروسكوب (gyroscope) -وهو جهاز يقيس زاوية الميلان في الأبعاد الثلاثة- وجهاز الاستشعار المغناطيسي (magnetometer)، إضافةً إلى 4 أزرار قابلة للبرمجة، وغلاف مصمم لتسهيل العمل والحركة، يتيح لك استخدام يديك في أثناء ارتدائه.

شاحن بطارية للمَركبات يعمل بالطاقة الشمسية

من الصعب جداً أن تزور معرض الصّناع دون أن يستوقفك هذا المنتَج بغرابة تصميمه! فقد تم تصميم هذا الشاحن الذي يعمل على الطاقة الشمسية للمركبات الكهربائية، وتحديداً هنا  السكوتر. بالإمكان استخدام هذا التصميم باعتباره بديلاً نظيفاً وصديقاً للبيئة لوسائل النقل العامة.

صممت هذه التقنيةَ، المستوحاة من زهرة عباد الشمس، إلينيا زامبيلي وفابريزيو ماركوتشا، والتي تسمح لألواح الطاقة الشمسية باتباع مسار الشمس بفضل خوارزمية مثبتة داخل نظامها. تسمح هذه الخوارزمية -التي تتبع إحداثيات الشمس في السماء استناداً إلى موقعها الحالي- بالتعرض لأقصى درجة من أشعة الشمس في جميع الأوقات.

من خلال وضع هذا المنتَج على ظهر السكوتر، بإمكان المستخدم السفر لمسافة 1000 كم دون دفع سنت واحد من تكاليف الوقود أو وصل السيارة بالشاحن.

جهاز CM3-Home

الجهاز الجديد الذي كُشف عنه في Maker Faire والذي يحمل اسم CM3-Home يترك مساحة كبيرة للمستخدمين لتطوير حلول لمنازلهم الذكية.

تعد CM3-Home وحدة Raspberry Pi 3 مصممة لإعطاء أي شخص القدرة على أتمتة الأنظمة داخل منزله. لا يعتبر جهاز CM3-Home جهازاً منزلياً ذكياً تقليدياً، إذ إن البرنامج مفتوح المصدر وواجهات Raspberry Pi يسمحان بإضافة وحدات إضافية بسهولة، ومنها وحدة Arduino.

تم تصميم CM3-Home ليتم تثبيته في سكك التثبيت المعدنية DIN Rail، كما أنه يحمي من التداخل الكهرومغناطيسي EMI، ويمكن أن يتعامل مع البيئات القاسية. سوف تكون الأجهزة المنزلية الآلية أكثر شيوعاً في كل بيئة، سواء المحلية أو الصناعية، وسيصبح اللاسلكي الذي يشمل أنظمة الراديو، وليس فقط WiFi، أكثر موثوقية وأكثر شيوعاً في المنازل التي تم تركيبها بالفعل، لكنها ستتعايش فترة طويلة مع الأنظمة السلكية.

https://youtu.be/AxW-FZeLONY

SPRESENSE: البطاقة المجهزة بمعالجات سوني المتقدمة

SPRESENSE عبارة عن لوحة تطوير صغيرة تعتمد على وحدة التحكم الدقيقة متعددة المهام CXD5602 من سوني، تسمح للمطورين بإنشاء تطبيقات إنترنت الأشياء (IoT) في وقت قصير جداً، وهي مدعومة من Arduino IDE، بالإضافة إلى برنامج SDK الأكثر تطوراً من NuttX، وتختلف البيئة التي تم إعدادها قليلاً عن الأنظمة الأساسية الأخرى مثل Arduino UNO.

ترميز الصوت عالي الدقة المتطور. يمكن إنشاء أنظمة لتطبيقات متنوعة مثل الطائرات من دون طيار، ومكبرات الصوت الذكية، وكاميرات الاستشعار، والعديد من أجهزة إنترنت الأشياء الأخرى، من خلال الجمع بين بطاقات SPRESENSE وتطوير التطبيقات ذات الصلة. تعمل اللوحة الرئيسية SPRESENSE على طاقة منخفضة، وتتميز بمعالج ذكي، مع مستقبل GNSS مدمج وترميز صوتي يدعم مصادر صوتية عالية الدقة، وتستخدم وحدة المعالجة المركزية hexa-CPU، متعددة النواة، لذلك من السهل جداً على أي شخصٍ إنشاء تطبيقات عالية الأداء ومتعددة الاستخدامات.

يمكن استخدام لوحة SPRESENSE الجديدة، على سبيل المثال، للتحكم في طائرة من دون طيار باستخدام تقنية تحديد المواقع GPS ومعالج عالي الأداء، ومكبرات صوت ذكية يتم التحكم فيها بالصوت وكاميرات كشف منخفضة الطاقة وغيرها من أجهزة IoT الأخرى. وفي التصنيع، يمكن أيضاً دمج لوحة SPRESENSE مع مستشعرات مختلفة، لاستخدامها في الأنظمة التي تكشف الأخطاء في خطوط الإنتاج بأرضية المصنع. تسهم لوحة SPRESENSE في تطوير حلول إنترنت الأشياء عالية الجودة دون مجهود، وبإمكان المطورين شراء لوحات التطوير المهني IoT SPRESENSE عن طريق الإنترنت وفي بعض المتاجر المختارة.

للأطفال نصيب أيضاً من هذا المعرض (OPEN LAB AREA)

من بين القاعات الست الموجودة في المعرض، كانت هناك قاعة كاملة تعلّم الأطفال البرمجة بشكل بسيط للغاية، وقاعة أخرى لطلاب المدارس الذين أنتجوا مشاريع تتعلق كلها بالأردوينو، ويوجه أغلبها للرعاية الصحية.

ساعة كاملة في هذه المنطقة تتيح للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات وما فوقها، تجربة العديد من الأنشطة التقنية دون والديهم. بإمكان الأطفال خوض تجربتهم الخاصة  بأنفسهم في الترميز، والروبوتات، والإلكترونيات والواقع الافتراضي.

أين نحن اليوم؟

ما نمر به اليوم هو لحظة فارقة بحق، يؤدي الجانب العلمي فيها دوراً مهماً إلى جانب السياسي، فالتقنيات التي كانت حكراً على أصحابها فترة طويلة من الزمن، باتت متاحةً بقدر جيد للجميع اليوم، مع التنافسية الشديدة بين أوروبا التي تحاول أن تستعيد شيئاً من مكانتها، والولايات المتحدة الأميركية، ما ينتج عنه سيولة كبيرة في المعلومات، تمكننا من إحداث تغيير حقيقي فيما يتعلق بمكانتنا التقنية.

شاهد أيضاً

قانون لجوء الأجانب في مصر يثير الجدل.. كيف أجبر الاتحاد الأوروبي القاهرة على الإسراع بتمريره؟

مررت الحكومة المصرية بشكل مبدئي قانون لجوء الأجانب الذي أثار جدلاً حقوقياً وشعبياً واسعاً خلال …