تصنف رياضة البانكراثيو (pankration) على أنها واحدة من أهم الرياضات في بلاد الإغريق قديما، حيث تشبه لدرجة كبيرة رياضة الفنون القتالية المختلطة خلال الفترة المعاصرة.
وبناء على قواعد هذه الرياضة الإغريقية التي جمعت المصارعة والملاكمة، سمح للاعبين باعتماد جميع التقنيات القتالية، ما عدا العض وفقء العينين وتوجيه الضربات نحو المناطق الحساسة بالجسم.
وكان الرياضي الإغريقي أرهيكيون (Arrhichion) مصنفا كأبرز وأشهر من مارس رياضة البانكراثيو، حيث حقق 3 ألقاب في 3 أولمبياد متتالية، كانت الأولى سنة 572 قبل الميلاد، والثانية سنة 568 قبل الميلاد، أما الثالثة والأخيرة فكانت في حدود عام 564 قبل الميلاد، وخلالها فارق أرهيكيون الحياة أثناء دفاعه عن لقبه.
وبحسب ما نقله الجغرافي الإغريقي باوسانياس (Pausanias) ومواطنه الفيلسوف والمعلم الفصيح فيلوستراتوس الأصغر (Philostratus the Younger)، شهدت مسابقة رياضة البانكراثيو خلال أولمبياد سنة 564 قبل الميلاد حادثة فريدة من نوعها. فأثناء دفاعه عن لقبه للمرة الثالثة على التوالي، فارق أرهيكيون الحياة أثناء المباراة، وعلى الرغم من وفاته حققت جثة الأخير النصر وأصبحت بذلك بطلة أولمبية.
خلال هذه المقابلة الأخيرة، تفوق أرهيكيون بالجولات الأولى، لكن وبسبب تقدمه في السن ظهرت ملامح التعب على البطل الأولمبي والذي سرعان ما تحول لفريسة سهلة لخصمه.
وتزامنا مع ذلك، استغل المنافس الأمر ليحل خلف أرهيكيون ويسقطه أرضا قبل أن يطبق عليه برجليه على مستوى الجذع ويباشر بخنقه مستخدما ذراعيه في سعي منه لإجباره على الاستسلام.
ورفض أرهيكيون الأمر، وفضّل الموت على أن يتخلى عن لقبه، ووجه صاحب اللقب ركلة قوية نحو رجل خصمه قبل أن يقوم برفعه وطرحه أرضا.
إثر ذلك، أصيب الخصم إصابة حادة في أصابع قدمه، أجبرته على ترك المقابلة والاستسلام. وفقد أرهيكيون توازنه وسقط أرضا دون حراك فخلال قيامه برفع وإلقاء منافسه أصيب هذا البطل الأولمبي بكسر حاد في رقبته فارق على إثره الحياة خلال اللحظات التالية.
أثناء ذلك، وبسبب استسلام خصمه، منح الحكّام النصر لجثة أرهيكيون، الذي احتفظ بلقبه للمرة الثالثة على التوالي.
وخلال الفترة التالية وضعت الجثة على المنصة لتتوج بطلة أولمبية لرياضة البانكراثيو سنة 564 قبل الميلاد.