أعلنت النمسا بدء تحقيقات بشأن ما إذا كان ضابطاً سابقاً في الجيش برتبة كولونيل قد تجسس لحساب روسيا لعدة عقود، وفق ما أكد المستشار سيباستيان كورتز اليوم الجمعة، في فصل جديد من سلسلة الاتهامات لموسكو بالتجسس في دول الاتحاد الأوروبي.
وقال كورتز في مؤتمر صحافي إن “الكولونيل المتقاعد البالغ من العمر 70 عاماً، يشتبه بأنه بدأ العمل مع الاستخبارات الروسية في تسعينيات القرن الماضي واستمر حتى 2018”.
وأكد مكتب المدعي العام في مقاطعة سالزبورغ التحقيق مع الكولونيل بجرم كشف أسرار الدولة.
واستدعت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل القائم بالأعمال الروسي في فيينا على خلفية القضية وألغت زيارة مقررة إلى روسيا.
وفي الوقت نفسه أعلنت وزارة الخارجية الروسية إنها ستستدعي السفير النمساوي لمناقشة المسألة.
وقال كورتس للصحافيين “بالطبع في حال تأكيد مثل هذه الحالات، إن كانت في هولندا أو في النمسا، فإن ذلك لا يمكنه أن يسمح بتحسين العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا”.
وكان كورتس يشير بذلك إلى قيام هولندا بطرد أربعة عملاء استخبارات روس في أبريل للاشتباه بأنهم خططوا لشن هجوم الكتروني على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي.
وأكد كورتس أن “التجسس الروسي في أوروبا غير مقبول ويجب أن يُدان”، وقال إن النمسا “تطالب بمعلومات شفافة من الجانب الروسي” وإنها ستجري مشاورات مع حلفائها الأوروبيين بشأن الخطوات التالية.
ومن جهته، قال وزير الدفاع ماريو كوناسيك إن “الضابط السابق ذكر لدى الاستماع إلى إفادته أن الروس يهتمون بأنظمة التسلح وأوضاع الهجرة في النمسا في السنوات الأخيرة”، وقد يكون أيضاً كشف معلومات عن شخصيات كبيرة في المؤسسة العسكرية.
وذكرت وسائل إعلام أنه تقلى لقاء ذلك مبلغ 300 ألف يورو.
وأفادت معلومات صحافية أن عدة أجهزة غربية قلصت عملية تبادل المعلومات مع النمسا. وقالت أحزاب في المعارضة الجمعة إن حزب الحرية يطرح “تهديدا أمنيا” على النمسا.
وفي المؤتمر الصحافي، قال كوناسيك إن القضية تكشفت “قبل بضعة أسابيع” إثر معلومات من وكالة استخبارات أوروبية أخرى، مضيفاً “لا يمكننا القول حالياً ما إذا كانت حادثة معزولة أم لا”.
وأكد أن الكولونيل قام بتسليمه “معدات تقنية” منها جهاز كمبيوتر محمول يتم فحصة حالياً.
وأضاف كوناسيك أن القضية تشير إلى أنه “حتى بعد نهاية الحرب الباردة، استمرت عمليات التجسس وتظهر لنا الحاجة لتشديد شبكتنا الأمنية داخل النمسا وفي وزارة الدفاع”.
والنمسا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي وتعلق أهمية كبيرة على وضعها كدولة حيادية. لذلك كانت إحدى الدول الأوروبية القليلة التي لم تطرد دبلوماسيين روسا في أعقاب تسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا في مارس (آذار) 2018.
وتكثف التركيز على علاقة النمسا بروسيا بشكل خاص منذ انضمام “حزب الحرية” اليميني المتطرف للحكومة الائتلافية في ديسمبر 2017.
وحزب الحرية الذي رشح كنايسل وينتمي له أيضاً كوناسيك، يرتبط ب”معاهدة تعاون” مع حزب “روسيا المتحدة” بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين منذ 2016.
وفي أغسطس 2018 أثارت كنايسل جدلا بدعوتها بوتين إلى حفل زفافها كضيف شرف.
علاوة على ذلك أقر وزير الداخلية هيربرت كيكل المنتمي لحزب الحرية في سبتمبر (أيلول) بأنه طُلب من النمسا اتخاذ “تدابير لبناء الثقة” من أجل الحفاظ على التعاون مع أجهزة استخبارات حلفاء.
وجاء ذلك في أعقاب تقارير ذكرت بأن أجهزة استخبارات غربية تشعر بقلق متزايد إزاء تشارك معلومات مع النمسا، خشية تمريرها لموسكو.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع نشرت أسبوعية فالتر النمساوية ما قالت إنه وثيقة من وكالة الاستخبارات الداخلية الفنلندية تطلب فيها معلومات من دول شريكة لكنها تستثني بشكل خاص “وكالة حماية الدستور ومكافحة الإرهاب” النمساوية.