يعتقد خبير في شؤون الهجرة أن على ألمانيا أن تتبع أحد أنظمة البت بطلبات اللجوء في سويسرا أو هولندا، مشيراً إلى أن عدداً أقل من المهاجرين سيطلبون اللجوء في ألمانيا إذا كان النظام أسرع وأكثر كفاءة.
المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا مشغول بالقيام بإصلاحات، فبعد أن واجه تحديات كبيرة مع قدوم مئات الآلاف من طالبي اللجوء، واتخذ قرارات خاطئة في بعض الأحيان، بالإضافة إلى عدم كفاءة بعض الموظفين والفساد في معالجة بعض الملفات، يجب عليه الآن تحسين أنظمة الحاسوب فيه، بالإضافة إلى حاجته لتعيين مئات الموظفين الأكفاء الإضافيين.
ويرجع العديد من الخبراء أسباب الأخطاء في المكتب الاتحادي، والتي طفت على السطح من خلال عدة فضائح فساد، إلى ميل المكتب إلى التسرع في الإجراءات، من أجل التعامل مع العدد الكبير من طلبات اللجوء في ألمانيا خلال موجة اللجوء. وبالرغم من انخفاض أعداد طالبي اللجوء في ألمانيا بشكل ملحوظ، إلا أن عددهم في ألمانيا ما يزال أكبر من غالبية البلدان الأوروبية الأخرى.
وقد وعد الرئيس الجديد للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا هانز-إيكارد زومر بتحقيق النتائج المرجوة من عملية الإصلاح، من خلال الجودة والسرعة في معالجة طلبات اللجوء، وقال: “أعتقد أننا نستطيع تحقيق الاثنين معاً”.
دروس للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين
لكن السؤال هو كيف يمكن للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا أن يكون أكثر فعالية وكفاءة؟ يعتقد الخبير في مقارنة سياسات الهجرة، ديتريش ترينهارت إلى أن ألمانيا تحتاج إلى الاستفادة من نماذج أنظمة اللجوء في كل من سويسرا وهولندا.
وقد اقترح ترينهارت، الباحث في معهد بيرتلسمان الألماني، فكرته باعتماد أحد نماذج اللجوء في سويسرا أو هولندا في معالجة طلبات اللجوء على المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء في ألمانيا في عام 2016، لكن تم رفض الفكرة. يقول ترينهارت: “كانوا سلبيين للغاية فيما يتعلق بهذا الموضوع”. ومن أجل معالجة المشاكل في نظام البت بقرارات اللجوء في ألمانيا ينصح الخبير باعتماد اقتراحه السابق نفسه.
يقول ترينهارت: “لا يزال المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أمّ كل المشاكل”، ويتابع: “الهولنديون (دائرة الهجرة) أكثر كفاءة بكثير، كما أن السلطات السويسرية أكثر كفاءة. فقد أوجدوا نموذجاً يستطيعون من خلاله الاعتراف (بطلبات اللجوء) بسرعة كبيرة وجيدة جداً”.
“نماذج فعالة”
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على جودة إجراءات اللجوء. وتسعى جميع الدول الأوروبية إلى اتخاذ قرارات سريعة بشأن وضع اللاجئين بالإضافة إلى الترحيل السريع لأولئك الذين لا يحتاجون إلى الحماية. وتصب الفترات القصيرة في معالجة الطلب لصالح طالبي اللجوء أيضاً عن طريق تقليل وقت الانتظار والقلق الناتج عن ذلك.
وبحسب متحدثة باسم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا فإن الإصلاحات الأخيرة في المكتب ساعدت على تسريع الإجراءات، حيث أنه يتم البت بطلبات اللجوء خلال بضعة أشهر، حسبما قالت المتحدثة.
وبالرغم من أن إجراءات اللجوء في هولندا، التي غالباً ما يشار إليها كمثال على معالجة طلبات اللجوء بشكل سريع، أصبحت أبطأ في الآونة الأخيرة، وفقاً للمجلس الهولندي للاجئين، إلا أن الوقت الذي تستغرقه ما يزال أقصر مما هو عليه الحال في ألمانيا.
وتستغرق إجراءات اللجوء في هولندا ستة أشهر كحد أقصى في الحالات التي تحتاج إلى مزيد من التقييم، كما أن طالب اللجوء يحظى بالدعم من محامٍ طيلة فترة اللجوء، مما يقلل من احتمال الأخطاء والحاجة إلى الاستئناف.
يقول ترينهارت إن هذا النظام السريع يعمل بفعالية لأنه يردع الأشخاص الذين لديهم فرص قليلة بالحصول على اللجوء والذين قد يواجهون الترحيل السريع، من القدوم، ويضيف: “المهربون يخبرون اللاجئين المشكوك بحصولهم على اللجوء بعدم الذهاب إلى سويسرا أو هولندا، بل بالذهاب إلى ألمانيا، لأن الأمر يستغرق وقتًا طويلاً”.
ونتيجة لذلك، يقول ترينهارت، فإن النسبة المئوية “للاجئين الحقيقيين”، وبالتالي نسبة القرارات الإيجابية، هي أعلى في سويسرا وهولندا.
سبب التردد الألماني
يكلف النظام السريع في البت بطلبات اللجوء، في كل من سويسرا وهولندا، المزيد من المال، وفي ظل النظام الفدرالي في ألمانيا، فإن التكاليف المترتبة على استقبال اللاجئين يتم تقاسمها بين الحكومة الاتحادية والولايات، وقد يمثل ذلك توفيراً كبيراً مقارنة بالنموذج الحالي. ففي ظل إجراءات أسرع، ستتحمّل الحكومة الاتحادية نفقات أكبر في البداية، بينما ستنفق الولايات الاتحادية مبالغ أقل على المساعدات الاجتماعية المقدمة لطالبي اللجوء على المدى الطويل.
وهناك سبب آخر لعدم رغبة ألمانيا بتطبيق النموذج السويسري في البت بطلبات اللجوء، كما يرى ترينهارت، والذي يوضح أن “الداخلية الألمانية تعتقد أنه كلما كان الحصول على قرار اللجوء أسرع، كلما جاء عدد أكبر من المهاجرين”.
لكن ترينهارت يعتقد أن العكس هو الصحيح، كما أثبتت التجربة في النمسا، ويقول: “اعتقدت النمسا أنها إذا صعّبت إجراءات اللجوء لتستغرق عملية اللجوء وقتاً طويلاً، فسيثني ذلك الناس عن القدوم”، ويضيف: “لكن في الواقع يحصل العكس تماماً”.