قال المؤرخ والكاتب البريطاني روبرت لاسي إن هناك توقعات بأنَّ أحد الخالدَيْن، خالد الفيصل وخالد بن سلمان قد يكونان على وشك الحصول على ترقية، أو حتى إيجاد دور جديد مزودج قد يُقلِّص من سلطة محمد بن سلمان المطلقة بعد حادثة مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية.
يضيف الكاتب المهتم بالشرق الأوسط في مقالة نشرها في صحيفة The Telegraph البريطانية إن هذا من شأنه أن يُمثِّل عودةً إلى الأسلوب التقليدي الذي لطالما عمل به آل سعود، وهو الأسلوب الذي يعتمد على المشاركة الجماعية في صنع القرار بين القوى والفروع المختلفة داخل العائلة القوية التي يبلغ قوامها 6 آلاف شخص.
وتساءل إلى متى يمكن أن تستمر قوة هذا الشاب؟ في العام الماضي، سافر محمد بن سلمان إلى دول العالم لينال استحسانهم، لكنَّ قتل خاشقجي غيَّر كل ذلك، وبينما يفكر آل سعود في مَن سيخلف الملك سلمان، لابد لهم من النظر في علامات الاستفهام التي أثارها ما حدث في إسطنبول.
وأضاف مخاطباً الأسرة الحاكمة» مَن يريدونه أن يُمثِّل مملكتهم في العقود المقبلة، وهل قد يستقبل بلدٌ غربي ديمقراطي محمد بن سلمان استقبالاً حافلاً مرة أخرى؟ هل سيدعو أي رئيس وزراء بريطاني، على سبيل المثال، هذا الأمير (أو الملك المستقبلي) لمصافحته والوقوف معه على أعتاب مقر رئيس الوزراء في داونينغ ستريت بعد ما حدث مع جمال خاشقجي والمصير الذي لاقاه؟ ما كان جمال ليؤذي قطة لم يكن جمال خاشقجي حد وصف الكاتب روبرت لاسي ليؤذي قطة.
والزعم الوارد في الاعتراف السعودي الذي تأخَّر طويلاً بوفاته، بأن جمال الخجول اللطيف قد يوجه لكمة لأي شخص، ناهيك عن أن يلكم 15 من القتلة قدموا من الرياض لاعتقاله، هو أمرٌ مثير للسخرية وإهانة لذكرى صديقٍ عزيز. ربما كانت أفكار جمال خاشقجي نارية، لكنَّه كان هادئ المُحيا ومسالم الطبع، بل وخجولاً. وقال: هل سافر هؤلاء السعوديون إلى تركيا بهدف استجواب جمال ثم العودة به إلى المملكة وحسب (وهو الأمر الذي يعد في حد ذاته اختطافاً غير قانوني)؟.
في هذه الحالة، لماذا جلبوا منشاراً وطبيباً شرعياً ماهراً في تشريح الجثث بحسب ما ادعت مصادر تركية؟ وأين هي الجثة التي نجمت عن هذه المشاجرة المزعومة التي انتهت على نحوٍ خاطئ؟، يضيف الكاتب خلُصت وسائل الإعلام في العالم، سواء كانت مُصيبةً في استنتاجها أم لا، أنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سريع الغضب كان هو الرجل الذي أوعز بهذا الهجوم بأكمله.
في هذه الحالة، لماذا أوكل إليه والده الملك سلمان مهمة التحقيق في القتل؟ إشارات للتغيير في الرياض عادةً لا تجد في السعودية شعوراً بالخجل من الأخطاء، فمن النادر أن تعترف العائلة المالكة بارتكابها أخطاء، يقول روبرت لاسي: بيد أنَّ هناك مصادر مطلعة تفيد بوجود إشارات مُشجِّعة على التغيير في الرياض.
إذ اختار الملك سلمان أحد رجال السياسة الأكبر سناً ممن ينتمون إلى العائلة، وهو الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة، ليسافر إلى تركيا لبدء التحقيق بشأن ما حدث في مبنى القنصلية الذي بات نذير شؤمٍ الآن، وأبعد ملف التحقيق عن محمد بن سلمان.
ويُمثِّل خالد الفيصل نموذجاً للأمير البارز الذي يصلح لأن يكون ولياً جديداً للعهد وملكاً مستقبلياً يحظى بالاحترام. ويشابهه في ذلك الأمير خالد بن سلمان (30 عاماً)، وهو الابن الأصغر حسن السمت للملك، وقد ترك انطباعاً إيجابياً أثناء عمله سفيراً للسعودية في واشنطن.
وكان جمال نفسه من بين المعجبين بهذا الشاب، والتقى جمال بالأمير وأفادت تقارير بأنَّه استمتع بخوض بعض الأحاديث الودية معه برغم اختلافاتهما. وبعد أسبوعٍ من اختفاء جمال، دعا الملك الأمير خالد بن سلمان للعودة إلى الوطن لإجراء مشاورات، ما أثار الأقاويل في العاصمة حول حدوث بعض التعديلات داخل العائلة المالكة.
نحَّى محمد بن سلمان (33 عاماً) منذ وصوله إلى السلطة في يونيو/حزيران عام 2017 هذه التقاليد التي تعتمد على المشاركة الجماعية جانباً تماماً، وركَّز السلطة في يديه لدرجة أثارت استياءً كبيراً. وبدأ الناس بعد ما حدث في إسطنبول يتساءلون ما إن كان والده يخطط للعودة إلى الطريقة القديمة، والأكثر إنصافاً في التوزيع، التي تُدار بها الأمور. لكن الكاتب عاد ليقول: يبدو أنَّ شيئاً لن يحدث على المدى القصير.
إذ استعاد الملك سلمان ملف خاشقجي من خالد الفيصل ووضعه في يد ابنه محمد ليُحكِم قبضته عليه، وهكذا فإنَّ ولي العهد أصبح من جديد يضطلع بدور المحقق والقاضي وهيئة المحلفين في قضيته هو نفسه.