في أول ظهور علني لشاهد بعد مقتل جمال خاشقجي، روى سائق سيارة تركي مساء الجمعة 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، شهادة مفصَّلة لبعض الأحداث التي جرت يوم مقتل الصحافي السعودي في قنصلية بلاده بإسطنبول وتصرفات بعض أعضاء فريق الاغتيال السعودي.
وأجرت قناة تركية خاصة حواراً مع سائق السيارة التي أقلَّت بعض أعضاء فريق الإعدام الذي قتل خاشقجي بُعيد دخوله القنصلية في الثاني من الشهر الجاري، من الفندق إلى مطار أتاتورك.
وقال السائق -الذي قامت قناة AHABER بتغطية وجهه- إن السعوديين من أعضاء الفريق الذين كانوا في سيارته كانوا مرحين بعد مقتل خاشقجي، وكانوا يدخنون السجائر ويتناولون خموراً أخذوها من الفندق الذي حجزوا فيه.
وأضاف أنه استطاع التعرف على قائد الفريق السعودي، وهو العقيد ماهر عبدالعزيز مطرب، من الصور التي نُشرت بعد الحادثة، وأنه شهد تحركات غير عادية بمحيط القنصلية بعد دخول الصحافي السعودي إليها في الواحدة والربع ظهراً.
وتابع أنه تم تكليفه للذهاب إلى المطار فجر عملية الاغتيال لإحضار مجموعة من الفريق.
وأوضح أنه عندما ذهبوا إلى القنصلية ما بين الساعة 10:30 و11:00 صباحاً، تم السماح لسيارته بالدخول إلى مرآبها، وجلس أمام باب القنصلية، مضيفاً أنه جاءت العديد من السيارات إليها بعد ذلك.
وأضاف أنه شاهد خاشقجي عندما وصل إلى القنصلية، وهو يتحدث مع خطيبته، وبعد ذلك مع الأمن الذي يقف أمام القنصلية، وتم تفتيش ملابسه.
وأوضح أن خطيبة خاشقجي كانت تنتظره بالقرب من مركز تجاري بجانب القنصلية، مشيراً إلى أنه بعد نحو الساعة خرجت ثلاث سيارات من القنصلية.
ولفت إلى أنه تم منع السعوديين من دخول القنصلية، بعد أن دخل خاشقجي إليها، بحجة أنه يوجد تفتيش في داخلها، وطُلب منهم الحضور في اليوم التالي.
سجائر وخمور
وأضاف أنه في الساعة الرابعة، طُلب منه الذهاب إلى الفندق كي يأخذ السعوديين المتواجدين هناك، موضحاً أنهم ليسوا ذات الأشخاص الذين نقلهم في الصباح.
وأشار السائق إلى أن أعضاء الفريق في الفندق طلبوا منه سيارتين، وسيارة أخرى للحقائب.
وتابع أنه نقل معه 4 من الفريق، وفي طريقهم للمطار قالوا له إنهم يريدون أن يأكلوا، ليذهب بهم إلى مطعم في الطريق.
وأضاف أن الفريق كان سعيداً جداً، وتناولوا السجائر والخمر التي أخذوها من الفندق.
وأشار إلى أنهم عندما وصلوا إلى المطار انتظروا قليلاً ليأتي ماهر المطرب، ومن ثم غادروا بطيارتهم.
ويُعد هذا أول شاهد يظهر للعيان ويتحدث عن قضية الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي.
ماذا قالت خطيبة خاشقجي؟
وتتطابق رواية السائق التركي بشأن انتظار خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز أمام القنصلية السعودية يوم وقوع جريمة اغتيال الصحافي السعودي.
وروت خديجة تفاصيل عن حياة خاشقجي خلال الشهور الماضية واللحظات التي سبقت مقتله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وسردت جنكيز ما حصل في الزيارة الأولى لخاشقجي إلى القنصلية في 28 أيلول/ سبتمبر، قائلةً: «كان قلقاً قليلاً لكن كنت قلقة أكثر منه لأنهم رفضوا دخولي، وانتظرت أمام الباب وبدأت باستمرار في مراقبة مَنْ يخرجون مِنْ القنصلية والسيارات أيضاً، حيث انقضت ساعة، وبعدها قلت لنفسي خلال 10 أو 15 دقيقة إن لم يخرج سأسأل عنه لأنه سيتأخر على الطائرة، ولكن لم تكد تنقضي 10 دقائق حتى خرج جمال».
وأكدت جنكيز أن خاشقجي خرج من القنصلية فرحاً، وأنها سعدت كثيراً بعدما أخبرها بأنهم عاملوه بشكل جيد للغاية وأنهم أعلموه بأن الأوراق المطلوبة لإتمام زواجه ستصبح جاهزة خلال أيام، فسافر بعدها إلى العاصمة البريطانية لندن.
وذكرت أنها رافقته إلى القنصلية في الموعد الثاني يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأنه اتصل بأحد مسؤولي القنصلية قبل الذهاب والذي بدوره أعلم جمال بأنه سيعاود الاتصال به لتحديد موعد مناسب لقدومه إلى القنصلية.
وأضافت: «بعدها بنحو 40 دقيقة اتصل المسؤول وأخبره بأن الساعة الواحدة ستكون مناسبة لقدومه، ولدى توجُّهنا إلى هناك لم يكن قلقاً».
خاشقجي سلَّماها هواتفه
وشددت جنكيز على أن خاشقجي سلَّمها هواتفه، وأعطاها اسم مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية ياسين أقطاي، للاتصال به في حال حدوث خطب ما، ثم دخل القنصلية بكل أريحية.
وأفادت بأنها بدأت بالانتظار أمام القنصلية يحدوها الأمل لسماع أنباء سارة يخرج بها، مشيرةً إلى أنها اعتقدت أنه يتبادل أطراف الحديث داخل القنصلية لأنه كان يتساءل عما حصل في بلاده بعد خروجه منها.
وأشارت إلى أنها انتظرت فترة طويلة أمام باب القنصلية، ولم تتوقع حدوث مكروه له.
وأكدت أنها اتصلت بشقيقتها بعد أن بدأت بالشعور بحدوث أمر سيئ، وأرسلت رسائل لبعض أصدقاء خاشقجي بعد أن أخبرتها شقيقتها بأن ساعات العمل الرسمية انتهت في القنصلية.
وقالت جنكيز إنها هرعت نحو باب القنصلية وتحدثت مع مسؤول تركي على بابها، وأخبرته بأن جمال لم يخرج من القنصلية، وأنها كانت تشعر بذعر كبير وفكّرت أنهم اختطفوه إلى السعودية.
وأضافت أن المسؤول التركي على باب القنصلية أخبرها بأن الجميع خرجوا من القنصلية ولم يبق فيها أحد، مبينة أنها اتصلت بعدها بالقنصلية للاستفسار عن جمال وأخبرتهم بأن خطيبها لم يخرج من قنصليتهم.
وأشارت جنكيز إلى أنه إثر الاتصال الهاتفي طلب موظف القنصلية منها إعلامه بموقعها، وخرج إليها قائلاً: «لم يبق أحد في القنصلية وليس هناك أي داعٍ لانتظارك هنا».
وعقب الحديث الذي جرى بينها وبين موظف القنصلية، اتصلت بأقطاي، ورئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب، طوران قشلاقجي، وشرحت لهما ما طرأ معها ومع خاشقجي، وبقيت تنتظر أمام بوابة القنصلية.
وتابعت جنكيز: «بعدها أعلمنا وسائل الإعلام، وكانت شرطة المنطقة أول الوافدين أمام القنصلية، وسألت عن الموضوع فأخبرتهم بما أعلم، ثم ذهبت إلى مخفر الشرطة وأدليت بإفادتي وقدمت بلاغ شكوى، وحاولت التفكير في مسائل إيجابية».
سيناريوهات أخرى
وأكدت أنها واصلت الذهاب إلى القنصلية السعودية في الأيام التي تلت اختفاء خطيبها، وأنها أدركت وجود سيناريوهات أخرى عندما علمت بأمر الطيارة الخاصة التي جاءت إلى إسطنبول يوم الحادثة.
وأوضحت أنها سلمت الأشياء الخاصة لخاشقجي للنيابة العامة، بعد قرابة 4 أيام من يوم الحادثة.
وتوقعت جنكيز بأن يتم دفن جمال خاشقجي في المدينة المنورة، في حال العثور على جثمانه، بناءً على وصيته.