صحيفة بريطانية: اختفاء 5 أمراء سعوديين عارضوا ما حدث مع خاشقجي.. وآخر يروي كيف حاولوا استدراجه إلى القاهرة لاختطافه

قال أمير سعودي يقيم في الخارج إن ما لا يقل عن 5 أفراد من العائلة المالكة اختفوا الأسبوع الماضي فقط بسبب إدانتهم اختفاء الصحافي والإعلامي جمال خاشقجي.
واختفى خاشقجي الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول بعد ذهابه إلى القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية لتوثيق أوراق طلاقه، حتى يتسنى له الزواج من خطيبته الحالية خديجة جنكيز.
وتتمسك السلطات التركية برواية مقتل خاشقجي، البالغ من العمر 59 عاماً، داخل مبنى القنصلية، وهو الادعاء الذي أنكره المسؤولون السعوديون قائلين إنَّ الصحافي غادر مقر السفارة طواعيةً.


وفي تصريح لصحيفة The Independent البريطانية قال خالد بن فرحان آل سعود، وهو أميرٌ سعودي يعيش في المنفى في ألمانيا، إنَّ السلطات السعودية دبرت مؤامرة اختفاء مشابهة ضده قبل 10 أيام فقط من اختفاء خاشقجي
ولم يتسنَّ لـ»عربي بوست» التأكد من صحة الرواية التي أوردها الأمير السعودي المقيم في المنفى الاختياري، إلا أنه يعتبر ما حدث معه جزءاً من حملةٍ قمعية متصاعدة ينظمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإسكات معارضيه، مشيراً إلى إنَّ استدراج المنشقين لحضور اجتماعات بهدف «إخفائهم» هي حيلة شائعة تستخدمها السلطات في المملكة السعودية
علموا بما يمر به من أزمة مالية فوعدوا عائلته بالملايين
وقال الأمير خالد، البالغ من العمر 41 عاماً، إنَّ السلطات وعدت عائلته بمنحها «شيكاً بمبلغ ضخم» وملايين الدولارات إذا وافق على السفر إلى مصر للاجتماع بمسؤولين حكوميين في مقر القنصلية السعودية في العاصمة المصرية القاهرة.
وأضاف أنَّه أُبلِغ بأنَّ السلطات السعودية علمت أنه يعاني أزمةً مالية و»أرادت تقديم المساعدة». وتعهدت بأنَّه سيكون بأمان.
وقال الأمير السعودي للصحيفة البريطانية أنَّ 5 أمراء على الأقل من أحفاد الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤسس المملكة السعودية الحديثة حاولوا الأسبوع الماضي التعبير عن عدم رضاهم عن اختفاء خاشقجي والممارسات القمعية للقيادة السعودية، خلال اجتماع مع السلطات في السعودية. وزعم أنَّ هؤلاء الأمراء اعتُقِلوا على الفور، وأماكن وجودهم غير معلومة
وقال الأمير خالد: «أخبرتني السلطات السعودية ما لا يقل عن 30 مرة بأن ألقاهم في السفارة السعودية، لكن في كل مرة كنت أرفض. أعرف ما يمكن أن يحدث لو ذهبت إلى السفارة». وأضاف: «قبل نحو 10 أيام من اختفاء جمال، طلبوا من عائلتي إحضاري إلى القاهرة لإعطائي شيكاً ولكنني رفضت
وقال إنَّ هناك «الكثير من الأمراء يقبعون في السجون حالياً في السعودية. ومنذ 5 أيام تحديداً، حاولت مجموعةٌ زيارة الملك سلمان وأعربوا عن قلقهم حول مستقبل آل سعود، وأشاروا إلى قضية خاشقجي. لكنَّ جميعهم اقتيدوا إلى السجن»، مضيفاً أنَّ الجميع كان «خائفاً».
يستدرجون المعارضين لاختطافهم
وتقول صحيفة The Independent إنها حاولت التواصل مع السلطات والسفارة السعودية، لكنَّها لم تحصل على رد. ونفت السعودية مراراً الاتهامات الموجهة إليها بأنها أخفت أشخاصاً قسراً
إلا أن الصحيفة البريطانية أشارت إلى أنَّ رواية الأمير خالد بن فرحان تعكس على نحوٍ مخيف المصير المزعوم لأمير آخر، هو سلطان بن تركي بن عبد العزيز، الذي اختفى عام 2016 عقب انتقاده النظام الحاكم السعودي.

إذ قال بعض مساعدي الأمير سلطان بن تركي، في تصريحٍ لصحيفة The Independent، إنَّ الأمير استُدرِج للسفر إلى القاهرة على متن طائرة خاصة ملكية لرؤية والده، لكنَّه خُدِّر ونُقِل جواً إلى السعودية. ويُعتقَد أنه ما زال حياً، لكنَّه رهن الإقامة الجبرية في منزله. ولم يعد بإمكان أصدقائه التواصل معه
وترى الصحيفة البريطانية أن كلتا الروايتين تعكسان ما حدث مع خاشقجي، الذي ذكر أصدقاؤه وعائلته أنه وُعِد بالحماية ووظيفةٍ مرموقة إذا عاد إلى وطنه، والذي تركه وسافر إلى الولايات المتحدة عام 2017 خوفاً من السجن.
من جانبهم، صرح مسؤولون أميركيون لصحيفة The Washington Post الأميركية بأنَّ المخابرات الأميركية رصدت معلومات تكشف أنَّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بتنفيذ عمليةٍ لاستدراج خاشقجي إلى المملكة، ثم سجنه.
فيما تعتقد السلطات التركية أنَّ خاشقجي قُتِل داخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول. ونشرت وسائل الإعلام التركية مطلع هذا الأسبوع مقطعاً من كاميرات مراقبة زاعمةً أنَّه يُظهِر مسؤولين سعوديين أثناء دخولهم تركيا عبر مطار إسطنبول ضمن فريق مؤلف من 15 فرداً أرسلوا للقبض على خاشقجي.
وإلى جانب ذلك، يدقق محققون أتراك في طائرتين خاصتين سعوديتين هبطتا في تركيا يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول، الذي شهد اختفاء خاشقجي.
فيما تصر السلطات السعودية على أنَّ خاشقجي غادر مبنى القنصلية بأمان، وتنفي تورطها في اختفائه.
وتواجه الرياض ضغوطاً متزايدة من تركيا والولايات المتحدة لتقديم أدلةٍ تثبت صحة مزاعمها، بما في ذلك مقاطع من كاميرات المراقبة. وانضم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إلى الأصوات المطالبة بالإفصاح عن مزيد من المعلومات حول اختفاء الصحافي، محذراً السعودية من أنها بانتظار «عواقب وخيمة» إذا تبيَّنت صحة الشكوك التركية بأنَّ خاشقجي قد قُتِل
وقال هانت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: «الأشخاص الذين اعتقدوا لفترة طويلة أنهم أصدقاء للسعوديين يقولون إنَّ هذه المسألة غاية في الخطورة. وفي حال ثبتت صحة هذه المزاعم، فستكون هناك عواقب وخيمة لأنَّ صداقاتنا وشراكاتنا تقوم على القيم المشتركة. نحن في غاية القلق». وفي هذه الأثناء، أثار اختفاء خاشقجي الفزع بين معارضي النظام السعودي الذين يعتبرون قتله المحتمل تصعيداً لـ»حملة اختطاف» ضد المعارضين.
المعارضون في المنفى يشعرون بالذعر من السفر إلى أي مكان
إذ قال غانم الدوسري الناشط السعودي الساخر الذي يعيش في لندن لصحيفة The Independent البريطانية إنَّ المعارضين الذين يعيشون في المنفى مذعورون من السفر إلى أيِّ مكانٍ منذ اختفاء خاشقجي خشية إمكانية «اعتراضهم»، مُضيفاً أنَّ بعضهم أُصيب بجنون الارتياب، لدرجة أنَّهم يلزمون منازلهم.
جديرٌ بالذكر أنَّ الدوسري لم يطأ سفارةً سعودية منذ نحو عشر سنوات، بالرغم من انتهاء صلاحية جواز سفره في عام 2010.


وقال للصحيفة البريطانية: «(السلطات) لديها سجلٌ طويل في محاولة نصب كمائن لبعض الأشخاص في السفارات، لقد طلبوا منَّي الذهاب إلى السفارة في عام 2010، لكنَّني رفضت. ولم أسافر منذ سنواتٍ خوفاً من دخولٍ بلدٍ حيث يمكن أن تعتقلني السلطات. أعرف منشقين يخافون الآن مغادرة منازلهم».
وبصرف النظر عن الأمراء الذين اعتُقِلوا في وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري، هناك ما لا يقل عن خمسة أفرادٍ من العائلة المالكة -كانوا غير قابلين للمساس بهم- يبدو أنَّهم في عداد المفقودين.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن الأمير عبد العزيز بن فهد (45 عاماً) ابن الملك الراحل فهد اختفى العام الماضي 2017 وسط شائعاتٍ بأنه وضع قيد الإقامة الجبرية حين احتجز محمد بن سلمان عشرات الأشخاص في فندق ريتز كارلتون ضمن حملةٍ ضخمة لمكافحة الفساد.
وقال خالد بن فرحان إنَّ عائلة عبد العزيز بن فهد لا تعرف مكانه، لكنَّها تعلم أنَّه ليس على ما يرام. وتشمل قائمة المفقودين أيضاً الأمير خالد بن طلال (56 عاماً) شقيق الملياردير السعودي الوليد بن طلال، الذي اعتُقِل في ديسمبر من العام الماضي.
وقال أفرادٌ من العائلة المالكة إنَّهم لا يعرفون مكانه. وفي الوقت نفسه تقريباً، اختفى سلطان بن تركي في عام 2016، واختفى كذلك سعود بن سيف النصر، الذي يُعد فرداً ذا شأنٍ ضئيل في العائلة المالكة، أعلن تأييده عزل الملك سلمان.
ويعتقد خالد بن فرحان أنَّ سعود نُصِب له فخٌ في طائرةٍ خاصة مملوكةٍ للنظام، هبطت في الرياض بدلاً من السفر إلى العاصمة الإيطالية روما. واختفى الأمير تركي بن بندر -الذي كان رائداً في الشرطة ونشر مقاطع فيديو تنتقد النظام- في عام 2015، وما زال في عداد المفقودين. ويعتقد خالد بن فرحان أنَّ تركي بن بندر وسعود ربما يكونان ميتين.

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …