كان مايك هايس، طالب جديد، في جامعة إلينوي، يفكر في الخروج من مأزق تمويل الكلية، فحيلته الوحيدة لتمويل دراسته الجامعية، كانت مشروع يساعد الطلاب الجامعيين.
وبالعودة إلى عام 1987، لم يكن مفلسا، ولكن والده الذي يعمل صيدلي، ووالدته، المدرسة، كان لديهم أربعة أطفال في المدرسة، وعندما تخرج الشاب مايك من مدرسة “روشيل” الثانوية في يونيو من العام نفسه، أصبحوا غير قادرين على جمع مبلغ 28 ألف دولار، سيكون بحاجة إليهم من أجل قبوله في الجامعة لمواصلة دراسته فيها لمدة أربعة سنوات.
قبل بداية الفصل الدراسي الأول، لم يكن بحوزة “هايس”، سوى مبلغ 2500 دولار فقط، حصل عليهم من عمله كموظف في صيدلية، قبل أن يصاب باليأس، خطرت في باله فكرة كانت الأمل الوحيد له، وبدأها بسؤال: هل سيكون كل واحد من 2.8 مليون شخص مستعدا لمنحه بنسا واحدا فقط؟”، والبنس هو عملة معدنية تساوي قيمتها 1 سنت أو 0.01 دولار.
التمويل الجماعي، هي الفكرة التي أتت إلى ذهن “هايس”، لكن بقى أمامه عقبة أخرى وهي طريقة يصل بها إلى 2.8 مليون شخص، لم يكن اختراع الإنترنت موجود حينها، فكان عليه العثور على طريقة أخرى يحقق من خلالها تمويله الجماعي.
الصحفي بوب جرين، هو الطريقة التي توجه لها “هايس”، فكان يكتب عمودًا شهير بصحيفة “شيكاغو تريبيون”، وهو مراسلا صحفيا مستقلا في السابق، كان يعمل لصالح نفسه ثم تحول إلى كاتب عمود، وكان في قمة شهرته وذروة نفوذه داخل صحيفة (تريبيون)، ويقال أنه كان يجني سنويا حوالي 750 ألف دولار، وكان عموده المشترك الذي يكتبه ينشر في حوالي مائتي جريدة في جميع أنحاء أمريكا.
التقى “هايس”، بـ”بوب”، صاحب الأربعين عام، وسأله “كم شخصاً يقرأ عمودك؟ ملايين أليس كذلك؟”، ليتأكد من وصوله لهدفه، وبعد أن عرفه على فكرته المبدعة، حازت إعجاب الصحفي الأربعيني، ثم في 6 سبتمبر، من العام نفسه، كتب “بوب” عمودا نشر في العديد من الجرائد عن “هايس” ووضع طلبا لدى شريحة قرائه العريضة بأن يتبرعوا له بالبنسات.
قال “هايس” ضمن العمود الذي كتبه بوب، “أنا لا أشعر هنا بأنني أتسول، أنا لا أشعر صدقا بأن إرسال بنس لي سيكون صعباً على أي شخص”، واختتم الكاتب عموده بطلبه من قرائه: “كفاكم قراءة! اذهبوا وضعوا البنسات في الأظرفة البريدية”، ووضع أمامهم رقم صندوق بريد “هايس”.
لم يكنا “بوب” و”هايس”، يتوقعان أن المقال سيجني ثماره التي ينتظره “هايس”، بسبب أن تكلفة إرسال بنس واحد عبر البريد كانت أكبر بـ22 مرة من قيمة المبلغ المتبرع به، إلا أن صندوق البريد رقم 13 في العنوان”روشيل، بإيلينويز”، أُغرق بالبنسات، والنيكلات، وبعض التبرعات الأكبر قيمة، جاءت من مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل “هايس”، على حوالي 2.9 مليون بنس بالإضافة إلى حوالي 90 رسالة من المتبرعين، وتمكن من دفع حقوق الدراسة الجامعية، تخرج مع شهادة في علوم التغذية، ثم دفع المال المتبقي لأحد الطلبة الجامعيين لواحدة من العائلات التي تبرعت له بالمال.
أصبح “هايس”، شخص مشهور في الحرم الجامعي، وكان أصدقاؤه يطلقون عليه “بيني مان” أي “رجل البنس”.
ومنذ عام 1987، أصبح أمام الطلاب الغير قادرين، الاختيارات التي تمكنهم من تمويل دراساتهم الجامعية والتي أصبحت متاحة بشكل واسع، وبفضل شركات عديدة تقدم مثل هذه الخدمات في الولايات المتحدة على غرار GoFundMe وGiveCollege وPave and Upstart، فقد تمكن الآلاف من الطلبة الجامعيين من أن يصبحوا مثل مايك هايس وأن يمولوا دراساتهم دون الحاجة إلى طلب معروف من شخصية مشهورة ذات نفوذ صحفي واسع من أجل دعم حملاتهم.