نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مقالاً لدنيس روس، الزميل في معهد الولايات المتحدة الأمريكية لدراسات الشرق الأدنى، والذي تولى مناصب في الأمن القومي أثناء فترة دونالد ريجان وجورج هيربرت بوش وبيل كلينتون وباراك أوباما، إذ كشف عن كيفية تعامل “أوباما” مع الأزمة السورية أثناء حكمه، وكيف خانته روسيا مررًا وتكررًا بهذا الشأن .
وتحت عنوان “لقد قدمنا سوريا لبوتين، فماذا بقى لترامب كي يقوله”، كتب دنيس روس، في مقاله، إن “تكرار الأمر مرة بعد أخرى وتوقع نتائج مختلفة قد لا يتوافق مع التعريف المرضي للجنون ولكنه أصبح أمرًا عاديًا، لذا يجب أن نعلم كيف تعامل كل من الرئيس باراك أوباما ودونالد ترامب مع روسيا فيما يخص الأزمة السورية”.
وأوضح “دنيس” في مقاله، أن الولايات المتحدة الأمريكية وموسكو قامت مرارًا بإصدار بيانات توضح المبادئ التي ستعالج الأزمة وتخفيف آثارها الإنسانية المريعة. ومرة بعد الأخرى خان الروس التزاماتهم”.
وقدم “دنيس” في هذا السياق سجلاً عن خرق الروس تعهداتهم، ففي نوفمبر 2015 توصل وزير الخارجية جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف لمبادئ فيينا والتي دعت لوقف الأعمال العدوانية ورفع الحصار عن كل المدن، عدم عرقلة وصول المواد الغذائية والأدوية والمواد الإنسانية الأخرى، كتابة مسودة للدستور في ستة أشهر وتحول سياسي يتم في غضون 18 شهراً، وجسدت هذه المبادئ في قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
في المقابل، لقد خرق نظام الرئيس السوري بشار الأسد كل هذه المبادئ، فلم يرفع حصارًا ولم يسمح بمرور المواد الإنسانية، ولم يفعل الروس بدورهم أي شيء، مع أنهم لاحقاً التزموا مع الأسد بوقف إطلاق النار لمدة شهرين، والذي انهار في أبريل 2016 حيث استأنف الأسد هجماته ضد المدنيين وبتركيز على المستشفيات. ومثل استخدامه الأسلحة الكيميائية فقد ضرب “الأسد” المستشفيات ليظهر أنه قادر على أن يتصرف بدون قيود، ولم يكن أمام “كيرى” سوى شجب هجمات الأسد ومناشدة روسيا لكي تَتكَلف المسؤولية التي نص عليها قرار ديسمبر 2015، حيث قال: “كلنا وقعنا على الاتفاق ودعمنا قرار مجلس الأمن 2254 والذي يدعو لوقف مدته عام كامل للأعمال العدائية في كل أنحاء البلاد”.
وتـابع: أنه “يدعو لإيصال المواد الغذائية في كل أنحاء سوريا”، ومن جانبه علق “دنيس” أن الكلام كان واضحًا ولكن بدون نتائج ولهذا السبب كانت دعوات كيري عقيمة.
إحباط آخر
وأشار الكاتب في مقاله، إلى أن “كيرى” حاول في خريف عام 2016 التوصل لاتفاق حول مركز العمليات المشتركة على أمل تخفيف العنف وفتح المجال أمام العملية السياسية.
لكن مرة أخرى أصيب بالإحباط، حيث صرح حينها بأن “لديه شكاً عميقاً حول التزام الروس ونظام الأسد بتعهداتهم التي وافقوا عليها في جنيف”، إلا أن الروس ردوا بسياسة الأرض المحروقة في الهجوم على حلب والذي سوى نصف المدينة بالتراب وأنهت بالضرورة كل جهود كيرى.
وبالمقارنة حاول “ترامب” القيام بجهوده الخاصة مع الروس، فعلى هامش قمة مجموعة العشرين التي عقدت في يوليو 2017 بألمانيا توصل مع فلاديمير بوتين لوقف إطلاق النار في جنوب -غرب سوريا.
والتقى ترامب مرة أخرى مع بوتين في نوفمبر في قمة التعاون الاقتصادي الباسيفكي – الآسيوي التي عقدت في فيتنام حيث أصدرا بياناً مشتركاً بشأن سوريا، وأكدا على “أهمية مناطق خفض المناوعات كخطوة أولى لتخفيف العنف في سوريا وفرض اتفاقيات وقف إطلاق النار وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية بدون عقبات وتهيئة الظروف للحل السياسي النهائي للنزاع″ بناء على قرار مجلس الأمن 2254.
وتساءل الكاتب، كيف تصرف الروس بعد هذا؟ وأجاب بأنهم قاموا مع النظام السوري والإيرانيين بعملية عسكرية دمروا وأفرغوا فيها ثلاث مناطق خفض توتر من سكانها وبقيت الرابعة التي اتفق عليها ترامب وبوتين في جنوب غربي سوريا هادئة حيث حررت الأسد ودفعته بدعم من الروس للهجوم على مناطق أخرى. وعاد “الأسد” والروس لنفس المنطقة في يونيو الماضي وكان رد الخارجية الأمريكية هو بيان حذرت فيه نظام الأسد والروس من “التداعيات الخطيرة لهذه الانتهاكات”، كما زاد الروس من عملية القصف وساهموا بخلق موجة جديدة من اللاجئين حيث فر أكثر من 270 الف شخص نحو الحدود الأردنية والإسرائيلية.
ويختتم الكاتب مقاله: هل واجهت موسكو “التداعيات الخطيرة”؟ لا بل سيعقد ترامب قمة مع بوتين، ويؤكد أنه لا أوباما أو ترامب كانا مستعدين لفرض تداعيات على الروس، فكلاهما كان يريد الخروج من سوريا لا التورط فيها،وكلاهما سمح لبوتين لأن يكون الحكم والوسيط في الأحداث.