يعمد بعض اللاجئين بألمانيا أو النمسا إلى العمل بشكل غير قانوني أو بـ”الأسود” كما يقول الألمان من أجل استمرار المساعدات الاجتماعية المقدمة من مكتب المساعدات الإجتماعية ، لكن هذا يفقدهم مزايا العمل القانوني الكثيرة، فما هي؟
“العمل الأسود” عبارة تتردد بين بعض اللاجئين وهي تعني أن يعمل المرء بشكل غير قانوني، من دون أن يدفع ما عليه من ضرائب وتأمينات اجتماعية، وهو ما يعتبر في ألمانيا “جريمة اقتصادية” يعاقب عليها القانون.
وقد يكون سبب قيام أولئك اللاجئين بممارسة هذا النوع من العمل هو عدم درايتهم الكافية بمزايا العمل القانوني أو ما يسمونه “العمل الأبيض”. ولتوضيح هذه المزايا تحدثنا مع المحامية الألمانية زامفيرا دلوفاني الخبيرة بشؤون حقوق العمل.
ترى دلوفاني أنه لا توجد أية فوائد أو مزايا لـ”العمل الأسود”، فهو جريمة يعاقب عليها القانون بشدة، وعندما تجد السلطات أن شخصاً ما يعمل بشكل غير قانوني فإن ذلك قد يكلفه أكثر بكثير من النقود التي قد يكون قد جناها من خلال عمله “الأسود”، ولذلك فمن الأفضل العمل بشكل قانوني.
وبالإضافة إلى أن العمل “الأبيض” يساهم بشكل مباشر في تحسين نوعية إقامة اللاجئ (حيث أن اللاجئ الذي يعمل ويوفر 75% من مصاريفه، يحصل على الإقامة الدائمة خلال ثلاث سنوات، إذا كان لديه مستوى C1 في اللغة الألمانية)، يمكن تلخيص مزايا العمل القانوني بالنقاط التالية:
لا يضيع الأجر
عندما يكون العمل بشكل قانوني فإن من حق العامل أن يلجأ إلى النظام القضائي في حال امتناع رب العمل عن دفع الأجر.
أما في حالة العمل بشكل غير قانوني أو ما يعرف بـ”العمل الأسود” فإنه ليس من حق العامل -من وجهة النظر القانونية- أن يطالب بالحصول على نقوده، وفقاً لما أكدته محكمة النقض الاتحادية (Bundesgerichtshof) عام 2014.
وغالباً ما نسمع عن حالات في ألمانيا، امتنع فيها أرباب العمل عن الدفع للعمال الذين يعملون بشكل غير قانوني، لتذهب بذلك جهود أولئك العمال سدى.
تقول المحامية دلوفاني –بحسب خبرتها الطويلة في هذا المجال- إنه عندما لا يدفع رب العمل للعامل الذي يعمل بشكل غير قانوني فإن العامل لا يحصل على أجره في غالب الأحيان، لأنه يخاف أن يدخل في مشاكل مع مكتب العمل، حيث أن من يعمل بـ”الأسود” يقوم بخداع المكتب.
تأمين التقاعد
هناك الكثير من الفوائد التي يحصل عليها المرء عند العمل بشكل قانوني، كما تقول المحامية الألمانية، وأهمها أن العمل بشكل قانوني يضمن للشخص دفع ما عليه من تأمينات اجتماعية، وخاصة تأمين التقاعد، لأن من يتلقى مساعدات من مكتب العمل لا يتم دفع تأمين التقاعد له، ليجد أن نقوده لا تكفيه عند كبره.
التأمين الصحي
وبالإضافة إلى ذلك فإن من يعمل بشكل قانوني يدفع عنه صاحب العمل نصف التأمين الصحي، بالإضافة إلى أن أفراد أسرته أيضاً يكونون مشمولين بذلك التأمين.
إجازات مدفوعة الأجر
ويستمر دفع الرواتب للذين يعملون بشكل قانوني في حالة المرض أو الإصابة بحادث أو أية حالات أخرى تستوجب أخذ إجازة مرضية مدفوعة الأجر تصل إلى مدة أقصاها 6 أسابيع في بعض الأحيان.
ويضاف إلى ذلك الإجازات مدفوعة الأجر، ونقود العطل، والتي تختلف من عمل لآخر، وبين عقد وآخر.
الحماية من الإعفاء أو الفصل من العمل
تقول المحامية إنه في حالة العمل بشكل قانوني فإن للمرء حقوقاً هامة جداً، مثل حق الحماية من الفصل غير المبرر إذ لا يمكن طرده من العمل ببساطة، مشيرة إلى أن قانون العمل في ألمانيا يصب في مصلحة العامل ويحميه بشكل جيد.
التقيد بالحد الأدنى للأجور
يبلغ الحد الأدنى للأجور في ألمانيا 8.84 يورو في الساعة، وليس قانونياً أن يحصل أي عامل مهما كان عمله على أجرة أقل. لكن من يعمل بشكل غير قانوني فإنه غالباً ما يتم استغلاله ولا يصل أجره إلى الحد الأدنى للأجور.
مزايا اجتماعية وارتياح نفسي
من يعمل بشكل قانوني فإنه يحظى بمزايا اجتماعية أيضاً، وليس فقط اقتصادية، كما تقول دلوفاني، فاندماجه في المجتمع يكون أفضل، ونظرة المجتمع له تكون إيجابية. كما أنه يعيش ويتحرك بشكل قانوني في ألمانيا بحرية وارتياح، ولا توجد لديه أية مخاوف كالتي يعيشها من يعمل بشكل غير قانوني، فالذي يعمل بـ”الأسود” يعيش حالة قلق ويعرف أنه من الممكن أن ينكشف عمله بأية لحظة ليدفع جميع ما جناه من خلال عمله.
طبيعة العمل
يمكن للمرء أن يعمل أي عمل يرغب به في ألمانيا طالما تتوفر لديه الخبرة، لكن الأعمال ذي الأجر العالي لا يمكن أن يقوم بها المرء إلا من خلال العمل القانوني. وتقول المحامية إن غالبية العمل الأسود تكون في مجال الخدمة أو المطبخ حيث لا يستطيع العامل أن يطور من لغته أو أن يندمج في المجتمع.
الاستقرار المادي
من يعمل بشكل قانوني فإن وضعه المادي مستقر، على خلاف من يعمل بشكل غير قانوني، وبالرغم من أن من يعمل بـ”الأسود” قد يجد في جيبه في نهاية اليوم بعض النقود، مع المساعدات التي يأخذها من مكتب العمل، إلا أنه سيتعين عليه إرجاع تلك النقود جميعها في حال تحقق السلطات من عمله الأسود. وفي هذه الحالة سيتمنى لو أنه لم يعمل بالأسود إطلاقاً، كما تقول الخبيرة القانونية.
قدوة جيدة للأطفال
من يعمل بشكل قانوني فإنه يكون قدوة حسنة لأطفاله. أما من يعمل بشكل غير قانوني فإن ذلك قد ينعكس على أطفاله أيضاً، إذ أنه يعلمهم خداع الدولة منذ الصغر، كما تقول دلوفاني، وتضيف: “هذه هي النقطة الأولى التي ينبغي أن يفكّر بها المرء قبل أن يقدم على العمل بـ”الأسود”.