وفقًا لما تم إعلانه الفترة الماضية فإنه من المنتظر أن يتم رفع أسعار الوقود والكهرباء وبعض الخدمات، وبالتالى سترتفع أسعار العديد من السلع وهى ليست نقطة النقاش اليوم لأنها قتلت بحثًا من الجميع وفى أكثر من موضع، ولكن ما أريد التحدث عنه اليوم هو طريقة التعامل مع الأمر وأسوأ سيناريو متوقع أن يخرج البعض بحسن نية أو جهل ليقول إن بعض المصريين يرحب بقرارات رفع الأسعار!!
هذه المجموعة تسىء إلى النظام الحاكم والرئيس نفسه أكثر مما تفيده وتنفعه وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا.
ففى الفترة الأخيرة قرأت لنماذج تنتمى لهذه المجموعة، يتحدثون بسذاجة منقطعة النظير، ليحاولوا إقناعك أن بعض الفقراء سيرحب سعيدًا ومسرورًا بقرارات رفع الأسعار.
منطقيًا، فإن الرفع المتوقع للأسعار سيصيب الجميع بآثاره السلبية، بمن فيهم الأغنياء، وبالتالى فالحل ليس أن نقول إن الناس سعيدة برفع الأسعار وكفى بل بمحاولة إقناعهم بأنه لا يوجد بديل عن هذا القرار الصعب.
من حق الحكومة وأنصارها أن يدافعوا عن قرار الزيادة المتوقع، لكن الأهم أن يختاروا الطرق المثلى لشرح أسباب ذلك، وأن تكون منطقية ومقنعة، وليس بهذه الطريقة الصادمة وأحيانا المستفزة.
ولا ننسى رد فعل الكثيرين على تصريح أحد المسئولين بجمعية خيرية، حينما قال إنه لا يوجد فقراء فى مصر، رغم أن البيانات الرسمية تقول إن عدد من هم تحت خط الفقر يتعدى 30٪ من المصريين. ورأينا ردود الفعل الغاضبة على كل من خرج ليقول إن المصريين يرحبون بزيادة الأسعار.
وعليه فلو كان هناك ١٪ أو حتى 10٪ من المصريين يرحبون بذلك، فهناك 90٪ آخرين رافضين وغير سعداء.
لو كنت مكان الحكومة لتوقفت فورًا عن الانقياد خلف هذه تلك المجموعة ولطلبت منهم أن يوفروا نظرياتهم الساذجة، ويجتهدوا فى أن يشرحوا للمواطنين، الواقع الصعب جدًا للاقتصاد المصرى، وضرورة إصلاح مواضع الخلل، وأنه إذا كانت الحكومة سترفع أسعار الطاقة، فإنها فى المقابل ستزيد من حجم شبكة الحماية الاجتماعية خصوصًا للموظفين ومحدودى الدخل، مثل المخصصات التموينية وبرنامجى تكافل وكرامة والضمان الاجتماعى واحتمال صرف علاوة غلاء، إضافة لضرورة محاربة الفساد بلا هوادة، وضمان تحصيل الضرائب من القادرين، واسترداد حقوق الدولة المهدرة خصوصًا من حيتان الأراضى، الذين استولوا عليها بلا سند من القانون.
مطلوب من الحكومة أن تطلب من كل مسئوليها وإعلامييها والمدافعين عنها أن يجتهدوا فى إقناع الناس بالأسباب المحتمة للزيادة، من دون أن يجرحوا مشاعر الفقراء ويدّعوا أنهم أو حتى بعضهم سعداء بزيادة أسعار الوقود.
مطلوب من الحكومة أن تبتعد قدر الإمكان عن أى استفزاز للمواطن فى المرحلة القادمة تحديدًا خاصة بالتصريحات والبيانات فالضغوط التى يتحملها كثيرة وكبيرة ومن الحنكة والذكاء عدم إيصاله لمرحلة الانفجار.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.