سادت حالة من الانقسام داخل أعضاء رابطتى «ألتراس أهلاوى»، و«الوايت نايتس» المنتمية لنادى الزمالك، ما بين مؤيد ومعارض لقرار حلهما، وذلك بعد أكثر من 10 سنوات على إنشائهما.
وكانت لهذه الروابط أثر فى رفع الروح المعنوية لفرقهم، وإلهاب حماسهم، وكان لهم ظهور مختلف فى مدرجات الدرجة الثالثة شمال فيما يخص ألتراس أهلاوى، والدرجة الثالثة يمين فيما يخص جماهير ألتراس الزمالك “وايت نايتس”.
كان للألتراس أسلوب غير عادى فى التشجيع، من حيث ترديد الأغانى، ورفع «البانرات» و«التيفوهات» خاصة فى المباريات الكبيرة، حيث غيّروا الشكل التقليدى للتشجيع فى مصر، وبثوا الروح في المدرجات، بسبب حركاتهم المنتظمة والمرتبة والشبيهة بالباليه، وأصواتهم القوية التى تحرك المياه الراكدة، وتلهب الحماس بين المتنافسين، وتجعل لكرة القدم شكلًا جماليًا.
وقال أحد أعضاء رابطة مشجعى النادي الأهلى – رفض الكشف عن هويته – إن عدة محاولات حثيثة جرت لمعالجة الأزمة الأخيرة، والوصول إلى حل يتضمن الإفراج عن أعضائها، لكن الرسائل الواردة من السلطات لم تكن إيجابية فى أغلبها، وربطت تنفيذ مطلب الإفراج عنهم بحل الرابطة.
وكشف عن أن الحوارات الداخلية قبل الوصول لقرار التجميد كانت «ساخنة جدًا»، إذ تباينت وجهات النظر ما بين من يرى التجاوب مع مطلب الحل، وآخرين – وهم الأغلبية بحسب المصدر – رأوا أن ذلك يتنافى مع مبادئ الرابطة وعقيدتها الثورية، وأن الحل يعنى “الفشل والانهزام”؛ مما دفعهم فى النهاية إلى اتخاذ قرار التجميد.
وأشار المصدر، إلى أن قرار التجميد المعلن تزامن مع تعهد قدمته الرابطة لوسطاء من أعضاء مجلس إدارة النادى الأهلى، بعدم تنظيم أى نشاط أو الحضور فى المدرجات – فى حال السماح بعودة الجماهير – بصفة جماعية، وعدم الإعلان عن عودة النشاط إلا بعد التنسيق الكامل مع إدارة النادى، وموافقة الجهات المعنية بالدولة.
أما على الجانب الزملكاوى، أكد أحد أعضاء رابطة ألتراس «وايت نايتس»، أن المسئول عن الرابطة هو «سيد مشاغب»، والمحبوس منذ 4 سنوات، ولا يحق لأى أحد مهما كان، التحدث باسم الرابطة أو اتخاذ قرار بحلها.
وأوضح أن رابطة «الوايت نايتس» ستظل باقية وراء كيان كبير بحجم نادى الزمالك حتى آخر عضو بها.
وأضاف أن الخال «شبرا» ليس عضوًا برابطة الألتراس حتى يقوم بإعلان حل الرابطة، مشيرًا إلى أن “البانر” الذى تم حرقه ليس هو المستخدم فى المباريات التى تتواجد بها المجموعة، ولكنه بانر «مزيف» تم استخدامه لإخراج الأمر بالصورة التى تمت؛ حتى يظهر للجميع أن ذلك حدث بموافقة الأعضاء جميعًا.
ويعني حرق «البانر» الذي يحل اسم «الجروب»، وشعاره، أن الكيان لم يعد له وجود، إذ أنه هو أساس التنظيم، لذا كان يتم تأمينه بشكل جيد، لكى لا يتم الاستيلاء عليه من مجموعات أخرى أو جهات أمنية مثلًا، حيث إن قليلين من يعرفون بمكان “البانر”، لذلك يتم تأمينه بشكل قوى للحفاظ عليه.
غير أن عضوًا آخر بالرابطة قال إن حرق «البانر» مجرد تمثيلية تمت بالاتفاق مع عدد كبير من الأطراف سواء من التى كانوا فى الرابطة، والدليل على ذلك أنه لم تصدر أى بيانات رسمية على الصفحة التابعة للمجموعة سواء على «فيس بوك» أو«تويتر».
وأضاف «عاوزين يبيعوا الدم اللى يشهد عليه استاد الدفاع الجوى واللى لسه حق أصحابه مجاش وقلوب أهاليهم لسه محروقة عليهم، بالإضافة للأعضاء اللى ضحوا بأيام وشهور وسنين من عمرهم في السجون واللى لسه مخرجوش عشان الفكرة تكمل وتفضل حية».
وشدد على أن حل الرابطة من بعض المتواجدين عند الثالثة يمين لا يمثل «الوايت نايتس» بأى حال من الأحوال، قائلًا «ما فيش حاجة نزلت على البيدج الرسمية وأى حاجه تنزل عليه ده اللي يخصنا ومش ده البانر الأصلى».
ما وراء الحل
تأتى حل روابط الألتراس سواء الخاصة بالأهلى أو الزمالك فى توقيت قريب للغاية، وهو ما يثير تساؤلات حول الأسباب التى قادت الرابطتين إلى اختيار الحل فى توقيت واحد، كما ذكر البيانان فى ظاهرهما، بأن السبب وراء الحل يعود إلى غياب الجماهير عن التواجد فى المدرجات، ولم يعد للروابط دور فى الفترة الحالية، والتأكيد على أن أعضاء الرابطة سيدعمون فرقهم، وأن حل الرابطة لن يحرم الجمهور من مؤازرة فريقه المفضل، بل سيكونون داعمًا له فى كل الأوقات، ولكن ليس تحت مظلة رابطة، بل يعودون إلى صفوف الجماهير العادية التى تعد رابطة الألتراس جزءًا منها.
ولكن فى باطن الحل توجد أسباب أخرى، حيث كشف بيان الرابطتين عن أنهما يرغبان فى عدم الاستقطاب؛ خشية أن يستغلهما أشخاص أو مؤسسات خارجية فى إحداث حالة من البلبة وإحراج أجهزة الدولة، وكذلك خشية اختراق الرابطة من عناصر خارجة عنها يكون الغرض منها توجيه أعضاء الرابطة فى اتجاه مختلف عن تشجيع فريقهم، كما حدث فى واقعة جماهير الأهلى فى مباراة مونانا الجابونى بدور الـ32 لبطولة دورى أبطال إفريقيا، والتى حدثت فيها أحداث شغب وتوجيه السباب إلى أجهزة الدولة التنفيذية، واستغلتها عناصر خارجية فى الإساءة للدولة المصرية.
قرار مفاجئ
يرى الناقد الرياضى أحمد سعد، قرار حل رابطتى الأهلى والزمالك مفاجئَا لكثيرين، ممن لم يتوقعوا أن ينتهى أمر «الألتراس» بالانسحاب من المشهد الرياضى، لما اعتادوه من مواقف قوية أظهرتها هذه المجموعات سابقًا، وهو الأمر الذى أثار حالة واسعة من الرفض والاستنكار بين كثير من أفراد الرابطة.
وربط أحمد سعد، قرار التجميد بعمليات المضايقات التى تعرض لها العديد من أفراد الرابطة، من جهات مختلفة، بما فى ذلك إدارات ناديهم.
وتوقع سعد أن يترك هذا القرار أثرًا سيئًا على المشهد الرياضي، ولا سيما مع استعدادات المنتخب المصرى للمشاركة فى كأس العالم، حيث كان من المنتظر أن تقوم روابط مشجعى الأندية بأدوار مهمة فى مآزرته ودعمه بطرقهم الإبداعية.
ولا يعتقد الناقد الرياضى، أن يستمر التجميد فترة طويلة، ويرى أن روح الرابطة ستحول دون ذلك، وستعيد ترتيب أوراقها مرة أخرى لتعاود نشاطها وفاعليتها فى دعم ناديها ولو بصورة مختلفة.