ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن أدلة جديدة ظهرت في الأفق تؤكد الاعتقاد السائد بأن زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي، أبو بكر البغدادي، ما زال على قيد الحياة ومشغول بمهمة جديدة تقشعر لها الأبدان، بحسب آراء المسئولين الأمريكيين.
وأضافت الصحيفة، في تقريرها، أن نهاية خلافة أبو بكر البغدادي، جاءت عندما استدعى بعض كبار مساعديه إلى اجتماع في شرق سوريا العام الماضي، بعد سقوط عاصمة “داعش” في العراق، كما كان مقرها السوري تحت الحصار، ومع ذلك، كان لدى الزعيم الإرهابي شيء آخر في ذهنه: هو تدريب تلاميذ المدارس على منهج الجماعة.
وقد دعا “البغدادي” أتباعه للتجمع بالقرب من مدينة دير الزور لمناقشة إعادة كتابة المناهج التعليمية للجماعة الإرهابية، وفقا لمسئول في التنظيم ألقي القبض عليه في عملية مشتركة قام بها مسئولون أتراك وعراقيون في وقت سابق من هذا العام.
وبرغم الظروف العصيبة التي تعيشها المجموعة، أراد البغدادي أن يدرس موضوعًا لا علاقة له بالبقاء على قيد الحياة أكثر من الحفاظ على جوهر المنظمة الأيديولوجي.
وقال الضابط المعتقل والمعروف باسم أبو زيد العراقي في بيان مصور بث على التليفزيون العراقي: “كان هناك العديد من كبار القادة في الاجتماع، فضلاً عن لجنة المناهج التي رأسته، وهو ما يظهر أن لداعش رهانا بعيد المدى لا يتأثر بخسائر طارئة على الأرض”.
ونوهت الصحيفة بأنه رغم شائعات موت “البغدادي” في غارات في سوريا أو العارق، فإن المسئولين الأمريكيين في مكافحة الإرهاب مقتنعون بأن البغدادي مازال على قيد الحياة ويساعد على توجيه إستراتيجية طويلة الأمد للأعداد المتضائلة من مقاتلي “داعش” الذين يدافعون عن معاقل الجماعة المتبقية في شرق سوريا.
وتدعم وجهة النظر الأمريكية اعتراضات المخابرات واستجوابات المعتقلين، وكذلك الكتابات والتصريحات التي أدلى بها عملاء داخل شبكة الجماعة الإرهابية.
وتشير المقابلات والتقارير أيضًا إلى أن البغدادي قد حول اهتمامه في الأشهر الأخيرة إلى صياغة إطار أيديولوجي ينجو من التدمير المادي للخلافة في العراق وسوريا، بالإضافة إلى جهوده في تجديد المناهج المدرسية للمجموعة، ويبدو أن البغدادي كان وراء سلسلة من الرسائل في الأشهر الأخيرة التي سعت إلى تسوية الخلافات الأيديولوجية بين فصائل مقاتلي “داعش”.
ووبالنظر إلى هذه الإجراءات، فإنها تشير إلى أن البغدادي يساعد في التحول من الخلافة إلى التمرد السري، وحركة الإرهاب الدولي، حسبما قال مسئولون أميركيون حاليون وسابقون.
وفي السياق ذاته، قال نيكولاس راسموسين، الذي عمل مديرا للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب قبل أن يتنحى عن منصبه في ديسمبر الماضي: “حتى عندما كانوا يفقدون الموصل والرقة ، كنا نرى مؤشرات على أنهم يخططون للعمل من جديد، كمنظمة سرية، وبينما كان يتم طردهم من هذه الأماكن، كانوا يخلفون وراءهم نوعًا من بنية الخلية”.
ووفقًا لشهادة أحد الناشطين في الجماعة، والذي كان يعمل كأستاذ جامعي قبل أن ينضم للتنظيم، إن “كبار القادة الآخرين في وقت مبكر قرروا إعطاء الأولوية لتعليم الأطفال والمجندين، سواء داخل العراق أو سوريا أو خارجها ، عبر الإنترنت، واكتسبت جهودهم مزيدًا من الضرورة حيث أصبح من الواضح أن التنظيم لن ينجو”، على حد قوله.
وتابع: “إن القيادة مقتنعة بأنه حتى لو اختفت الدولة، طالما أنها يمكن أن تؤثر على الجيل المقبل من خلال التعليم، فإن فكرة الخلافة ستستمر”، بحسب رأي الناشط، الذي وافق على إجراء المقابلة مع الصحيفة بشرط عدم كشف اسمه.
وأردف: “في إطار توجه البغدادي، سوف تزرع قيم الخلافة في الأمة المجتمع الإسلامي، ولن تختفي، حتى لو كانت الخلافة ستفعل”.
“بكل المؤشرات.. إنه حي”
وفي حسابات وسائل الإعلام، قُتل بغدادي أو تعرض لإصابات بالغة لمدة لا تقل عن ست مرات منذ عام 2014، وقيل إنه توفي في ثلاثة تفجيرات جوية مختلفة، نفذتها الطائرات الحربية الروسية أو الأمريكية، بينما زعمت تقارير أخرى بشكل مختلف أنه تم اعتقاله من قبل القوات السورية، وأصيب بجروح قاتلة في قصف مدفعي .
لكن البنتاجون أشار إلى عدم وجود أدلة مؤكدة على مقتله، وفي الآونة الأخيرة، وأعرب المسئولون الأمريكيون عن ثقتهم في أن البغدادي نجا من هزيمة مجموعته في الموصل والرقة، وما زال حي، رغم أن مكانه تواجده غير مؤكد.
وقال مسئول أمريكي في مكافحة الإرهاب طلب عدم نشر اسمه لمناقشة التقييمات الاستخباراتية”: “بكل المؤشرات، إنه حي”، متابعًا: “نعتقد أنه ما زال ينسق، ولا يزال يساعد في إدارة المنظمة”.
واستطرد نفس المسئول: “أفضل تخمين لدينا هو أنه لا يزال في سوريا، في أحد الأجزاء المتبقية من البلاد التي لا يزال يسيطر عليها داعش”.
في حين، يرى بعض المراقبين غياب البغدادي كجزء من إستراتيجية متعمدة داخل منظمة، لإعادة صفوفهم من جديد بعد تدمير معاقلهم في سوريا والعراق
أقراء الخبر من مصدرة باللغة الإنجليزية بالضغط هنا