لا يخلو العالم من ظواهر غريبة قد لا نصدق وجودها ما لم نرها بأعيننا، بعضها كشف العلم الحديث عن أسبابها، والبعض الآخر لا يزال الغموض يكتنفها، وفي هذا المقال نرصد ظاهرة جيولوجية عجيبة حيرت العلماء على مدى عقود طويلة، حول كتل من الأحجار الكبيرة تتحرك من تلقاء نفسها!
وادي الموت
يقع وادي الموت (Death Valley) في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث يوجد معظم جزئه الشرقي في وسط ولاية كاليفورنيا، ويمتد الباقي منه إلى ولاية نيفادا، ويعد وادي الموت من أعمق الأودية الأمريكية؛ حيث يبلغ عمقه قرابة 209 كيلومترات، ويتراوح عرضه ما بين 10-23 كيلومترات.
ريستراك بلايا
هناك منطقة في وادي الموت عبارة عن أرض صحراوية مسطحة تسمى “ريستراك بلايا”، هذه المنطقة تعتبر موطنا لإحدى الظواهر الجيولوجية الغريبة التي أدهشت العلماء وأوقعتهم في حيرة كبيرة على مدى عقود طويلة، حيث تتحرك مجموعة من الصخور أطلق عليها sliding stones أو “الحجارة المنزلقة” فوق بحيرة “بلايا” الجافة دون سبب واضح، ودون مساعدة قوة معروفة، قاطعة مئات الأمتار بشكل عشوائي غير منظم، في اتجاهات مختلفة وبسرعات متفاوتة، مخلفة آثارا ممتدة على الرمال الجافة، وتتفاوت أوزان هذه الصخور ويصل وزن بعضها إلى 700 رطل (أكثر من 350 كيلو جرام).
تم جمع كل هذه التفاصيل من قبل الجيولوجيين والباحثين على مر السنين، ولكن السؤال الذي بقي دون إجابة هو كيف تنزلق تلك الحجارة على هذه اليابسة مخلفة تلك المسارات المختلفة؟
كثير من العلماء أدلى بدلوه وطرح نظريته الخاصة به، فالبعض يقول إن ذلك يرجع إلى المغناطيسية مشيرا إلى حقل مغناطيسي معين تحت الأرض، يعمل على تحريك الأحجار ونقلها من مكان إلى آخر، والبعض الآخر خرج بنظرية تقليدية تقول بأن حركة هذه الصخور تحصل نتيجة ظروف مناخية معينة، كالمطر أو الندى الذي يقوم بدوره بتشكيل طبقة رطبة فوق الأرض الجافة، ما يسهل انزلاق الأحجار، ومن ثم توجهها الرياح إلى أي مكان.
ولم يسلم الأمر بالطبع من نظريات المؤامرة، التي لم يفوت أصحابها الفرصة لإعلان أن حركة الأحجار العجيبة تعود لمخلوقات من الفضاء الخارجي، وهو ما قوبل بالرفض الشديد.
كشف الغموض
ذهب فريق من الباحثين إلى وادي الموت، وعندما وصلوا إلى “بلايا”؛ وجدوا أن البحيرة الجافة قد غطتها المياه بعمق حوالي 5 سم، ولاحظ الفريق لأول مرة حركة الصخور، والتي فسروها بامتلاء البحيرة بالمياه في عمق مناسب لتكوين الجليد في ليالي الشتاء الباردة، حيث تصل درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر، تتجمد المياه في البحيرة ليلا مكونة طبقة جليدية رقيقة وقوية من الثلج، بحيث تحمل الصخور فوقها وتتحمل وزنها وحركتها، وفي النهار لدى ذوبان الجليد بفعل الشمس ومع هبوب الرياح؛ تبدأ الصخور في الحركة متأثرة بحركة المياه تحتها ومخلفة تلك الآثار على الأرض.
ويقول جيم نورينز أحد أعضاء الفريق البحثي: “إن الجليد بدأ في الذوبان والتفتت محدثا صوتا عاليا في المكان، وأثناء ذلك هبت رياح قوية أدى إلى تحريك الصخور بسرعات متباينة”، أي أن الأمر -وبعد هذه العقود- احتاج فقط إلى كميات مناسبة من الجليد والماء والرياح، لكشف هذا الغموض.