على ضفاف مضيق البوسفور، يقف واحد من أروع القصور المصرية الموجودة في مدينة إسطنبول بمنطقة “بيبيك”، بواجهته المعمارية المميزة التي رسم خطوطها المعماري الإيطالي رايموندو ديرانكو قصر الوالدة باشا المملوك للأميرة أمينة إلهامي حفيدة الخديوي عباس حلمي الأول و زوجة الخديوي توفيق، أوقفت أمينة حياتها للاهتمام بالعمل العام وكفالة المساكين والمرضى في الجمعيات الخيرية، فلقبّت بأم المحسنين أو “الوالدة باشا”
كيف وصل القصر لملكية الحكومة المصرية
اشترى السلطان عبدالحميد الثاني القصر عام 1894 من ورثة مالكه علي باشا الذين لم يستطيعوا تغطية نفقاته، وأهداه إلى خديوي مصر عباس حلمي الثاني بمناسبة توليه عرش الخديوية المصرية، ليستخدمه كمقر له خلال زياراته المتكررة إلى عاصمة الخلافة العثمانية.
وعمل الخديوي عباس بعد مرور عدة سنوات على بناء سراي لنفسه على الجانب الآسيوي من البسفور ليعيش فيه مع زوجته، وأصبح قصر بيبيك المقر الرسمي لوالدة الخديوي خلال رحلاتها إلى إسطنبول، ومن هنا استمد اسمه الجديد قصر “الوالدة باشا”.
وبعد إعلان مصطفى كمال أتاتورك إلغاء الخلافة في تركيا ومصادرة جميع أملاك الأسرة العثمانية وتأميمها عام 1924، حاول ورثة علي باشا استعادة القصر مرة أخرى ولجأوا إلى القضاء التركي بحجة أن السلطان عبدالحميد الثاني لم يُعوضهم بشكل عادل عندما أخذ منهم القصر، لكن فريق المحاماة الخاص بالوالدة باشا نجحوا في المعركة القانونية التي استمرت لسنوات طويلة في المحاكم التركية، واستطاعوا إثبات أحقيتها في القصر.
أوصت والدة الخديوي أن يبقى القصر من بعد وفاتها في حوزة الحكومة المصرية لاستخدامه كمقر للمفوضية الملكية المصرية في إسطنبول، ومنذ ذلك التاريخ وهو مملوك لمصر وليس مجرد مقر لتمثيلية دبلوماسية على أراض خارجية.
ويضم قصر بيبك ثلاث واجهات تطل على البحر وواجهتين تطلان على الشارع، وقد صُممت شُرفات الطابق الأول بشكل رائع تضمن تجويفات وأشكالاً فنية جذابة، أما الواجهات المطلة على البحر والواجهات الجانبية فبها أعمال زخرفية شديدة الروعة، ويتوسط أعلى المبنى اسمين من أسماء الله الحسنى.
أوقاف مصرية في أراض خارجية
تمتلك مصر العديد من الأوقاف في دول كاليونان وتركيا والسعودية، كانت قد شُكلت لجنة لحصرها في عام 2016 برئاسة رئيس الوزراء المصري الأسبق إبراهيم محلب؛ من أجل تقنين عودتها إلى مصر، وخاطبت اللجنة سفارتي مصر في تركيا واليونان من أجل حصر الأملاك المصرية في الخارج.
قيمتها تُقدر بـ 10 مليارات دولار
وزارة الأوقاف صرحت بأن لديها حُججاً لاستعادة الأراضي والقصور المصرية في تركيا، وخصوصاً العقارات التي تضم أراض زراعية وقصوراً أثرية تاريخية منذ عصر محمد علي باشا.
وتُقدر قيمة الأوقاف المصرية في تركيا بحوالي 10 مليارات دولار، من أبرزها قصر في مدينة إسطنبول بُني في عهد الدولة العثمانية، إلى جانب أراض زراعية وقصور تاريخية أخرى، منها وقف محمد كتخدا الخربوطلي ووقف آغا باشا الجندي.
تركيا طالبت مصر بضرائب على الأملاك
نشرت جريدة الأهرام المصرية في أغسطس/آب عام 2016، صورة وثيقة صادرة عام 1883 تُظهر مطالبة الحكومة التركية بضرائب على بعض الأملاك المصرية وهو ما يعد إثباتاً لامتلاك مصر لها، وتعددت هذه الأملاك في أكثر من منطقة بإسطنبول ومنها ناحية “شاملي جا” وتعتبر من أهم المناطق السياحية في تركيا اليوم، إذ يوجد بها “تلة شاملي جا” وهي أعلى نقطة في الجزء الآسيوي من إسطنبول، ويرى الواقف عليها مضيق البوسفور والجسر المعلق، واشتملت الأملاك المصرية على مناطق بإحدى جزر إسطنبول وصفتها الوثيقة بجزر البلاطي.
وتؤكد الوثيقة مطالبة الجانب التركي بأموال كبيرة ضرائب على هذه الأملاك، وذلك بزيادة الضريبة المفروضة لتصبح 8 قروش على كل ألف قرش بدلاً من 4 قروش، دون أي مراعاة لظروف مصر التي كانت مُطالبة آنذاك برد الديون التي استدانها خديوي مصر من الدول الأوروبية.
يُلخص الباحث التاريخي أحمد الجارد ما جاء في الوثيقة أنه مكاتبة ومراسلة بين وزارة الأشغال المصرية -وزارة الري حالياً- والبرلمان المصري بخصوص الأملاك المصرية بتركيا، بالإضافة لمطالبة الدائرة الخامسة بالأستانة بأموال باهظة كضرائب على هذه الأملاك.