مدينة بازل السويسرية نحتفل بمكتشف عقار الهلوسة بكثير من الفخر

Juden-NacktFrauen

 

منذ 75 عاماً مضت، مرَّ الكيميائي السويسري ألبرت هوفمان بأول تجربة كاملة في العالم لعقار الهلوسة أو “إل إس دي”، في طريق عودته للمنزل من مختبره بمدينة بازل السويسرية. ومن يومها صار يوم اكتشاف العقار يوماً وطنياً تحتفي به بازل وبالدراجة التي ركبها هوفمان يوم تجربة العقار.

هوفمان كان يجري أبحاثاً على فطر الإرغوت الذي يصيب القمح؛ أملاً في تطوير دواء لعلاج الإعياء، ومن بين التركيبات الكيميائية التي كان يُحلِّلها حمض الليسرجيك “إل إس دي” أو عقار الهلوسة. وفي مقابلةٍ مع هوفمان بمناسبة عيد ميلاده المئة، قال إنه في يوم الجمعة 16 أبريل عام 1943، غادر معمله وهو يشعر ببعض الدوار، ثم “استلقيت وراودتني أحلام رائعة؛ تراءت الأفكار أمامي كالصور”.

واستنتج الكيميائي أنه لمس هذه المادة بالصدفة؛ لذا وقع تحت تأثيرها القوي. اتضح لاحقاً أن الكمية التي تسربت إلى جسده أكبر من الحد المسموح به بـ5 مرات؛ “لذا أخذتني في رحلةٍ مُروِّعة”.

Pazel.Schweiz1

واستعد هوفمان للتجربة الأهم. بعد 3 أيام، وفي 19 أبريل/نيسان 2018، ابتلع جرعةً صغيرة جداً من المادة ليرى ما سيحدث. ثم طلب من أحد مساعديه أن يوصله للمنزل بدراجة، وبدأت المغامرة: تحولت مدينة بازل في عينيه إلى عرض بانورامي من رؤى سماوية وشيطانية. تخيل أن الدرَّاجة تسمرت في مكانها. أن الجارة الودودة تحولت إلى ساحرة شريرة.

وبعد ساعات غمر هوفمان شعورٌ رائع: إل إس دي دعاني.. لَم أسعَ إليه؛ بل هو الذي أتى إليّ”. وفي سيرة ذاتية بعنوان LSD, My Problem Child، كتب هوفمان عن حياته، واكتشافه هذا العقار.

وحذر من “الفهم الخطأ لهذه المادة على أنها مخدر للمتعة”. وفي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة يعتبر “LSD” مخدّراً من الفئة 1، وهي إحدى أكثر الفئات خطورة. وينتج عن تناول هذه المادة آثار عقلية وخيمة، منها الأوهام الذهنية والهلوسة البصرية والإحساس الخادع بالنشوة والتشوه في الحواس والإحساس بالوقت، والرعب من فقدان السيطرة ومن وقوع هجوم وشيك مجهول المصدر، بالإضافة إلى الاكتئاب الحاد والاضطراب العقلي.

الاكتشاف أعاد المدينة إلى مكانتها القديمة في الصيدلة

تكتسي مدينة بازل بمظاهر الاحتفال والفخرٍ بتاريخها مع هذا العقار المخدر. ويشير سكانٌ محليون إلى أن المدينة ظلَّت عقوداً ملاذاً آمناً للمتمردين والمفكرين المتحررين.

ويستقبل متحف كونست بمدينة بازل معرضاً فنياً للاحتفال باكتشاف هوفمان، في سياق تاريخ المدينة من الإبداع، والذي يضم رسومات مخيفة تشبه رحلات الرعب من أعمال المبدعين القدامى -وهم الرسامون الأوروبيون ما بين عصر النهضة وعام 1800- منهم الرسام بيتر بروغل.

كما بدأ باحثون بدراسة الخصائص الطبية لعقار “إل إس دي” مجدداً، متجاهلين عقوداً من الحرج لطالما وصم هذا العقار.

وجعلها من جديد مركز المهتمين بصناعة الدواء في العالم

يقول ماتياس ليخيتي، أخصائي الصيدلة الإكلينيكية في مستشفى بازل الجامعي والمشرف على مشروع بحثي جديد  حول آثار “إل إس دي” على جسم الإنسان وعقله: “(إل إس دي) من إنتاج بازل، ويرتبط بتاريخ المدينة بوصفها مركزاً لعلم الصيدلة”.

وقد اندمجت شركة “ساندوز” للكيماويات، وهي التي اكتشف هوفمان “إل إس دي” في معاملها، مع منافستها “سيبا” لتأسيس عملاق الأدوية السويسري “نوفارتس”.

وشكلت تجارة الأدوية والكيماويات، بصفة عامة، الحياة في بازل. كما تحولت المدينة الي ملتقى عالمي للمنشغلين بالدواء في العالم من خلال وجود “الحرم الجامعي لنوفارتس”، وهو مركز للأبحاث والتطوير في منطقة سانت يوهان بقيمة 2.3 مليار دولار، تتوسطه قطعة فنية من تصميم المعماري فرانك جيري.

وقد جذب الحرم الموهوبين من أنحاء العالم. وعن التغيُّر المتسارع الذي حدث للمنطقة، كتب أحد صحفيي المنطقة، أندرياس شوولد، العام الماضي (2017)، يقول إن المدينة تحولت “من منطقة للطبقة العاملة إلى ركن حديث للكيمياء”.

ويشير إلى أنه في الوقت الذي تستقبل فيه المنطقة مزيجاً مثيراً ونشطاً من الطلاب والمغتربين، أصبحت الأماكن السكنية الرخيصة للسكان الفقراء في خطر.

وقد بلغ إجمالي الزيادة بالإيجارات في بازل 15% خلال العقد الماضي، لترتفع معه تكلفة المعيشة، وهي الأسرع ارتفاعاً مقارنةً بأي مكان آخر في سويسرا.

وأعاد اسمها للأذهان بوصفها مدينة الابتكار

ذُكرت بازيليا للمرة الأولى عام 374، حيث كانت بدايةً مستوطنةً سِلتية صغيرة، ثم بدأت شهرتها كمركز للابتكار في عام 1460 مع تأسيس جامعة بازل، أقدم جامعة سويسرية، والتي اقتنت عام 1661 أول مجموعة فنية عامة في العالم، لترسخ لثاني كبرى موضوعات بازل؛ وهي الفنون الجميلة.

Pazel.Schweiz2

وخلال حقبة الإصلاح، وصل عمال صباغة الحرير إلى المدينة، واضعين أسس شركات المواد الكيماوية والأدوية في بازل. وفي عام 1897، استضافت المدينة المؤتمر الصهيوني الأول بزعامة تيودور هرتزل. وفي عام 1996، تأسست شركة “نوفارتس” من اندماج شركتي “ساندوز” و”سيبا” للأدوية.

بازل في أرقام

250 ميكروغراماً: الكمية التي تعاطاها هوفمان من “إل إس دي” قبل رحلة الدراجة.

200 ميكروغرام: الكمية من “إل إس دي” التي يستهلكها المشاركون في الدراسة على العقار بمستشفى بازل الجامعي.

19%: نسبة سكان بازل الذين عادة يركبون الدراجات، وفقاً لاستطلاع رأي. بينما يبلغ متوسط النسبة في سويسرا ما بين 7 إلى 8%.

40: عدد المتاحف في بازل، وهي المدينة التي تضم أكبر عدد من المتاحف بسويسرا.

3%: نسبة ارتفاع تكلفة السكن (ومن ضمنها الإيجار والتدفئة) في بازل خلال العامين الماضيين.

35%: نسبة الأجانب الذين يعيشون في بازل

 

شاهد أيضاً

برعاية ريد بول النمساوى.. تفاصيل رحلة ثنائي الأهلي محمد هاني وكريم فؤاد إلى النمسا

يستعد ثنائي الأهلي المصري، للسفر إلى دولة النمسا للخضوع لكشف طبي واستكمال مرحلة التأهيل من …