“هل تعرف من أنا؟” كتاب يحمل بين دفتيه قصص لاجئين يصارعون الشوق والحنين لأوطانهم حيناً، وصعوبات الاندماج في الوطن الجديد حيناً آخر. وهو نُشر أخيراً لتعريف المجتمع الألماني بتفاصيل حياة اللاجئين وتغيير الصورة النمطية في ذهن الفرد الألماني عن اللاجئ، ومفادها أنه عالة على مجتمعاتهم المضيفة.
الكتاب ليس الأول من نوعه بل هو تتمة لسلسلة من الكتب تروي قصص حياة اللاجئين ونجاحهم في الاندماج ونقل ثقافتهم وتراثهم إلى مجتمعاتهم المضيفة من خلال إنجازاتهم في بلاد الغرب خلال فترة وجيزة من وصولهم إليها.
إيمان حصباني، آنا بانوت، فراس الشاطر، وفا مصطفى، وغيرهم الكثير من السوريين ممن سعوا لتغيير نظرة المجتمع الألماني إلى اللاجئ السوري من خلال مساهماتهم الفنية والأدبية.
إليكم عدداً من الشخصيات السورية التي تركت أثراً علمياً وفنياً وثقافياً في ألمانيا اليوم.
عبد الرحمن عباسي
عبد الرحمن عباسي ذو الـ23 ربيعاً، ابن مدينة حلب السورية وصاحب الميدالية الفضية للاندماج والتفوق في ألمانيا، كرّمته المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لجهوده التطوعية. منذ وصوله إلى ألمانيا تعلم اللغة الألمانية، مما سهل له الحصول على مقعد جامعي في كلية طب الأسنان، والتعرف بشكل أقرب على المجتمع الألماني، والعمل كمتطوع في مركز لمساعدة اللاجئين السوريين.
عمل كذلك مع صديقه السوري علاء فحام على تصوير مشروع “جيرمان لايف ستايل” الذي يقوم على نشر فيديوهات توضيحية لمساعدة اللاجئين على تعلم اللغة الألمانية، وعلى التعريف بخطوات الالتحاق بالجامعات الألمانية، وإيجاد فرص عمل مناسبة وغيرها من الحاجات الأخرى. خطوات جدية رسمها عبد الرحمن لمساعدة إخوانه السوريين فلاقت قبولاً من الألمان والسوريين على السواء.
حيدر درويش
وصل حيدر درويش إلى ألمانيا عام 2016، وتمكن من تعلم اللغة الألمانية وإقامة عروض مسرحية راقصة بشكل دوري في مختلف أنحاء مدينة برلين، وشارك كذلك في الفيلم الوثائقي” برلين تحترق”. خطوات سريعة وناجحة يخطوها حيدر لإظهار موهبته في ألمانيا والاستفادة من الخبرات الألمانية في ذلك المجال.
فرقة الراقصين الثلاثة
طريق طويل قطعه الراقصون السوريون الثلاثة مدحت الدبال وموفق الدبل وعمر قرقوط للوصول إلى ألمانيا حيث بدأوا رحلة فنية جديدة بعد تخرجهم من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق. فبالإضافة إلى الرقص، درس مدحت الطب، في حين عمل موفق في مسرح جولنار الراقص في دمشق قبل مغادرة البلاد عام 2015، وبالتزامن مع دراسته في المعهد وتصميمه للرقصات عمل عمر في دار الأوبرا وشركة سيما الفنية قبل زيارته لألمانيا ثم استقراره فيها.
وبدعم من مصمم الرقصات الألماني نيردي فولف، قدّم الثلاثة عرضهم المسرحي” تعال كما أنت” على المسارح الألمانية.
أنا بانوت
أنا بانوت مصممة أزياء سورية بولندية، مقيمة في برلين، تعكس تصميماتها الثقافة السورية بتفاصيلها الدقيقة، ويعتبر مشروعها كاناني صورة للمشاريع الناجحة التي تجمع الحرف التقليدية للنسيج والتكنولوجيا القائمة على إعادة التدوير. يقوم مشروعها على تمكين النساء السوريات من خلال تزويدهن بأساليب مبتكرة لإنجاز تصاميم جذابة من المخلفات البلاستيكية. حازت آنا عدداً من الجوائز عن مشاريعها الفنية مثل SYRIA 2087, zine.
إيمان حصباني
فنانة وممثلة أداء درست في جامعة دمشق، وشاركت في العديد من العروض المسرحية في مختلف المدن السورية. عملت قبل لجوئها إلى برلين معالجة نفسية للأطفال لتخليصهم من آثار الحرب مستعينةً بالفن. نفّذت العديد من العروض في بيروت وتواصل مشوارها الفني في ألمانيا.
حنين الياس
موسيقية سورية ألمانية جذبت الأنظار إليها وكسبت قلوب الألمان في تسعينيات القرن الماضي، إذ بدأت العزف والغناء في فرقة أتاري Atari، وبعد انفصال أفراد الفرقة استمرت بنشر أعمالها الفنية بالتعاون مع شركة الإنتاج الألمانية Fatal Recordings وما زالت نشاطاتها وجولاتها الفنية مستمرة في ألمانيا وأوروبا والدول العربية لنشر السلام والحب.
ملكة جزماتي
استطاعت ملكة جزماتي أن تنقل شغفها بطهو المأكولات العربية والسورية اللذيذة إلى الألمان، وذلك بعد مغادرتها سوريا ولجوئها إلى ألمانيا عام 2015. لم تتمكن جزماتي من إتقان اللغة الألمانية بطلاقة إلا أنها تمكنت من ابتكار لغة جديدة للتواصل مع الألمان ممن شغفوا بمهارتها وآمنوا بموهبتها، إنها لغة الطبخ التي تزخر بروائح ونكهات المأكولات السورية اللذيذة.
وحرصاً منها على نقل ثقافة المطبخ العربي للغرب، ألٰفت كتاباً جمعت فيه الوصفات السورية المتنوعة بما تحمله من مكونات فريدة وطرائق تحضير مختلفة، كما ساعدت زوجها بتأسيس شركة تموينية تعنى بتأمين حاجات السوريين في المغترب من مستلزمات المطبخ السوري.
وداد نبي
وداد نبي الحاملة الجنسية السورية شغفت منذ صغرها بالأدب والشعر. بعد تخرجها من كلية إدارة الأعمال في جامعة حلب، كتبت القصص والمقالات الاجتماعية في عدد من المجلات والصحف العربية. ولم تتوقف عن نشر أعمالها الأدبية التي تتحدث عن معاناة الحرب واللجوء، والتي تجلت في كتابين أولهما “وقت للحب ووقت للحرب ” نُشر في مدينة حلب عام 2013 والثاني “سوريا وعبث الموت “الذي نُشر في بيروت عام 2016. ومن ألمانيا ما زالت وداد تمدنا بمقالاتها التي دأبت على نشرها في عدد من الصحف والمجلات العربية.
وفا مصطفى
وفا مصطفى ذات الـ28 ربيعاً أتقنت اللغة الألمانية بعد التحاقها بكلية الصحافة في جامعة بارد، حيث نشطت في كتابة المقالات التي تعكس جزءاً من معاناة الشعب السوري جراء الحرب التي دمرت البلاد. علماً أن وفا كانت اعتقلت وعذبت وأصيبت في المعتقل بأمراض جسدية ونفسية، أفقدتها 8 كيلوغرامات من وزنها وجعلتها طريحة الفراش لأشهر. كذلك أجبرت على تناول الطعام بالسيرنغ للبقاء على قيد الحياة، وقد وجدت نفسها بعد خروجها من المعتقل وتماثلها للشفاء مضطرة هي وعائلتها للهرب إلى تركيا من دون مال ولا أوراق ثبوتية ولا ملابس عقب اعتقال والدها.
سنوات صعبة قضتها وفا وعائلتها في تركيا قبل اللجوء إلى ألمانيا بحثاً عن حياة أفضل عام 2016. عقبات صحية واقتصادية واجتماعية اجتازتها وفا، فأمدتها بالقوة للبدء من جديد وإيصال رسالة للمجتمع الألماني بأن الشعب السوري ليس بعاجز، فهو قادر على اجتياز الصعوبات والعمل على تقديم الصورة الجميلة لسوريا أينما حل.
فراس الشاطر
في الـ27 من العمر، تدرج في نشاطه الثوري من الغناء والتظاهر ضد النظام إلى تصوير وتوثيق مجريات الحرب في أفلام وثائقية. اعتقل أربع مرات، وبعد الإفراج عنه اضطر لترك سوريا كغيره من النشطاء السوريين، إلى ألمانيا لمتابعة دراسته في الإعلام والتمثيل.
وفي البلد الجديد لمع نجم ذاك اللاجئ السوري الذي أتقن اللغة الألمانية خلال فترة وجيزة، وأطلق مشروعه الإعلامي الخاص الذي حمل اسم سكر، وجذب اهتمام الألمان وحبهم، لما يحمله من أفكار وتقنيات جديدة تسعى لتغيير الصورة النمطية للاجئين في أذهان الألمان ولتعريف اللاجئين على سمات الشعب الألماني من خلال مقاطع فيديو قصيرة تبث على اليوتيوب.
ولعل نجاح الحلقة الأولى من البرنامج وعنوانها “من هم الألمان؟” وتحقيقها أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة على مواقع التواصل، أسفرا عن شهرة فراس في الأوساط الإعلامية الألمانية والعالمية، إذ كتبت عنه الواشنطن بوست والغارديان والتايم ووسائل الإعلام الألمانية والأمريكية والصينية واليابانية والتركية والإيطالية.
شهرة واسعة حصدها الشاطر خلال زمن قصير، تعود أسبابها لإتقانه لغة بلده الجديد ولأسلوبه الكوميدي وأفكاره الخلاقة في تقريب المسافات بين اللاجئين والألمان بأسلوب كوميدي ساخر.